الفصل السادس عشر في حاجات المتمولين من أهل الأمصار إلى الجاه و المدافعة
وذلك أن الحضري إذا عظم تموله و كثر للعقار و الضياع تأثله و أصبح أغنى أهل المصر و رمقته العيون بذلك و انفسحت أحواله في الترف و العوائد زاحم عليها الأمراء و الملوك و غصوا به. و لما في طباع البشر من العدوان تمتد أعينهم إلى تملك ما بيده و ينافسونه فيه و يتحيلون على ذلك بكل ممكن حتى يحصلوه في ربقة حكمه سلطاني و سبب من المؤاخذة ظاهر ينتزع به ماله و أكثر الأحكام السلطانية جائزة في الغالب إذ العدل المحض إنما هو في الخلافة الشرعية و هي قليلة اللبث قال صلى الله عليه وسلم الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم. تعود ملكاً عضوضاً. فلا بد حينئذ لصاحب المال و الثروة الشهيرة في العمران من حامية تذود عنه و جاه ينسحب عليه من ذي قرابة للملك أو خالصة له أو عصبية يتحاماها السلطان فيستظل هو بظلها و يرتع في أمنها من طوارق التعدي. و أن لم يكن له ذلك أصبح نهباً بوجوه التخيلات و أسباب الحكام. و الله يحكم لا معقب لحكمه.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)