فريضة الزكاة




الزكاة ركن من أركان الإسلام الخمس، وقد فرضت في السنة الثانية من الهجرة، قال رسول الله «بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا».
وقال تعالى: {وَآتُواْ الزَّكَوةَ} (البقرة: 43)، وقال: {وَفِى أَمْولِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ وَالْمَحْرُومِ} (الذاريات: 19)، وقال: {إِنَّمَا الصَّدَقَتُ لِلْفُقَرَآء وَالْمَسَكِينِ وَالْعَمِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرّقَابِ وَالْغَرِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (التوبة: 60).
وقال عليه الصلاة والسلام: «أدوا زكاة أموالكم».
وإيجاب الزكاة علاج لإزالة مرض حب الدنيا عن القلب، ومانع من طغيان الأغنياء، قال تعالى: {كَلاَّ إِنَّ الإِنسَنَ لَيَطْغَى أَن رَّءاهُ اسْتَغْنَى} (العلق: 6، 7).
وإخراج الزكاة يحبب الأغنياء إلى الفقراء والمساكين فيزول عنهم الحقد والحسد والسخط، والمال الفاضل إذ أمسكه الإنسان صار معطلا، فيجب صرف طائفة منه إلى الفقير لإصلاح شأنه، وهذا من أعظم نعم الإسلام ومحاسنه، وقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْولِهِمْ صَدَقَةً} (التوبة: 103)، يثبت للإمام حق الأخذ من كل مال وكذلك كان رسول الله والخليفتان بعده يأخذون الزكاة من الناس ويوزعونها على المحتاجين إلى أن فوض عثمان بن عفان رضي الله عنه في خلافته أداء الزكاة من الأموال الباطنة إلى ملاكها، إلا أن هذا لا يسقط طلب الإمام أصلا، ولذا لو علم أن بلدة لا يؤدون زكاتهم طالبهم بها، والسواد الأعظم من الأغنياء لا يؤدون الزكاة من تلقاء أنفسهم، فاشتدت حالة الفقراء كربا وحرجا وحنقوا على الأغنياء وامتدت إليهم أيديهم بالقتل والسرقة، لذلك نرى الخير كل الخير في أن تجبي الحكومة الزكاة المفروضة وتنفقها فيما يصلح شأن الفقراء من إيوائهم وإطعامهم وكسوتهم وعلاجهم وتعليمهم بدلا من تركهم يعانون آلام الفاقة من جوع وعري ومرض وتشريد واعتناق للمبادىء الاشتراكية المتطرفة التي نشأت من الخلاف القائم بين الأغنياء والفقراء.
فعلى الحكومات الإسلامية الرجوع إلى نظام الزكاة وجبايتها لمصلحة المعوزين ولاستتباب الأمن، أما ترك الأغنياء لضمائرهم في إخراج الزكاة فهو تعطيل لها وإبطال لحكمتها.