نحن والله من هوائك يا جر ** جان في خطة وكرب شديد
حرها ينضج الجلود فإن هبت ** شمالا تكدرت بركود
كحبيب منافق كلما هم ** بوصل أحاله بالصدود وقال: أبو منصور النيسابوري يذكر اختلاف الهواء بها في يوم واحد.
ألا رب يوم لي بجرجان أرعن ** ظللت له من حرقه أتعجب
وأخشى على نفسي اختلاف هوائها ** وما لامرىء عما قضى الله مهرب
وما خير يوم آخرق متلون ** ببرد وحر بعده يتلهب
فأوله للقر والجمر ينقب ** وآخره للثلج والخيش يضرب وكان الفضل بن سهل قد ولى مسلم بن الولي الشاعر ضياع جرجان وضمنه إياها بخمسمائة ألف وقد بذل فيها ألف ألف درهم وأقام بجرجان إلى أن أدركته الوفاة ومرض مرضه الذي مات فيه فرأى نخلة لم يكن في جرجان غيرها. فقال:
ألا يا نخلة بالسف ** ح من أكناف جرجان
ألا إني وإياك ** بجرجان غريبان ثم مات مع تمام الإنشاد، وقد نسب الأقيشر اليربوعي وقيل ابن خزيم إليها الخمر. فقال:
وصهباء جرجانية لم يطف بها ** حنيف ولم ينفر وبها ساعة قدر
ولم يشهد القس المهيمن نارها ** طروقا ولم يحضر على طبخها حبر
أتاني بها يحيى وقد نمت نومة ** وقد لاحت الشعر وقد طلع النسر
فقلت أصطبحها أو لغيري فأهدها ** فما أنا بعدالشيب ويحك والخمر
تعففت عنها في العصور التي مضت ** فكيف التصابي بعدما كمل العمر
إذا المرء وفى الأربعين ولم يكن ** له دون مايأتي حياء ولاستر
فدعه ولا تنفس عليه الذي أتى ** وان جر أسباب الحياة له الدهر وكان أهل الكوفة يقولون من لم يرو هذه الأبيات فإنه ناقص المروءة، وأما فتحها فقد ذكر أصحاب السير أنه لما فرخ سويد بن مقرن من فتح بسطام في سنة 18 كاتب ملك جرجان ثم سار إليها وكاتبه روزبان صول وبادره بالصلح على أن يؤدي الجزية ويكفيه حرب جرجان وسار سويد فدخل جرجان وكتب لهم كتاب صلح على الجزية.
وقال أبو نجيد:
دعانا إلى جرجان والري دونها ** سواد فأرضت من بها من عشائر وقال سويد بن قطبة:
ألا أبلغ أسيدا إن عرضت بأننا ** بجرجان في خضر الرياض النواضر
فلما أحسونا وخافها صيالنا ** أتانا ابن صول راغما بالجرائر وممن ينسب إليها من الأئمة أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي الجرجاني الأستراباذي الفقيه أحد الأئمة سمع يزيد بن محمد بن عبد الصمد وبكار بن قتيبة وعمار بن رجاء وغيرهم. قال: الخطيب وكان أحد أئمة المسلمين والحفاظ بشرائع الدين مع صدق وتورع وضبط وتيقظ سافر الكثير وكتب بالعراق والحجاز ومصر وورد بغداد قديما وحدث بها فروى عنه من أهلها يحيى بن محمد بن صاعد وغيره، وقال: أبو علي الحافظ كان أبو نعيم الجرجاني أوحد ما رأيت بخراسان بعد أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة مثله وأفضل منه وكان يحفظ الموقوفات والمراسيل كما نحفظ نحن المسانيد، وقال: الخليلي القزويني كان لأبي نعيم تصانيف في الفقه وكتاب الضعفاء في عشرة أجزاء وقال: حمزة بن يوسف السهمي في تاريخ جرجان عبد الملك بن محمد بن علي بن زيد الأستراباذي سكن جرجان وكان مقدما في الفقه والحديث وكانت الرحلة إليه في أيامه روى عن أهل العراق والشام ومصر والثغور ومولده سنة 242 وتوفي باستراباذ في ذي الحجة سنة 323.
ومنها أبو أحمد عبدالله بن عدي بن عبدالله بن محمد بن المبارك الجرجاني الحافظ المعروف بابن القطان أحد أئمة الحديث والمكثرين منه والجامعين له والرحالين فيه رحل إلى دمشق ومصر وله رحلتان أولاهما في سنة 297 والثانية في سنة 305سمع الحديث بدمشق من محمد بن خزيم وعبد الصمد بن عبد الله بن أبي زيد وابراهيم بن دحيم وأحمد بن عمير بن جوصا وغيرهم وسمع بحمص هبيل بن محمد وأحمد بن أبي الأخيل وزيد بن عبد الله المهراني وبمصر أبا يعقوب إسحاق المنجنيقي وبصيدا أبا محمد المعافى بن أبي كريمة وبصور أحمد بن بشير بن حبيب الصوري وبالكوفة أبا العباس بن عقدة ومحمد بن الحصين بن حفص وبالبصرة أبا خليفة الجمحي وبالعسكر عبدان الأهوازي وببغداد أبا القاسم البغوي وأبا محمد بن صاعد وببعلبك أبا جعفر أحمد بن هاشم وخلقا من هذه الطبقة كثيرا وروى عنه أبو العباس بن عقدة وهو من شيوخه وحمزة بن يوسف السهمي وأبو سعد الماليني وخلق في طبقتهم وكان مصتفا حافظا ثقة على لحن كان فيه، وقال: حمزة كتب أبو محمد بن عدي الحديث بجرجان في سنة 290 عن أحمدبن حفص السعدي وغيره ثم رحل إلى الشام ومصر وصنف في معرفة ضعفاء المحدثين كتابا في مقدار مئتي جزأ سماه الكامل، قال: وسألت الدارقطني أبا الحسن أن يصنف كتابا في ضعفاء المحدثين فقال: أليس عندكم كتاب ابن عدي قلت بلى قال: فيه كفاية لا يزاد عليه وكان ابن عدي جمع أحاديث مالك بن أنس والأوزاعي وسفيان الثوري وشعبة وإسماعيل بن أبي خالد وجماعة من المتقدمين وصنف على كتاب المزني كتابا سماه الأبصار، وكان أبو أحمد حافظا متقنا لم يكن في زمانه مثله تفرد بأحاديث فكان قد وهب أحاديث له يتفرد بها لبنيه عدي وأبي زرعة وأبي منصور تفردها بروايتها عن أبيهم وابنه عدي سكن سجستان وحدث بها، قال: ابن عدي سمع مني أبو العباس بن عقدة كتاب الجعفرية عن أبي الأشعث وحدث به عندي فقال: حدثني عبد الله بن عبد الله وكان مولده في ذي القعدة سنة 277 ومات غرة جمادى الآخرة سنة 365 ليلة السبت فصلى عليه أبو بكر الإسماعيلي ودفن بجنب مسجد كوزين وقبره عن يمين القبلة مما يلي صحن المسجد بجرجان، ومنها حمزة بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن إبراهيم بن محمد ويقال ابن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن احمد بن عبد الله بن هشام بن العبا س بن وائل ابو القاسم السهمي الجرجاني الواعظ