فلما فرغ جساس من شعره ونظامه وفهم الزير مطلوبه وعرف المقصود ووضع يده على قبضة سيفه حتى اذا قال جساس اقبضوا عليه ليفتك به ويعدمه الحياة ومن كثرة ما جرى على جساس من الغم والوسواس ترك من كان عنده من الناس ودخل على الحريم خوفا من امر يأتي فلما رآه الزير فعل ذلك قال لابد من قتله ان لم يكن اليوم يكون غدا ثم خرج من الصيوان مع الامير طراف وسارا قاصدين الاوطان حتى وصلا إلى وادي الشعاب ودخل إلى الخيمه التي فيها بنات كليب فسمعت ابنة كليب الكبيرة صوته فقالت له من انت وماهو اسمك فلما سمع صوتها عرفها فتقدم اليها فوجدها وشقايقها بثياب الحداد فتقطع قلبه وهطلت عيناه بالدمع وقال اتقبلوا الضيف يا بنات الاماجيد قالت مرحبا فنحن أول من ضاف ولكن قد جار علينا الزمان فأولنا بعد العز والجاه صرنا في حالة يرثى لها فا قصد يا شيخ محل الوليمه وهو المكان الذي تدق فيه الطبول فتحصل على بلوغ المأمول فقال بالله عليك يا صبيه أن تحكي واقعة حالكم فقد جرحت قلبي بهذا الكلام فقالت اليمامه لقد ذكرتنا بمصابنا وعلى ما جرى فجلس الزير وهو وطراف وجلست هي بجانبه ثم عرفها هي وشقايقها بنفسه وانه عمها صاحت بصوت عالي من ملو راسها هذا في الحلم أم في اليقظه ثم وقعت عليه شقايقها يقبلونه وقلن الحمد لله الذي ارانا وجهك بخير وعافيه فوالله قد زالت أتراحنا وتجددت أفراحنا وسمع أبو شهوان عبدالعزيز هذا الخبر فدخل عليه ووقع على قدميه لانهم كانوا يظنون بانه مات فكانت تلك الليله عندهم من أعظم ليالي الافراح والمسرات وبعد ذلك جلسوا يتحدثون فقالت اليمامه بالله يا عماه أن تعلمنا بقصتك وما جرى في سفرتك فقص عليهم ذلك الخبر وماسمع وابصر وختم كلامه بهذا القصيد :
يقول الزير أبو ليلى المهلهل عيوني دمعها جاري بكاها بكت دما على ماصار فينا ليالي السعد ماعدنا نراها عدمنا فارس الهيجا كليب عقاب الحرب ان دارت رحاها دهتني آل مرة جنح اليل لتقتلني وتشفي ما دهاها فكنت بخيمتي ملقى طريحا ثلاث آلاف درتني قناها وسحبوني لعند ضباع أختي والقوني طريحا في حداها وقالوا يا ضباع خذي أخوكي أخذنا روحه قوى عزاها فالقتني بصندوق مزفت وأرمتني بوسط البحر تاها واقتني مياه البحر حالا إلى بلد اليهود على رباها وجابوني لحكمون اليهودي أجل ملوك الارض جاها فداواني وعالجني سريعا فزالت كربتي مما دهاها بقيت انا ثمان سنين غائب وزال الشر عني مع عناها أسأل الله أن يحفظكم جميعا على ماطالت الدنيا مداها
( قال الراوي ) وكانت ليلة عند بنات كليب من أعظم الليالي وحضر تلك الليله جميع أصحاب الزير ففرحوا وانشرحوا بقدومه وهنوه بالسلامه فقال لهم من الاوفق أن تكتموا أمري لحينما أتجهز لقتال الاعادي وأحضر جوادي ثم أعلمهم بخبر الحصان وانه أبقاه في المركب عند القبطان لبينما يكون شاهد أهله وأقاربه ولما أنتصف الليل