صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 4 من 477

الموضوع: رغـد : أنـت لــي (كتـير حلـوة)

العرض المتطور


  1. #1

    ۞لَا إلَه إلا الله مُحَمَّد رَسُوْل الله ۞

     

    الحالة : دمعة فرح غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Jul 2010
    رقم العضوية: 1921
    الدولة: ملتقى المغتربيين السوريين
    الإهتمامات: الانمي
    العمر: 32
    المشاركات: 11,160
    الحالة الإجتماعية: مخطوبــة
    معدل تقييم المستوى : 1402
    Array

    انا آسفة كتير عنجد صار بعض الأخطاء وما كملت الحلقة 29

    هي التتمة

    متابعة ممتعة

    .....
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2

    ۞لَا إلَه إلا الله مُحَمَّد رَسُوْل الله ۞

     

    الحالة : دمعة فرح غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Jul 2010
    رقم العضوية: 1921
    الدولة: ملتقى المغتربيين السوريين
    الإهتمامات: الانمي
    العمر: 32
    المشاركات: 11,160
    الحالة الإجتماعية: مخطوبــة
    معدل تقييم المستوى : 1402
    Array




    استخدمت غرفتي السابقة بينما جعلت أروى تستعمل غرفة العروس، للمبيت تلك الليلة...

    لقد كنت شديد القلق على صغيرتي .. و لم أنم كما يجب..

    كنا قد قررنا البقاء ليومين قبل معاودة الرحيل، و كان هذان اليومان من أسوأ أيام حياتي !

    رغد كانت مريضة جدا و ملازمة للفراش، و سامر كان يمنعني من الدخول إلى غرفتها أغلب المرات، و في المرات القليلة التي سمح لي بإلقاء نظرة، كنت أرى رغد شاحبة جدا و مكتئبة للغاية ، ترفض الحديث معي و تطلب منا تركها بمفردها
    ضاق صدري للحالة التي كانت عليها و سألت سامر:

    " ماذا حدث لها ؟ هل حدث شيء تخفونه عني؟ لم هي كئيبة هكذا؟؟ هل آذاها أحد بشيء ؟؟ "

    قال سامر :

    " إنها كئيبة لفراق دانة ، فكما تعرف كانت تلازمها كالظل... "

    " لكن ليس لهذا الحد.. أنا أشعر بأن في الأمر سر ما.. "

    نظر إلي شقيقي نظرة ارتياب و قال :

    " أي سر؟؟ "

    قلت :

    " ليتني أعرف... "

    كنا خلال هذين اليومين نتناول وجباتنا أنا و أروى في المطاعم، و في الليلة الأخيرة، عندما عدنا من المطعم ، وجدنا رغد و سامر في غرفة المائدة يتناولان العشاء...

    فرحت كثيرا، فهي علامة جيدة مشيرة إلى تحسّن الصغيرة..

    قلت :

    " صغيرتي.. حمدا لله على سلامتك، أتشعرين بتحسّن ؟؟ "

    رغد نظرت نحوي بجمود ، ثم نحو أروى ، ثم وقفت ، و غادرت الغرفة ذاهبة إلى غرفة نومها...

    وقف سامر الآن و نظر إلي بعصبية :

    " أ هذا جيّد؟ ما كدت أصدق أنها قبلت أخيرا تناول وجبة.. "

    قلت ُ بانزعاج :

    " هذه حال لا يصبر عليها، لسوف آخذها إلى الطبيب.. "

    و سرت ُ مسرعا نحو غرفتها ، فأقبل شقيقي من بعدي مسرعا :

    " هيه أنت.. إلي أين ؟؟ "

    التفت ُ إليه و قلت :

    "سآخذ الفتاة للمستشفى "

    قال بغيظ :

    " من تظن نفسك؟ ألا تراني أمامك؟؟ خطيبتك هي تلك و ليست هذه "

    قلت مزمجرا :

    " قبل أن تكون خطيبتك هي ابنة عمّي ، و إن كنت نسيت فأذكرك بأنها ستنفصل عنك، و لتعلم إن كنت جاهلا بأن أمورها كلها تهمني و أنا مسؤول عنها كليا ، مثل والدي تماما "

    و هممت بمد يدي لطرق الباب و من ثم فتحه ، إلا أن سامر ثار... و أمسك بيدي و أبعدها بقوة..

    تحررت من مسكته و هممت بفتح الباب ألا أنه صرخ :

    " ابتعد "

    و قرن الصرخة بانقضاض على ذراعي، و سحب لي بقوة...

    دفعت به بعيدا عني فارتطم بالجدار، ثم ارتد إلي و لكمني بقبضته في بطني لكمة عنيفة...

    اشتعلت المعركة فيما بيننا و دخلنا في دوامة جنونية من الضرب و الركل و اللطم و الرفس.. أتت في غير أوانها !

    أروى واقفة تنظر إلينا بذهول.. و باب غرفة رغد انفتح .. و ظهرت منه رغد مفزوعة تنظر إلينا باستنكار و توتّر

    " سامر... وليد... يكفي ... "

    إلا أن أحدنا لم يتوقّف...

    في العراك السابق كان سامر يستسلم لضرباتي .. أما الآن ، فأجده شانا الهجوم علي و يضربني بغيظ و بغض.. كأن بداخله ثأرا يود اقتصاصه مني...

    بعد لحظات من العراك، و يد الغلبة لي، و أنا ممسك بذراع أخي ألويها للوراء و أؤلمه ، جاءت رغد تركض نحوي صارخة :

    " أترك خطيبي أيها المتوحّش "

    و رأيت يديها تمتدان إلي ، تحاولان تخليص سامر من بين يدي...

    أمسكت بذراعي و شدّتني بقوة، فحررت أخي من قبضتي و استدرت لأواجهها...

    صرخت بوجهي :

    " وحش.. مجرم.. قاتل.. أكرهك.. أكرهك.. أكرهك "

    و بقبضتيها كلتيهما راحت تضربني على صدري بانفعال ضربة بعد ضربة بعد ضربة... و أنا واقف كالجبل بلا حراك.. أشاهد.. و اسمع.. و أحس.. و أتألم..
    و أحترق... و أتزلزل ... و أموت..



  • #3

    ۞لَا إلَه إلا الله مُحَمَّد رَسُوْل الله ۞

     

    الحالة : دمعة فرح غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Jul 2010
    رقم العضوية: 1921
    الدولة: ملتقى المغتربيين السوريين
    الإهتمامات: الانمي
    العمر: 32
    المشاركات: 11,160
    الحالة الإجتماعية: مخطوبــة
    معدل تقييم المستوى : 1402
    Array

    الحلقة الثلاثون
    ********






    بعد سيل الضربات القوية التي وجهتها إلى صدر وليد ، بانفعال و ثورة.. بغضب و غيظ و قهر.. شعرت بألم في يدي ّ كان هو ما جعلني أوقف ذلك السيل...

    رفعت رأسي إليه، فرأيته ينظر إلي بجمود .. لم تهزه ضرباتي و لم توجعه!
    من أي نوع من الحجر أنت مخلوق؟؟ من أي نوع من المعادن صدرك مصنوع؟؟ ألا تحس بي؟؟

    عيناي كانتا مغرورقتين بالعبرات الحارقة.. تمنيت لو يمسحها.. تمنيت لو يضمني إلى صدره..

    تمنيت.. لو أصحو من النوم ، فأكتشف أن أروى هي مجرد حلم.. وهم .. لا وجود له.. و كم كانت أمان ٍ مستحيلة التحقق...

    كان وليد ينظر إلي بعمق، كانت نظراته تنم عن الحزن.. و الاستسلام... فهو لم يقاومني و لا يبعدني.. بل تركني في ثورة غضبي أفرغ على صدره دون إدراك.. كل ما كتمته من غيظ مذ علمت بنبأ ارتباطه...

    ابتعدت عنه، التفت إلى سامر، ثم إلى أروى، ثم إلى وليد مجددا... ثم ركضت داخلة غرفتي و صافعة الباب بقوة...

    لم أسمح لسامر بالدخول عندما أراد ذلك بعد قليل، و بقيت أبكي لساعات...

    في اليوم التالي، عندما خرجت من غرفتي قاصدة المطبخ، لمحت غرفة دانة سابقا ، الدخيلة حاليا مفتوحة الباب...

    اقتربت منها بحذر .. و ألقيت نظرة شاملة عليها كانت خالية من أي أحد ..

    أسرعت نحو غرفة وليد.. فوجدتها الأخرى مفتوحة و لا وجود لأي شيء يشير إلى أن وليد لم يرحل...

    ركضت بسرعة نحو الصالة، رأيت سامر يجلس هناك شاردا ..
    حين رآني ، ابتسم و وقف و ألقى علي تحية الصباح ..

    قلت بسرعة :

    " أين وليد ؟؟ "

    ألقى علي سامر نظرة متألمة ثم قال :

    " رحل "

    صعقت ... هتفت :

    " رحل ؟؟ متى ؟؟ "

    قال :

    " قبل قليل.. "

    مستحيل ! لا ... غير ممكن ...

    صرخت :

    " لماذا تركته يرحل ؟؟ "

    نظر إلي سامر بحيرة ..صرخت مجددا :

    " لماذا تركته يرحل ؟؟ "

    قال سامر مستاء ً :

    " و هل كنت تتوقعين مني أن أربطه إلى المقعد حتى لا يذهب ؟ أخذ خطيبته و أغراضهما و ولا خارجين دون سلام "

    صرخت :

    " كان يجب أن تمنعه ! الحق به.. دعه يعود .. أعده إلي حالا "

    سامر هتف بعصبية :

    " لا تثيري جنوني يا رغد.. ماذا تريدين به ؟ لقد تزوّج من أخرى و قضي الأمر "

    صرخت بقوة :

    " لا "

    " رغد ! "

    " لن أصدّق.. إنكم تكذبون ... كلكم تكذبون.. وليد لم يرتبط بأحد.. وليد لم يدخل السجن.. وليد لم يقتل أحدا.. وليد لن يتخلّى عني...لن يبتعد عني.. أعده إلي.. أعده إلي..أعده إلي.. "

    و انهرت باكية..حسرة على وليد قلبي

    و على هذه الحال بقيت أياما... اشتد علي المرض و السقم.. و تدهورت حالتي النفسية كثيرا..كما ساءت حالة سامر و أصبح عصبيا جدا..و صرنا نتشاجر كل يوم..و الحال بيننا لا تطاق..

    ما زاد الأمر سوءا هو أننا كلما اتصلنا بوالدي ّ وجدنا الهاتف مغلقا، و عندما اتصلنا بالفندق الذي كانا ينزلان به أُبلغنا بأنهما قد غادراه...

    انقطعت أخبارهما عنا عدة أيام و حلّ التوتر الفظيع علينا و امتزجت المشاكل و المخاوف و المشاجرات مع بعضها البعض، و تحوّلت حياتنا أنا و سامر إلى جحيم... و جحيمنا صار يتفاقم و يتضاعف يوما بعد يوم، إلى أن طغى الطوفان المدمّر و حلّت الصاعقة الكبرى...أخيرا...





    ~ ~ ~ ~ ~





  • #4

    ۞لَا إلَه إلا الله مُحَمَّد رَسُوْل الله ۞

     

    الحالة : دمعة فرح غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Jul 2010
    رقم العضوية: 1921
    الدولة: ملتقى المغتربيين السوريين
    الإهتمامات: الانمي
    العمر: 32
    المشاركات: 11,160
    الحالة الإجتماعية: مخطوبــة
    معدل تقييم المستوى : 1402
    Array



    التحقت بمعهد إداري في مبنى قريب من المزرعة، و بتوفيق من الله أولا ، ثم بمساعدة من العم إلياس و السيدة ليندا، أصبحت طالبا رسميا في المعهد.

    الحياة بدت مختلفة، و كل شيء سار على خير ما يرام، حظيت أخيرا بشيء من الراحة و السعادة..
    خطيبتي..كانت إنسان رائع جدا.. في الأخلاق و الطيبة و المشاعر و الجمال و كل شيء... نعمة من رب السماء ..

    حاولت جاهدا أن أصرف مشاعري نحوها... و أودع فيها ما يكنه قلبي من الحب و الحنان ، إلا أن رغد.. لم تسمح لي بذلك...

    فقد كانت محتلة القلب من أول وريد إلى آخر شريان...و بُعدها و صحتها المتدهورة ما زاداني إلا تعلقا بها و لهفة إليها... و كلما تسللت يداي إلى الهاتف، و أدارتا رقم الشقة، ذكرني عقلي بكلماتها الأخيرة القاتلة... فوضعت السماعة و ابتعدت ...

    لم أتصل للسؤال عن أي فرد من أسرتي، و أقنعت نفسي بأنني لم أعد أنتمي إليهم.. و أن عائلتي الحقيقية هي عائلة نديم رحمه الله...

    لذلك ، حين وردتني مكالمة من سامر بعد أيام حاولت اصرافها، إلا أن أروى ألحّت علي بالإجابة .. و هي تقول :

    " لو كان لدي أخ أو أخت لكنت فعلت أي شيء من أجلهما مهما تعاركا معي أو حتى قتلاني ! "

    تناولت السماعة من يدها و أنا أشعر بالخجل من هروبي هذا... قربتها من أذني و فمي و تحدّثت :

    " نعم يا سامر؟؟ "

    " كيف حالك؟ "

    " بخير.."

    و ساد صمت استمر عدة ثواني ...

    قلت :

    " أهناك شيء ؟؟ "

    فأنا لا أتوقع أن يتصل ليسأل عني فقط ، خصوصا بعد شجارنا الأخير...

    قال سامر :

    " يجب أن تحضر إلى هنا يا وليد "

    ذهلت من عبارته، قلت متوترا و قد انتابني القلق المفاجئ :

    " خير؟ هل حصل شيء ؟؟ "

    " نعم، و لابد من حضورك "

    هوى قلبي على الأرض..من القلق ، قلت و أنا بالكاد أحرك شفتي ّ :

    " رغد بخير ؟؟ أ أصابها مكروه ؟؟ "

    سامر صمت ، ما جعلني أوشك على الموت... قلت :

    " ما بها رغد أخبرني ؟؟ "

    قال :

    "على ما هي عليه، أريدك حضورك فورا "

    التقطت بعض أنفاسي و قلت :

    " لم سامر؟ أخبرني ماذا حصل ؟؟ "

    " لن أخبرك على الهاتف ، تعال بأسرع وقت يا وليد.. الأمر غاية في الأهمية "


    لم استطع بعد تلك المكالمة السكون برهة واحدة ، تحركت بعصبية كالمجنون .. و من فوري ذهبت لأبحث عن سيارة أجرة، إذ أنني لم أكن أملك واحدة كما تعلمون...

    أرادت أروى مرافقتي إلا أنني عارضت ذلك، و خلال ساعة، كنت أشق طريقي نحو شقة سامر.. و قلبي شديد الانقباض.. لابد أن مكروها قد حل ّ بصغيرتي و إن كان كذلك، فلن أسامح نفسي على البقاء بعيدا بينما هي مريضة...

    قطعت المسافة في زمن قياسي، و حين وصلت أخيرا إلى الشقة، قرعت الباب بشكل متواصل إلى أن فتحه أخي أخيرا...

    من النظرة الأولى إلى وجهه أدركت أن الموضوع أخطر مما تصوّرت.. كانت عيناه حمراوان و جفونه وارمة ، و وجهه شديد الكآبة... و السواد أيضا...
    منظره أوقع قلبي تحت قدمي ّ في الحال...

    و قبل أي كلمة أخرى هتفت مفزوعا :

    " أين رغد ؟؟ "

    و ركضت إلى الداخل مسرعا و أنا أنادي :

    " رغد ... رغد ... "

    و حين بلغت غرفتها طرقت الباب بقوة... و أنا أهتف بفزع...

    " رغد... أأنت هنا ؟ "

    فتح الباب و ظهرت رغد .. و ما أن وقعت أعيننا على بعضها البعض حتى كدت أخر صريعا..

    " رغد ! "

    " وليد ... "

    " أنت ِ بخير صغيرتي ؟؟ أنت بخير ؟؟ "


    انفجرت رغد باكية بقوة ، التفت إلى الوراء فإذا بسامر يقف خلفي ، هتفت :

    " ماذا حصل ؟ "

    رغد ازداد بكاؤها ..

    قلت منفعلا :

    " أخبراني ماذا حدث ؟؟ "

    و نظرت إلى سامر في انتظار ما سيقول ...
    سامر حرّك شفتاه و قال أخيرا :

    " أصيب والدانا في الغارة على الحدود"

    صعقت ، شهقت :

    " ماذا ؟؟ "

    طأطأ سامر رأسه للأسفل ، فقلت بسرعة :

    " سامر ؟؟ "

    لم يرفع عينيه في البداية، إلا أنه حين رفعهما كانتا غارقتين في الدموع، و قال أخيرا :

    " قتلوهما.."







    شهر كامل قد مضى، و أنا مقيم مع أخي و رغد في هذه الشقة... نسبح في بحر الدموع و الألم...

    لا يقوى أحدنا حتى على النهوض من المقعد الذي يجلس عليه... أسوأ اللحظات.. كانت تلك اللحظات التي رأيت فيه رغد تلطم وجهها و تصرخ و تنوح و تصيح...

    " لماذا كتب علي أن أيتّم مرتين؟؟ من بقي لي بعدهما؟؟ أريد أن ألحق بهما.. أمي .. أبي .. أنا مدللتكما العزيزة.. كيف تفعلان هذا بي ؟؟ كيف تتركاني يتيمة من جديد؟ و أنا في أمس الحاجة إليكما.. ليتني متّ منذ صغري..ليتني احترقت مع المنزل و لم أعش هذا اليوم... وا حسرتاه"

    كانت تجول في الشقة و تصرخ و تنادي كالمجنونة.. و تصفع رأسها بأي شيء تصادفه في طريقها..

    و كنت أمشي خلفها، محاولا تهدئتها و مواساتها ، بينما أنا الأكثر حاجة للمواساة..

    أبعد حرماني منهما لثمان سنين.. ثمان سنين كان من الممكن أن أقضيها تحت رعايتهما و حبهما.. اللذين مهما كبرت سأبقى بحاجة إليهما، أفقدهما بهذا الشكل؟؟

    حينما أتذكر يوم وداعهما...

    آه يا أمي.. و يا أبي..

    لو كنت أعرف أنه اللقاء الأخير.. ما كنت تركتكما تخرجان...

    أتذكر وصايا أمي... (اعتني بشقيقتيك جيدا لحين عودتنا).. أماه.. هاأنا قد اعتنيت بهما و إن قصّرت.. فأين عودتك ؟؟

    لو كنت أعلم أنه آخر العهد لي بكما... ما فارقتكما لحظة واحدة حتى أموت دونكما أو معكما..

    لكنه قضاء الله.. و مشيئة الله..

    يا رب.. فكما جاءاك ملبيين طائفين حول بيتك المشرّف، يا رب فأكرمهما بنعيم الجنة التي وعدت بها عبادك المؤمنين...

    و لا حول و لا قوّة إلا بالله...




    شهر كامل قد انقضى و لم تتحسن أحوالنا النفسية شيئا يذكر..
    و هل يمكن أن يندمل جرح كهذا؟؟
    لقد كانا في حافلة مع مجموعة من الحجيج عائدين إلى البلد، بعدما نفذ صبر الجميع و دفعهم الحنين لأهلهم للإقدام على السفر برا...و كانت مجازفة أودت بحياتهم جميعا ...
    نحن.. و يا من كنا غارقين في بحر الحزن و المآسي.. و يا من تشردنا..و تشتتنا..و تفرّقنا و انتكست أحوالنا و تنافرت قلوبنا..و كنا ننتظر عودة والدينا لعل ّ الله يصلح الحال.. يأتينا نبأ مصرعهما المفاجئ المفجع.. و ينسف ما بقي لنا من قوة أيما نسف...

    السلطات اتصلت بأخي سامر و أبلغته الخبر المفجع، ليذهب لاستلام الجثتين من إحدى المستشفيات، التي نقل إليها جميع راكبي الحافلة، و الذين قتلوا جميعا دون استثناء..

    كنت أريد الذهب..فقط لألقي نظرة..فقط لأقبّل أي شيء منهما.. رأسيهما.. جبنيهما.. أيديهما..إقدامهما..أو حتى ملابسهما..أي شيء منهما و لهما.. لكني بقيت رغما عني ملازما رغد في المستشفى.. متوقعا أن أفقدها هي الأخرى.. بين لحظة و أخرى..

    كانت أفظع أيام حياتي..

    كانت نائمة معظم الوقت، و كلنا أفاقت سألتني :

    " أين أبي؟؟ أين أمي ؟؟ ألا أزال حية ؟؟ متى سأموت؟؟"

    و لا أجد شيئا أواسيها به غير آهات تنطلق من صدري ، و شلالات تتدفق من عيني.. ونيران تحرق جسدي و ترديني فتاتا.. رمادا..غبارا..

    عندما عاد أخي.. كنت أنظر إلى عينيه بتمعن..أحدق بهما بجنون..علّ صورة والدي ّ قد انطبعت عليهما.. علّني أرى طيف ما رأتاه..

    أخذت أضمه، و أشمه و أقبّله.. فقد كان معهما.. و ربما علق به شيء منهما..أي شيء... أي شيء...

    و حين سألني عن رغد.. قلت باكيا :

    " ستموت! إنني أراها تموت بين يدي.. ماذا أستطيع أن أفعل؟ ليتني متّ قبل هذا "

    و حين تحدث معها ، سألته بلهفة :

    " أين هما؟؟ هل عادا معك؟؟ هل عادا للمنزل؟ أعدني إليهما..فأنا أريد أن يشهدا عرسي..ليس مثل دانة !"


    أي عرس يا رغد..أي فرح..أي لقاء تتحدثين عنه ؟؟

    لقد انتهى كل شيء.. و الحبيبان اللذان كانا يدللانك و يحيطاننا جميعا بالحب و الرعاية.. ذهبا في رعاية من لا يحمد على مكروه قضى به سواه...

    اللهم لا اعتراض على قضائك...

    و إنا لله .. و إنا إليه راجعون....



  • صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 8 (0 من الأعضاء و 8 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. لا تعـوّدني على [ قـربك ] كثـير
      بواسطة سوسن في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 03-11-2010, 05:13 AM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1