عندما استردّت رغد وعيها كاملا، كان ذلك بعد بضع دقائق من حضورنا إلى الممر و رؤيتنا لها مرمية على الأرض...
كنا قد سمعنا صوت ارتطام ، شيء ما بالأرض أو الجدران ، ثم سمعنا صوت دانة تهتف :
" سامر ..تعال بسرعة"
قفزنا نحن الاثنان، أنا و سامر هو يهرول و أنا أهرول خلفه تلقائيا حتى وصلنا إلى هناك..
دانة كانت ترفع رأس رغد على رجلها و تضرب وجهها محاولة إيقاظها.. و رغد كانت مغشي عليها...
أسرعنا إليها ، و مددت أنا يدي و انتشلتها عن الأرض بسرعة و نقلتها إلى سريرها و جميعنا نهتف
" رغد.. أفيقي... "
صرخت :
" ماذا حدث لها ؟؟ "
دانة أسرعت نحو دورة المياه، و عادت بمنديل مبلل عصرته فوق وجه رغد، و التي كانت تفتح عينيها و تغمضهما مرارا...
استردت رغد وعيها و أخذت تجول ببصرها فيما حولها.. و تنظر إلينا واحدا عقب الآخر...
قال سامر :
" سلامتك حبيبتي... هل تأذيت ؟؟ "
قالت دانة :
" أأنت على ما يرام رغد ؟؟ "
قلت أنا :
" ما ذا حدث صغيرتي ؟؟ "
نظرت رغد إلي نظرة غريبة.. ثم جلست و صاحت :
" سأتقيأ "
بعدما هدأت من نوبة التقيؤ ، وضعت رأسها على صدر سامر و طوقته بذراعيها و أخذت تبكي ...
سامر أخذ يمسح على رأسها المغطى بالحجاب... و يتمتم :
" يكفي حبيبتي، اهدئي أرجوك.. فداك أي شيء..."
قلت :
" صغيرتي ؟؟ "
رغد غمرت وجهها في صدر سامر... مبللة ملابسه بالدموع..
" صغيرتي ..؟؟ "
" دعوني وحدي.. دعوني وحدي .. "
و أجهشت بكاء شديدا...
لم أعزم الحراك و لم استطعه، إلا أن دانة قالت لي :
" لنخرج وليد "
قلت بقلق :
" ماذا حدث يا دانة ؟؟ "
قالت :
" قلت لك... إنها مريضة! هذه المرة الثالثة التي يغشى عليها فيها منذ الأمس... "
صعقني هذا النبأ..
قلت مخاطبا رغد:
" رغد هل أنت بخير..؟؟ "
لم تلتف إلي ، بل غاصت برأسها أكثر و أكثر في صدر سامر و قالت :
" دعوني وحدي... دعوني وحدي.."
يد دانة الآن أمسكت بيدي ، و حثّتني على السير إلى الخارج، ثم أغلقت الباب...
حاولت التحدث معها إلا أنها اعترضت حديثي قائلة :
" سوف أعود لأطمئن ضيفاتي.. وليد استدع نوّار ... "
و انصرفت...
بقيت واقفا عند باب غرفة رغد غير قادر على التزحزح خطوة واحدة.. ماذا حل ّ بصغيرتي ؟؟ و لماذا تتشبث بسامر بهذا الشكل ؟؟ هل صحتها في خطر؟ هل عدلت عن فك ارتباطها به ؟ ماذا يحدث من حولي..؟؟
لحظات و إذا بي أرى دانة تظهر من جديد
" وليد أ لم تتحرك بعد ! هيا استدعه "
" حسنا.. "
و عدت إلى صالة الرجال، و رأيتهم أيضا متوترين يتساءلون عما حدث، طمأنتهم و استدعيت العريس و قدته إلى مجلس النساء.. حيث قامت والدته أو إحدى شقيقاته بالتقاط الصور التذكارية لهن مع العريسين...
أروى كانت بالداخل أيضا..
عدت إلى بقية الضيوف و أنا مشغول البال .. بالكاد ابتسم ابتسامة مفتعلة في وجه من ينظر إلي...
فيما بعد، جاء نوّار و قال :
" سننطلق إلى الفندق الآن.."
و كان من المفروض أن يسير موكب العريسين إلى أحد الفنادق الراقية، حيث سيقضي العريسان ليلتهما قبل السفر يوم الغد مع بقية أفراد عائلة العريس إلى البلدة المجاورة و من ثم يستقلون طائرة راحلين إلى الخارج...
سامر كان من المفترض أن يقود هذا الموكب..
ذهبت إلى غرفة رغد.. و طرقت الباب..
" سامر.. العريسان يودان الذهاب الآن.."
فتح الباب، و خرج سامر.. ينظر إلي بنظرة ريب ..
قلت:
" كيف رغد؟؟ "
قال بجمود :
" أفضل قليلا"
أردت ُ أن أدخل للاطمئنان عليها، لكن سامر كان يقف سادا الباب.. حائلا دون تقدّمي و تحرجت من استئذانه بالدخول..
قلت :
" إنهما يودان الانصراف الآن... "
سامر نظر إلي ّ بحيرة .. ثم قال :
" أتستطيع مرافقتهما ؟؟ "
" أنا ؟؟ "
" نعم يا وليد، فرغد لن تتمكن من الذهاب معنا و علي البقاء معها "
فزعت، و قلت:
" أهي بحالة سيئة؟ "
" لا، لكنها لن ترافقنا ، بالتالي سأبقى هنا "
" إنني أجهل الطريق.. "
" اطلب من أحد أخوته مرافقتكم..."
لم تبد لي فكرة حسنة، قلت معترضا:
" اذهب أنت يا سامر، و أنا باق هنا مع رغد و أروى..."
أقبلت دانة الآن، و سألت عن حال رغد، ثم دخلت إلى غرفتها...
~ ~ ~ ~ ~
تعرفي دمعة
زعلت على سامر كتير
مسكين
دمتي بخير
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 38 (0 من الأعضاء و 38 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)