ابتسامة رغم ضآلتها كانت كافية ًلتذهب بضوء القمر الذي اختفى خلف غيمه صغيرة كأني به ..تعمد الاختفاء معترفاً بحسنها وبهائها"كما في حضرة الشمس تختفي حتى الأقمار والنجوم"
تابعت حبات المطر غسل وجنتينا المحمرتين خجلاً ..حياء..فرحاً..لا أدري..؟
عدت وبجرأة كبيرة لأسألها: ما الذي جاء بك إلى هنا..
أهو القدر شاء لنا هذا اللقاء..؟ لعله إله الحب أختار لنا أن تلتقي خطانا على درب الهوى ..؟
نظرت إلى ساعتها الفضية كأنها تومي أليّ أن الوقت قد داركنا عليها الرحيل
اعتزمت النهوض وهي تخلع شالها الوردي لتربطه بإحدى أشواك العوسج الحزين ومشت باتزان رهيب دون
أن تلفت رأسها للخلف وهي تختفي وسط الظلام ومنن السماء تزداد سخاءً وكرمّ ?
وأنا أرقبها بعيون قد تعلقت بخطاها وقلب يغلي إلى حدّ أبعد فيه كل إحساس بالبرد عني ولو أن قوى الأرض أجمعها قد صبت في أقدامي ساعتها لما حركت إحداها
وما إن عدت إلى وعيّ ودبت الحركة بأوصالي حتى هممت بفك عقدة المنديل لأضمه إلى جسدي.
لم أشأ خنق المنديل في جيبي بل آثرت ضمّه إلى جسمي علـّه يداعب مسام جلدي أو يلتحم مع صدري
كأني أمني النفس بضم تلك الأميرة إلى صدري يوماً ما...
عدّت إلى منزلي منتشياً تتدافع أقدامي فرحاً على الدرجات الصاعدة لغرفتي المتربعة على شرفة بيت دمشقي عتيق,وأنا أحس بروحي مزهوة ًإلى حدّ الثمالة.
رغم البرد الشديد"البرد الذي لم أشعر به"تمددت على السرير بثيابي المبللة حتى لا أخسر أنفاسها التي تعلقت بخيوط معطفي وأزرار قميصي..
تلحفت الشال ذاهباً في نوم عميق لم أنم ولا أظن أني سأنام أعمق منه إلا إذا كان رأسها غاف على صدري.
سرعان ما صاح ديك الصباح معلناً ميلاد فجر يوم جديد لتنطلق فيروز جامعة ً خيوط الصبح الأولى قيثارة تعزف عليها أروع الألحان .
صنعت فنجان قهوة ,كان ألذ فنجان شربته في حياتي"صار لكل شيء طعم ولون جديدين"
فرغم أن القهوة كانت عذراء كالعادة إلا أني أحسستها ألذ وأشهى من شهد النحل
غيرت ثيابي وأنا أغني و اصطحبت المنديل معي في كل مكان أذهب إليه ,أخذ الشرود بي كل مأخذ ذاهباً بكل أفكاري إلى حدّ زهدت فيه بكل شيء الطعام والشراب وحتى السجائر