يروى أن أحد الصيادين اعتاد على جني رزقه مما يصطاده في الغابة ، ذات يوم نصب فخا و نثر فوقه الحب ، فلما حط عليه عصفور ، أطبق الشباك عليه . . . فرح الصياد بهذه الغنيمة ، و اتجه نحو العصفور و حمله و هو يمني نفسه و يفكر : " يا ترى هل آخذه إلى البيت لنأكله ؟ لا ، لا ، لا ، إنه صغير لا يشبع و لا يغني من جوع ، مهلا لماذا لا أبيعه في السوق لمن يريد أن يزين بيته بألوان هذا العصفور الجميل و يستمتع بشدوه العذب ؟ نعم ، فكرة . أو لما لا . . . " قاطع العصفور حبل أفكاره و خاطبه :
-أيها الصياد ، أرجوك أنا عصفور صغير ، أبحث عن قوت صغاري مثلما أنت تفعل ، فأطلق سراحي أرجوك . . .
- لا ، لا ، لا ، و أدعك تضيع مني ، مستحيل .
- اسمعني ، فلنعقد صفقة ، سأعطيك ثلاث حكم مقابل إطلاق سراحي . . .
- حسنا ، تفضل . . .
- لا ، سأعطيك الأولى و أنا في الشباك ، و الثانية عندما أكون بين يديك ، و الثالثة عندما أكون فوق الشجرة . . .
- حسنا ، أنا موافق . أعطني الحكمة الأولى .
- لا تصدق المستحيل .
- حسنا ، حكمة جميلة ، ( يخرجه من الشباك ) ها أنت ذا بين يدي الآن أعطني الحكمة الثانية .
- لا تندم على ما فاتك .
- رائع ، و الحكمة الثالثة ؟
- حتى أكون فوق الشجرة . . .
- لك ذلك . ها قد أطلقت سراحك و الآن أعطني الحكمة الثالثة .
- قبل هذا ، و جب أن أخبرك شيئا .
- حقا ما هو ؟
- إن في بطني ما يعادل صاعين ذهبا خالصا .
-رباه ، يا حسرتي على ما فرطت . . . ليتني لم أطلق سراحك ، الآن و قد فات الأوان هات الحكمة الأخيرة .
و هنا قال العصفور متعجبا :
- طلبت منك ألا تصدق المستحيل ، فصدقت أن في بطني صاعين من الذهب ، و نصحتك ألا تندم على ما فاتك ، فندمت على إطلاق سراحي لظنك أن في بطني حقا صاعين ذهبا . . . لم تأخذ بالأولى و لا بالثانية ، فكيف أعطيك الثالثة ؟
ثم ولى يحلق حرا طليقا في الفضاء الواسع .