بقتله على اهله واقرباه إلى ان غنم الفرصة عليه فهز الرمح وطعنه بين ثديه فخلى المهلهل منها فراحت خائبه بعد ماكانت صائبه فزاد الزير غضبا وتوقد قلبه والتهب وصمم على ان يسقيه كأس العطب فجذب سيف حكمون وقال اليوم اريك يمجنون كيف الضرب يكون لاني نصحتك فما انتصحت ولقد خسرت وماربحت ثم تقدم اليه وهجم عليه وضربه على مفرق راسه فسقه إلى تكه لباسه فوقع على الارض يتخبط بعضه ببعض فلما رآه المهلهل وهو قتيل يتململ ندم على مافعل فتحسر وهطلت الدموع من عينيه فلما قتل الامير شيبون احمرت من بني مرة العيون وزادت عليهم الحسرات وايقنوا بالهلاك والشتات ولكنهم اخفوا الكيد واظهروا الصبر والجلد وقاتلوا قتال الاسود وطلبوا الرايات والبنود فالتقاهم الزير بالعساكر وضرب فيهم بالسيف البواتر واحاط بهم احاطة الخواتم بالخناصر وقتل منهم مقتلة عظيمه واصاب غنائم جسيمه فلما راى جساس ضعف حاله وقتل فرسانه فولى يطلب الهرب خوفا من العطب وتبعه فرسان وقد ابصروا ان ذلك اليوم العجيب من قتال بني تغلب فرجع عنهم الزير وهو حزنان على فقد ابن اخته الامير شيبون فنزل في الصيوان مع الامراء والاعيان ولم يكن له داب الا البكاء والانتحاب ولما اتى وجلس وانشد هذه الابيات وهو من الحزن على آخر نفس :
الزير انشد شعرا من ضمايره العز بالسيف ليس العز بالمال شيبون ارسل نهار الحرب يطلبني يريد حربي وقتلي دون ابطال نصحته عن قتالي ولم يطاوعني بارزته فتجندل في الارض بالحال المال يبني بيوتا لاعماد لها والفقر يهدم بيوت العز الغالي دع المقادير تجري في أعنتها ولا تبيتن الا خالي البالي مابين لحظه عين انت راقبها يغير الله من حال إلى حال فكن مع الناس كالميزان معتدلا ولاتقولن ذا عمي وذا خالي عم الذي انت مغرور بنعمه خال الذي انت من اضراره خال لايقطع الراس الا من يركبه ولاتريد المنايا كثرة المال
( قال الراوي ) فلما فرغ الزير من كلامه وانطرح على فراشه من شدة حزنه على ابن اخته ولما بلغ قتل شيبون ابوه همام وامه ضباع احترق قلبها عليه لانه كان ابنها الوحيد بعد اخيه شيبان وكانت الفرسان قد اتت بجثته اليهما فبكياء بكاء شديدا ومزقا عليه الثياب وبعد ذلك دفنوه في التراب وفي اليوم الثاني ركب الامير لقتال الزير وتبعه جساس وباقي الابطال والفرسان وبلغ المهلهل الخبر فركب في ابطاله وفرسانه ولما التقى الفريقان وتقاتل الجمعان برز الامير همام إلى معركة الصدام وطلب براز الزير المهلهل وكان قد غير صفاته ووضع لثاما على وجهه حتى لا يعرفه أحد فبرز اليه وهو لايعلم بأنه الامير همام فاقتتلا ساعة من الزمان وكان همام قد ضرب الزير بالحسام قاصدا ان يسقيه كأس الحمام فخلى الزير منها فراحت خائبه فهجم عليه وطعنه بالرمح في صدره خرج يلمع من ظهره فوقع عن ظهر الجواد كأنه طود من
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)