قال الواقدي: قاتل رسول الله ص في إحدى عشرة، ذكر من ذلك التسع التي ذكرتها عن ابن إسحاق؛ وعد معها غزوة وادي القرى، وأنه قاتل فيها فقتل غلامه مدعم، رمى بسهم. قال: وقاتل يوم الغابة، فقتل من المشركين، وقتل محرز بن نضلة يؤمئذ.
ذكر جملة السرايا والبعوث

واختلف في عدد سراياه ص، حدثنا محمد بن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، قال: كانت سرايا رسول الله ص وبعوثه - فيما بين أن قدم المدينة وبين أن قبضه الله - خمسًا وثلاثين بعثًا وسرية: سرية عبيدة بن الحارث إلى أحياء من ثنية المرة، وهو ماء بالحجاز، ثم غزوة حمزة بن عبد المطلب إلى ساحل البحر من ناحية العيص - وبعض الناس يقدم غزوة حمزة قبل غزوة عبيدة - وغزوة سعد بن أبي وقاص إلى الخرار من أرض الحجاز، وغزوة عبد الله بن جحش إلى نخلة، وغزوة زيد ابن حارثة القردة؛ ماء من مياه نجد، وغزوة مرثد بن أبي مرثد الغنوي الرجيع، وغزوة المنذر بن عمرو بئر معونة، وغزوة أبي عبيدة بن الجراح إلى ذي القصة من طريق العراق، وغزوة عمر بن الخطاب تربة من أرض بني عامر، وغزوة علي بن أبي طالب اليمن، وغزوة غالب بن عبد الله الكلبي - كلب ليث - الكديد، وأصاب بلملوح، وغزوة علي بن أبي طالب إلى بني عبد الله بن سعد من أهل فدك، وغزوة ابن أبي العوجاء السلمى أرض بني سليم؛ أصيب بها هو وأصحابه جميعًا، وغزوة عكاشة بن محصن الغمرة، وغزوة أبي سلمة بن عبد الأسد قطنًا؛ ماء من مياه بني أسد من ناحية نجد قتل فيها مسعود بن عروة، وغزوة محمد بن مسلمة؛ أخي بني الحارث إلى القرطاء من هوازن، وغزوة بشير بن سعد إلى بني مرة بفدك، وغزوة بشير بن سعد أيضًا إلى يمن وجناب؛ بلد من أرض خيبر - وقيل يمن وجبار؛ أرض من أرض خيبر، وغزوة زيد بن حارثة الجموم؛ من أرض بني سليم، وغزوة زيد بن حارثة أيضًا جذام من أرض حسمي - وقد مضى ذكر خبرها قبل - وغزوة زيد بن حارثة أيضًا وادي القرى، لقي بني فزارة.
وغزوة عبد الله بن رواحة خيبر مرتين: إحداهما التي أصاب الله فيها يسير بن رزام - وكان من حديث يسير بن رزام اليهودي أنه كان بخيبر يجمع غطفان لغزو رسول الله ، فبعث إليه رسول الله عبد الله بن رواحة في نفر من أصحابه؛ منهم عبد الله بن أنيس حليف بني سلمة، فلما قدموا عليه كلموه وواعدوه وقربوا له، وقالوا له: إنك إن قدمت على رسول الله استعملك وأكرمك؛ فلم يزالوا به حتى خرج معهم في نفر من يهود؛ فحمله عبد الله بن أنيس على بعيره وردفه حتى إذا كان بالقرقرة من خيبر على ستة أميال ندم يسير بن رزام على سيره إلى رسول الله، ففطن له عبد الله ابن أنيس وهو يريد السيف؛ فاقتحم به؛ ثم ضربه بالسيف فقطع رجله وضربه يسير بمخرش في يده من شوحط، فأمه في رأسه، وقتل الله يسيرا؛ ومال كل رجل من أصحاب رسول الله ص على صاحبه من يهود فقتله إلا رجلًا واحدًا أفلت على راحلته؛ فلما قدم عبد الله ابن أنيس على رسول الله ص تفل على شجته فلم تقح ولم تؤذه.
وغزوة عبد الله بن عتيك إلى خيبر؛ فأصاب بها أبا رافع؛ وقد كان رسول الله ص بعث محمد بن مسلمة وأصحابه - فيما بين بدر وأحد - إلى كعب بن الأشرف فقتلوه، وبعث رسول الله ص عبد الله بن أنيس إلى خالد بن سفيان بن نبيح الهذلي - وهو بنخلة أو بعرنة - يجمع لرسول الله ليغزوة، فقتله.
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبد الله بن أنيس، قال: دعاني رسول الله ص، فقال: إنه بلغني أن خالد بن سفيان بن نبيح الهذلي يجمع لي الناس ليغزوني - وهو بنخلة أو بعرنة - فأته فاقتله، قال: قلت: يا رسول الله؛ انعته لي حتى أعرفه، قال: إذا رأيته أذكرك الشيطان! إنه آية ما بينك وبينه أنك إذا رأيته وجدت له قشعريرة. قال: فخرجت متوشحًا سيفي حتى دفعت إليه وهو في ظعن يرتاد لهن منزلًا حيث كان وقت العصر؛ فلما رأيته وجدت ما وصف لي رسول الله ص من القشعريرة، فأقبلت نحوه، وخشيت أن تكون بيني وبينه مجاولة تشغلني عن الصلاة، فصليت وأنا أمشي نحوه، أومي برأسي إيماء؛ فلما انتهيت إليه قال: من الرجل؟ قلت: رجل من العرب سمع بك وبجمعك لهذا الرجل؛ فجاءك لذلك، قال: أجل، أنا في ذلك؛ فمشيت معه شيئًا حتى إذا أمكنني حملت عليه بالسيف حتى قتلته؛ ثم خرجت وتركت ظعائنه مكبات عليه. فلما قدمت على رسول الله وسلمت عليه ورآني، قال: أفلح الوجه! قال: قلت: قد قتلته. قال: صدقت! ثم قام رسول الله فدخل بيته، فأعطاني عصا، فقال: أمسك هذه العصا عندك يا عبد الله بن أنيس. قال: فخرجت بها على الناس، فقالوا: ما هذه العصا؟ قلت: أعطانيها رسول الله، وأمرني أن أمسكها عندي، قالوا: أفلا ترجع إلى رسول الله فتسأله لم ذلك؟ فرجعت إلى رسول الله، فقلت: يا رسول الله، لم أعطيتني هذه العصا؟ قال: آية ما بيني وبينك يوم القيامة؛ إن أقل الناس المتخصرون يومئذ؛ فقرنها عبد الله بسيفه، فلم تزل معه حتى إذا مات أمر بها فضمت معه في كفنه، ثم دفنا جميعًا.
ثم رجع الحديث إلى حديث عبد الله بن أبي بكر. قال: وغزوة زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة إلى مؤتة من أرض الشام، وغزوة كعب بن عمير الغفاري بذات أطلاح من أرض الشأم، فأصيب بها هو وأصحابه، وغزوة عيينة بن حصن بني العنبر من بني تميم؛ وكان من حديثهم أن رسول الله ص بعثه إليهم؛ فأغار عليهم؛ فأصاب منهم ناسًا، وسبى منهم سبيًا.
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، أن عائشة قالت لرسول الله ص: يا رسول الله؛ إن علي رقبة من بني إسماعيل، قال: هذا سبى بني العنبر يقدم الآن فنعطيك إنسانًا فتعتقينه. قال ابن إسحاق: فلما قدم سبيهم على رسول الله ص ركب فيهم وفد من بني تميم، حتى قدموا على رسول الله ص؛ منهم ربيعة بن رفيع، وسبرة بن عمرو، والقعقاع بن معبد، ووردان بن محرز، وقيس بن عاصم، ومالك بن عمرو، والأقرع بن حابس، وحنظلة بن درام، وفراس بن حابس. وكان ممن سبى من نسائهم يومئذ أسماء بنت مالك، وكأس بنت أرى، ونجوة بنت نهد وجميعة بنت قيس، وعمرة بنت مطر.
ثم رجع إلى حديث عبد الله بن أبي بكر. قال: وغزوة غالب بن عبد الله الكلبي - كلب ليث - أرض بني مرة؛ فأصاب بها مرداس بن نهيك؛ حليفًا لهم من الحرقة من جهينة، قتله أسامة بن زيد ورجل من الأنصار، وهو الذي قال فيه النبي لأسامة: من لك بلا إله إلا الله! وغزوة عمرو بن العاص ذات السلاسل، وغزوة ابن أبي حدرد وأصحابه إلى بطن إضم، وغزوة ابن أبي حدرد الأسلمى إلى الغابة، وغزوة عبد الرحمن ابن عوف.
وبعث سرية إلى سيف البحر، وعليهم أبو عبيدة بن الجراح؛ وهي غزوة الخبط.
حدثني الحارث بن محمد، قال: حدثنا ابن سعد، قال: قال محمد ابن عمر: كانت سرايا رسول الله ص ثمانيًا وأربعين سرية.
قال الواقدي: في هذه السنة قدم جرير بن عبد الله البجلي على رسول الله ص مسلمًا في رمضان، فبعثه رسول الله إلى ذي الخلصة فهدمها.
قال: وفيها قدم وبر بن يحنس على الأنباء باليمن، يدعوهم إلى الإسلام فنزل على بنات النعمان بن بزرج فأسلمن، وبعث إلى فيروز الديلمي فأسلم، وإلى مركبود وعطاء ابنه، ووهب بن منبه، وكان أول من جمع القرآن بصنعاء ابنه عطاء بن مركبود ووهب بن منبه.
قال: وفيها أسلم باذان، وبعث إلى النبي ص بإسلامه.