تَعًجّلوا له الفَقْر وإن عجلت لهم النِّعم أخروا عليها الشُّكر أولئك ‏"‏ أنْضَاء ‏"‏ فكرة الفَقْر وعَجَزَة حَمَلَة الشُّكر‏.‏ قال أبو العَيْناء الهاشميّ‏:‏ جَرى بين محمد بن الفَضل وبين قَوْم من أهل الأهْوَاز كلام فلما أَصبح رَجع عنه‏.‏ قالوا له‏:‏ ألم تَقُل أمس كذا وكذا قال‏:‏ تَخْتلف الاقوالُ إذا اختلفت الأحوال‏.‏ ودخَل محمد بن الفَضْل على وَالي الأهْوَاز فَسَمِعَه يقول‏:‏ إذا كان الحقُّ استوى عندي الهاشِمِيُّ والنَّبَطِيِّ‏.‏ فقال محمد بن الفضل‏:‏ لئن استوت حالتاهما عندك فما ذلك بزائد النّبطيَّ زينةَ ليست له ولا ناقص الهاشميَّ قَدْراً هو له وإنما يَلْحَقُ النقصُ المُسَوِّيَ بينهما‏.‏ العُتبي قال‏:‏ قال عمرو بن عُتبة‏:‏ اْختصم قوْمٌ من قُرَيش عند مُعاوية فمنعوا الحقَّ‏.‏ فقال مُعاوية‏:‏ يا معشرَ قُرَيش ما بال القَوْم لِأمّ يَصلون بينهم ما انقطع وأنتم لعَلاَّت تَقْطعون بينكم ما وَصَلَ الله وتُباعدون ما قرب بلِ كيف تَرْجُون لغيركم وقد عَجَزتم عن أنفسكم‏!‏ تقولون‏:‏ كَفانا الشَّرَفَ من قَبْلنا فعِنْدَها لَزِمَتْكم الحُجة فآكفوه مَن بعدكم كما كفاكم مَن قبلكم‏.‏ أَوَ تعلمون أنكم كنتم رِقاعاً في جُنوب العَرَب وقد أُخْرجتم من حَرَم ربكم ومُنِعتبِم ميراث أبيكم وبَلَدِكم فأخَذَ لَكم الله ما أُخِذَ مِنكمِ وسمّاكم باجتماعكم اسماً به أبانَكم من جميع العرَب وردَّ به كيد العَجَم فقال جل ثناؤُه‏:‏ ‏"‏ لإيلاَفِ قُرَيش إيلاَفهِمْ ‏"‏ فآرْغَبُوا في الائتلاف أَكْرَمَكم اللهّ به فقد حَذرَتْكم الفُرْقَةُ نَفْسَهَا وكفي بالتَّجْربة وَاعِظاً‏.‏ ‏===مكان العرب من قريش ‏=== يحيى بن عبد العزيز عن أبي الحجَّاج رِياح بن ثابت عن أبكر بن خُنَيس عن أبي الأحوص عن أبي الحَصِن عن عبد الله بن مَسْعود أن النبي قال‏:‏ قُرَيش الجُؤْجُؤ والعرب الجناحان والجؤجؤ لا يَنْهض إلا بالجنَاحَنْ‏.‏ قال عمرو بن عُتبة‏:‏ ما آستدَرّ لعمّي كلامٌ قطّ فَقَطَعه حتى يَذكر العرَب بفضل أو يُوصى فيهم بخير‏.‏ ولقد أنْشَده مروَان ذات يوم بيتاً للنابغة حيث يقول‏:‏ فهم درْعي التي آسْتلأمْتُ فيها إلى يوم النِّسَار وهُمْ مِجنى فقال معاوبة‏:‏ أَلا إن دُرُوع هذا الحيّ من قُرَيش إخوانُهم من العرَب المُتَشَابِكة أرْحَامُهم تَشَابُك حَلَقِ الدِّرْع التي إن ذَهَبت حَلْقة منه فرقت بين أربع ولا تَزَال السيوفُ تَكْره مَذاق لُحُوم قُرَيش ما بَقِيَت دُرُوعها معها وشَدَّتْ نُطُقَها عليها ولم تَفُكَّ حَلَقها منها فإذا خَلَعتْها من رِقابها كانت للسُيُوف جَزَرًا‏.‏ العُتبي عن أبيه عن عَمْرو بن عُتْبة قال‏:‏ عَقُمت النِّساءُ أن يَلِدْن مثلَ عَمِّي شَهدْتُه يوماً وقد قَدِمَتْ عليه وفودُ العَرب فقضى حوائجَهُم وأحسن جوائزَهم فلما دخلوا عليه ليَشْكروه سَبَقَهم إلى الشُّكْر فقال لهم‏:‏ جَزاكم الله يا مَعْشرَ العرَب عن قُرَيش أفضل الجَزاء بتَقَدُّمِكم إياهم في الحَرْب وتَقْدِيمكم لهم في السَّلْم وحَقْنِكم دِماءَهم بِسَفْكِهَا منكم أمَا واللهّ لا يُؤثِركم على غيركم منهم إِلا حازمٌ كريم ولا يرْغَب عنكم منهم إلا عاجزٌ لئيم شجرة قامت على ساقٍ فتفرَّعِ أعلاها وآجتمع أصلُها عضَّدَ اللهّ من عَضَّدَها‏.‏ فيا لها كلمةً لو آجتمعت وأيدياَ لو آئتلفت ولكن كيف بإصلاح ما يُرِيد الله إفسادَه‏.‏ ‏===فضل العرب ‏=== يحيى بن عبد العزيز قال حدَّثنا أبو الحجّاج رِياح - بن ثابت قال حدَّثنا بكرُ بن خُنَيس عن أبي الأحْوص عن أبي الحَصِين عن عبد الله بن مَسعود قال‏:‏ قال رسول الله ‏:‏ إذا سألتم الحوائج فاسألوا العرَب فإنها تُعْطى لِثَلاَث خِصال‏:‏ كَرَم أحسَابها واستحياء بَعْضها من بعض والمُواساة للّه‏.‏ ثم قال‏:‏ من أَبْغَض العرَب أبغضه اللهّ‏.‏ ابن الكَلْبي قال‏:‏ كانت في العرب خاصةً عَشْرُ خِصَال لم تكن في أُمَّةٍ من الأمم خمْسٌ منها في الرأس وخمس في الجَسَد‏.‏ فأما التي في الرأس‏:‏ فالفَرْق والسِّوَاك والمضْمَضة والاستِنْثار وقَصُّ الشارب‏.‏ وأما التي في الجَسد‏:‏ فتَقليم الأظفار ونَتْفُ الإبط وحَلْق العانَة والخِتَان والاسْتِنْجاء‏.‏ وكانت في العرب خاصةً القِيَافة لم يَكُن في جميع الأمم أحدٌ ينْظُر إلى رجُلَين أحدُهما قَصِير والآخر طويل أو أحدهما أسْود والآخر أبيَض فيقول‏:‏ هذا القَصِير ابن هذا الطويل وهذا