ومن مشاهير فرسان الخوارج‏:‏ عمرو القنا من بني سعد بن زيد مناة وعبيدة بن هلال من بني يشكر بن بكر بن وائل وهو الذي طعن صاحب المهلب في فخذه فشكها مع السرج وهما اللذان يقول فيهما ابن المنجب السدوسي من فرسان المهلب وكان قال له مولاه خلاج‏:‏ وددت أنا فضضنا عسكرهم فأستلب منه جاريتين إحداهما لك وأخرى لي -‏:‏ أخلاج إنك لن تعانق طفلة شرقا بها الجادي كالتمثال حتى تعانق في الكتيبة معلماً عمرو القنا وعبيدة بن هلال وترى المقعطر في الكتيبة مقدماً في عصبة قسطوا مع الضلال والمقعطر‏:‏ من مشاهير فرسانهم‏.‏ وقطري‏:‏ أنجدهم قاطبة‏.‏ وصالح بن مخراق‏:‏ من بهمهم وكذلك سعد الطلائع‏.‏ ولما اختلف أمر الخوارج وانحاز قطري فيمن معه وبقي عبد ربه قال المهلب لأصحابه‏.‏ إن الله قد أراحكم من أقران أربعة‏:‏ قطري بن الفجاءة واصلح بن مخراق‏.‏ وعبيدة بن هلال وسعد الطلائع وإنما بين أيديكم عبد ربه في خشار من خشار الشيطان‏.‏ وكانت الخوارج تقاتل على القدح يؤخذ منها والسوط والعلق الخسيس أشد قتال وسقط في بعض أيامهم رمح لرجل من مراد من الخوارج فقاتلوا عليه حتى كثر الجراح والقتل وذلك مع المغرب والمرادي يرتجز‏:‏ الليل ليل فيه ويل ويل وسال بالقوم الشراة السيل إن جاز للأعداء فينا قول وتعرقت مقالة الخوارج على أربعة أضرب فقال نافع بن الزرق باستعراض الناس والبراءة من عثمان وعلي وطلحة والزبير واستحلال الأمانة وقتل الأطفال‏.‏ وقال أبو بيهس هيصم بن جابر الضبعي‏:‏ إن أعداءنا كأعداء الرسول (ص)يحل لنا المقام فيهم كما أقام رسول الله (ص) وأقام المسلمون بين المشركين وأقول‏:‏ إن مناكحتهم ومواريثهم تجوز لأنهم منافقون يظهرون الإسلام وأن حكمهم عند الله حكم المشركين‏.‏ وقال عبد الله بن إباض‏:‏ لا نقول فيمن خالفنا إنه مشرك لأن معهم التوحيد والإقرار بالكتاب المقدس والرسول وإنما هم كفار للنعم ومواريثهم ومناكيحهم والإقامة معهم حل ودعوة الإسلام تجمعهم‏.‏ وقالت الصفرية بقول عبد الله بن إباض ورأت القعود حتى صارت عامتهم قعداً‏.‏ وإنما سموا صفرية لإصفرار وجوههم وقيل لأنهم أصحاب ابن الصفار‏.‏
كتاب الزبرجدة في الأجواد والأصفاد

قال الفقيه أبو عمرو أحمد بن محمد بن عبد ربه تغمده الله برحمته‏:‏ قد مضى قولنا في الحروب وما يدخلها من النقص والكمال وتقدم الرجال على منازلهم من الصبر والجلد والعدة والعدد‏.‏ ونحن قائلون بعون الله وتوفيقه في الأجواد والأصفاد إذ كان أشرف ملابس الدنيا وأزين حللها وأجلها لحمد وأدفعها لذم وأسترها لعيب كرم طبيعة يتحلى بها السمح السري والجواد السخي‏.‏ ولو لم يكن في الكرم إلا أنه صفة من صفات الله تعالى تسمى بها فهو الكريم عز وجل‏.‏ ومن كان كريماً من خلقه فقد تسمى باسمه واحتذى على صفته‏.‏ وقال النبي (ص) ‏:‏ إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه‏.‏ وفي الحديث المأثور‏:‏ الخلق عيال الله فأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله‏.‏ وفي الحسن والحسين عليهما السلام لعبد الله بن جعفر‏:‏ إنك قد أسرفت في بذل المال‏.‏ قال‏:‏ بأبي وأمي أنتما إن الله قد عودني أن يتفضل علي وعودته أن أتفضل على عباده فأخاف أن أقطع العادة فيقطع عني‏.‏ وقال المأمون لمحمد بن عباد المهلبي‏:‏ أنت متلاف‏.‏ قال‏:‏ منع الجود سوء ظن بالمعبود‏.‏ يقول الله وقال النبي ‏ (ص):‏ أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالاً‏.‏
مدح الكرم وذم البخل

قال النبي (ص)‏:‏ اصطناع المعروف يقي مصارع السوء‏.‏ وقال عليه الصلاة والسلام‏:‏ إن الله يحب الجود ومكارم الأخلاق ويبغض سفسافها‏.‏ وقال النبي (ص) لقوم من العرب‏:‏ من سيدكم قالوا‏:‏ الجد ابن قيس على بخل فيه‏.‏ فقال (ص)‏:‏ وأي داء أدوى من البخل يقول الله تعالى‏:‏ ‏"‏ ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ‏"‏‏.‏ وقال أكثم بن صيفى حكيم العرب‏:‏ ذللوا أخلاقكم للمطالب وقودوها إلى المحامد وعلموها المكارم ولا تقيموا على خلق تذموه من غيركم وصلوا من رغب إليكم وتحلوا بالجود يكسبكم المحبة ولا تقتعدوا البخل فتتعجلوا الفقر‏.‏ أخذه الشاعر فقال‏:‏ أمن خوف فقر تعجلته وأخرت إنفاق ما تجمع فصرت الفقير وأنت الغني وما كنت تعدو الذي تصنع وكتب رجل من البخلاء إلى رجل من الأسخياء يأمره بالإبقاء على نفسه ويخوفه بالفقر‏.‏ فرد عليه‏:‏ ‏"‏ الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً ‏"‏ وإني أكره أن