يرتبط اقتصاد الامتيازات بالانظمة القاسية التي تتنافس على الامتيازات والفساد وهو ما يسمى بالاقتصاد الطفيلي الذي يزاوج ما بين السلطة والطبقات البرجوازية وهو ما يسمى ايضا باقتصاد المحسوبية أي تتكدس الاموال في ايدي فئة محدودة منتفعة من النظام .
هذا النوع من الاقتصاد يدفع بالنمو ولكن بلا تنمية لانه يدمر القوى الانتاجية مما ينتج عنه ظلم اجتماعي واقتصادي بالاضافة الى قمع سياسي ومخابراتي لذلك نجد مثلا اقتصاد سوريا الناتج المحلي فيه 60 مليار دولار بينما الناتج المحلي في اسرائيل ثلاثة اضعاف الناتج المحلي السوري ويبلغ 180 مليار دولار وتضاعف الناتج المحلي التركي منذ عام 2002 منذ مجي رجب طيب اردوغان حتى وصل الى 724 مليار دولار وسنغافورة عدد سكانها اقل من خمسة ملايين نسمة ولكن حجم اقتصادها 245 مليار دولار لانها وظفت المال البشري وتحولت خلال اربعة عقود الى دولة من العالم الاول .
فيسود في المجتمع عدم مساواة لان اصحاب الثروات يتلاعبون بدلا من الكسب النزيه عبر منافسة حقيقية تتحول الى راسمالية المحسوبيات لذلك تعتبر ثورات الربيع العربي ثورات ضد راسمالية العائلات الفاسدة والتي لم تتجسد فقط في اسر بن علي ومبارك والقذافي وعلي عبد الله صالح بل وايضا في امبراطوريات التجارة العائلية الضخمة التي اعتمدت على هذه الاسر الحاكمة ودعمتها في الوقت نفسه .
فاقتصاد الامتيازات ادى الى فوضى وسوء توزيع الدخل الوطني حيث تكدست الكتلة الكبيرة من المال بيد قلة صغيرة على حساب الطبقة الوسطى بينما تمسك الطبقات الوسطى المتنامية في دول البريك ( الصين ، روسيا ، الهند ، البرازيل) التي تمسك بمفتاح الاستقرار وهذه الدول اضافت 500 مليون شخص الى الطبقة الوسطى خلال العقد الماضي وستضيف نحو 800 مليون شخص بحلول عام 2020 .
فراسمالية المحسوبيات تفرز نظام المحسوبيات فلا تنفع معها هيئات مكافحة الفساد مثلا لان المؤسسة برمتها فاسدة والفساد يؤدي الى عدم تكافؤ الفرص نتيجة الاستبداد السائد بل يؤدي الى تاسيس الفساد ويتحول الى قطاع من قطاعات الدولة ويصبح في صلب الاقتصاد الوطني ويتحول الى الصعود الكارثي لدور المال السياسي ويؤدي الى تذمر المجتمع مما ينتج عنه عسكرة المجتمع مما يؤدي الى انضمام الطبقة الوسطى الى البروليتاريا الفقيرة ، وفي مصر بمفردها هناك ثلاثين مليون طفل صاروا شبابا بلا امل وعدد المصريين الذين يعيشون على دولارين يوميا او اقل زاد من 39 في المائة الى 43 في المائة تحت رئاسة مبارك .
واذا كان العالم الغربي يطالب سويسرا بفك شفرة الاموال السرية التي تتهرب من الضرائب ولكنه لم يحقق في الاموال المودعة لديه نتيجة راسمالية المحسوبيات الناتجة عن اقتصاد الامتيازات لاستطاعت ان تساعد الثورات العربية وقللت من عسكرة المجتمع في الدول التي لم يصلها ثورات الربيع العربي واستخدام جوانب العولمة الايجابية التي تصب في صالح الشعوب وليس في صالح اقتصاد الامتيازات والمحسوبية لان مصير الاموال المنهوبة هو دائما البنوك والمؤسسات المالية الغربية ويحق لهم ان يحققوا في شرعية هذه الاموال على غرار الاموال التي تستخدم في الارهاب وان يسال صاحب هذه الاموال من اين لك هذا وعليهم ان يعولموا هذه القاعدة ويفرضوها على كل النظام المصرفي العالمي اسوة بالقيود التي يضعها النظام المصرفي العالمي على البنوك حتى تحد من القروض على الفئات ضعيفة الملاءة وهي لا تقل خطورة بل اعظم عن تجارة الاعضاء وتجارة الرقيق والمخدرات والقرصنة وغيرها
د.عبد الحفيظ عبد الرحيم
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)