فلما سمع الزير كلامه شكره وأثنى عليه وأخبره بما جرى وكان من فقد الحصان وان السبب في حضوره الان أولا لاجل سؤال خاطره الشريف وثانيا ليطلب منه المهر الثاني وختم كلامه بهذه الابيات :
قد أتيت اليوم في قلب حزين على فقد مهري الاخرج الثمين فان شئت أعطني أخوه يا معز الجار وفخر العلين لا أريد مال ولا كثرة نوال غير أبو حجلان مطلوق اليمين يا ملك حكمون ان مالي كثير كل مال البر في يدي خزين
فلما سمع حكمون هذا المقال تبسم وقال مهما طلبت منا لانعزه عليك وجميع أموالنا بين يديك فوالله اننا لاننسى جميلك ومعروفك على الزمان وان أبو حجلان بعد رواحك من الاوطان أظهر الوحشه ونفر من جميع الناس حتى لم يقدر عليه أحد من السياس ثم طلب منه أن يبقى عندهم عدة أيام ليستريح من متاعب الاسفار فاعتذر وقال لابد من الرجوع في هذا النهار فأعطاه حكمون الحصان وسار إلى المركب وعند وصولهم اليها نزل بالجواد إلى المدينه فركب وقصد أهله فاتفق في تلك الساعه أن رجلا من قبيلة جساس ابصر الزير فعرفه وسار إلى عند جساس وأخبره بقدومه وقال له انني خايف عليكم من سطوته شاهدته في هذا النهار وهو مثل الاسد الكرار ثم اشار يقول :
يقول الشيخ يا أولاد مرة تعالوا واسمعوا لي يا فوارس ايا جساس يا همام اسمع ايا ملك يا أهل المجالس فقد كنت قرب البحر سائر رأيت خرج على اليوم فارس على ادهم اقب الضلع فارح وفوقه درع من بولاد لابس وفي كتفه قنا اسمر مكعب بطل صنديد يوم الروع عابس فهذا فارس البيداء مهلهل مريع الخيل للابطال داعس
( قال الراوي ) فلما فرغ من شعره ونظامه أجابه سلطان بن مرة بهذه الابيات :
يقول اليوم سلطان ابن مرة كلام الشيخ صادق يا فوارس فان كان أبو ليلى سيظهر يخلي دمنا مثل البواطس ويسبي من قبائلنا عذارى ونترك أرضنا قفرا دوارس ولايقبل رجاه ولا عطاه ويطرحنا على الغبرا نواكس
( قال الراوي ) فلما انتهى سلطان من كلامه وقع الخوف في قلوب القوم وأخذوا يستعدون للقتال من ذلك اليوم وأما الزير فانه كان قد جد في المسير حتى وصل إلى دياره والتقى بأهله وأنصاره فلما رأوه فرحوا به واتت اليه اليمامه وشقايقها وكذلك أخوة الزير وكل من في الحي من نساء ورجال فوقعوا عليه وقبلوا يديه وانتشرت الاخبار بقدومه إلى الديار بين الكبار والصغار حتى ملأت الاقطار فأقبلت الابطال والفرسان وتواردت اليه السادات والاعيان وسلموا عليه وتمثلوا بين يديه وهنوه بالسلامه فشكرهم واثنى عليهم وترحب بهم فذبح الذبائح وأولم الولائم ووعدهم بالمكاسب والغنايم وبعد أن أكلوا الطعام وشربوا المدام أنشد عدي أخو الزير يقول :