Share |



شكلت جناية سرقة المساكن والمتاجر نحو ثلثي عدد الجنايات الإجمالية المرتكبة في سورية في السنوات الأخيرة، مع عدم توافر دراسات تحليلية حول أسباب الارتفاع هذه وحول الدوافع المختلفة التي أدت إلى ارتكاب هذه الجنايات.
وعلى الرغم من اعتقاد البعض بأن الفقر والحاجة يشكلان سببين أساسيين للسرقة إلا أن اعترافات نسبة كبيرة من السارقين المقبوض عليهم أشارت إلى أنهم صرفوا ما سرقوه على ملذاتهم الشخصية وخصوصاً في النوادي الليلية ومع بائعات الهوى، كما تبين أن نسبة لا بأس بها من السارقين ارتكبوا جرائم أخرى كالسلب وغيره.
وتبين الإحصاءات الأمنية أن دمشق تصدرت المحافظات السورية من حيث ارتفاع عدد جنايات سرقة المساكن والمتاجر عام 2009 إذ وقع فيها 1416 جناية في هذا العام وتأتي بعدها ريف دمشق بالترتيب في العام عينه إذ وقع فيها 1405 جنايات بعدما كانت تتصدر المحافظات السورية من حيث ارتفاع عدد هذا النوع من الجنايات في عام 2008.
وتشير الإحصاءات الأمنية إلى أن جنايات سرقة المساكن والمتاجر في المحافظات السورية انخفضت في عام 2009 عن مثيلتها في عام 2008 بمقدار 187 جناية وبنسبة 3.4%، إذ وقع من هذه الجنايات في الأراضي السورية 5523 جناية عام 2008 وانخفض العدد إلى 5336 في عام 2009.
فقد انخفض عدد جنايات سرقة المساكن والمتاجر في حمص من 66 جناية عام 2008 إلى 55 جناية عام 2009 أي إنه نقص بمقدار 11 جناية وبنسبة 16.6%، وفي إدلب انخفض عدد هذه الجنايات من 449 في عام 2008 إلى 313 في عام 2009 أي أنه نقص 136 جناية وبنسبة مقدارها 30.2%.
أما الرقة فقد انخفض عدد الجنايات المذكورة فيها من 137 في عام 2008 إلى 77 جناية في عام 2009 أي أنه نقص 60 جناية، وفي طرطوس انخفض عدد هذه الجنايات من 122 في عام 2008 إلى 108 جنايات عام 2009 أي أنه نقص 14 جناية وبنسبة 11.4%، كما انخفض عدد جنايات سرقة المساكن والمتاجر في الفترة عينها في حماة من 139 إلى 130 وبنسبة 6.4%، أما حلب التي تأتي بالمرتبة الثالثة بعد دمشق وريفها من حيث ارتفاع عدد هذه الجنايات الذي انخفض فيها من إلى1250 عام 2008 إلى 1138 عام 2009 أي بفارق 112 جناية وبنسبة 9.08%، وفي الحسكة انخفض عدد الجنايات المذكورة من 137 عام 2008 إلى 119 في عام 2009 أي بنقصان مقداره 18 جناية وبنسبة 13.1%، أما محافظة درعا فقد انخفض عدد جنايات السرقة فيها من 290 جناية عام 2008 إلى 239 عام 2009 أي بنقص مقداره 51 جناية وبنسبة 17.5%.
إلا أن الإحصاءات أشارت في الوقت عينه إلى ارتفاع عدد جنايات سرقة المساكن والمتاجر في محافظات أُخَر، ففي دمشق ارتفع عدد هذه الجنايات من 1263 عام 2008 إلى 1416 عام 2009 أي بزيادة مقدارها 153 جناية وبنسبة 12.1%، وفي ريف دمشق ارتفع عدد جنايات سرقة المساكن والمتاجر من 1401 عام 2008 إلى 1405 في عام 2009 أي أنه ازداد أربع جنايات وبنسبة مقدارها 0.2%، أما اللاذقية فقد ارتفع عدد هذه الجنايات من 14 جناية في عام 2008 إلى 28 جناية في عام 2009 أي بزيادة مقدارها 14 جناية وبنسبة 100%، وفي دير الزور ارتفع العدد من 134 عام 2008 إلى 169 عام 2009 أي بزيادة مقدارها 35 جناية وبنسبة 26.1%، وفي السويداء ارتفع عدد هذه الجنايات من 100 جناية عام 2008 إلى 110 عام 2009 بزيادة مقدارها 10 جنايات وبنسبة 10%، أما القنيطرة فقد ارتفع عدد جنايات السرقة المذكورة من 21 جناية عام 2008 إلى 29 في عام 2009 أي أنه ازداد سبع جنايات وبنسبة 38%.

وتوضح الإحصاءات الأمنية أن 9.9% مما وقع من جنايات سرقة المساكن والمتاجر في سورية عام 2008 لم يتم فيها القبض على الفاعلين إذ بقي نحو 549 من هذه الجنايات قيد البحث، أما الجنايات التي وقعت عام 2009 فظل منها ما نسبته 10.3% قيد البحث ولم يقبض على المتهمين بارتكابها.

وشكلت جناية سرقة المساكن والمتاجر في عام 2009 في سورية 69.8% من إجمالي الجنايات المرتكبة، ففي دمشق بلغت نسبة جنايات سرقة المساكن والمتاجر 84.6% من إجمالي الجنايات المرتكبة في العام المذكور أما النسبة ذاتها في المحافظات الأخرى فهي 83.6% في ريف دمشق و27.9% في حمص و70.2% في حماة 63.6% في حلب و56.7% في إدلب و65.1% في اللاذقية و56.9% في دير الزور و22.7% في الرقة و46.1% في الحسكة و83.9% في السويداء و73.9% في درعا و78.8% في طرطوس و82.8 في القنيطرة.

وتُعرّف المحامية ريم دولة السرقة على أنها الاعتداء على ملكية منقول وحيازته بنيّة تملكه، تبيّن أن المادة 621 من قانون العقوبات السوري تتضمن الإشارة إلى ركنها المادي بأنه «الأخذ دون رضاء» ولكنه «القانون» أغفل الإشارة إلى ركنها المعنوي وهو القصد المتضمن من بين عناصر «نية التملك». وتقول دولة: «من ذلك نرى أن الشارع اشترط لجريمة السرقة أن يكون موضوعها صالحاً محلاً للملكية.. ولا يصلح محلاً للملكية إلا شيء له صفة المال وفقاً للقانون، والمال كما عرفه فقهاء القانون بجريمة السرقة بأنه كل شيء يصلح محلاً لحق عيني وعلى وجه التحديد حق الملكية».

وتتابع دولة بالقول: لا بد من الإشارة إلى أن الحيازة «أو نية التملك» تقوم على عنصرين عنصر مادي وهو السيطرة على الشيء وآخر معنوي هو إرادة السيطرة على الشيء وتفترض هذه الإرادة العلم بالشيء وبدخوله في نطاق السيطرة عليه، والإرادة بطبيعتها تكون واعية.

إذاً ومن هذا التمهيد نجد أن للسرقة أركاناً تستخلص مباشرة من فكرتها ذاتها موضوعاً ينصب عليه الفعل الجرمي، ثم ركناً مادياً قوامه «الأخذ دون رضاء» والركن المعنوي يتخذ صورة القصد، ويضم من بين عناصره «نية التملك» ووفقاً للمادة 192 من قانون العقوبات فإن الدافع لا يكون عنصراً من عناصر التجريم ونتيجة لذلك فإن الدافع الشريف لا ينفي قصد السرقة والأصل أن يكون الدافع للسرقة هو الإثراء وإذا انتفى هذا الدافع وحل الانتقام محله فقصد السرقة لا ينتفي بذلك.

ولفتت دولة إلى أن المشرع تشدد في بعض السرقات «المادة 628 والمادة 629» من قانون العقوبات التي يتوافر لكل منها ابتداء الأركان العامة للسرقة ثم يضاف إليها العناصر التي ينبني عليها تشديد العقاب، فبعض هذه السرقات ذو طبيعة شخصية مثل كون السارق خادماً مأجوراً أو مستخدماً أو عاملاً أو صانعاً أو عسكرياً وبعضها ذو طبية موضوعية عينية مثل مرافقة العنف للسرقة أو اقترافها ليلاً أو تعدد مرتكبيها أو حمل السارق سلاحاً ظاهراً أو مخبأ والبعض يرجع إلى مكان السرقة كوقوعها في مكان سكن الناس أو في معبد أو على الطريق العام.

وهنا يجب التمييز بين جنح السرقة المشددة وجناياتها فبعض السرقات المشددة تضل جنحاً على الرغم من تغليظ عقابها وبعضها يتحول إلى جنايات والشرط لاعتبار السرقة مخففة هو انتفاء الظروف المشددة. وعلة التخفيف واحدة في هذه السرقات المخففة كافة فهي من ناحية ضآلة الضرر الاجتماعي لها بالنظر إلى أنها على أشياء قليلة القيمة ومن بينها ما جرى عرف الناس على التسامح وعدم الاكتراث على ما يصيبهم من حرمان في شأنه ومن ناحية ثانية فالسارق أقل خطورة على المجتمع.