شعراؤه صلى الله عليه وسلم




1 - حسَّان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك رضي الله عنهم كانوا يناضلون عنه بشعرهم ويهجون كفار قريش.
أما حسان بن ثابت فيقال له شاعر رسول الله وكان من الأنصار، كان رسول الله ينصب له منبرا في المسجد يقول عليه قائما ينافح عن رسول الله، ورسول الله يقول: «إن الله يؤيد حسان بروح القدس ما نافح عن رسول الله»، وكان حسان يمضي إلى أبي بكر رضي الله عنه ليقفه على أنساب قريش فجعل يهجوهم، فلما سمعت قريش شعر حسان قالوا: هذا شعر ما غاب عنه ابن أبي قحافة.
قال ابن سيرين: انتدب لهجو رسول الله من المشركين أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وعبد الله بن الزبعري، وعمرو بن العاص، وضرار بن الخطاب، وانتدب لهجو المشركين ثلاثة من الأنصار، حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة، فكان حسان وكعب يعارضانهم بمثل قولهم في الوقائع والأيام والمآثر ويذكرون مثالبهم، وكان عبد الله بن رواحة يعيرهم بالكفر وبعبادة ما لا يسمع ولا ينفع، فكان قوله أهون القول عليهم، وكان قول حسان وكعب أشد القول عليهم، فلما أسلموا وفقهوا، كان قول عبد الله أشد القول عليهم، ووهب له النبي جاريته «سيرين أخت مارية القبطية»، وعاش حسان 120 سنة: ستين في الجاهلية وستين في الإسلام؛ وقيل: إنه توفي قبل الأربعين في خلافة علِيّ رضي الله عنه.
2 - وأما عبد الله بن رواحة، فهو خزرجي أنصاري من بني عبد الحارث يكنى أبا محمد، وكان من شهد العقبة، وكان نقيب بني الحارث بن الخزرج، شهد بدرا وأُحدا والخندق والحديبية وخيبر وعمرة القضاء والمشاهد كلها مع رسول الله، إلا الفتح وما بعده لأنه كان قد قتل قبله، وهو أحد الأمراء في غزوة مؤتة، وكان من الشعراء الذين يناضلون عن رسول الله، ومن شعره في النبي
إني تفرّست فيك الخير أعرفُه ** والله يعلم ما إن خانني البصر
أنت النبيّ ومن يُحرَم شفاعتَهُ ** يوم الحساب فقد أزرى به القدر
فثبّت الله ما آتاك من حَسَن ** تثبيت موسى ونصرا كالذي نُصروا
فقال رسول الله: «وأنت فثبتك الله يا ابن رواحة»، فقتل شهيدا في غزوة مؤتة كما تقدم.
3 - وكان كعب بن مالك أنصاريا من الخزرج، شهد العقبة، ولبس كعب يوم أُحد لأمة وكانت صفراء، وجرح أحد عشر جرحا، وكان من شعراء رسول الله وكان يخوف المشركين، قال ابن سيرين: بلغني أن دوسا أسلمت فرقا، أي خوفا من قول كعب بن مالك:
قضينا من تِهامة كل وِتر ** وخيبر ثم أغمدنا السيوفا
تخبّرنا ولو نطفت لقالت ** قواطعهُنّ دوسا أو ثقيفا
فقالت دوس: انطلقوا فخذوا لأنفسكم، لا ينزل بكم ما نزل بثقيف.
هؤلاء الشعراء الثلاثة، هم الذين كانوا يناضلون عن رسول الله بشعرهم، ويهجون قريشا ويعيبون عليهم عبادة الأصنام، ويفخرون بانتصار المؤمنين من الأنصار، أما المهاجرون فلم يكن فيهم شعراء كالأنصار يهجون قريشا، وغالب الظن أن سبب ذلك هو أنهم تحاشوا هجاء مشركي قريش لما كان بينهم من الروابط العديدة، فكانوا يحاربونهم ولا يهجونهم بالشعر.