قام إلى إفطاره ليس على العادة ..لقد ظلت غمامه في سماءه هو وزوجته عكّرت صفو الودْ ..والمحبة بينهما ..ليس غريباً أن يحدث هذا الجفاء وهذا الخلاف ..هذا أمرٌ طبيعي ..بين كل زوجين ..لقد كان من المفروض أن يقدم كلٌ منهما تنازلٌ للآخر..لكن هيهات ..هو ربما يرى أن ذلك لايليق به كزوج ..بينما هي في الجانب الآخر تقول لايمكن أن أسمح لنفسيأن أتنزل له بينما هو المخطئ عليَّ ..!!جلس صاحبنا على طاولة الإفطار يقشر بيضة بينما كوب الحليبقد خفّت حرارته ومال إلى البرودة مما أفقد مذاقه ..أخذ يأكل البيضة بينما يرمق باب المطبخ ويتساءل في نفسه ..لمَ لم تأتي مثل كل يوم؟وماذا تأكل في المطبخ ؟في هذه الأثناء قدمت زوجته وبيدها رغيف خبز ..كان يحاول أن ينظر لها .. هو يتمنى أن تتفوه بالسلام عليه ..حتى يمكنه أن يعتذر لها رغم أنه يُحسُّ أنه أخطأ ليلة أمس عليها ..رغم هذا لايريد أن يبدأ هو في الكلام أنفةً منه ..!!وضعت الرغيف أمامه وكادت أن تفعل مثل كل يومأن تجلس أمامه وتتناول الإفطار معهلكنها لم تستطع فعل ذلك فعادت من حيث أتت..!!إلى المطبخ .. هناك حيث أكملت تنظيف بعض الأواني ..وماهي إلا دقائق وسمعت صوت غلق الباب ..حتى تأكدت أن زوجها قد ذهب ..عادت سريعاً فوجدت أنه لم يشرب الحليب مثل كل يوموالبيضه لم يأكل سوى ربعها .. !!فقالت في نفسها ..طبعاً تريد مثل كل يوم أن أُقشِّر لك البيضةوأقطعها لك .. لاتستاهل ماأفعله لك ..أنت زوجٌ لاتقدر الحياة الزوجيةفي هذه الأثناء جلست على الكنبه كالمنهكوأخذت تسرح بخيالها بينما لازالت ثائرة الغضبتجول وتصول في داخلها وبدأت تتوعد الزوج سأفعل كذا وكذا ..لن أستقبله مثل كل يوم ..سأضع ملحاً زائداً عن كل يوم في طعامه ..سأفعل وأفعل وأنك لا تستحق كل هذا الإهتمام منّي ..!!!!!أسندت رأسها على الأريكه وكانت في حالة غضب لما حصل من زوجها ..أخرجت من صدرها تنهيدة عظيمه كأنما هي من بواقي زلزال عاصف ..ثم قامت إلى طاولة إفطار زوجها لتنظفها ..ثم فجأة !!!!توقفت دقات قلبها لترى ورقة صغيرة قد وُضِعت تحت رغيف الخبز ..تناولتها بإضطراب شديد فإذا مكتوبٌ فيها ...*
*بسم الله الرحمن الرحيمزوجتي الغاليه ..السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..كم كنت أتمنى أن لو لم أخرج إلا وأنا أرى تلك الإبتسامة الرائعهالتي ترسميها على ثغرك صباح كل يوم ...إنها تمدني بالعطاء وتبقي لي الحياة سعيدةبل إني أرى بها دنياً جميلة وهانئه ..كم كنت أتمنى أن لو جلسنا سوياً كصباح كل يوم على طعام الإفطارومعها يهنأُ بالي وأسعد بحديثكِ العذب الجميل ..زوجتي.. كلٌ يخطئ أعترف لكِ لقد أخطأتُ بحقكِ ليلةَ أمسفإن لم تغفرلي لي الخطأ وتمسحيلي الزلل فمن يكون إذاً أيتها السيدة الغاليه !!لقد نالَ مني الشيطان مقصده ولا أراه إلا وقد وسوس لكِ لأنه عدوٌ لنا ..كنت أتمنى لو قدمتُ لكِ الإعتذار ..لكن سامحيني لم أستطعْ ..فلعل هذه الأحرف تعيد الأمل للحياة من جديدولعل هذه الورقه إيذاناً بفتح صفحةٍ جديدة معها عهودومواثيق لإبقاء الود والمحبة إلى مالا نهايه..سأعود مبكراً هذا اليوم أتمنى أن أجد الطعام الذي أشتهيه كما تعلمين ..التوقيعزوجكِ المخلص*
**
*لم تتمالك الزوجة المسكينة إلا أن وقعت على الكرسي المجاوروقد ملأت عيونها بالدموع ..إنها دموع الحب وبصورة لا إرادية أخذت تُقَبِّل الورقةوتبكي وتقول سامحني أرجوك سامحني لم أجهز لك طعام إفطارك مثل كل يوم ..ومعها انقلبت 180ْ عن حالها قبل الورقة ..فانطلقت كالنحلة تزين في فضاءها الواسع الجميل في بيتها الصغير ..وما إن دقت الساعة الواحده والنصف إذ بالزوج يفتح الباب ويدخل ومعه هديه،لكنه يتفاجأ بأن البيت إنقلب وكأنه حديقةغنّاء وروائحٌ جميلةقد جهزتها الزوجةُ المخلصه .. فأقبلت إلى الزوج ومعها طفلها الصغير وقد ألبستهأجمل ما عندها وتزينت هي بأجمل صورة مما جعل الزوج يشهق غير مصدق لما يرى فارتسمتعلى الجميع إبتسامات الرضى والمحبة والصفاء والود ..ولسان حال الزوج يقول سأغضبكِ كل يوموانطلقت الضحكات تملأُ العشُّ الصغير .*
*وقفة رقيقة :هكذا هو الحال حين يعتذر المخطئ ..وحين يقبل الإعتذار الطرف الثاني ..لنحاول أن نجعل حياتنا أبسط من أي خلاف ..فحينها سنجد حياتنا أجمل و أطيبو سنفتح باب للسعادة و الرضى على قلوبنا و حياتنا ..
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)