العيناء‏:‏ فحدّثت به أحمدَ بن يوسف الكاتب فقال‏:‏ ما يُرى ابنُ أبي دواد إلا أنّ القرآن إنما أنزل عليه‏.‏ جواب في تفحش خَطب خالدُ بن عبد الله القَسريّ فقال‏:‏ يأهل البادية ما أخشنَ بلدَكم‏!‏ وأغلظَ معاشَكم‏!‏ وأجفى أخلاقَكم‏!‏ لا تشهدون جمعة ولا تُجالِسون عالماً فقام إليه رجال منهم دَميم فقال‏:‏ أمّا ما ذكرت من خُشونة بلدنا وغِلَظ طَعامنا وجَفاء أخلاقنا فهو كذلك ولكنّكم معشرَ أهل الحَضر فيكم ثلاث خِصال هي شرٌّ مِن كل ما ذكرت قال له خالد‏:‏ وما هي قال‏:‏ تَنْقُبون الدُّور وتَنْبِشون القُبور وتَنْكحون الذُّكور قال‏:‏ قَبَّحك الله وقَبَّح ما جِئت به‏.‏ أبو الحسن قال‏:‏ أتى موسى بن مُصعب منزل امرأة مَدنيّة لها قَيْنة تَعْرِضها فإذا امرأة جميلة لها هَيْئة فَنظر إلى رجل دَميم يجيء ويَذهب ويأمر ويَنهى في الدار فقال‏:‏ مَن هذا الرجل قالت‏:‏ هَو زَوجي قال‏:‏ إنا لله وإنا إليه راجعون‏!‏ أمَا وجدتِ مِن الرجال غيرَ هذا وبكِ مِن الجمال ما أرى قالت‏:‏ والله يا أبا عبد الله لو استدبرك بمثل ما يَستقبلني به لَعَظُم في عينك‏.‏ أبو الحسنِ قال‏:‏ قالت عاتكة بِنت المُلاءة لِرائض دوابّ زَوْجها في طريق مكة‏:‏ ما وجدتُ عملاً شَرّاً من عملك إنما كَسْبُك باستك‏!‏ فقال لها‏:‏ جُعلت فداك ما بين ما أكتسب به وما تَكْتسبين به أنت إلا إصبعان قالت‏:‏ ويلي عليك‏!‏ خذوا الخبيث‏.‏ فَطَلبه حَشمُها ففاتهم رَكْضاً‏.‏ أبو الحسن قال‏:‏ قال رجل من الأزد في مَجلس يُونس النحويّ‏:‏ وَدِدْت والله أنّ بَني تَميم جميعاً في جَوْفي على أنْ يُضربَ وَسطي بالسَّيفِ‏.‏ قال له شَيخ في ناحِية المَجلِس حِرْمازي من بني تميم‏:‏ يا هذا يَكْفيك من ذاك كَمَرة حِماريّة يملأ بها أستك إلى لهَاتك‏.‏ وسأل أعرِابيّ شيخاً من بني مَروان وحولَه قومٌ جلوس فقال‏:‏ أصابَتْنا سنةٌ ولي بضعَ عشرةَ بِنْتاَ فقال الشيخُ‏:‏ أما السّنة فوددتُ والله أنّ بينكم وبين السماء صفيحةً من حديد وأما البنات فليتَ الله أضعفهن لك أضعافاً كثيرة وجَعلك مَقْطوع اليدين والرِّجلين ليس لهن كاسب غيرُك‏.‏ قال‏:‏ فنظَر الأعرابي مليًّا ثم قال‏:‏ ما أدري ما أقول لك‏!‏ ولكني أراك قبيح المنظر لئيم المَخْبر فأعضك الله ببُظور أمهات هؤلاء الجلوس حولك‏.‏ وسأل أعرابي شيخاً من الطائف وشَكا إليه سنةً أصابته فقال‏:‏ وددتُ والله أنّ الأرض حصّاء ولا تُنبت شيئاً قال‏:‏ ذلك أيْبس لجَعَر أمك في آستها‏.‏ قال عبيدُ الله بن زياد بنِ ظَبيان لزُرْعة بن ضَمْرة الضِّمْريّ‏:‏ إني لو أدركتُك يوم الأهواز لقطعتُ منك طابَقاَ شَحيماً قال‏:‏ ألا أدُلك على طابق شَحِيم هو أولى بالقطع قال‏:‏ بلى قال‏:‏ البَظْر الذي بين استيْ أمك‏.‏ قال عبدُ الله بن الزُّبير لعَدِيّ بن حاتم‏:‏ متى فُقِئت عينك قال‏:‏ يومَ طعنتُك في آستك وأنت مُولٍّ‏.‏ وقال الفرزدق‏:‏ ما عَييتُ بجواب أحد قط ما عَييتُ بجواب امرأة وصبيّ ونَبَطيّ فأمّا المَرأة فإني ذهبتُ ببغلتي أسْقيها في النّهر فإذا معشر نِسْوة فلما هَمزت البغلة حَبَقَت فاستضحك النسوة فقلتُ لهن‏:‏ ما أضحككن فوِالله ما حَملتني أنثى إلا فعلتْ مثلَها فقالت امرأة منهن‏:‏ فكيف كان ضُراط أمك قُفيرة فقد حَملتْك في بَطنها تسعةَ أشهر فما وجدتُ لها جواباً وأما الصبيّ فإنّي كنت أنشد بجامع البَصْرة وفي حَلْقتي الكميتُ ابن زَيد وهو صَبيّ فأعْجَبني حًسن استماعه فقلتُ له‏:‏ كيف سمعتَ يا بُني قال لي‏:‏ حَسن قلتُ‏:‏ أفيسرّك أنّي أبوك قال‏:‏ أما أبي فلا أُريد به بَديلًا ولكنْ وَدِدْتُ أن تكون أميّ قلتُ‏:‏ اْسترها عليّ يا بن أخي فما لقيتُ مثلَها وأمّا النبطيّ فإني لَقيتُ نَبطيِّاً بيَثْرب فقال لي‏:‏ أنت الفَرزدق لمحلتُ‏:‏ نعم قال‏:‏ أنت الذي يخَاف الناس لسانَك قلتُ‏:‏ نعم قال‏:‏ فأنت الذي إذا هجوتني يموت فَرس هذا قلتُ‏:‏ لا قال‏:‏ فَيموت وَلدي قلتُ‏:‏ لا قال‏:‏ فأموت أنا قلت‏:‏ لا قال‏:‏ فأدْخلني الله في حِرام الفرزدق مِن رِجْلي إلى عنقي قلت‏:‏ ويلك‏!‏ ولم تركتَ رأسك قال‏:‏ حتى أرَى ما تَصنع الزّانية‏.‏ ولقي جَرير الفرزدقَ بالكوفة فقال‏:‏ أبا فراس تَحتمل عنّي مسألة قال‏:‏ أحتملها بمسألة قال‏:‏ نعم قال‏:‏ فَسَل عمَّا بدا لك قال‏:‏ أيّ شيء أحبّ إليك‏:‏ يتقدّمك الخيرُ أو تَتقدّمه قال‏:‏ لا يتقدّمني ولا أتقدمه ولكنْ أكون معه في قَرَن قال‏:‏ هات مسألتك قال له الفرزدق‏:‏ أيّ شيء أحب إليك إذا دخلتَ على امرأتك‏:‏ أن تجديدها على أَيْر رجل أو تجد يَد رجل على حِرِها قال‏:‏ قاتلك الله‏!‏ ما أقبَح كلامَك‏!‏ وأرذلَ لسانك‏!‏ أبو الحسن قال‏:‏ مرٍ الفرزدق يوماً بمسجد الأحامرة وفيه جماعةٌ فيهم أبو المًزرّد الحنفي فقال له الفرزدق‏.‏ يا أخا بني حَنيفة ما شيءٌ لم يكن له أسنان ولا تكون ولو كان لم يَستقم قال‏:‏ لا أَدْري قال‏:‏ يا أبا المزرد إنه سَفيه فإنْ لم تَغضب أخبرتُك قال‏:‏ قُلْ فإني لا أغضب فقال‏:‏ حِرِ أمّك لم تكن له أسْنان ولا تكون ولو كان لم يَسْتقم‏.‏ أبو الحَسن قال‏:‏ لقي الفَرَزدَق عمرو بن عَفْراء فعاتَبه في شيء بَلغه عنه فقال له ابنُ عَفْراء وهو بالمِرْبد‏:‏ ما شيء أحبَّ إليّ مِن أن آتي كلَّ شي تَكْرهه قال له الفرزدقُ‏:‏ بالله إنّك لأتي كلّ شيء أكرهه قال‏:‏ نعم قال فإني أكْره أن تَأتي أمّك فَأتها‏.‏ ضاف رجلٌ قبيح الوجه دَنيّ الحَسب أبا عبد الله الجمّار فجعل يَفْخر ببيته فقال له الجماز‏:‏ اسكت فقَبَاحة وجهك ودُنُوّ حسبك يمنعاننا مِن سَبّك فأبى إلا التَّمادي في اللّجاج فقال له الجمّاز‏:‏ لو كُنْتَ ذا عِرْض هَجَوْناكا أو حسن الوجه لنكناكا جمعتَ مَرْ قُبْحك لؤْماً فلل قُبح أو اللّؤم تَرَكنْاكا