مغربا ويتصل حدها من جهة الشمال ببلاد الديلم والجيل والطرم وهو إقليم واسع ومن مشهور مدائنها تبريز وهي اليوم قصبتها وأكبر مدنها وكانت قصبتها قديما المراغة ومن مدنها خوي وسلماس وأرمية وأردبيل ومرند وغير ذلك، وهو صقع جليل ومملكة عظيمة الغالب عليها الجبال وفيه قلاع كثيرة وخيرات واسعة وفواكه جمة ما رأيت ناحية أكثر بساتين منها ولا أغزر مياها وعيونا لا يحتاج السائر بنواحيها إلى حمل إناء للماء لأن المياه جارية تحت أقداه أين توجه وهو ماء بارد عذب صحيح وأهلها صباح الوجوه حمرها رقاق البشرة ولهم لغة يقال لها الأذرية لا يفهمها غيرهم وفي أهلها لين وحسن معاملة إلا أن البخل يغلب على طباعهم وهي بلاد فتنة وحروب ما خلت قط منها فلذلك أكثر مدنها خراب وقراها يباب، وفي أيامنا هذه هي مملكة جلال الدين منكبرني بن علاء الدين محمد بن تكش خرارزم شاه وقد فتحت أولا في أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان عمر قد أنفذ المغيرة بن شعبة الثقفي واليا على الكوفة ومعه كتاب إلى حذيفة بن اليمان بولاية أذربيجان فورد الكتاب على حذيفة وهو بنهاوند فسارمنها إلى أذربيجان في جيش كثيف حتى أتى أردبيل وهي يومئذ مدينة أذربيجان وكان مرزبانها قد جمع المقاتلة من أهل باجروان وميمذ والبذ وسراو وشيز والميانج وغيرها فقاتلوا المسلمين قتالا شديدا أياما ثم إن المرزبان صالح حذيفة على جميع أذربيجان على ثمانمائة ألف درهم وزنا على أن لا يقتل منهم أحدا ولا يسبيه ولا يهدم بيت نار ولا يعرض لأكراد البلاشجان وسبلان ومياه روذان ولا يمنع أهل الشيز خاصة من الزفن في أعيادهم لاظهار ما كانوا يظهرو ثم إنه غزا موقان وجيلان فأوقع بهم وصالحهم على إتاوة، ثم إن عمررضي الله عنه عزل حذيفة وولى عتبة بن فرقد على أذربيجان فأتاها من الموصل ويقال بل أتاها من شهرزورعلى الشك الذي يغرف بمعاوية الأذري فلما دخل أردبيل وجد أهلها على العهد وقد انتقضت عليه نواح فغزاها وظفروغنم فكان معه ابنه عمروبن عتبة بن فرقد الزاهد، وعن الواقدي غزا المغيرة بن شعبة أذربيجان من الكوفة سنة اثنتين وعشرين ففتحها عنوة ووضع عليها الخراج، وروى أبو المنذر هشام بن محمد عن أبي مخنف أن المغيرة بن شعبة غزا أذربيجان في سنة عشرين ففتحها ثم إنهم كفروا فغزاهم الأشعث بن قيس الكندي ففتح حصن جابروان وصالحهم على صلح المغيرة ومض صلح الأشعث إلى اليوم، وقال المدايني لما هزم المشركون بنهاوند رجع الناس إلى أمصارهم وبقي أهل الكوفة مع حذيفة فغزا بهم أذربيجان فصالحهم على ثمانمائة ألف درهم ولما استعمل عثمان بن عفان رضي الله عنه الوليد بن عقبة على الكوفة عزل عتبة بن فرقد عن أذربيجان فنقضوا فغزاهم الوليد بن عقبة سنة خمس وعشرين وعلى مقدمته عبد الله بن شبيل الأحمسي فأغارعلى أهل موقان والتبريز والطيلسان فغنم وسبا ثم صالح أهل أذربيجان على صلح حذيفة. الأحمسي فأغارعلى أهل موقان والتبريز والطيلسان فغنم وسبا ثم صالح أهل أذربيجان على صلح حذيفة. أذرح: بالفتح ثم السكون وضم الراء والحاء المهملة، وهو جمع ذريح وذريحة جمعها الذرائح وأذرح إن كان منه فهو على قياس لأن أ فعلا جمع فعل غالبا وهي هضاب تنبسط على الأرض حمر وإن جعل جمع الذرح وهو شجر تتخذ منه الرحال نحو زمن وأزمن فأصل أفعل أن يجمع على أفعال فيكون أيضاعلى غيرقياس فأما أزمن فمحمول على دهر وأدهر لأن معناهما واحد. وهو اسم بلد في أطراف الشام من أعمال السراة ثم من نواحي البلقاء وعمان مجاورة لأرض الحجاز. قال ابن الوضاح هي من فلسطين وهو غلط منه وإنما - هي في قبلي فلسطين من ناحية الشراة، وفي كتاب مسلم بن الحجاج بين أذرح والجرباء ثلاثة أيام. وحدثني الأمير شرف الدين يعقوب بن الحسن الهذياني قبيل من الأكراد ينزلون في نواحي الوصل قال: رأيت أذرح والجرباء غير مرة وبينهما ميل واحد وأقل لأن الواقف في هذا ينظر هذه واستدعى رجلا من أهل تلك الناحية ونحن بدمشق واستشهده على صحة ذلك فشهد به ثم لقيت أنا غير واحد من أهل تلك الناحية وسألتهم عن ذلك فكل قال مثل قوله وقد وهم فيه قوم فرووه بالجيم، وبأذرح إلى الجرباء كان أمر الحكمبن بين عمرو بن العاص وأبي موس الأشعري وقيل بدومة الجندل، والصحيح أذرح والحرباء، ويشهد بذلك قول ذي الرمة يمدح بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري.
أبوك تلافى الدين والناس بعد ما ** تساؤا وبيت الدين منقطع الكسر
فشد إصار الدين أيام أذرح ** ورد حروبا قد لقحن إلى عقر وكان الأصعي يلعن كعب بن جعيل لقوله في عمرو بن العاص.
كأن أبا موسى عشية أذرح ** يطيف بلقمان الحكيم يواربة
فلما تلاقوا في تراث محمد ** سمت بابن هند في قريش مضاربة
يعني بلقمان الحكيم عمرو بن العاص، وقال الأسود بن الهيثم:
ولما تداركت الوفود بأذرح ** وفي أشعري لا يحل له غدر
أدى أمانته ووفى نذره ** عنه وأصبح غادرا عمرو
يا عمرو إن تدع القضية تعترف ** ذل الحياة وينزع النصر