بكم قد حلت البركه علينا وزال الشر عنا مع نكال فمهما تطلبوا مني تشوفوا خيولا مع بغال وجمال ولكن مهر عمي غير ممكن اسلمه فان المهر غالي
( قال الراوي ) فلما سمع جساس شعرها ونظامها أجابها يقول على كلامها بهذين البيتين :
تعالوا اسمعوا قول اليمامه تقول المهر لا أعطيه غالي فأني قاصد أخذه سريعا ولا أخشى العداة ولا أبالي
( قال الراوي ) فلما فرغ جساس من شعره نزل عن ظهر الفرس ودخل إلى الاصطبل فوجد المهر فوضع عليه العدة وركبه وقال لليمامه قد أخذت الحصان وغدا أطاردكم على ظهره سار وهو فرحان حتى وصل إلى الاوطان فقال لاخيه قد اتيت بالحصان ومرادي اجربه في الميدان فانتخبوا ثلاثين راسا من الخيل الصوافن فأركبوها واكمنوا في عشر مكامن وأنا أمر عليكم أسرع من الريح فاتبعوني في البر الفسيح فان سبق هذا الجواد بلغنا به المراد في الحرب والطراد فأجابوه إلى ماطلب وأراد وركبوا الخيول الجياد وركب سلطان أخو جساس القميرة ووقف في آخر كمين وركب جساس ذلك الحصان واطلق له العنان فسار في تلك القفار اسرع من الطير اذا طار ولما اقترب من الخيل تبعته فسبقها جميعا ماعدا القميرة ففرح جساس ثم نزل عن ظهره وامر العبيد ان يربطوه بقرب صيوانه ووكل به مئة عبد وقال لقد اقبل علينا السعد فسوف نقتل ذلك الوغد . ( قال الراوي ) هذا ماكان من جساس واما الزير فانه عند رجوعه من الصيد استفقد ذلك الحصان فلم يجده مع الخيل فصعد إلى القصر وسأل اليمامه واشار يقول :
يقول الزير أبو ليلى المهلهل بدمع قد جرى مني بداد يمامه رحت انا لصيد قانص وقومي واخوتي ثم الجياد لنا عشرون يوما في فلاوة ودرنا من بلاد إلى بلاد وصدنا طيورا ووحوشا كثيرة ودرينى رجعنا للبلاد وجيت لمهر أخي فما لقيت شرد عقلي وعني عاد غاد فأين المهر قوطر يايمامه عدم صبري وفارقني رشادي امات المهر أم أحد أخذه من الاوباش والناس الاعادي
فلما سمعت اليمامه شعر عمها اجابته تقول:
تقول اليمامه ياعم اسمع الا ياعم جاؤوا الاعادي ابي جساس أخذه غصب عني انا حرمة ومالي منه جلادي فقلت تأخذه يا خال تندم يجوكم غدا على خيل جيادي وقال غدا الاقيكم بعزمي وقد زادت همومي بزدياد له ياعم ثلاث ايام غائب وقد زاد حزني بزدياد فقم ياعم شد الخيل وركب بعسكر كأنهم رف الجراد وميل على بني مرة بسيفك واحصد جمعهم مثل الحصاد ياعمي عدية اليوم يومك ياعزي وفخري واعتمادي وهاتوا راس جساس سريعا اجبر خاطري واشفي فؤادي
فلما فرغت من شعرها ونظامها اجابها الزير يقول :
يقول الزير قهار الاعادي انا السبع الجسور في كل وادي غدا لابد اجد في لقاهم واحصد جمعهم يوم الجهاد وأخذ ثارنا من آل بكر واطفي النار من طي الفؤادي وأخذ مهرنا المدعو بعندم ويظهر ذكرنا بين العبادي فمن يذهب يقول لاولاد مرة اتاكم اليوم ذباح الاعادي اتاكم المهلهل مع آل تغلب اسود الحرب في يوم الطراد الا يا آل مرة سوف اشفي بقتل ساداتكم فؤادي ولايخفاكم يا آل مرة بقتل كليب صرتم لي أعادي
فلما فرغ الزير من شعره دخل وجلس في الديوان وجمع اخواته والامراء والاعيان واخبرهم بواقعة الحال وقال لهم مارايكم في اسجلاب الحصان فقالوا له الراي رايك ونحن طوع يديك قال متى كان الصباح تركبوا في ثلاثة الاف فارس وتكمنوا في وادي الهجين وانا اكمن في وادي المطلا وكان هذا المكان يبعد عن بني مرة مسافة ميل ثم قال لاخيه عديه وانت قم الان وغير ثيابك وزيك والبس ثياب ممزقه حتى لاأحد يعود يعرفك واذهب لحي بني مرة وتجلس بقرب صيوان جساس فاذا سألوك عن بلادك ومهنتك فقل لهم من بلاد الصعيد ومهنتي هي سياسة الخيل وانا قد بلغني ان جساس من محبته في الحصان كل يوم يسلمه إلى سايس فاذا قال لك هل تريد ان تخدم عندي وتسوس هذا المهرفقل نعم حتى اذا تمكنت منه تركب ظهره وتلحقنا إلى ذلك المكان فمتى صرت هناك لاتخف ولا تحسب لهم حساب ولو كانوابعدد التراب فاني سأبيد جمعهم بعون رب العالمين واخذ ثارنا من جساس اللعينفاستصوب رايه ولبس ثياب ممزقه وتعمع بعمامه والتحف بحرام عتيق وغير زيه وتنكر وسار يقطع البر الاقفر إلى ان حي بني مرةفقصد صيوان جساس وكان قد اقبل الليل فرقد بين اطناب الحيام ولما كان الصباح جلس الامير جساس واجتمعت حوله اكابر الناس ثم وضعوا موائد الطعام واخلوا يتذكرون بالكلام فبينما هم كذلك اذ حانت من جساس التغاته فراى عديه وهوعلى تلك الصفات فشفق عليه وقال لبعض غلمانه اطعم هذا الفقير واساله عن حاجته فأحذ له الغلام طبق الطعام وساله عن بلاده فقال انني من بلاد الصعيد ومهنتي سياسه خيل الاماجيد فقد جار على الزمان فأتيت منالاوطان قاصدا اهل الفضل والاحسان إلى ان وصلت الىهذا المكان فطيب الغلام خاطره واعلم مولاه بحاله فقال جساس اذا كان منبلاد الصعيد فهو ادراء بسياسه الخيل من العبيد فدعوة يسوس لنا عندم المهر الجديد وانا اعطيه كل ما يريد ونا وجدته من الماهرين سلمته جميع خيلي وجعلته رئيس اصطبلي فلما قال له الغلام هذا الكلام دعا لجساس بطول العمر ثم ان تحزم وتقدم إلى المهر ففك قيود رجليه وقبله بين عينيه وقال هذا يومك يا جوادي فقد بلغت الات مرادي وكان المهر لماراى صاحبه عرفه فمال اليه وألفه فتعجب جساس وباقي الناس لان الجواد كان لايالف احد من العبيد الموكلين عليه من قاربه ضربه بيده ورجله فقال جساس وحق رب الانام ان هذا السيائس يستحق الاكرام والانعام وكان عديه لما تمكن من المهر ركب على ظهره ثم لكزه برجليه وصاح فسار مثل هبوب الرياح وجد في قطع البطاح كأنه طير بلا جناح فلما راى جساس تلك الحال تغيرت