سعد بن معاذ
سعد بن معاذ ابن النعمان بن امرىء القيس بن زيد بن عبد الأشهل السيد الكبير الشهيد أبو عمرو الأنصاري الأوسي الأشهلي البدري الذي اهتز العرش لموته ومناقبه مشهورة في الصحاح وفي السيرة وغير ذلك. وقد أوردت جملة من ذلك في تاريخ الإسلام في سنة وفاته
نقل ابن الكلبي عن عبد الحميد بن أبي عيسى بن جبر عن أبيه أن قريشا سمعت هاتفا على أبي قبيس يقول
فإن يسلم السعدان يصبح محمد * بمكة لا يخشى خلاف المخالف
فقال أبو سفيان من السعدان سعد بكر سعد تميم فسمعوا في الليل الهاتف يقول
أيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا * ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف
أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا * على الله في الفردوس منية عارف
فإن ثواب الله للطالب الهدى * جنان من الفردوس ذات رفارف
فقال أبو سفيان هو والله سعد بن معاذ وسعد بن عبادة
أسلم سعد بن معاذ على يد مصعب بن عمير فقال ابن إسحاق لما أسلم وقف على قومه فقال يا بني عبد الأشهل كيف تعلمون أمري فيكم قالوا سيدنا فضلا وأيمننا نقيبة قال فإن كلامكم علي حرام رجالكم ونساؤكم حتى تؤمنوا بالله ورسوله قال فوالله ما بقي في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا وأسلموا
أبو إسحاق عن عمرو بن ميمون عن ابن مسعود قال انطلق سعد بن معاذ معتمرا فنزل على أمية بن خلف وكان أمية إذا انطلق إلى الشام يمر بالمدينة فينزل عليه فقال أمية له انتظر حتى إذا انتصف النهار وغفل الناس طفت فبينا سعد يطوف إذ أتاه أبو جهل فقال من الذي يطوف آمنا قال أنا سعد فقال أتطوف آمنا وقد آويتم محمدا وأصحابه قال نعم فتلاحيا فقال أمية لا ترفع صوتك على أبي الحكم فإنه سيد أهل الوادي فقال سعد والله لو منعتني لقطعت عليك متجرك بالشام قال فجعل أمية يقول لا ترفع صوتك فغضب وقال دعنا منك فإني سمعت محمدا يقول يزعم أنه قاتلك قال إياي قال نعم قال والله ما يكذب محمد. فكاد يحدث فرجع إلى امرأته فقال أما تعلمين ما قال لي أخي اليثربي زعم أنه سمع محمدا يزعم أنه قاتلي قالت والله ما يكذب محمد فلما خرجوا لبدر قالت امرأته ما ذكرت ما قال لك أخوك اليثربي فأراد أن لا يخرج فقال له أبو جهل إنك من أشراف أهل الوادي فسر معنا يوما أو يومين فسار معهم فقتله الله.
قال ابن شهاب وشهد بدرا سعد بن معاذ ورمي يوم الخندق فعاش شهرا ثم انتقض جرحه فمات
ابن إسحاق حدثني أبو ليلى عبد الله بن سهل أن عائشة كانت في حصن بني حارثة يوم الخندق وأم سعد معها فعبر سعد عليه درع مقلصة قد خرجت منه ذراعه كلها وفي يده حربة يرفل بها ويقول
لبث قليلا يشهد الهيجا حمل * لا بأس بالموت إذا حان الاجل
يعني حمل بن بدر فقالت له أمه أي بني قد أخرت فقلت لها يا أم سعد لوددت أن درع سعد كانت أسبغ مما هي فرمي سعد بسهم قطع منه الأكحل رماه ابن العرقة فلما أصابه قال خذها مني وأنا ابن العرقة فقال عرق الله وجهك في النار اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها فإنه لا قوم أحب إلي من أن أجاهدهم فيك من قوم آذوا نبيك وكذبوه وأخرجوه اللهم إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعلها لي شهادة ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة
هشام عن أبيه عن عائشة قالت رمى سعدا رجل من قريش يقال له حبان بن العرقة فرماه في الأكحل فضرب عليه رسول الله ص خيمة في المسجد ليعوده من قريب قالت ثم إن كلمه تحجر للبرء قالت فدعا سعد فقال في ذلك وإن كنت قد وضعت الحرب بيننا وبينهم فافجرها واجعل موتتي فيها فانفجر من لبته فلم يرعهم إلا والدم يسيل فقالوا يا أهل الخيمة ما هذا فإذا جرحه يغذو فمات منها. متفق عليه بأطول من هذا الليث عن أبي الزبير عن جابر قال رمي سعد يوم الاحزاب فقطعوا أكحله فحسمه النبي ص بالنار فانتفخت يده فتركه فنزفه الدم فحسمه أخرى فانتفخت يده فلما رأى ذلك قال اللهم لا تخرج نفسي حتى تقر عيني من بني قريظة فاستمسك عرقه فما قطرت منه قطرة حتى نزلوا على حكم سعد فأرسل إليه رسول الله ص فحكم أن يقتل رجالهم وتسبى نساؤهم وذراريهم قال وكانوا أربع مئة فلما فرغ من قتلهم انفتق عرقه
يزيد بن عبد الله بن الهاد عن معاذ بن رفاعة عن جابر قال جلس النبي ص على قبر سعد وهو يدفن فقال سبحان الله مرتين فسبح القوم ثم قال الله أكبر الله اكبر فكبروا فقال عجبت لهذا العبد الصالح شدد عليه في قبره حتى كان هذا حين فرج له
ابن إسحاق حدثني من لا أتهم عن الحسن البصري قال كان سعد بادنا فلما حملوه وجدوا له خفة فقال رجال من المنافقين والله إن كان لبادنا وما حملنا أخف منه فبلغ ذلك رسول الله ص فقال ( إن له حملة غيركم والذي نفسي بيده لقد استبشرت الملائكة بروح سعد واهتز له العرش )
يزيد بن هارون أنبأنا محمد بن عمرو بن علقمة عن أبيه عن جده عن عائشة قالت خرجت يوم الخندق أقفو آثار الناس فسمعت وئيد الأرض ورائي فإذا سعد ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس يحمل مجنة فجلست فمر سعد وعليه درع قد خرجت منه أطرافه وكان من أطول الناس وأعظمهم فاقتحمت حديقة فإذا فيها نفر فيهم عمر فقال ما جاء بك والله إنك لجريئة ما يؤمنك أن يكون بلاء فما زال يلومني حتى تمنيت أن الأرض انشقت ساعتئذ فدخلت فيها وإذا رجل عليه مغفر فيرفعه عن وجهه فإذا هو طلحة فقال ويحك قد أكثرت وأين التحوز والفرار إلا إلى الله
محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم حدثني علقمة بن وقاص عن عائشة قالت أقبلنا مع رسول الله ص قافلين من مكة حتى إذا كنا بذي الحليفة وأسيد بن حضير بيني وبين رسول الله ص فيلقى غلمان بني عبد الأشهل من الأنصار فسألهم أسيد فنعوا له امرأته فتقنع يبكي قلت له غفر الله لك أتبكي على امرأة وأنت صاحب رسول الله ص وقد قدم الله لك من السابقة ما قدم فقال ليحق لي أن لا أبكي على أحد بعد سعد بن معاذ وقد سمعت رسول الله يقول ما يقول قال قلت وما سمعت قال قال ( لقد اهتز العرش لوفاة سعد بن معاذ )
إسماعيل بن مسلم العبدي حدثنا أبو المتوكل أن النبي ذكر الحمى فقال ( من كانت به فهو حظه من النار ( فسألها سعد بن معاذ ربه فلزمته فلم تفارقه حتى مات أبو الزبير عن جابر قال رمي سعد بن معاذ يوم الاحزاب فقطعوا أكحله فحسمه رسول الله ص بالنار فانتفخت يده فنزفه فحسمه أخرى
أبو إسحاق عن عمرو بن شرحبيل قال لما انفجر جرح سعد عجل إليه رسول الله ص فأسنده إلى صدره والدماء تسيل عليه فجاء أبو بكر فقال وانكسار ظهراه على سعد فقال رسول الله صلى الله عليه ( مهلا أبا بكر ) فجاء عمر فقال إنا لله وإنا إليه راجعون ورواه شعبة عنه محمد بن عمرو عن أبيه عن جده عن عائشة قالت حضر رسول الله ص وأبو بكر وعمر سعد بن معاذ وهو يموت في القبة التي ضربها عليه رسول الله ص في المسجد قالت والذي نفس محمد بيده إني لاعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر وإني لفي حجرتي فكانا كما قال الله { رحماء بينهم } قال علقمة فقلت أي أمه كيف كان رسول الله ص يصنع قالت كان لا تدمع عينه على أحد ولكنه كان إذا وجد فإنما هو آخذ بلحيته