عند بركة مياه صغيرة على الخط الأزرق ترتاح أبقار إسرائيلية وترتوي من المياه اللبنانية، متزامنة في الحضور يوميا مع أغنام لبنانية على أطراف البركة الحدودية ومتسببة باتهامات رسمية متبادلة لخرق الخط والقرار الدولي.
والمفارقة أن قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة "يونيفيل" التي من شأنها مراقبة الخروقات قد اسندت مهام تلك المنطقة إلى الكتيبة الهندية، وللهند احترام للابقار يقترب من القدسية، ومن الصعب أن يقدم عنصر "يونيفيل" هندي على كتابة محضر بحق بقرة.
فكان الحل إقامة سياج حديدي حول بركة بعثائيل الواقعة في منطقة جردية شرق كفرشوبا لمنع الابقار الإسرائيلية من مقاسمة مياه البركة التي تتجمع من مياه الأمطار ولا تجف في الصيف مع الماشية في كفرشوبا.
وتقع كفرشوبا قرب مزارع شبعا التي تعتبر إحدى نقاط الاشتعال في المنطقة، إذ أن لبنان يطالب بها، ولكن إسرائيل لاتزال تحتلها وتقول بأنها أرض سورية احتلتها عام 1967.
وقال الراعي محمد الذي طلب حجب بقية اسمه وهو يقود نحو 400 رأس من الماعز باتجاه البركة: "كنا دائما نشتكي للجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية من أن الابقار الإسرائيلية تجتاز الشريط الشائك المهشم أصلا باتجاه أرضنا اللبنانية، فأبلغونا أن إسرائيل ترد بأن على لبنان إذا كان متضايقا من هذا الأمر أن يقيم سياجا حدوديا حول المنطقة، وهو ما يفقدنا مئات، بل آلاف الأمتار من أرضنا".
وأضاف لـ"رويترز" وهو ينادي بعض رؤوس الماعز التي ابتعدت عن المكان الموجود فيه، في إشارة إلى وجود الكتيبة الهندية "لو كان الاسبان هنا أو أي كتيبة دولية ثانية لطردوا الابقار وانتهى الأمر، ولكن الابقار مقدسة لدى الهنود ولا يمكن المساس بها".
وقال راعٍ آخر في قرية كفرشوبا السنية "إذا أردنا الذهاب إلى البركة يأتي البقر من الداخل الاسرائيلي ولا احد يواجهه، ولكن اذا دخلت عنزة من عندنا الى داخل الخط الازرق يقلبون الدنيا علينا".
وقالت الحاجة زينب نور الدين من قرية مركبا:"لا عجب أن الابقار الاسرائيلية تخرق الخط الأزرق، فطائراتهم تجوب يوميا الأجواء اللبنانية في خرق فاضح للقرار الأممي 1701"، الذي أنهى 34 يوما من الحرب بين حزب الله و إسرائيل في يوليو 2006. هذا المشهد يطبع يوميات المنطقة الحدودية بعد مرور عقد من الزمن على انسحاب إسرائيل من الجنوب تحت وقع ضربات مقاومة قادها مقاتلو حزب الله وخفض وتيرة التوتر واستبدال نزاع النار بحروب صغيرة تتسبب فيها الماشية.
ولا ينسحب هذا المشهد على واقع السكان في القرى المتاخمة للحدود حيث يعيشون تحت حماية اليونيفيل نظريا وحزب الله عمليا، الذي لا يمكن رؤية عناصره بالعين المجردة لكن تمكن ملاحظة نفوذه القوي في كل قرية ودسكره من غربي البحر حتى جنوب النهر.
ويقول رباح فروخ الذي كان يشرف على بناء منزل جديد له بمحاذاة الحدود: "نحن لا نخاف التهديدات الاسرائيلية، هذه أرضنا ومتمسكون بها ومازال لدينا بعض الاراضي المتقدمة باتجاه الحدود ونحن نزرعها باستمرار ولا نشعر بالخوف".
وردت ابنته ميرا وهي في نحو العاشرة من العمر قائلة: "مم يجب أن نخاف؟ نحن نريد أن ندخل الخوف إلى قلوب الإسرائيليين".
وأضافت زوجته حنان: "نحن حرمنا من هذه الارض كثيرا ونفينا من هنا ولم نكن نستطيع أان نأتي ولو حتى زيارة. منذ التحرير وحتى الآن تغيرت حياتنا وأصبحنا أحرارا ومنذ التحرير أنا وزوجي وأهلي هنا ولن نترك هذه الارض حتى ولو متنا
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)