أشياء ثلاثة تشغل تفكيري و تقلقني كثيرا في الوقت الراهن
دراستي و امتحاناتي ، رغد الصغيرة ، و الأوضاع السياسية المتدهورة في بلدتنا و التي تنذر بحرب موشكة !
إنه يوم الأربعاء ، لم أذهب للمدرسة لأن والدتي كانت متوعكة قليلا في الصباح و آثرت البقاء إلى جانبها .
إنها بحالة جيدة الآن فلا تقلقوا
كنت أجلس على الكرسي الخشبي خلف مكتبي الصغير ، و مجموعة من كتبي و دفاتري مفتوحة و مبعثرة فوق المكتب .
لقد قضيت ساعات طويلة و أنا أدرس هذا اليوم ، إلا أن الأمور الثلاثة لم تبرح رأسي
الدراسة ، أمر بيدي و أستطيع السيطرة عليه ، فها أنا أدرس بجد
أوضاع البلد السياسية هي أمر ليس بيدي و لا يمكنني أنا فعل أي شيء حياله !
أما رغد الصغيرة ...
فهي بين يدي ... و لا أملك السيطرة على أموري معها !
و آه من رغد !
يبدو أن التفكير العميق في ( بعض الأشياء ) يجعلها تقفز من رأسك و تظهر أمام عينيك !
هذا ما حصل عندما طرق الباب ثم فتح بسرعة قبل أن أعطى الفرصة المفروضة للرد على الطارق و السماح له بالدخول من عدمه !
" وليـــد وليـــــــــد و ليـــــــــــــــــــــــــد ! "
قفزت رغد فجأة كالطائر من مدخل الغرفة إلى أمام مكتبي مباشرة و هي تناديني و تتحدث بسرعة فيما تمد بيدها التي تحمل أحد كتبها الدراسية نحوي !
" وليد علّمتنا المعلمة كيف نصنع صندوق الأماني هيا ساعدني لأصنع واحدا كبيرا يكفي لكل أمنياتي بسرعة ! "
إنني لم أستوعب شيئا فقد كانت هذه الفتاة في رأسي قبل ثوان و كانت تلعب مع سامر على ما أذكر !
نظرت إليها و ابتسمت و أنا في عجب من أمرها !
" رويدك صغيرتي ! مهلا مهلا ! متى عدت ِ من المدرسة ؟ "
أجابتني على عجل و هي تمد يدها و تمسك بيدي تريد مني النهوض :
" عدت الآن ، أنظر وليد الطريقة في هذه الصفحة هيا اصنع لي صندوقا كبيرا ! "
تناولت الكتاب من يدها و ألقيت نظرة !
إنه درس يعلم الأطفال كيفية صنع مجسم أسطواني الشكل من الورق !
و صغيرتي هذه جاءتني مندفعة كالصاروخ تريد مني صنع واحد !
تأملتها و ابتسمت ! و بما إنني أعرفها جيدا فأنا متأكد من أنها سوف لن تهدأ حتى أنفذ أوامرها !
قلت :
" حسنا سيدتي الصغيرة ! سأبحث بين أشيائي عن ورق قوي يصلح لهذا ! "
بعد نصف ساعة ، كان أمامنا أسطوانة جميلة مزينة بالطوابع الملصقة ، ذات فتحة علوية تسمح للنقود المعدنية ، و النقود الورقية ، و الأماني الورقية كذلك بالدخول !
رغد طارت فرحا بهذا الإنجاز العظيم ! و أخذت العلبة الأسطوانية و جرت مسرعة نحو الباب !
" إلى أين ؟؟ "
سألتها ، فأجابتني دون أن تتوقف أو تلتفت إلي :
" سأريها سامر ! "
و انصرفت ...
اللحظات السعيدة التي قضيتها قبل قليل مع الطفلة و نحن نصنع العلبة ، و نلصق الطوابع ، و نضحك بمرح قد انتهت ...
أي نوع من الجنون هذا الذي يجعلني أعتقد و أتصرف على أساس أن هذه الطفلة هي شيء يخصني ؟؟
كم أنا سخيف !
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)