على طاعته جَنْته أن يَقينا سُخْطه ويجنِّبنا نِقْمته ويهَب لنا رَحْمته إنَ وأبلغ الحديثِ كتابً الله‏.‏ وخطبة له رضي الله عني أما بعد فإنّ الدنيا قد أدبرت وآذنت بوَداع وإن الآخرة قد أقبلت وأشرفت باطلا وإن المضمار اليوم والسِّباق غداً‏.‏ ألا وِإنكم في أيام أمل ومِن ورائه أجل فمن أخْلَص في أيام أمله قبل حُضور أجله نفعه عملُه ولم يَضره أملُه ومن قَصر في أيام أمله قبل حُضور أجله فقد خَسِر عملُه وضَجره أمله‏.‏ ألا فاعملوا الله في الرغْبة كما تَعملون له في الرَّهبة‏.‏ ألا وإني لم أر كالجنَة نام طالبها ولم أر كالنَار نام هاربها‏.‏ ألا وإنكم قد أمِرْتم بالظَّعْن ودُللتم على الزّاد وإن أخوفَ ما أخاف عليكم اتباع الهوى وطولُ الأمل‏.‏ وخطبة له أيضاً قالوا‏:‏ ولما أغار سُفيان بن عَوف الأسديّ على الأنبار في خلافة في رضي الله عنه وعليها حَسّان البكْري فَقَتله وأزال تلك الخَيْل عن مَسارحها فَخرج عليّ رضي الله عنه حتى جَلس على باب السدّة فَحمد الله وأثنى عليه ثم قال‏:‏ أما بعد فإن الجهاد باب من أبواب الجَنًة فمن تَركه ألبسه‏.‏ الله ثوبَ الذُّل وأشْمله البَلاء والزمه الصغار وسامَه الخَسْف ومَنعه النِّصْف‏.‏ ألا وإني دعوتُكم إلى قتال هؤلاء القوم ليلاَ ونهاراً وسراً وإعلاناً وقُلت لكُم‏:‏ اغزُوهم قبلَ أن يَغزوكم فوللّه ما غُزى قومٌ قط في عُقر دارهم إلاّ ذلّوا‏.‏ فتواكلتم وتخاذلتم وثَقُل عليكم قَوْلي فاتخدتُموه وراءَكم ظِهْريّاً حتى شنّت عليكم الغارات‏.‏ هذا أخو غامِد قد بلغت خيلُه الأنبار وقَتل حَسّان البَكْريّ وأزال خَيْلَكم عن مَسارحها وقَتل منكم رجالاَ صالحين‏.‏ ولقد بَلغني أنّ الرجل منهم كان يَدْخل على المَرأة المُسلمة والأخرى المُعاهَدَة فَينْزعِ حِجْلها وقُلْبها ورِعاثَها ثمٍ انصرفوا وافرِين ما كُلِم رجلٌ منهم‏.‏ فلو أنّ رجلاً مُسْلماً ماتَ من بعد هذا أسَفا ما كان عندي مَلُوماً بل كان عندي جدِيراً‏.‏ فواعجبا مِن جِد هؤلاء في باطلهم وفَشَلكم عن حَقّكم‏!‏ فقُبحاً لكم وَتَرَحاً‏!‏ حين صرتم غرضاً يُرمي يغار عليكم ولا تُغيرون تُغزَوْن ولا تَغْزُون ويُعمى الله وتَرْضون‏!‏ فإذا أمرتكم بالمَسير إليهم في أيام الحَرّ قُلتم‏:‏ حَمارة القَيْظ أَمهلنا حتى ينْسلخ عنَّا الحر وإذا أمرتُكم بالمسير إليهم ضُحى في الشّتاء قلتم‏:‏ أمْهلنا حتى يَنسلخ عنا هذا القر‏.‏ كُلّ هذا فِراراً من الحَر والقر فختم والله من السِّيف أفرّ‏.‏ يا أشباهَ الرِّجال ولا رِجال‏!‏ ويا أحلام أطفال وعُقولَ ربّات الحِجَال‏!‏ وَدِدْتُ أن الله أخرجنيِ من بين أظْهُركم وقَبضني إلى رَحْمته مِن بينكم وأني لم أركم ولِم أعرفكمٍ معرفةٌ والله جَرّت وَهْنا وورّيتم والله صَدْري غَيْظاً وجَرّعْتموني الموت أنفاسا وأفسدتُم علّي رأي بالعِصْيان والخِذْلان حتى قالت قريش‏:‏ إن ابن أبي طالب شُجاعٍ ولكنْ لا عِلْم له بالحَرب لله أبوهم‏!‏ وهَلْ منهم أحد أشدً لها مِرَاساً وأطولُ تجربة منّي‏!‏ لقد مارستُها وأنا ابنُ عِشْرين فها أنذا الآنَ بد نَيَّفت على الستين ولكنْ لا رأيَ لمن لا يُطاع‏.‏ وخطبة له رضي الله عنه قام فيهم فقال‏:‏ أيها الناس المجتمعة أبدانهم المُختلفة أهواؤهم كلامُكم يوهِي الصُم الصِّلاَب وَفِعْلكم يُطْمع فيكم عدوَكم تقولون في المجالس كَيْت وكَيْت فإذا جاء القِتال‏!‏ قلتم حِيدِي حَيَادِ‏.‏ ما عَزًت دعوةُ مَن دعاكم ولا استراح قلبُ من قاساكم أعاليل بأباطيل‏.‏ وسألتُموني التأخير دِفاع ذي الذَين المَطول‏.‏ هيهات‏!‏ لا يدفع الضَّيمَ الذَّليلُ ولا يُدْرَك الحقُّ إلا بالجِدّ‏.‏ أيّ دار بعد داركم تَمَنعون أم مع أَيّ إمام بَعدي تُقاتِلون المَغْرور والله من غَرر تموه ومَن فاز بكم فاز بالسَّهم الأَخْيَب‏.‏ أصبحتُ والله لا أصدِّق قولَكم ولا أطمع في نُصْرَتكم فرق الله بيني وَبَينكم وأعقبني بكم مَن هو خير لي منكم‏.‏ وَدِدْت والله إن لي بكلّ عشرة منكم رجلاً من بني فِرَاس ابن غَنْم صَرْفَ الدِّينار بالدِّرهم‏.‏ فأقبلوا إليه مِع ابنه الحَسن رضي الله