اسمه : لقمان بن باعوراء ، ولقمان اسم أعجمي

وكان عبدا أسود حبشيا من سودان مصر
عظيم الشفتين والمنخرين ، قصيرا أفطس مشقق القدمين ، وليس يضره ذلك عند
((الله عز وجل ؛ لأنه شرفه بالحكمة بقوله تعالى:(( ولقد آتينا لقمان الحكمة

وقيل : خير السودان ثلاث رجال :

لقمان بن باعوراء. وبلال بن رباح المؤذن : الذي عذب في الله ،

وهو يقول : أحد أحد .والنجاشي : ملك الحبشة .



وأول ما ظهر من حكمته : أنه كان مع مولاه ، فدخل مولاه الخلاء فأطال الجلوس ، فناداه لقمان ، إن طول الجلوس على الحاجة تنجع منه الكبد ، ويورث الباسور ، ويصعد الحرارة إلى الرأس ، فاقعد هوينا وقم . فخرج مولاه وكتب حكمته على باب الخلاء .



وقيل : كان مولاه يقامر ، وكان على بابه نهر جار ، فلعب يوما بالنرد على أن من قمر صاحبه شرب الماء الذي في النهر كله أو افتدى منه ! فقمر سيد لقمان ، فقال له القامر : اشرب ما في النهر وإلا فافتد منه ؟ قال فسلني الفداء ؟ قال : عينيك افقأهما أو جميع ما تملك ؟ قال : أمهلني يومي هذا ؟ قال لك ذلك .



قال : فأمسى كئيبا حزينا ، إذ جاءه لقمان وقد حمل حزمة حطب على ظهره فسلم على سيده ثم وضع ما معه ورجع إلى سيده ، وكان سيده إذا راه فيسمع منه الكلمة الحكيمة فيعجب منه ، فلما جلس إليه قال لسيده : ما لي أراك كئيبا حزينا ؟ فأعرض عنه فقال له الثانية مثل ذلك ، فأعرض عنه ثم قال له الثالثة مثل ذلك فأعرض عنه ، فقال له : أخبرني فلعل لك عندي فرجا ؟



فقص عليه القصة، فقال له لقمان : لا تغتم فإن لك عندي فرجا ، قال : وما هو ؟ قال : إذا أتاك الرجل فقال لك : اشرب ما في النهر ، فقل له : اشرب ما بين ضفتي النهر أو المد ؟ فإنه سيقول لك اشرب ما بين الضفتين ، فإذا قال لك ذلك فقل له : احبس عني المد حتى اشرب ما بين الضفتين ، فإنه لا يستطيع أن يحبس عنك المد ، وتكون قد خرجت مما ضمنت له . فعرف سيده أنه قد صدق فطابت نفسه ، فأعتقه.



وسئل: أي علم أوثق في نفسك؟ قال: تركي ما لا يعنيني!

وقيل له: أي الناس شر؟! قال: الذي لا يبالي ان يراه الناس مسيئاً.

قال له سيده : اذبح شاة ، وأتني بأطيبها بضعتين فأتاه بالقلب واللسان . ثم أمره بذبح شاة ، وقال له : ألق أخبثها بضعتين ، فألقى اللسان والقلب ، فقال : أمرتك أن تأتيني بأطيبها بضعتين فأتيتني باللسان والقلب ، وأمرتك أن تلقي أخبثها بضعتين ، فألقيت اللسان والقلب ، فقال : ليس شيء أطيب منهما إذا طابا ، ولا شيء أخبث منها إذا خبثا

وهذه بعض من نصائح ومواعظ لقمان:

1 - يا بني : إياك والدين ، فإنه ذل النهار ،

وهم الليل .

2 - يا بني : كان الناس قديما يراؤون بما يفعلون ،

فصاروا اليوم يراؤون بما ****علون .

3 - يا بني : إياك والسؤال فإنه يذهب ماء الحياء من الوجه .
4 - يا بني : كذب من قال : إن الشر يطفئ الشر ،

فإن كان صادقا فليوقد نارا إلى جنب نار

فلينظر هل تطفئ إحداهما الأخرى ؟

وإلا فإن الخير يطفئ الشر كما يطفئ الماء النار .

5 - يا بني : لا تؤخر التوبة فإن الموت يأتي بغتة .

6 - يا بني : إذا كنت في الصلاة فاحفظ قلبك ،

وإن كنت على الطعام فاحفظ حلقك،

وإن كنت في بيت الغير فاحفظ بصرك ،

وإن كنت بين الناس فاحفظ لسانك .

7- يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك ،

فإن الله تبارك و تعالى ليحي القلوب بنور الحكمة

كما يحي الأرض الميتة بوابل السماء .



8- لتكن كلمتك طيبة وليكن وجهك بسطاً ,

تكن أحب إلى الناس ممن يعطيهم العطاء.



9 - يا بني : احذر الحسد فإنه يفسد الدين ،

ويضعف النفس ، ويعقب الندم



10- يا بني : أول الغضب جنون ، وآخره ندم .

11 - يا بني : الرفق رأس الحكمة .

12-اتخذ طاعة الله تجارة تأتك الأرباح من غير بضاعة .


13- يا بني : اتق الله ولا تري الناس أنك تخشى الله

ليكرموك بذلك وقلبك فاجر .
14 - يا بني : إياك وصاحب السوء فإنه

كالسيف يحسن منظره ، ويقبح أثره .

15 - يا بني : لا تطلب العلم لتباهي به العلماء ،

وتماري به السفهاء ، أو ترائي به في المجالس .



ولا تدع العلم زهاده فيه ورغبة في الجهالة ،

فإذا رأيت قوما يذكرون الله فاجلس معهم ،

فإن تك عالما ينفعك علمك وإن تك جاهلا يعلموك .



ولعل الله أن يطلع عليهم برحمة فيصيبك بها معهم .