القسري
القسري الإمير الكبير أبو الهيثم خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد بن كرز البجلي القسري الدمشقي أمير العراقين لهشام وولي قبل ذلك مكة للوليد بن عبد الملك ثم لسليمان روى عن أبيه وعنه سيار أبو الحكم وإسماعيل بن اوسط البجلي وإسماعيل بن أبي خالد وحميد الطويل وقلما روى له حديث في مسند أحمد وفي سنن أبي داود حديث رواه عن جده يزيد وله صحبة
وكان جوادا ممدحا معظما عالي الرتبة من نبلاء الرجال لكنه فيه نصب معروف وله دار كبيرة في مربعة القز بدمشق ثم صارت تعرف بدار الشريف اليزيدي وإليه ينسب الحمام الذي مقابل قنطرة سنان بناحية باب توما
قال يحيى الحماني قيل لسيار تروي عن مثل خالد فقال إنه أشرف من أن يكذب قال خليفة بن خياط عزل الوليد عن مكة نافع بن علقمة بخالد القسري سنة تسع وثمانين فلم يزل واليها إلى سنة ست ومئة فولاه هشام بن عبد الملك العراق مدة إلى أن عزله سنة عشرين ومئة بيوسف بن عمر الثقفي
روى العتبي عن رجل قال خطب خالد بن عبد الله بواسط فقال إن أكرم الناس من أعطى من لا يرجوه وأعظم الناس عفوا من عفا عن قدرة وأوصل الناس من وصل عن قطيعة
ابن أبي خيثمة حدثنا محمد بن يزيد الرفاعي سمعت أبا بكر بن عياش يقول رأيت خالدا القسري حين أتى بالمغيرة بن سعيد وأصحابه وكان يريهم أنه يحيى الموتى فقتل خالد واحدا منهم ثم قال للمغيرة أحيه فقال والله ما أحيي الموتى قال لتحيينه أو لأضربن عنقك ثم أمر بطن من قصب فأضرموه وقال اعتنقه فأبى فعدا رجل من أتباعه فاعتنقه قال أبو بكر فرأيت النار تأكله وهو يشير بالسبابة فقال خالد هذا والله أحق بالرئاسة منك ثم قتله وقتل أصحابه.
قلت كان رافضيا خبيثا كذابا ساحرا ادعى النبوة وفضل عليا على الأنبياء وكان مجسما سقت أخباره في ميزان الاعتدال
وكان خالد على هناته يرجع إلى الإسلام وقال القاضي ابن خلكان كان يتهم في دينه بنى لأمه كنيسة ( تتعبد فيها ) وفيه يقول الفرزدق
ألا قبح الرحمن ظهر مطية * أتتنا تهادى من دمشق بخالد
وكيف يؤم الناي من كان أمه * تدين بأن الله ليس بواحد
بنى بيعة فيها الصليب لأمه * ويهدم من بغض منار المساجد
قال الأصمعي حرم القسري الغناء فأتاه حنين في أصحاب المظالم ملتحفا على عود فقال أصلح الله الأمير شيخ ذو عيال كانت له صناعة حلت بينه وبينها قال وما ذاك فأخرج عوده وغنى
أيها الشامت المعير بالشيب * أقلن بالشباب افتخارا
قد لبست الشباب قبلك حينا * فوجدت الشباب ثوبا معارا
فبكى خالد وقال صدق والله عد ولاتجالس شابا ولا معربدا
الأصمعي عن ابن نوح سمعت خالدا يقول على المنبر إني لأطعم كل يوم ستة وثلاثين ألفا من الأعراب تمرا وسويقا الأصمعي أن أعرابيا قال لخالد القسري أصلحك الله لم أصن وجهي عن مسألتك فصنه عن الرد وضعني من معروفك حيث وضعتك من رجائي فوصله وقال أعرابي يأمر الأمير لي بمل جرابي دقيقا قال املؤوه له دراهم فقيل للأعرابي فقال سألت الأمير ما أشتهي فأمر لي بما يشتهي ابن أبي الدنيا أخبرني محمد بن الحسين حدثني عبد الله بن شمر الخولاني حدثني عبد الملك مولى خالد بن عبد الله قال إني لأسير بين يدي خالد بالكوفة ومعه الوجوه فقام إليه رجل فقال أصلح الله الأمير فوقف وكان كريما فقال مالك قال تأمر بضرب عنقي قال لم قطعت طريقا قال لا قال فنزعت يدا من طاعة قال لا قال فعلام أضرب عنقك قال الفقر والحاجة قال تمن قال ثلاثين ألفا فالتفت إلى أصحابه فقال هل علمتم تاجرا ربح الغداة ما ربحت نويت له مئة ألف فتمنى ثلاثين ألفا ثم أمر له بها وقيل كان خالد يجلس ثم يدعو بالبدر ويقول إنما هذه الأموال ودائع لا بد من تفريقها وقيل أنشده أعرابي
أخالد بين الحمد والأجر حاجتي * فأيهما يأتي فأنت عماد
أخالد إني لم أزرك لحاجة * سوى أنني عاف وأنت جواد
فقال سل قال مئة ألف قال أسرفت يا أعرابي قال فأحط للأمير قال نعم قال قد حططتك تسعين ألفا فتعجب منه فقال سألتك على قدرك وحططتك على قدري وما أستأهله في نفسي قال لا والله لا تغلبني يا غلام أعطه مئة ألف
قال الأصمعي أنشده أعرابي في مجلس الشعراء
تعرضت لي بالجود حتى نعشتني * وأعطيتني حتى ظننتك تلعب
فأنت الندى وابن الندى وأخو الندى * حليف الندى ما للندى عنك مذهب
فأعطاه مئة ألف الأصمعي عن يونس بن حبيب نحوها وزاد فقام أعرابي آخر فقال
قد كان آدم قبل حين وفاته * أوصاك وهو يجود بالحوباء
ببنيه أن ترعاهم فرعيتهم * فكفيت آدم عيلة الأبناء