- كعب بن زهير: كان شاعرا وكان يهجو النبي بشعره، وكان يعير أخاه بجيرا لإسلامه فأهدر دمه فلما بلغه أنه أمر بقتله خاف وخرج حتى قدم المدينة بعد رجوع النبي من فتح مكة وأسلم أمامه وأنشد قصيدته المعروفة التي أولها: بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
وقال فيها:
إن الرسول لنور يستضاء به ** مهند من سيوف الله مسلول
فلما وصل إلى هذا البيت رمى عليه الصلاة والسلام إليه بردة كانت عليه وإن معاوية رضي الله عنه في زمن خلافته بذل له فيها عشرة آلاف درهم فقال: ما كنت لأؤثر بثوب رسول الله الذي أعطانيه أحدا، فلما مات بعث معاوية إلى ورثته بعشرين ألفا فأخذها منهم وهي البردة التي كانت عند السلاطين، وكان الخلفاء يلبسونها في الأعياد، وقيل: إنها فقدت في وقعة التتار.
وقد كان كعب بن زهير من فحول الشعراء، وكذا أبوه زهير وأخوه بجير وابنه عقبة بن كعب وابن ابنه العوام بن عقبة.
8 - الحارث بن هشام: كان شديدا على النبي ص وعلى المسلمين وابنه عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
9 - زهير بن أمية: كان أيضا شديدا في كفره، كالحارث بن هاشم فأهدر رسول الله دمهما يوم الفتح فهربا واختبآ في بيت أم هانىء بنت أبي طالب أخت عليّ رضي الله عنه فأجارتهما فأجاز ص جوارها ثم جاءت بهما فأسلما وحسن إسلامهما.
10 - صفوان بن أمية: كان من أشد الناس عداوة وأذية لرسول الله والمسلمين، فأهدر رسول الله دمه فاختفى وأراد أن يلقي نفسه في البحر، فجاء ابن عمه عمير بن وهب الجمحي رضي الله عنه وقال: يا نبي الله إن صفوان سيد قومه وقد هرب ليقذف نفسه في البحر فأمنه فإنك أمَّنت الأحمر والأسود، فقال رسول الله: «أدرك ابن عمك فهو آمن»، فقال: أعطني آية يُعرف بها أمانك فإني قد طلبت منه العود فقال لا أعود معك إلا أن تأتيني بعلامة أعرفها فأعطاه ص عمامته التي دخل بها مكة فلحقه بها وهو يريد أن يركب البحر فقال له صفوان: اغرب عني لا تكلمني، فقال: أي صفوان فداك أبي وأمي جئتك من عند أفضل الناس وأبرّ الناس وأحلم الناس وخير الناس وهو ابن عمك عزه عزك وشرفه شرفك وملكه ملكك، قال: إني أخافه على نفسي، قال: هو أحلم من ذلك وأكرم وأراه العمامة التي جاء بها فرجع معه حتى وقف على رسول الله فقال: إن هذا يزعم أنك أمنتني، قال: «صدق»، فقال: أمهلني بالخيار شهرين، فقال ص «أنت بالخيار أربعة أشهر»، ولما أراد ص الخروج إلى حرب هوازن استقرض منه أربعين ألف درهم، وطلب منه دروعا كانت عنده، فقال: أغصبا يا محمد؟ قال: «لا ولكن عارية مرجوحة أو مضمونة»، ثم خرج مع النبي ص حين خرج لحرب هوازن وهو على شركه فلما قسم رسول الله غنائم هوازن بحنين أعطاه مائة من الإبل ثم مائة ثم مائة ثم رآه ص يرمق شعبا مملوءا نعما وشاء، فقال له ص «يعجبك هذا؟» قال: نعم، قال: «هو لك وما فيه»، فقبض صفوان ما في الشعب وقال: إن الملوك لا تطيب نفوسها بمثل هذا، ما طابت نفس أحد قط بمثل هذا إلا نبي، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فأسلم وحسن إسلامه، وترك المدة التي كان طلبها.
11 - وحشي بن حرب: أهدر رسول الله دمه لأنه قتل حمزة رضي الله عنه يوم أُحد، وكانت الصحابة أحرص شيء على قتله، فلما فتحت مكة هرب إلى الطائف ولما خرج وفد الطائف ليسلموا ضاقت عليه المذاهب فخرج حتى قدم على رسول الله وشهد شهادة الحق ثم خرج وحشي مع مَن خرج لقتال أهل الردة في خلافة أبي بكر فقتل مسيلمة الكذاب بحربته التي قتل بها حمزة رضي الله عنه فكان يقول أرجو أن تكون هذه بتلك أي أن هذه تكفر تلك.
12، 13 - أما القينتان فقد تقدم ذكرهما.
14 - وأما سارة مولاة بني المطلب فقد أهدر رسول الله دمها لأنها كانت مغنية بمكة تغني بهجاء النبي ص وقيل: هي التي كان معها كتاب حاطب بن أبي بلتعة وكانت قدمت المدينة تشكو الحاجة وتطلب الصلة فقال لها رسول الله ص «ما كان في غنائك ما يغنيك؟» فقالت: إن قريشا قد قُتل من قُتل منهم ببدر تركوا الغناء فوصلها وأوقر لها بعيرا طعاما فرجعت إلى مكة وكان ابن خطل يلقي إليها هجاء رسول الله فتغنّي به فاختفت عند فتح مكة ثم استؤمن لها رسول الله فجاءته وأسلمت وحسن إسلامها، وعاشت إلى خلافة أبي بكر.
15 - هند بنت عتبة بن ربيعة زوج أبي سفيان وأم ابنه معاوية، أهدر دمها رسول الله لأنها مثّلت بعمه حمزة رضي الله عنه يوم أُحد ولاكت كبده، فلما كان يوم الفتح اختفت في بيت أبي سفيان زوجها ثم أسلمت، قيل: إن بين إسلامها وإسلام زوجها ليلة واحدة، وكانت هند امرأة ذات أنفة وعقل، حضرت قتال الروم يوم اليرموك مع أبي سفيان، وكانت تشجّع المسلمين وتحرّضهم على القتال مع بقية النسوة اللاتي كنّ معها.
من هذا يتبين أن عدد الذين أهدر دمهم رسول الله خمسة عشر، لم يقتل منهم إلا أربعة وأسلم الباقون، قال مستر موير: إن الذين قتلوا فعلا هم أربعة فقط، وقد اختفى عتبة ومعتب ابنا أبي لهب ثم أسلما واختفى أيضا سهيل بن عمرو وكان ابنه مسلما ثم أسلم بالجِعرانة.
وجاء في كتاب – تاريخ الأمم الإسلامية - للمرحوم الشيخ محمد الخضري بك ص 187 ما يأتي:
«وأمر حين دخوله مكة بقتل أفراد ذوي جرائم خاصة بهم فقتل أكثرهم»، وهذا ليس بصحيح فالذين قتلوا هم الأقلون لا الأكثرون، وضربت لرسول الله قبة من أدم بالحجون، فمضى الزبير بن العوام برايته حتى ركزها عندها وجاء رسول الله فدخلها فقيل له: ألا تنزل منزلك؟ فقال: وهل ترك عقيل لنا منزلا؟.
الطواف: ولما انتهى رسول الله ص إلى الكعبة ومعه المسلمون استلم الركن بمحجنه - المحجن عصا في طرفها عُقابة كالصولجان - وكبَّر فكبَّر المسلمون لتكبيره ورجعوا التكبير حتى ارتجت مكة تكبيرا حتى جعل يشير إليهم رسول الله أن اسكتوا والمشركون فوق الجبال ينظرون، فطاف بالبيت ومحمد بن مسلمة آخذ بزمام الناقة سبعا يستلم الحجر الأسود كل طوفة بمحجنه، وكان ذلك يوم الاثنين لعشر بقين من رمضان كما تقدم وهو حلال غير محرم، ولما فرغ رسول الله من طوافه نزل عن راحلته ثم انتهى إلى المقام فصلى ركعتين، ثم انصرف إلى زمزم وقال: لولا أن تغلب بنو عبد المطلب لنزعت منها دلوا فنزع له العباس دلوا فشرب منه وتوضأ والمسلمون يبتدرون وضوءه يصبونه على وجوههم والمشركون يعجبون ويقولون: ما رأينا ملكا قط أبلغ من هذا ولا سمعنا به.