منذ مدة... وسؤال يلح علي كمتسول لحوح... يطلب الإجابة من داخلي وأنا أصرفه بحججٍ شتى لأنني لم أكن أعرف الإجابة الدقيقة.
أيهما الأقوى تأثيراً... الصورة أم الكلمة؟؟؟
هو ليس لغز محير كالأهرامات ... ومع هذا يقف كالهرم, بيني وبين الإجابة الشافية.
اتجهت أولاً إلى الكلمة,ففي البدء كانت الكلمة,وتملكتني فكرة رجحانها,
فللكلمة تأثير لا حدود له,من أحرفها يتشكل قبس يخترق العظام, ومن أحرفها تتفجر قنبلة موقوتة, للكلمة جناحان يحولان متلقيها إلى نورس يحلق في فضاء الأحلام , ترفعه إلى السماء السابعة, أو تشكل نزيفاً داخلياً يتمشى في أروقة الأحاسيس , فنشعر بعدها أننا هوينا إلى الدرك الأسفل.
هي منتج نحن نصنعه, قد يكون بلسماً وقد يكون كالسم,قد ينقل بلحظة خط الاستواء من خارطة الكون إلى قلوبنا,وقد ينفينا إلى جليد القطبين.
الكلمة تتبنى أحياناً دور الصورة, فتدلنا على قائلها,فالعم سقراط
قال: ( تكلم حتى أراك).
فكل ما تتفوه به يدل عليك ويزيد الآخرين معرفةً ودراية بك.
إلى هنا, كدت أقتنع أن للكلمة التأثير الأقوى,,, وكدت أبصم لها, لكني تذكرت كيف تضع الكلمة المساحيق اللغوية ,وتتلون وتتزين بألف شكل وثوب وتلتف بالأكاذيب والأباطيل والخدع,لتوهمنا بحال,وتخفي حالاً آخر.
فتراجعت شعبية الكلمة عندي, واتجهت لانتخاب الصورة.
أليست الصورة هي أول وسيلة تعليم للطفل؟! ألسنا نشير باصبعنا إلى الصورة ثم نعلمه المسميات؟؟؟؟ إذن الصورة تليها الكلمة.
كل الأحداث الهامة,التي تمر أخبارها على مسامعنا, لن تخلق التأثير الكبير علينا,إن لم تمر صورها على شبكية أعيننا, هل كان وقع حرب العراق أو غزة أو لبنان علينا بنفس الأثر لو لم نرَ شيئاً من صور الخراب والدمار والقتل والدم؟!
قال أحدهم: (اجعلني أنظر إلى وجهك مرة, ولا ترسل لي ألف رسالة بالبريد الالكتروني). في نظرة , ألف رسالة لا تعادل صورة واحدة إذن فقد صدق..
الصينيون القدماء حين اعتقدوا أن " صورة واحدة تعادل عشرة آلاف كلمة"
لكنهم تابعوا فقالوا: (لكن عشرة آلاف صورة لا تغني عن كلمة أحبك).
وعدتُ لحيرتي,الصورة أم الكلمة؟؟!!
وعادت خواطري تتخبط,الكلمة يمكن أن تحافظ على شكلها ومضمونها, حتى لو مرت عليها عقود... لكن الزمن لايدع الصورة على حالها,وقد تكفي بضع سنين لتغيير خارطة الصورة , وقلبها إلى شكل جديد, قد يكون بعيداً كل البعد عن حالها السابق , هنا, هل سيبقى تأثير الصورة الأول؟ أم يتلاشى مع صدمة الحال الجديد؟؟؟
هل أتجه إلى أن الصورة والكلمة, بطلان وكل منهما له ميدان يصول ويجول فيه؟
وكل له أتباع يؤيدونه ويناصرونه.. ولهذا قيل: يغرق الرجل في الحب بعينيه, والمرأة بأذنيها.
في الحقيقة لم أستطع أن أحدد أيهما الأقوى تأثيراً, وكلما ظننت أني اتخذت قراراً,أحس أن هذا القرار مبني فوق الرمال في يوم عاصف. لذا سأتجه إلى ما ينتقيه احساسي, لقد لخص المسألة ذات مرة الكاتب الفرنسي ( انطوان دي سانت اكسويري) في آخر جملة ختم بها كتابه الرائع (أرض البشر) حين قال:
(وحدها الروح لو هبَّت على الصلصال لأحالته بشراً سوياً).
الروح هي صاحبة التأثير الأكبر سواء تمثلت في الصورة أم في الكلمة, ووحدها الروح التي تشعر بزيف الكلمة أو زيف الصورة.
أحبائي هلاّ أفدتوني بآرائكم حول هذا الموضوع ؟؟ دعونا نتبادل الآراء ووجهات النظر, فإنني أعشق قولاً لبرناردشو سأختم به حديثي :
( لو كان لديك تفاحة ولدي تفاحة مثلها وتبادلناهما فيما بيننا سيبقى لدى كل منا تفاحة واحدة, لكن لو كان لديك فكرة ولدي فكرة وتبادلنا هذه الأفكار, فعندها كل منا سيكون لديه فكرتين).
::شموخي يميزني::أَنَا مَنْ حَرّكت أُسْطُولَ الحَرْوفِ لـِ اِجْتِيَاحِ السُطُورِ...
أَنَا مَنْ اِغْتَلْتُ المَحَابِرَ وخَلَقْتُ مِنْ دِمَائِيْ مِحْبَرَةً لـِلبَوحِ وَالإِبدَاعِ...
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)