الآن.. و في هذا الصباح الجميل .. و تحت أشعة هذه الشمس الجديدة ، أشعر بأنني شخص آخر .. رجل ولد من جديد...
ابتداء من هذا اليوم، دخلت عالما جديدا.. و ودعت عالمي الماضي .. للأبد
أنا اليوم ، وليد .. المزارع البسيط الذي يعمل مع خطيبته و عائلتها في مزرعة صغيرة .. في مدينة بعيدة عن مدينته و أصله و أهله ..
الحياة الماضية قد انتهت ، لا رغد و لا حب و لا جنون.. لا ألم و لا عذاب و لا معاناة.. و لا حرب...
الليلة ، ستدخل رغد عالم المتزوجين، و تصبح زوجة لأخي ، و أقطع آخر خيط أمل في استعادتها ذات يوم..
الذكرى الحزينة أجبرتها على مغادرة رأسي ،، فأنا لا أريد لدمعة واحدة أن تسيل من عيني على ما فات.. و لأعش حياتي الجديدة كما قدّر الله لها أن تكون ...
تخرج أروى من المنزل.. مقبلة نحوي ، تحمل صينية تحوي طعاما...
كنت أقف في الساحة أتنفس الصعداء و أشم رائحة الزهور الفواحة ...
إنه مكان يستحق أن يضحي المرء بأي شيء من أجل العيش فيه ...
" صباح الخير .. وليد "
تبتسم لي و يتورد خداها خجلا.. فيجعلها كلوحة طبيعية بديعة من صنع الإله..
أدقق النظر إليها .. فاكتشف أنها آية في الجمال.. جمال لم ألحظه مسبقا و لم أكن لأعره اهتماما ..
ملونة مثل الزهور.. و خصلات شعرها الذهبي تتراقص مع تيارات الهواء.. لامعة مثل أشعة الشمس..
سبحان الله ..
أحقا ..هذه الحسناء هي زوجة مستقبلي ؟
تقبل إلي و تقول :
" أعددت فطورا خاصا بنا "
ابتسم ، و أقول :
" شكرا .. "
ثم نجلس على البساط المفروش في الساحة، و ننعم بفطور شهي لذيذ.. فمخطوبتي هذه ماهرة جدا في الطهو !
ميزة أخرى تجعلني أشعر بالزهو ...
إضافة إلى كونها طيبة القلب مثل والديها و خالها..
و أكرر في نفسي :
" الحمد لله "
لقد لعبت الأقدار دورها الدرامي معي.. و حين ألقت بي في السجن لثمان سنين ، عرّفتني على رجل عظيم، أصبحت في نهاية المطاف زوجا لابنته !
أظن أن على المرء أن يشكر الله في جميع الأحوال و لا يتذمّر من شيء ، فهو لا يعلم ما الحكمة من وراء بعض الأحداث التي يفرضها عليه القدر ...
سبحان الله
أكثر ما شدّني في الأمر ، هو أنها اعترفت لي البارحة بإعجابها بي !
برغم كل عيوبي و مساوئي، و رغم جهلها بالكثير عن ماضي و أصلي .. إلا أنها ببساطة قالت :
" أنا معجبة بك ! "
اعتقد أن لهذه الجملة تأثيرها الخاص ... و خصوصا على رجل يسمعها للمرة الأولى في حياته من لسان فتاة !
تحدّثنا عن أمور كثيرة... فوجدتها حلوة المعشر و راقية الأسلوب، و اكتشفت أنها أنهت دراستها الثانوية و درست في أحد المعاهد المحلية أيضا ...
قلت :
" كان حلمي أن أدرس في الجامعة ! "
" أي مجال ؟؟ "
" الإدارة و الاقتصاد ، كنت أطمح لامتهان إدارة الأعمال .. تخيّلت نفسي رجل أعمال مرموق ! "
و ضحكت ُ بسخرية من نفسي ...
قالت :
" و هل تخلّيت عن هذا الحلم ؟؟ "
قلت بأسف :
" بل هو من تخلّى عنّي .. "
ابتسمت أروى و قالت :
" إذن فطارده ! و أثبت له جدارتك ! "
" كيف ؟؟ "
قالت :
" لم لا تلتحق بمعهد إداري محلي ؟ أتعرف.. زوج السيدة التي كانت معنا البارحة يدير أحد المعاهد و قد ييسر أمورك بتوصية من أمي ! "
بدت لكي فكرة وهمية ... كالبخار.. إلا أن أروى تحدثت بجد أكبر و جعلتني انظر للفكرة بعين الاعتبار.. و أنميها في رأسي...
~ ~ ~ ~ ~
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 25 (0 من الأعضاء و 25 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)