والدعوة الفردية من أعظم وسائل صناعة الداعية الرباني، إذ تدفع بالداعية دفعًا إلى أن يكون قدوة صالحة لمن يدعوه، بحيث يتمثل بكل كلمة يقولها للمدعو، فيسبق فعله قوله, ويترجم حاله مقاله, إذ أنه يعلم أن لسان الحال أبلغ أكثر من لسان المقال، وأن فعل رجل في ألف رجل، أقوى أثرًا من قول ألف رجل لرجل، أو كما في إحدى هبات عبد الوهاب عزام لدعاة الإسلام يقوي بها عزمهم إذ يذّكرهم أنه:
' كم من واعظ صقل بيانه، وأعقل جنانه، وكم من داعية ينصر قوله الفضائل ويعجب فعله الرذائل، فلا وربك حتى يكون الفعل على اللسان رقيبًا، والضمير على البيان حسبيًا، وحتى تظهر الجوارح ما تكن الجوانح، وحتى تكون عبادتك في قلبك ضياء وفي عزمك مضاءً, وفي كفك عملاً '.
فشرط نجاح الدعوة الفردية أن يتعامل المدعو مع الداعية مباشرة وعن قُرب، ولفترات طويلة، فيشعر بمدى صدقه والتزامه، في أقواله وأفعاله، في مشاعره وانفعالاته، وهذه المعايشة الدائمة لا تترك أي فرصة لتكلف أو تصّنع، وإنما الذي يؤثر في نفس المدعو حقيقة هو رصيد الداعية الحقيقي من التزامه بهذا الدين، وما تأثر صحابة النبي صلى الله عليه وسلم بكلامه ومواعظه إلا بعد أن كان أمامهم صلى الله عليه وسلم قرآنَ يمشي على الأرض، وما فتح الله عز وجل بهذه الثلة المؤمنة قلوب العباد قبل البلاد إلا بعد أن صنع منهم المربي الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم تلك المصاحف البشرية التي يرى من خلالها منهج هذا الدين حيًا متمثلاً في واقع الأرض في أجلى وأروع صورة، وباستقرار هذه الحقيقة الضخمة في كيان الداعية، فإنه يكون دائمًا وأبدًا في حالة محاسبة مستمرة لنفسه على كل فجوة ـ ولو صغرت ـ تحدث بين قوله وفعله، ثم يكون منه استدراك فارتقاء، وبذلك تصبح الدعوة الفردية أبلغ وسيلة للتربية الذاتية يصنع من خلالها الداعية الرباني, الذي حكر الله ـ جل وعلا ـ عليه التوفيق في استنقاذ الغافلين والمعرضين من نار السعير.
عفوا تعف نساؤكم في المحرم وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا))
حمل toolbar alexa لتصفح أسرع و حماية أكبر
يداً بيد نبني سورية الغد
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)