وقيل لما فرغ من بنائه وبئاره ودعا جماعة فطعم الناس وجعلوا يبركون وينصرفون الزبير حدثني محمد بن حسن عن محمد بن يعقوب بن عتبة عن عبد الله بن عكرمة عن عروة أن رسول الله قال يكون في آخر أمتي مسخ وخسف وقذف وذلك عند ظهور شيء من عمل قوم لوط قال عروة فبلغني أنه قد ظهر شيء منه فتنحيت عنها وخشيت أن يقع وأنا بها وبلغني أنه لا يصيب إلا أهل القصبة قال الزبير وأخبرني إبراهيم بن حمزة مثله بمثل إسناده وبئر عروة مشهور بالعقيق طيب الماء وفيه يقول الشاعر
لو يعلم الشيخ غدوي بالسحر * قصدا إلى البئر التي كان حفر
في فتية الدنانير غرر * وقاهم الله النفاق والضجر
بين أبي بكر وزيد وعمر * ثم الحواري لهم جد أغر
قد شمخ المجد هناك وازمخر * فهم عليها بالعشي والبكر
يسقون من جاء ولا يؤذى بشر * لزاد في الشكر وإن كان شكر
قال الزبير حدثنا عمي مصعب بن عبد الله قال كان عبد الله بن الزبير قد باع ماله بالغابة الذي يعرف بالسقاية من معاوية بمئة ألف دينار ثم قسمها في بني أسد وتيم فاشترى مجاح لعروة من ذلك بألوف دنانير الزبير حدثنا مصعب بن عثمان عن عامر بن صالح عن هشام بن عروة قال قدم عروة على عبد الملك بن مروان فأجلسه معه على السرير فجاء قوم فوقعوا في عبد الله بن الزبير فخرج عروة وقال للآذان إن عبد الله أخي فإذا أرتم أن تفعلوا فيه فلا تأذنوا لي عليكم فذكروا ذلك لعبد الملك فقال له عبد الملك حدثوني بما قلت وإن أخاك لم نقتله لعداوة ولكنه طلب أمر وطلبناه فقتلناه وإن أهل الشام من أخلاقهم أن لايقتلوا رجلا إلا شتموه فإذا أذنا لأحد قبلك فقد جاء من يشتمه فانصرف ثم إن عروة قدم على الوليد حين شئفت رجله فقيل اقطعها قال أكره أن أقطع مني طائفا فارتفعت إلى الركبة فقيل له أنها إن وقعت في ركبتك قتلتك فقطعها فلم يقبض وجهه وقيل له قبل أن يقطعها نسقيك دواء لا تجد لها ألما فقال ما يسرني أن هذا الحائط وقاني أذاها معمر عن الزهري قال وقعت الآكلة في رجل عروة فصعدت في ساقه فبعث إليه الوليد فحمل إليه ودعا الأطباء فقالوا ليس له دواء إلا القطع فقطعت فما تضور وجهه عمر بن عبد الغفار حدثنا هشام أن أباه وقعت في رجله الآكلة فقيل ألا ندعوا لك طبيبا قال إن شئتم فقالوا نسقيك شرابا يزول فيه عقلك فقال امض لشأنك ما كنت أضن أن خلقا يشرب ما يزيل عقله حتى لا يعرف به فوضع المنشار على ركبته اليسرى فما سمعنا له حسا فلما قطعها جعل يقول لئن أخذت لقد أبقيت ولئن ابتليت لقد عافيت وما ترك جزءه بالقرآن تلك اللية يعقوب الدورقي حدثنا عامر بن صالح عن هشام بن عروة أن أباه خرج إلى الوليد بن عبد الملك حتى إذا كان بوادي القرى وجد في رجله شيئا فظهرت به قرحة ثم ترقى به الوجع وقدم على الوليد وهو في محمل فقال يا أبا عبد الله اقطعها قال دونك فدعا له الطبيب وقال اشرب المرقد فلم يفعل فقطعها من نصف الساق فما زاد أن يقول حس حس فقال الوليد ما رأيت شيخا قط أصبر من هذا وأصيب عروة بابنه محمد في ذلك السفر ركضته بغلة في اصطبل فلم يسمع منه في ذلك كلمة فلما كان بوادي القرى قال " لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا " اللهم كان لي بنون سبعة فأخذت واحدا أو بقيت لي ستة وكان لي أطراف أربعة فأخذت طرفا وأبقيت ثلاثة ولئن ابتليت لقد عافيت ولئن أخذت لقد أبقيت وعن عبد الله بن عروة قال نظر أبي إلى رجله في الطست فقال إن الله يعلم أني ما مشيت بك إلى معصية قط وأنا أعلم حماد بن زيد عن هشام بن عروة أن أباه كان يسرد الصوم وأنه قال يا بني سلوني فلقد تركت حتى كدت أنسى وإني لأسأل عن الحديث فيفتح لي حديث يومين قال الزهري كان عروة يتألف الناس على حديثه أبو أسامة عن هشام أن أباه مات وهو صائم وجعلوا يقولون له أفطر فلم يفطر سليمان بن معبد حدثنا الأصمعي عن ابن أبي الزناد عن أبيه قال اجتمع في الحجر مصعب وعبد الله وعروة بنو الزبير وابن عمر فقالوا تمنوا فقال عبد الله أما أنا فأتمنى الخلافة وقال عروة أتمنى أن يؤخذ عني العلم وقال مصعب أما أنا فأتمنى إمرة العراق والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين وأما ابن عمر فقال أتمنى المغفرة فنالوا ما تمنوا ولعل ابن عمر قد غفر له
معمر عن الزهري قال كنت آتي عروة فأجلس ببابه مليا ولو شئت أن أدخل دخلت فأرجع وما أدخل إعظاما له وعن أبي الأسود عن عروة قال خطبت إلى ابن عمر بنته سودة ونحن في الطواف فلم يجبني بشيء فلما دخلت المدينة بعده مضيت إليه فقال أكنت ذكرت سودة قلت نعم قال إنك ذكرتها ونحن في الطواف يتخايل الله بين أعيننا أفلك فيها حاجة قلت أحرص ما كنت قال يا غلام ادع عبد الله بن عبد الله ونافعا مولى عبد الله قال قلت له وبعض آل الزبير قال لا قلت فمولى خبيب قال ذاك أبعد ثم قال لهما هذا عروة بن أبي عبد الله وقد علمتما حاله وقد خطب إلي سودة وقد زوجته إياها بما جعل الله للمسلمات على المسلمين من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان وعلى أن يستحلها بما يستحل به مثلها أقبلت يا عروة قلت نعم قال بارك الله لك قال هشام بن عروة أقام ابن الزبير بمكة تسع سنين وعروة معه وقال ابن عيينة لما قتل ابن الزبير خرج عروة إلى المدينة بالأموال فاستدعوها وسار إلى عبد الملك فقدم عليه قبل البريد بالخبر فلما انتهى إلى الباب قال للبواب قل لأمير المؤمنين أبو عبد الله بالباب فقال من أبو عبد الله قال قل له كذا فدخل فقال ها هنا رجل عليه أثر السفر قال كيت وكيت فقال ذاك عروة فائذن له فلما رآه زال له عن موضعه وجعل يسأله كيف أبو بكر يعني عبد الله بن الزبير فقال قتل رحمه الله فنزل عبد الملك عن السرير فسجد فكتب إليه الحجاج إن عروة قد خرج والأموال عنده قال فقال عبد الملك في ذلك فقال ما تدعون الرجل حتى يأخذ سيفه فيموت كريما فلما رأى ذلك كتب إلى الحجاج أن أعرض عن ذلك قال ابن خلكان هو الذي حفر بئر عروة بالمدينة وما بالمدينة أعذب من مائها جرير عن هشام بن عروة قال ما سمعت أحدا من أهل الأهواء يذكر أبي بسوء قال أحمد بن عبد الله العجلي عروة بن الزبير تابعي ثقة رجل صالح لم يدخل في شيء من الفتن وقال ابن خراش ثقة قال معاوية بن إسحاق عن عروة قال ما بر والده من شد الطرف إليه عامر بن صالح عن هشام بن عروة قال سقط أخي محمد وأمه بنت الحكم بن أبي العاص من أعلى سطح في اصطبل الوليد فضربته الدواب بقوائمها فقتلته فأتى عروة رجل يعزيه فقال إن كنت تعزيني برجلي فقد احتسبتها قال بل أعزيك بمحمد ابنك قال وما له فأخبره فقال اللهم أخذت عضوا وتركت أعضاء وأخذت ابنا وتركت أبناء فلما قدم المدينة أتاه ابن المنكدر فقال كيف كنت قال " لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا " قال الزبير بن بكار حدثني غير واحد أن عيسى بن طلحة جاء إلى عروة حين قدم فقال عروة لبعض بنيه اكشف لعمك رجلي ففعل فقال عيسى إنا والله ياأبا عبد الله ما أعددناك للصراع ولا للسباق ولقد أبقى الله منك لنا ما كنا نحتاج إليه رأيك وعلمك فقال ما عزاني أحد مثلك قال ابن خلكان كان أحسن من عزاه إبراهيم بن محمد بن طلحة فقال والله ما بك حاجة إلى المشي ولا أرب في السعي وقد تقدمك عضو من أعضاءك وابن من أبنائك إلى الجنة والكل تبع للبعض إن شاء الله وقد أبقى الله لنا منك ما كنا إليه فقراء من علمك ورأيك والله ولي ثوابك والضمين بحسابك قال الزبير توفي عروة وهو ابن سبع وستين سنة قال ابن المديني وأبو نعيم وشباب مات عروة سنة ثلاث وتسعين وقال الهيثم والواقدي وأبو عبيد ويحيى بن معين والفلاس سنة أربع وتسعين وقال يحيى بن بكير سنة خمسن وقيل غير ذلك ويقال سنة إحدى ومئة وليس هذا بشأن ذكر شيخنا أبو الحجاج في تهذيبه من شيوخ عروة أمه أسماء وخالته أسماء بنت عميس وأم حبيبة وأم سلمة وأم هانئ وأم شريك فاطمة بنت قيس وضباعة بنت الزبير وبسرة بنت صفوان وزينب بنت أبي سليمة وعمرة الأنصارية ومن الرواة عنه بكر بن سوادة وتميم بن سلمة وحعفر الصادق وجعفر بن مصعب وحبيب بن أبي ثابت وحبيب مولى عروة وخالد ابن أبي عمران قاضي إفريقية وداود بن مدرك والزبرقان بن عمرو بن أمية وزميل مولى عروة وسعد بن إبراهيم وسعيد بن خالد الأموي وسليمان بن عبد الله بن عويمر وسليمان بن يسار وشيبة الخضري وصالح بن حسان وصالح بن كسيان وصفوان بن سليم وعاصم بن عمر وعبد الله بن إنسان الطائفي وعبد الله بن أبي بكر بن حزم وأبو الزناد وعبد الله بن الماجشون وابن أبي ملكية وابنه عبد الله بن عروة وعبد الله بن نيار وعبد الله البهي وعبد الرحمن بن حميد الزهري وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وابنه عثمان وعثمان بن الوليد وعراك بن مالك وعطاء بن أبي رباح وعلي بن جدعان وحفيده عمر بن عبد الله وعمر بن عبد العزيز وعمرو بن دينار وعمران ابن أبي أنس ومجاهد بن وردان ومحمد بن إبراهيم التيمي وابن أخيه محمد بن جعفر بن الزبير وأبو الأسود يتيم عروة وابنه محمد ابن عروة والزهري وابن المنكدر ومخلد بن خفاف ومسافع بن شيبة ومسلم بن قرط ومعاوية بن إسحاق ومنذر بن المغيرة وموسى بن عتبة وهشام ابنه وهلال الوزان والوليد بن أبي الوليد ووهب بن كيسان ويحيى بن أبي كثير وقيل لم يسمع منه ويزيد بن رومان ويزيد بن خصيفة ويزيد بن عبد الله بن قسيط ويزيد بن أبي يزيد وأبو بردة بن أبي موسى وأبو سلمة بن عبد الرحمن وهما من أقرانه وأبو بكر بن حفص الزهري وقد روى رفيقه أبو سلمة أيضا عن عمر بن عبد العزيز عن عروة قال ابن سعد كان عروة ثقة ثبتا مأمونا كثير الحديث فقيها عالما وقال أحمد العجلي مدني ثقه رجل صالح لم يدخل في شيء من الفتن وروى يوسف بن الماجشون عن ابن شهاب قال كان إذا حدثني عروة ثم حدثتني عمرة صدق عندي حديث عمرة حديث عروة فلما تبحرتهما إذا عروة بحر لا ينزف الأصمعي عن ابن أبي الزناد قال قال عروة كنا نقول لا نتخذ كتابا مع كتاب الله فمحوت كتبي فوالله لوددت أن كتبي عندي إن كتاب الله قد استمرت مريرته علي بن المبارك الهنائي عن هشام بن عروة أن أباه كان يصوم الدهر إلا يوم الفطر ويوم النحر ومات وهو صائم وقال هشام قال أبي رب كلمة ذل احتملتها أورثتني عزا طويلا
وقال ما حدثت أحدا بشيء من العلم قط لا يبلغه عقله إلا كان ضلالة عليه قال غير واحد ولد عروة في آخر خلافة عمر وكان أصغر من أخيه عبد الله بعشرين سنة وقيل غير ذلك يعقوب الفسوي عن عيسى بن هلال عن شريح بن يزيد عن شعيب بن أبي حمزة عن الزهري عن عروة قال كنت غلاما لي دؤابتان فقمت أركع ركعتين بعد العصر فبصر بي عمر ومعه الدرة فلما رأيته فررت منه فلحقني فأخذ بذؤابتي قال فنهاني قلت لا أعود الأشبه أن هذا جرى لأخيه عبد الله أو جرى له مع عثمان