أعرفه منذ سنين .. فهو أحد زملائي في عملي .. وعلى كل حال .لكن هل تصدق إنني إلى الآن لا أدري هل نبتت له أسنان أم لا !!دائم التجهم .. والعبوس .. وكأنه إذا ابتسم نقص عمره ..أو قل ماله !!قال جرير بن عبدالله البجلي : ما رآني رسول اللهإلا تبسم في وجهي !!الابتسامة أنواع .. ومراتب .. فمنها البشاشة الدائمة .. أنيكون وجهك صبوحاً مبتهجاً دائماً .فلو كنت مدرساً ودخلت الفصل على طلابك .. فالقهم بوجهبشوش .ركبت طائرة .. ومشيت في الممر , والناس ينظرون إليككن بشوشاً .دخلت بقالة .. أو محطة وقود .. مددت له الحساب .. ابتسم .ولو كنت في مجلس .. ودخل شخص وسلم بصوت عالٍ ..ومر بنظره على الجالسين .. ابتسم .ولو دخلت على مجموعة .. وصافحتهم .. ابتسم .وعموما .. الابتسامة لها تأثير كبير في امتصاص الغضبوالشك والتردد .. ما لا يشاركها غيرها .. البطل هو الذييستطيع التغلب على عواطفه .. ويبتسم .. حتى في أحلكالمواقف .كان أنس بن مالك رضي الله عنه يمشي مع النبي
يوماً .. والنبي صلى الله عليه وسلم عليه بردنجراني غليظ الحاشية .. فلحقهما أعرابي .أقبل هذا الأعرابي يجري وراء النبي صلى الله عليه وسلميريد أن يلحق به .. حتى إذا اقترب منه .. جذبه بردائهجذبة شديدة ..فتحرك الرداء بعنف على رقبة النبي صلىالله عليه وسلم .قال أنس - رضي الله عنه - حتى نظرت إلى صفحة عاتق
رسول الله .. قد أثرت بها حاشية البردمن شدة جذبته .فماذا يريد هذا الرجل ؟!لعل بيته يحترق وأقبل يريد معونة .أو أحاطت بهم غارة من المشركين .. فأقبل فزعاً يريد نصرة .اسمع ماذا يريد .قال : يا محمد .. ( لاحظ لم يقل : يا رسول الله ) .قال : يا محمد .. مر لي من مال الله الذي عندك .
فالتفت رسول الله .. ثم ضحك .. ثمأمر له بعطاء .نعم كان بطلا لا يستفزه مثل هذه التصرفات .. ولايعاقب أو تثور أعصابه على التافهات .كان واسع البطان .. قوياً يضبط أعصابه .. دائم الابتسامةحتى في أحلك الظروف .. يفكر في عواقب الأمور قبل أنيفعلها .. وماذا يفيد لو أنه صرخ بالرجل أو طرده!هل سيشفى جرح عنقه ! أو يصلح أدب الرجل كلا ..إذن ليس مثل الصبر والتحمل .نعم بعض الأمور نثور لها ونغضب .. وعلاجها شيء آخرتماماً..نعالجها بالرفق .. واللين .. والتبسم .. وإحسانالظن .. وكظم الغيظ .. وكسب الناس .وصدق لما قال [ ليس الشديد بالصرعة .. إنما الشديدالذي يملك نفسه عند الغضب ] .كان النبي يجذب الناس بالتبسم والبشاشة .خرجوا إلى غزوة خيبر .. وفي أثناء القتال .. وقع منحصن اليهود جراب فيه شحم .. قربة كاملة مملوءة سمناً ..التقطه عبد الله بن مغفل رضي وحمله على عاتقه فرحاً ومضىبه إلى رحله وأصحابه .فلقيه الرجل المسئول عن جمع الغنائم وترتيبها .. فجذبالجراب إليه .. وقال : هات هذا نقسمه بين المسلمين ..فتعلق به عبد الله : لا والله .. لا أعطيكه .. أنا أصبته .قال : بلى .. وجعلا يتجاذبان الجراب .
فمر بهما رسول الله .. فرآهما .. وهما يتجاذبان الجراب .فتبسم ضاحكاً .. ثم قال لصاحب المغانم :[ لا أبا لك .. خل بينه وبينه ] .. فتركه الرجل في يد عبد الله ..فانطلق به عبد الله إلى رحله وأصحابه .. فأكلوه .واخيراً .. تبسمك في وجه أخيك صدقة .
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)