ولدي هل تأهلت لكي تصلي على الجنازة ؟ولدي الحبيب :هل تأهلت وتهيأت لتصلي علي الجنازة؟هل تأهلت وتهيأت ماإذا فارقت الحياة وأنا بين يديك ؟فحسبك ياولدي :قال نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم :((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، علم ينتفع به ، ولد صالح يدعوا له ))فكن ياولدي نعم الولد لوالده ، وكن باراً بوالدك فإنها لحظات شديدة وضيق ، فهل من فرجة ومخرج ترسل به إلى والدك وهو في هذا الضيق والكرب .أتدري ياولدي :إن كانت نفسي تقعقع ، وبلغت الروح الحلقوم ، وأنا بين يديك ، وراسي على ذراعك وصدرك ؛ فحسبك أن تجزع فإنما أمامك مهمة شاقة تتوجب عليك .فلا يشغلك ما ترى من ذلك الكرب والحرج والشدة والضيق ، ولا تجزع إذا شُدد علي عند الموت ، فتذكر أنه قد شددت سكرات الموت على خير خلق الله تعالى ، على رسولنا صلى الله عليه وسلم يقول : (( اللهم اعني على غمرات الموت وسكرات الموت )).فلا يشغلك ذلك عن تلقيني الشهادة ، فعليك أن تجتهد ؛ لكي تذكرني بربي وأنا على ذلك الحال ، كما قال صلى الله عليه وسلم :(( لقنوا موتاكم لا إله إلا الله )).فلتجتهد بذلك ، حتى يكون أوفق ، ويكون آخر ما تكلمت به هذه الكلمة التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم :(( من كان آخر كلامه لا اله إلا الله دخل الجنة )).فإذا فاضت روحي وأنا بين يديك فإياك ياولدي والجزع ، ولكن عليك أن تسترجع كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إذا أصاب أحدكم مصيبة فليقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم عندك احتسب مصيبتي فأجرني فيها ، وأبدل لي بها خيراً منها)).ولتتذكر هدايا ربك لمن كان صابراً محتسباً : ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (156)أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾
[البقرة : 155-157]ولتعلم ياولدي :
إنما الصبر عند الصدمة الأولى .وعليك ياولدي أن تُسكتَِِِِ من تنوح إذا سمعت بنبأ موتي ؛ فإن رسولنا صلى الله عليه وسلم قال :(( الميت يعذب ببكاء أهله عليه)) .
(( من نيح عليه عذب ما نيح عليه )).
وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم :
(( ليس منا من شق الجيوب ، وضرب الخدود ، ودعا بدعوة الجاهلية )).
ولتُسرع ياولدي لتغميض عيني ولا تقولوا عند ذلك إلا خيرا . فلقد دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمه رضي الله عنه وهو في الموت فلما شق بصره مد رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ، فأغمض عينيه ، فلما أغمضه صاح أهل البيت ، فأسكتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال :
(( إن النفس إذا خرجت يتتبعها البصر ، وإن الملائكة تحضر الميت ، فيؤمنون على ما يقول أهل البيت ))
فقال صلى الله عليه وسلم :
(( اللهم ارفع درجة أبي سلمه في المهديين وأخلفه فيعقبه الغابرين ، وأغفر لنا وله يوم الدين )).
ولدي الحبيب:
إن مهمتك لم تنته بعد ، فلا تنهمك في الأحزان ولا تنخرط في البكاء ، ولكن عليك أن تسرع لتنزع عني الثياب والأعضاء والمفاصل مازالت لينة ؛ حتى لا تضطر ياولدي إلى تمزيق ثيابي إذا صلبت الأعضاء والمفاصل .فإذا نزعت عني الثياب فسجني بغطاء يشتمل على كل جسدي حتى وجهي ؛ انتظارا للحظة التي تقوم فيها بتغسيلي وتكفيني .
ولدي الحبيب
أتعلم كيف تغسلني ؛ فانا لا أرضى غيرك لهذه المهمة ، وإن كنت أعلم أن ذلك فيه مشقة عليك ، ولكن من يسترني غيرك ، ومن يستر عوراتي غيرك ، فلك ياولدي أن تتأهل وتتدرب لهذه المهمة وتتأهب لها .فأقول لك ياولدي :قم أولا بتليين المفاصل حتى تلين من بعد تصليبها ؛ حتى يسهل عليك تغسيلي ، ثم ارفع راسي قليلا إلى قرب الجلوس ، واضغط بيديك على بطني ولتعصر برفق ليخرج منه ما كان قريبا من المخرج وعليك أن تصب الماء على مكان العورة بكثرة ؛ لإزالة ما يخرج من نجاسات .ولتتذكر :إن كل ذلك والسترة السميكة قد سترت بها العورة تماما عن الأنظار ، حتى عمن نفسك .وإياك ياولدي وأن تتأفف إن انبعث رائحة أو شممت ما تستقبحه وتستقذره ؛ فهذا والله ما بيدي ، وما كنت في يوم ما أريد لك الإيذاء .
ثم عليك ياولدي :
أن تلف خرقة على يديك ؛ لتنظيف مكان العورة القبل والدبر ، من تحت السترة الساترة للعورة ، وان تكون هذه الخرقة سميكة ؛ حتى لا تشعر بحجم العورة .فإذا أتممت ذلك ، فلتنتقل إلى باقي الجسد ، ولتبدأ بالوضوء وميامن الأعضاء ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( ابدءوا بميامينها ومواضع الوضوء منها)).
فتبدأ ياولدي بوضوئي ، وهو كوضوء الصلاة ، غير أنك لا تُدخل الماء إلى فمي ولا انفي ، ولكن لتبلل خرقة تمسح بها أسناني ومنخري .ثم انتقل إلى باقي الجسد ولتبدأ بميامن الأعضاء ، فلتغسل صفحة العنق الأيمن ، ثم الشق الأيمن بأكمله من صدر وجنب وفخذ وساق وقدم .ثم تقلبني على الجانب الأيسر ؛ لتتمكن يا ولدى من غسل شق ظهري الأيمن .ثم انتقل بعد ذلك إلى الجانب الأيسر ؛ لتفل به ما فعلت بالجانب الأيمن ولتفعل ذلك ثلاثاً ؛ ولتجعل في الغسلة الثالثة الكافور .
ولدي :
فإذا انتهيت من تغسيلي فلتم بتنشيف جسدي من ذلك البلل قبل تكفيني .
أتدري ياولدي كيف تكفنني ؟
فلتفنني في ثلاث أثواب بيضاء ، لان النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( البسوا من ثيابكم البياض ؛ فإنها من خير ثيابكم ، وكفنوا فيها موتاكم )).
ولان النبي صلى الله عليه وسلم كًفن في ثلاث أثواب سحولية بيضاء.فلتبسط هذه اللفائف الثلاث ببعضها فوق بعض ، ولتدخلها من تحتي ؛ حتى يكون جسدي في وسط هذه اللفائف ، وان تبسطها من الجانبين وأنا مستلقي عليها على ظهري ، وقد ضمت يدي إلى جنبي .ثم قم ياولدي برد طرف اللفافة العليا من الجانب الأيسر على شقي الأيمن ، ثم طرفها الأيمن على شقي الأيسر ثم افعل مع للفافة الثانية كما فعلت بالأولى وكذلك تفعل بالثالثة .ثم اجمع الفاضل عند رأسي كذلك عند رجلي ثم اعقد بالأربطة بعد تمام تكفيني ، فلتعقد هذا الرباط من عند الرأس ، وآخر من عند الأقدام والثالث من وسط الكفن حتى لا يفك ولا ينزع من على جسدي .
فإذا انتهيت من ذلك ..
فلتستدعي ياولدي من يقوم بحملي معك ؛ حتى تذهبوا بي إلى حيث الصلاة علي .وعليك ياولدي..إذا أرادت أمك وأخواتك وغيرهن من النساء اللاتي أتين لمواساة أمك أن يصلين علي فليصلين قبل حملي ؛ حيث أنهن لا يتبعن الجنازة ، ثم احمل الجنازة إلى حيث الصلاة علي .
أتدري ياولدي ما سوف تفعله ؟
عليك ياولدي أن تجمع لي من المسلمين الموحدين المخلصين لله دينهم من أصحاب العقيدة الصحيحة مئة مسلم لا يشرك بالله شيئا ولتجتهد أن تقوم بجمعهم ، فالله تعالى يًشفعهم في كم قال النبي صلى الله عليه وسلم .
: (( ما من ميت تًصلي عليه أمةٌ من المسلمين يبلغون مئة كلهم يشفعون له إلا شُفعوا فيه )).
وتعلم ياولدي من ابن عباس حبر هذه الأمة رضي الله عنه.فقد مات له ولد بقديد أو بعسفان ، فقال : ياكريب ، انظر ما اجتمع من الناس ، قال ، فخرجتُ فإذا ناس قد اجتمعوا له ، فأخبرته ، فقال : تقول هم أربعون ؟ قال : نعم .قال أخرجوه فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
(( ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه)).ولتجتهد أن تصف الصفوف خلفي ، ولا تقل عن ثلاثة صفوف ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من صلى عليه ثلاثة صفوف فقد أوجب )).ولتتقدم ياولدي لكي تصلي على الجنازة ..فلتقف حيال صدري ، ولتكبر مبتدأ صلاة الجنازة فهي تشتمل على أربع تكبيرات : تكبر التكبيرة الأولى ، وتقرأ بعدها فاتحة الكتاب .ثم تكبر الثانية ، وتصل فيها على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولتقل
(( اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ))ثم تكبر التكبيرة الثالثة ، وهي التي يعقبها الدعاء للميت ؛ فلتقل :
(( اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأنثانا ، وشاهدنا وغائبنا ، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإيمان ، ومن توفيته منا فتوفه على الإسلام ، اللهم لا تحرمنا أجره ولاتفتنا بعده )).ثم تشرع في الدعاء لي ولتخلص ياولدي في الدعاء ؛ عسى الله أن يخلصني ، ولتأمر الناس بالإخلاص عملا بقول نبينا صلى الله عليه وسلم
(( إذا صليتم على الجنازة فأخلصوا له الدعاء )).ثم تكبر التكبيرة الرابعة ، ويشرع فيها أيضا الدعاء للميت .ثم لتحملني ياولدي لأول منزل لي من منازل الآخرة (إلى قبري) ، وإياك والبطء في الجنازة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم
(( أسرعوا بالجنازة ، فإن يك خيراً تقدموها إليه ، وإن تك شراً تضعوه عن رقابكم )).فإذا وصلتم إلى قبري..فعليك ياولدي أن تلحدني فلتدخل إلى قبري ؛ لكي تستقبل آخر عهد لك بجسدي ، ولا تنس أن تقول عند إدخالي إلى القبر
(( بسم الله ، وبالله ، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم )).
وعليك ياولدي ..
أن تضعني برفق على أرض القبر ، وتضعني على شقي اليمن في اتجاه القبلة ، ثم قم بفك الأربطة التي عقدتها على كفني ولتضع خدي على التراب ، عسى الله أن يرحمني .ثم سدوا قبري ، وأهيلوا عليه التراب ، فإذا فرغتم من ذلك فلتقف ياولدي ولتدعوا الناس أن يقفوا على قبري ؛ ليستغفروا لي عسى الله أن يخلصني .وإياك ياولدي أن تشتغل بدعوة من قال هيا للعزاء ؛ فعزائي أن لا تخالف سنة النبي صلى الله عليه وسلم وتتبع هذه الأعراف الفاسدة التي يكون نتاجها حرماني من وقوفك ووقوف المشيعين على قبري ؛ لكي يدعوا الجميع لي بالمغفرة والرحمة والتثبيت عند المسألة .فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال :
(( استغفروا لأخيكم ، وسلوا له التثبيت ، فإنه الآن يسأل )).وهذا الموقف هو آخر عهدي بك ، فإذا وقفت ما شاء الله أن تقف فلك أن تنصرف وأنت قد خلفتني في التراب بعدما طويت هذه الصفحة .وليكن اهتمامك بهذه الأسرة التي فرق الموت بيني وبينها ، فعليك برعاية أمك وإخوانك وأخواتك ، كن لهم كالأب لأبنائه .ولا تنس ولدي الحبيب ..وأنت تستقبل الدنيا أن تقول وتردد وتلح في الدعاء : رب ارحمهما كما ربياني صغيراً.
للفائدة
منقول
نحن قومٌ أعزنا الله عز وجل بالإسلام
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)