هي 'لعنة' يوم الجمعة تنتشر كما النار في هشيم عربي يحمل في مكوناته جميعها كل الاستعدادات المتاحة للاشتعال. بات المشاهد والقنوات التلفزيونية معاً يحسبون ألف حساب لهذا اليوم.
وهكذا تأخذ شاشات المحطات الإخبارية شكلاً رباعياً، لبث مباشر، أو لآخر عبر 'المراسل الجديد' العصي على المنع والقمع وهو الهاتف النقّال. جمعة الأسبوع المنصرم كانت لها إجازة في مصر بعد إلقاء القبض على مبارك ونجليه. في اليمن تواصل المشهد بين مليونية تطالب بالرحيل وأخرى تطالب بعلي عبدالله صالح و'بس'. أما جديد تلك التظاهرات في اليمن واحدة نسائية تندد بصالح لانتقاده الاختلاط بين الجنسين في الثورة اليمنية. 'الريس' حريص على الأخلاق. ولديه غيرة الأب على نساء وفتيات اليمن! عليكم تصديقه أيها المتظاهرون من الجنسين، ألم يبذل صالح الغالي والنفيس في سبيل شعبه منذ 33 سنة؟ ومن شدة حبه لهم هو يقتلهم منذ حوالي الشهرين.
جديد المشهد السوري الذي يرفع مطلب الحرية منذ بدئه ـ وأضاف إليه الجمعة الماضية وهي جمعة الإصرار، مطلب إسقاط النظام ـ ذلك الخبر الذي تناقلته كافة القنوات الإخبارية العربية، وطبعته في شريطها الدائر ويقول: مظاهرة كبيرة في درعا وقوات الأمن لا تتدخل. خبر جميل جداً، لقد ارتدت قوات الأمن إلى رشدها بعد أن قتلت العشرات واعتقلت المئات. لماذا لم يكن هذا القرار سابقاً لسقوط الشهداء؟ لماذا لا تمتثل الأنظمة مباشرة ومن دون دماء لمطلب بديهي لدى الشعوب وهو الحرية؟ لماذا تجريب الهيبة والسطوة واستعراض القوة القاتل والدموي؟ بتنا في زمن يستحيل فيه إقفال أية حدود أمام تسونامي الحرية. نحن في زمن صارت فيه الحرية رذاذاً ينتشر في الهواء، والمشتاقون للحرية يمتدون من المحيط إلى الخليج، مهما طال الزمن. والجديد في المشهد السوري كذلك اعتراف وكالة سانا الرسمية بالمظاهرات التي عمت الكثير من الأرجاء بما فيها دمشق، حتى إن كان الخبر قد وصف العدد بالقليل 'وهو صحيح' كما شاهدنا في مظاهرة دمشق. وهذا ما يعتبر تطوراً يحل مكان التجاهل أو النفي الرسمي لأية تظاهرة. وهذا التطور لا يعني أن الإعلام الرسمي، خاصة التلفزيون في سورية، بات قبلة لا بديل عنها للمشاهدين. نحن من المواطنين ونستغرب سلوكنا إن جذبنا في لحظة إعلام رسمي لأي دولة انتمى. فهو ومنذ زمن بعيد فقد شعبيته وكذلك مصداقيته. وبات العاملون فيه يشبهون القوالب المحنطة التي تدور في داخلها آلة تسجيل 'مروكوبي'. في مساء الخميس الماضي شجعت نفسي للتوقف أمام القناة السورية فكان تواصلا بين الأستوديو في دمشق ومركز طرطوس. استرسلت المذيعة في وصف الهدوء في طرطوس والأمن والأمان وبثت فرحها في كل الأرجاء، وعندما قاطعها زميلها في دمشق سائلاً 'شي ظريف صورتوه اليوم'؟ مذيعة مركز طرطوس التقطت الرسالة سريعاً جداً وتحدثت عن 'تشييع الشهيد فادي عيسى مصطفى في إحدى قرى طرطوس'! فهل يعقل أن يتم تصوير نزهة على البحر أو 'بيكنك' في الجبل في مدينة قتل فيها العديد من الجنود في كمين قبل ايام؟ وحدث فيها ما حدث من اعتقالات بالعشرات، وشهدت ما شهدت من ردود أفعال؟
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)