يسقون من ورد البريص عليهم ** بردى يصفق بالرحيق السلسل لم يرو أحد قط يصفق إلابالياء اخر الحروف لأنه يريد يصفق ماء بردى فرده إلى المحذوف وهو الماء ولم يردة إلى الظاهر وهو بردى ولو كان الأمر على ما ذكرت لقال نصفق لأن بردى مؤنث لم يجىء على وزنه مذكر قط وقد جاء الرد على المحذوف تارة وعلى الظاهر أخرى في قول الله عز وجل: أوكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون، 1لأعراف: 4، ألأ تراه قال فجاءها فرد على الظاهر وهو القرية ثم قال أو هم قائلون فرد على أهل القرية وهو محذوف وهذا ظاهر لا إشكال فيه وبعد فليس هنا ما يتأول به التأنيث إلا أن يقال إنه أراد البقعة فيصير من التحكم لأن تأويله بالمذكر ضروري لأنه جبل والجبل مذكر وأنه سمي باسم رجل بإجماع كما ذكرنا وكما نذكره بعد في رواية أخرى وهو مكان وموضع ومنزل وموطن ومحل ومسكن ولو سألت كل عربي عن أجأ لم يقل إلا أنه جبل ولم يقل بقعة ولا مستند إذا للقائل بتأنيثه ألبتة ومع هذا فإنني إلى هذه الغاية لم أقف للعرب على شعر جاء فيه ذكر أجأ غير مصروف مع كثرة استعمالهم لترك صرف ما ينصرف في الشعر حتى أن أكثر النحويين قد رجحوا أقوال الكوفيين في هذه المسألة وأنا أورد في ذلك من أشعارهم ما بلغني منها البيت الذي احتجوا به وقد مر وهو قول امرىء القيس أبت أجأ، ومنها قول عارق الطائي:
ومن مبلغ عمروبن هند رسالة ** إذا استحقبتها العيس تنضى من البعد
أبو عدني والرمل بيني وبينه ** تأمل رويدا ما أمامة من هند
ومن أجأ حولي رعان كأنها ** قنابل خيل من كميت ومن ورد وقال العيزار بن الأخفش الطائي وكان خارجيا.
ألاحي رسم الدار أصبح باليا ** وحي وإ ن شاب القذال الغوانيا
تحملن من سلمى فوجهن بالضحى ** إلى إجإ تفطعن بيدا مهاويا وقال زيد بن مهلهل الطائي:
جلبنا الخيل من أجأ وسلمى ** تخب نزائعا خبب الركاب
جلبنا كل طرف أعوجي ** وسلهبة كخافية الغراب
نسوف للحزام بمرفقيها ** شنون الصلب صماءالكعاب وقال لبيد يصف كتيبة النعمان:
أوت للشباح واهتدت بصليلها ** كتائب خضر ليس فيهن ناكل
كأركان سلمى إذ بدت أو كأنها ** ذرى أجإ إذ لاح فيه مواسل فقال فيه ولم يقل فيها ومواسل قنة في أجإ، وأنشد قاسم بن ثابت لبعض الأعراب:
إلى نضد من عبدشمس كأنهم ** هضاب أجا أركانه لم تقصف
قلامسة ساسوا الأمور فأحكموا ** سياستها حتى أقرت لمردف وهذا كما ترأه مذكر مصروف لا تأويل فيه لتأنينه فإنه لو أنث لقال أركانها فإن قيل هذا لا حجة فيه لأن الوزن يقوم بالتأنيث قيل قول امرىء القيس أيضا لا يجوزلكم الاحتجاج به لأن الوزن يقوم بالتذ كير فيقول أبى أجأ لكنا صدقناكم فاحتججنا ولا تأويل فيها، وقول الحيص بيص:
أجأ وسلمى أم بلاد الزاب ** وأبو المظفر أم غضنفر غاب ثم إني وقفت بعد ما سطرته آنفا على جامع شعر امرىء القيس وقد نص الأ صمعي على ما قلته وهو أن أجأ موضع وهو أحد جبلي طيىء والآخرسلمى وإنما أراد أهل أجأ كقول الله عز وجل:: واسأل القرية يوسف: 82، يريد أهل القرية هذا لفظه بعينه ثم وقفت على نسخة أخرى من جامع شعره قيل فيه:
أ رى أجأ لن يسلم العام جاره ئم قال تفسير الرواية الأولى والمعنى أصحاب الجبل لم يسلموا جارهم، وقال أبو العرماس حدثني أبو محمد أن أجأ سمي برجل كان يقال له أجأ وسميت سلمى بامرأة كان يقال لها سلمى وكانا يلتقيان عند العوجاء وهو جبل بين أجأ وسلمى فسميت هذه الجبال بأسمائهم ألا تراه قال سمي أجأ برجل وسميت سلمى بامرأة فأنث المؤنت وذكر المذكر وهذا إن شاء الله كاف في قطع حجاج من خالف وأراد الانتصار بالتقليد، وقد جاء أجا مقصورا غير مهموز في الشعر وقد تقدم له شاهد في البيتين اللذين على الفاء قال العجاج:
والأمر ما رامقته ملهوجا ** يضويك مالم تخي منه منضجا
فإن تصر ليلى بسلمى أو أجا ** أو باللوى أو ذي حسا أو يأججا وأم سبب نزول طيىء الجبلين واختصاصهم بسكناهما دون غيرهم من العرب فقد اختلف الرراة فيه. قال ابن الكلي وجماعة سواه: لما تفرق بنو سبأ أيام سيل العرم سار جابر وحرملة ابنا أ دد بن زيد بن الهميسع قلت لا أعرف جابرا وحرملة وفوق كل ذي علم عليم وتبعهما ابن أخيهما طيىء واسمه جلهمة قلت وهذا أيضأ لا أعرفه لأن طيئا عند ابن الكلبي هو جلهمة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان والحكاية عنه وكان أبو عبيدة قال زيد بن الهميسع فساروا نحو تهامة وكانوا فيما بينها وبين اليمن ثم وقع بين طيىء وعمومته ملاحاة ففارقهم وسار نحو الحجاز بأهله وماله يتتبع مواقع القطر فسمي طيئا لطيه المنازل وقيل إنه سمي طيئا لغير ذلك وأوغل طيىء بأرض الحجاز وكان له بعير يشرد في كل سنة عن إ بله ويغيب ثلاتة أشهر ثم يعود إليه وقد عبل وسمن واثار الخضرة بادية في شدقيه فقال لابنه عمرو تفقد يا يني هذا البعير فإذا شرد فاتبع أثره حتى تنظر إلى أين يتتهي فلما كانت أيام الربيع وشرد البعير تبعه على ناقة له فلم يزل يقفر أثره حتى صار إلى جبل طيىء فأقام هنالك ونظر عمرو إلى بلاد واسعة كثيرة المياه والشجر والنخيل والريف فرجع إلى أبيه وأخبره بذلك فسار طيىء بإبله وولده حتى نزل الجبلين فراهما أرضا لها شأن ورأى فيها شيخا عظيما جسيما مديد القامة على خلق العاديين ومعه امرأة على خلقه يقال لها سلمى وهي امرأته وقد اقتسما الجبلين بينهما نصفين فأجأ في أحد النصفين وسلمى في الآخر فسألهما طيىء عن أمرهما فقال الشيخ نحن من بقايا صحار غنينا بهذين الجبلين عصرا بعد عصر أفنانا كر الليل والنهار فقال له طيىء هل لك في مشاركتي إياك في هذا المكان فأكون لك مؤانسا وخلا فقال الشيخ إن لي في ذلك رأيا فأقم فإن المكان واسع والشجر يانع والماء ظاهر والكلأ غامر فأقام معه طيىء بإبله وولده بالجبلين فلم يلبث الشيخ والعجوز إلا قليلا حتى هلكا وخلص المكان لطيىء فولده به إلى هذه الغاية قالوا وسألت العجوز طيئا ممن هوفقال طيىء: