وكتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن عبد الله بن سعيد، عن أبي سعيد، قال: كان أبو شريح الخزاعي من أصحاب رسول الله ، فتحوّل من المدينة إلى الكوفة ليدنو من الغزو؛ فبينا هو ليلة على السطح، إذ استغاث جاره، فأشرف فإذا هو بشباب من أهل لكوفة قد بيّتوا جاره؛ وجعلوا يقولون له: لا تصح، فإنما هي ضربة حتى نريحك؛ فقتلوه. فارتحل إلى عثمان، ورجع إلى المدينة ونقل أهله، ولهذا الحديث حين كثر أحدثت القامة؛ وأخذ بقول ولي المقتول: ليفطم الناس عن القتل عن ملإ من الناس يومئذ.
وكتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد بن كريب، عن نافع بن جبير، قال: قال عثمان: القامة على المدَّعي عيه وعلى أوليائه؛ يحلف منهم خمسون رجلًا إذا لم تكن بينّة؛ فإن نقصت قسامتهم، أو إ نكل رجل واحد ردّت قسامتهم ووليها المدّعون؛ وأحلفوا، فإن حلف منهم خمسون استحقُّوا.
وكتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن الغصن بن القاسم، عن عون بن عبد الله، قال: كان مما أحدث عثمان بالكوفة إلى ما كان من الخبر أنه بلغه أنّ أبا سمّال الأسدي في نفر من أهل الكوفة، ينادي مناد لهم إذا قدم الميار: من كان هاهنا من كلب أو بني فلان ليس لقومهم بها منزل فمنزله على أبي سمّال. فاتّخذ موضع دار عقيل دار الضيفان ودار ابن هبّار؛ وكان منزل عبد الله بن مسعود في هذيل في هذيل في موضع الرمادة، فنزل موضع داره، وترك داره دار الضيافة، وكان الأضيفاف ينزلون داره في هذيل إذا ضاق عليهم ما حول المسجد.
وكتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عنالمغير بن مقسم، عمّن أدرك من علماء أهل الكوفة، أنّ أبا سمّال كان ينادي مناديه في السوق والكناسة: من كان ها هنا من بني فلان وفلان - لمن ليست له بها خطّة - فمنزله على أبي سمّال؛ فاتّخذ عثمان للأضياف منازل.
وكتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن مولى لآل طلحة، عن موسى بن طلحة مثله.
وكتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا: كان عمر بن الخطاب قد استعمل الوليد بن عقبة على عرب الجزية، فنزل في بني تغلب. وكان أبو زبيد في الجاهليّة والإسلام في بني تغلب حتى أسلم؛ وكانت بنو تغلب أخواله؛ فاضطهده أخواله ديّنًا له؛ فأخذ له الوليد بحقّه، فشكرها له أبو زبيد، وانقطع إليه، وغشيه بالمدينة؛ فلما ولي الوليد الكوفة أتاه مسلّمًا معظّمًا على مثل ما كان يأتيه بالجزية والمدينة، فنزل دار الضيفان، وآخر قدمة قدمها أبو زبيد على الوليد؛ وقد كان ينتدجعه ويرجع، وكان نصرانيًّا قبل ذلك، فلم يزل الوليد به وعنه حتى أسلم في آخر إمارة الوليد، وحسن إسلامه، فاستدخله الوليد، وكان عربيًّا شاعرًا حين قام على الإسلام؛ فأتى آتٍ أبا زينب وأبا مورِّع وجندبًا، وهم يحقدون له مذ قتل أبناءهم، ويضعون له العيون، فقال لهم: هل لكم في الوليد يشارب أبا زبيد؟ فثاروا في ذلك، فقال أبو زينب وأبو مورّع وجندب لأناس من وجوه أهل الكوفة: هذا أميركم وأبو زبيد خيرته، وهما عاكفان على الخمر، فقالموا معهم - ومننزل الوليد في الرحبة مع عمارة بن عقبة، وليس عليه باب - فاقتحموا عليه من المسجد وبابه إلى المسجد، فلم يفجأ الوليد إلّا بهم، فنحّى شيئًا، فأدخله تحت السرير، فأدخل بعضهم يده فأخرجه لا يؤامره؛ فإذا طبق عليه تفاريق عنب - وإنما نحّاه استحياء أن يروا طبقه ليس عليه إلّا تفاريق عنب - فقاموا فخرجوا على الناس، فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون، وسمع الناس بذلك، فأقبل الناس عليهم يسبّونهم ويلعنونهم؛ ويقولون: أقوام غضب الله لعمله، وبعضهم أرغمه الكتاب؛ فدعاهم ذلك إلى التحسُّس والبحث؛ فستر عليهم الوليد ذلك، وطواه عن عثمان، ولم يدخل بين الناس في ذلك بشيء، وكره أن يفسد بينهم، فسكت عن ذلك وصبر.
وكتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن الفيض بن محمد قال: رأيت الشعبي جلس إلى محمد بن عمرو بن الوليد - يعني ابن عقبة - وهو خليفة محمد بن عبد الملك؛ فذكر محمّد غزو مسلمة، فقال: كيف لو أدركتم الوليد؛ غزوه وإمارته! إن كان ليغزو فينتهى إلى كذا وكذا، ما قصّر ولا انتقض عليه أحدٌ حتى عزل عن عمله؛ وعلى الباب يومئذ عبد الرحمن بن ربيعة الباهلي؛ وإن كان مما زاد عثمان بن عفان الناس على يده أن ردّ على كلّ مملوك بالكوفة من فضول الأموال ثلاثة في كلّ شهر، يتّسعون بها من غير أن ينقص مواليهم من أرزاقهم.
كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن الغصن بن القاسم عن الغصن بن القاسم عن الغصن بن القاسم عن الغصن بن القاسم عن الغصن بن القاسم عن الغصن بن القاسم عن الغصن بن القاسم عن الغصن بن القاسم، عن عون بن عبد الله، قال: جاء جندب ورهط معه إلى ابن مسعود، فقالوا: الوليد يعتكف على الخمر؛ وأذاعوا ذلك حتى طرح على ألسن الناس، فقال ابن مسعود: من استتر عنّا بشيء لم نتتبع عورته، ولم نهتك ستره؛ فأرسل إلى ابن مسعود فأتاه فعاتبه في ذلك، وقال: أيرضى من مثلك بأن يجيب قومًا موتورين بما أجبت علي! أي شيء أستتر به! إنما يقال هذا للمريب، فتلاحيا وافترقا على تغاضب، لم يكن بينهما أكثر من ذلك.
وكتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا: وأتى الوليد بساحر؛ فأرسل إلى ابن مسعود يسأله عن حدّه، فقال: وما يدريك أنه ساحر! قال: زعم هؤلاء النفر - لنفر جاءوا به - أنه ساحر، قال: وما يدريكم أنه ساحر! قالوا: يزعم ذاك، قال: أساحر أنت؟ قال: نعم، قال: وتدري ما السحر؟ قال: نعم، وثار إلى حمار، فجعل يركبه من قبل ذنبه، ويريهم أنه يخرج من فمه واسته. فقال ابن مسعود: فاقتله. فانطلق الوليد، فنادوا في المسجد أنّ رجلًا يلعب بالسحر عند الوليد، فأقبلوا، وأقبل جندب - واغتنمها - يقول: أين هو؟ أين هو؟ حتى أريه! فضربه، فاجتمع عبد الله والوليد على حبسه؛ حتى كتب إلى عثمان، فأجابهم عثمان أناستحلفوه بالله والوليد على حبسه؛ حتى كتب إلى عثمان، فأجابهم عثمان أن استحلفوه بالله ما علم برأيكم فيه. وإنه لصادق بقوله فيما ظنّ من تعطيل حدّه. وعزّروه، وخلَّوا سبيله. وتقدم إلى الناس في ألّا يعملوا بالظّنون، وألّا يقيموا الحدود دون السلطان، فإنا نقيد المخطىء، ونؤدّب المصيب. ففعل ذلك به، وترك لأنه أصاب حدًّا، وغضب لجندب أصحابه، فخرجوا إلى المدينة، مفيهم أبو خشَّة الغفاري وجشّامة بن الصعب بن جشّامة ومعهم جندب، فاستعفوه من الوليد، فقال لهم عثمان: تعلمون بالظنون، وتخطئون في الإسلام، وتخرجون بغير إذن؛ ارجعوا. فردّهم، فلما رجعوا إلى الكوفة، لم يبق موتور في نفسه إلّا أتاهم، فاجتمعوا على رأي فأصدره، ثم تغفّلوا الوليد - وكان ليس عليه حجاب - فدخل عليه أبو زينب الأزدي وأبو مورِّع الأسدي، فسلَّا خاتمه، ثم خرجا إلى عثمان، فشهدا عليه؛ ومعهما نفر ممن يعرف من أعوانهم، فبعث إليه عثمان، فلما قدم أمر به سعيد ابن العاص، فقال: يا أمير المؤمنين، أنشدك الله! فو الله إنهما لخصمان موتوران.
فقال: لا يضرّك ذلك؛ إنما نعمل بما ينتهى إلينا، فمن ظلم فالله ولي انتقامه، ومن ظلم فالله ولي جزائه.