حكي أن رجلا جليس يوما يأكل هو وزوجاته ، و بينهما دجاجة المشوية ، فوقف سائل ، يطرق الباب ، و يقول : منقطع ، ابن سبيل فخرج إليه غاضبا ، و نهره ، وزجره ، ورده ردا غير كريم، فأنصرف السائل ، كاسف البال ، كثيبا حزينا و دارت الأيام ، و إذا ذلك الرجل ، قد افتقر بعد غنى ، و زالت عنه النعمة ، و احتاج إلى السؤال، فلم يطق على ذلك صبرا ، فرحل عن بلده يضرب في الأرض و يعيش على إحسان المحسنين ، و صدقات المتصدقين ، وكان قد طلق زوجته قبل رحيله ، ثم إنها تزوجت من رجل آخر ، في بلد غير بلدها ، و قد اتفق أن جلس يأكل معها في بعض الأيام ، و بين يديهما دجاجة المشوية ، و بعض أرغفة ، و إذا سائل يطرق الباب ، و يقول : منقطع وابن سبيل ، فقال الرجل لزوجته : احملي هذا الدجاجة و ادفعيها إليه ، و معها هذا الرغيفان ، فخرجت بجميع ذلك إليه ، فإذا زوجها الأول ، فدفعت إليه الدجاجة و الرغيفين ، و رجعت إلى مكانها باكية ، فسالها زوجها ، فأخبرته أن السائل كان زوجها الأول ، و ذكرت له قصته ، مع ذلك السائل الذي انتهره وزجره ، و أطرق قليلا ثم قال : و الله لقد كنت أنا ذلك السائل .
كما يدين الفتى يدان
القيم المستفادة : المعاملة الحسنة ، الإحسان و الرحمة و العطف على الفقراء ، و التحلي بالسخاء والعطاء