باب في المنطق
قال الذين فَضلوا المنطقَ: إنما بُعثَت الأنبياء بالكلام ولم يُبْعثوا بالسُّكوت. وبالكلام وُصِف فَضْل الصَّمت ولم يُوصف القولُ بالصمت وبالكلام يُؤْمر بالمعروف وينْهى عن المُنْكر ويُعظَّم اللهّ ويُسبَّحِ بحمده " والبيان من الكلام هو الذي مَنَّ الله به على عِباده فقال: " خَلَقَ الإنْسَان عَلَّمَهُ البَيَان ". والعِلْم كلُّه لا يُؤدِّيه إلى أَوْعية القُلوب إلا اللسان فنَفْع المنطق عام لقائله وسامعه " ومن بلّغه " ونَفْع الصمتِ خاص بفاعله. وأَعْدلُ شيء قِيل في الصمت والمَنْطق قولهم: الكلامُ في الخير كلِّه أفضلُ من الصمت والصمت في الشرِّ كلّه أفضلُ من الكلام. وقال عبد الله المُبارك صاحبُ الرقائق يَرْثي مالكَ بن أَنس المَدَنيّ: صَمُوتٌ إذا ما الصمتُ زَيَّنَ أَهلَه وفَتِّاق أبكار الكلام المُخَتَّم وَعَى ما وَعَى القرآنُ من كلِّ حِكْمَة وسِيطَت له الآدابُ باللحم والدَّم وقال عمرُ بن الخطّاب: ترْك الحركة غَفْلة. وقال بكرُ بن عبد الله المُزنيّ: طُول الصمت حبُسْة. وقالوا: الصمتُ نَوْم والكلام يَقَظة. وقالوا: ما شيء ثًني إلا قَصرُ إلا الكلام فإنه كلما ثُني طال. " وقال الشاعر: الصمت ُشيمته فإنْ أبْدَى مَقاَلاً كان فَصْلاَ أَبدَى السكوتَ فإن تك - لم لم يَدَعْ في القول فَضْلا " محمدُ بن سِيرين قال: ما رأيتُ عَلَى آمرأة أجملَ من شَحم ولا رأيتُ عَلَى رَجُل أجمل من فصاحة. وقال اللهّ تبارك وٍ تعالى فيما حكاه عنِ نبيّه موسىوآستيحاشه بعدم الفصاحة: " وَأخي هرُون هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناَ فَأرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءَا يُصَدِّقُني ". آفات المنطق تكلّمَ ابن السماك يوماً وجارية له تسمع كلامه فلما دخل قال لها: كيف سمعت كلامي قالت: ما أحسنه لولا أنك تردده قال: أردّده ليفهمه من لم يفهمه قالت: إلى أن يفهمه من لم يفهمه يملّه من فَهِمَه. " الأصمعي قال ": قال مُعاوية يوماً لجلسائه: أيّ الناس أفصح فقال رجلٌ من السِّماط: يا أميرَ المؤمنين قوم قد ارتفعوا عن رُتَّة العراق وتياسَرُوا عن كَشْكشة بكر وتيامَنُوا عن: شَنْشَنة تَغْلب ليس فيهم غَمْغمة قُضاعة ولا طمطمانيّة حِمْير. قال: مَن هم قال: قومُك يا أميرَ المؤمنين قُريش قال: صدقتَ فمن أنت قال: مِن جَرْم قال الأصمعيّ: جَرْم فُصْحَى الناس. قال أبو العباس محمد بن يزيد النَحويّ.
التَمتمة في المنطق
التردُّد في التاء والعُقْلة: هي التواء اللسان عند إرادة الكلام والحُبْسة: تعذُر الكلام عند إرادته واللفف: إدخالُ حَرْف في حَرْف والرُّتة: كالرتَج تمنُع أول الكلام فإِذا جاء منه شيء اتصل به". والغَمْغمة: أن تسمع الصوت ولا يَبِين لك تقطيعُ الحروف. وأما الرَتة: فإنها تكون غريزية وقال الراجز: يأيُها المُخلّط الأرَتّ ويقال إنها تكثر في الأشراف. وأما الغَمْغمة: فإنها قد تكون من الكلام وغيره. لأنها صَوتُ من لا يُفهم تقطيع حرُوفه. قال عنترة: " وصاحبِ ناديته فغَمْغما يُريدُ لَبيك وما تكلَّما قد صار من خوف الكلام أَعْجما " والطمْطمة: أن يكون الكلام مُشْبِهاً لكلام العجم والُّلكنة: أن تَعْترض في الكلام اللغةُ الأعجمية - وسنفسِّر هذا حرفاً حرفاً وما قيل فيه إن شاء الله - واللَّثغة: أن يُعدَل بحَرْف إلى حَرْف والغُنّة: أن يُشرب الحرفُ صوتَ الخَيْشوم والخُنَة: أشد منها والزخيم: حَذْف الكلام والفأفأة: التردد في الفاء: يقال: رجل فأفاء تقديره فاعال ونظيره من الكلام ساباط وخاتام يامَيُّ ذات الجَوْرب المنشَقّ أخذتِ خاتامِي بغَير حَقِّ وقال آخر: ليس بفأفاء ولا تَمتّام ولا مُحبٍّ سَقَطَ الكلام وأما كشْكشة تميم: فإن بني عمرو بن تميم إذا ذَكرتْ كاف المؤنّث فوقفتْ عليها أبدلت منها شينا لقُرب الشين من الكاف في المخرج وقال راجزُهم: هل لكِ أن تَنْتفعي وأنفعش فتُدْخلين الَلذْ معي في الَّلذْ مَعَش وأما كسكسة بكر. فقوم منهم يُبدلون من الكاف سينا كما فعل التميميون في الشين. وأما طمطمانية حِمْير: ففيها يقول عَنترة: تَأوي له قُلُص النَّعام كما أوَتْ حِزَقٌ يمانِيَةٌ لأعجمَ طِمْطِم وكان صُهيب أبو يحيى رحمه الله يَرْتضخ لُكْنة روميّة. وقال رسول الله: صُهيب سابق الروم. وكان عبيد الله بن زياد يرتضخُ لكنة فارسية مِن قِبل زوج أُمه شيرويه الأسواريّ. وكان زياد الأعجم وهو رجل من بني عبد القيس. يَرْتضخ لكنة أعجمية وأنشد المُهلّبَ في مَدْحه إياه: بريد السلطان - وذلك أن بين التاء والطاء نسباً لأن التاء من مخرج الطاء. وأما الغُنة فتُستحسن من الجارية الحديثة السن. قال ابن الرّقاع " في الظبية ": تُزْجِي أَغَنّ كأن إبرةَ رَوْقه قلمٌ أصابَ من الدَّواة مِدَادها وقال ابن المُقَفّع: إذا كثر تَقْلِيب الِّلسان رقّت حواشيه ولانت عَذَبته. وقال العتّابي: إذا حُبس اللسانُ عن الاستعمال اشتدَّت عليه مخارج الحروف. وقال الراجز: كأن فيه لفَفَا إذا نطق من طُول تَحْبِيس وهمّ وأرَقْ
باب في الإعراب واللحن
أبو عُبَيدة قال: مَرً الشِّعبيُّ بقَوْم من المَوالي يَتذاكرون النحوَ فقال لهم: لئن أَصْلحتموه إنكم لأوَّل من أفسده. قال أبو عُبيدة: ليته سَمِع لحنَ صَفْوان وخالد بن صَفْوان وخاقان والفتح بن خاقان والوليدِ بن عبد الملك. وقال عبد الملك بن مروان: اللحنُ في الكلام أقبح من التَّفتيق في الثوب والجُدَريّ في الوجه. وقيل له: لقد عَجِل عليك الشيبُ يا أميرَ المؤمنين قال: شَيَّبنى ارتقاءُ المنابر وتوقع اللحن. وقال الحجَّاج لابن يَعْمَر: أتَسمعني ألحن قال: لا إلاّ أنه ربما سَبَقكَ لسانُك ببعضه في آن وآن قال: فإذا كان ذلك فعَرِّفني. وقال المأمون لأبي عليّ المعروف بأبي يَعْلى المِنْقريّ: بلغني أنك أُمِّيّ وأنك لا تقيم الشِّعر وأنك تَلحن في كلامك فقال: يا أميرَ المؤمنين أمّا الَّلحن فربما سَبَقني لساني بالشيء منه وأما الأمِّيَّة وكَسْر الشعر فقد كان النبيأًمّياً وكان لا يُنشد الشعر قال المأمون: سألتُك عن ثلاثة عيوب فيك فزدْتني عَيباً رابعاً وهو الجهل ياجاهل إنّ ذلك
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)