ظَلاماً وِأَقبلنا إليكم يَصرعنا الوَعْر ويَنكُبنا السَّهل وهذه آثار مَصائبنا لائحة في سِمَاتنا فرَحم الله مُتصدِّقاً مِن كَثير ومُواسياً من قَلِيل فلقد عَظُمت الحاجة وكَسَف البال وبَلَغ المجهود واللهّ يَجْزي المًتصدِّقين. الأصمعي قال: كنتُ في حَلْقة بالبَصرة إذ وَقف علينا أعرابي سائلاً فقال: أيها الناس إنّ الفَقْر يَهْتِك الحِجاب ويُبْرز الكَعاب وقد حَمَلتنا سِنُو المَصائب ونَكَبات الدهور على مَرْكبها الوَعْر فَواسُوا أيا أيتام ونضْو زمان وطَريد فاقة وطَرِيح هَلكة رَحمكم الله. أتي أعرابيّ عُمَرَ بن عبد العزيز فقال: رجلٌ من أهل البادية سَاقَتْه إليك الحاجة وبَلغت به الغاية والله سائلك عن مَقامي هذا. فقال عمر: ما سمعتُ أبلغ مِن قائل ولا أَوْعظ لمُقول له من كلامك هذا. سَمِع عديّ بن حاتم رجلاً من الأعراب وهو يقول: يا قوم تَصدَقوا على شَيْخ مُعِيل وعابر سَبِيل شَهِد له ظاهرهُ وسَمِع شَكْواه خَالِقُه بَدنه مَطْلوب وثوْبُه مَسْلوب فقال له: مَن أنت قال: رجلٌ من بني سعد سْعَى في دِيَة لَزمَتْني قال: فَكم هي قال: مائةُ بَعير قال: دُونكها في بَطن الوادي. سأل أعرابيّ رجلاً فأعطاه فقال: جَعل الله للمَعْروف إليك سَبِيلاً وللخَيْر عليك دَليَلاً ولا جَعلِ حَظّ السائل منك عِذْرة صادقة. وقف أعرابي بقوم فقال: أَشْكو إليكم أيها الملأ زَماناً كَلَح لي وجهُه وأَناخ عليّ كَلْكلُه بعد نَعْمة من البال وثَرْوة من المال وغِبْطة من الحال اعْتَورتْني شدائدُه بِنَبْل مصائبه عن قسِيّ نَوائبه فما تَرَك لي ثاغية أَجْتدى ضَرْعَها ولا راغية أَرْتجى نَفْعها فهل فيكم من مُعين على صرَفة أو مُعْدٍ على حَيْفه فَرَدّه القومُ ولم يُنيلوه شيئاً. فأنشأ يقول: قد ضَاع مَن. يَأْمُل مِن أَمثالكم جُوداً وليس الجُود من فَعالكمْ لا بارك الله لكم في مالكم ولا أَزاح السُّوء عن عِيَالكم فالفقرُ خَيرٌ مِن صلاح حالكم الأصمعي قال: سأل أعرابي فلم يُعْطَ شَيئاً فرفع يديه إلى السماء وقال: يا ربّ أنتَ ثِقَتي وذخْري لصِبْيةٍ مثل صغار الذَرّ جاءهمُ البَرْدُ وهُمْ بِشرَ بغير لُحْفٍ وبغير أزْرِ وكلّهم مُلْتَصِق بصدْري فاسْمَع دُعائي وتَوَلّ أَجْري سأل أعرابيّ ومعه ابنتان له فلم يُعْطَ شيئاً فأنشأ يقول: أيَا ابنتيّ صابِرَا أباكما إنكما بِعين من يَراكما الله مَوْلاي وهُو مَوْلاكما فأَخْلِصا لله مِن نَجْواكما تَضرَّعَا لا تَذْخَرا بُكاكما لعلّه يرْحَم مَن أَوَاكما إِنْ تَبْكِيا فالدَّهرُ قد أبكاكما العُتبي قال: كانت الأعراب تنتجع هِشامَ بن عبد الملك بالخُطَب كلَّ عام فتقدَّم إليهم الحاجبُ يأمرهم بالإيجاز فقام أعرابيّ فَحَمِد الله وأثنى عليه ثم قال: ياِ أميرَ المؤمنين إنَّ الله تبارك وتعالى جعل العَطاء مَحبَّة والمَنْع مَبْغضة فَلأن نُحبك خيْر من أن نُبغضك. فأعطاه وأجزل له. الأصمعي قال: وَقف أعرابيّ غَنويّ على قوم فقال بعد التَّسليم: أيها الناس ذهب النَّيْل وعَجُف الحَيْل وبُخِس الكَيْل فمن يرحم نضْو سفر وفَلّ سَنَة ويُقْرض الله قَرْضاً حسَناً. لا يَسْتقرض الله من عُدْم ولكن ليبلوكم فيما آتاكم ثم أنشأ يقول: هَل من فَتًى مُقْتدر مُعِين على فَقير بائس مِسْكين أبي بناتٍ وأبي بَنينٍ جَزاه ربِّي بالذي يُعْطِينيَ الأصمعي قال: سمعتُ أعرابياً يقول لرجل: أطعمك الله الذي أطعمتَني له فقد أحييتني بقَتل جُوعي ودفعت عنّى سُوء ظَنّي بيومي فحفظك الله على كل جَنْب وفَرِّج عنك كل كَرْب وغَفَر لك كل ذَنب. وسأل أعرابيّ رجلاً فاعتلّ عليه فقال: إنْ كنتَ كاذباً فجعلك الله صادقاً. وقال أعرابيّ للمأمون: قلْ للِإمام الذي ترجَى فَضائُله رأس الأنام وما الأذْنابُ كالرّاس إنّي أعوذ بهارونٍ وخفْرِته وبابن عَمّ رَسول الله عبّاس مِن أن تُشد رِحالُ العِيس راجعةَ إلى اليمامة بالحِرْمان واليَاس الأصمعي قال: أصابت الأعرابَ مَجاعةٌ فمررتُ برجل منهم قاعدٍ مع زَوْجته بقارعة الطريق وهو يقول: يا ربّ إنّي قاعدٌ كما تَرَى وزَوْجتي قاعِدةٌ كما تَرَى والبَطن منّي جائع كما ترى فَمَا ترى يا ربَّنا فيما تَرَى الأصمعي قال: حَدّثني بعضُ الأعراب قال: أصابتنا سَنة وعِنْدنا رجلٌ من غَني وله كَلْب فَجَعل كلبُه يَعْوي جُوعاً
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 12 (0 من الأعضاء و 12 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)