استخدمت غرفتي السابقة بينما جعلت أروى تستعمل غرفة العروس، للمبيت تلك الليلة...
لقد كنت شديد القلق على صغيرتي .. و لم أنم كما يجب..
كنا قد قررنا البقاء ليومين قبل معاودة الرحيل، و كان هذان اليومان من أسوأ أيام حياتي !
رغد كانت مريضة جدا و ملازمة للفراش، و سامر كان يمنعني من الدخول إلى غرفتها أغلب المرات، و في المرات القليلة التي سمح لي بإلقاء نظرة، كنت أرى رغد شاحبة جدا و مكتئبة للغاية ، ترفض الحديث معي و تطلب منا تركها بمفردها
ضاق صدري للحالة التي كانت عليها و سألت سامر:
" ماذا حدث لها ؟ هل حدث شيء تخفونه عني؟ لم هي كئيبة هكذا؟؟ هل آذاها أحد بشيء ؟؟ "
قال سامر :
" إنها كئيبة لفراق دانة ، فكما تعرف كانت تلازمها كالظل... "
" لكن ليس لهذا الحد.. أنا أشعر بأن في الأمر سر ما.. "
نظر إلي شقيقي نظرة ارتياب و قال :
" أي سر؟؟ "
قلت :
" ليتني أعرف... "
كنا خلال هذين اليومين نتناول وجباتنا أنا و أروى في المطاعم، و في الليلة الأخيرة، عندما عدنا من المطعم ، وجدنا رغد و سامر في غرفة المائدة يتناولان العشاء...
فرحت كثيرا، فهي علامة جيدة مشيرة إلى تحسّن الصغيرة..
قلت :
" صغيرتي.. حمدا لله على سلامتك، أتشعرين بتحسّن ؟؟ "
رغد نظرت نحوي بجمود ، ثم نحو أروى ، ثم وقفت ، و غادرت الغرفة ذاهبة إلى غرفة نومها...
وقف سامر الآن و نظر إلي بعصبية :
" أ هذا جيّد؟ ما كدت أصدق أنها قبلت أخيرا تناول وجبة.. "
قلت ُ بانزعاج :
" هذه حال لا يصبر عليها، لسوف آخذها إلى الطبيب.. "
و سرت ُ مسرعا نحو غرفتها ، فأقبل شقيقي من بعدي مسرعا :
" هيه أنت.. إلي أين ؟؟ "
التفت ُ إليه و قلت :
"سآخذ الفتاة للمستشفى "
قال بغيظ :
" من تظن نفسك؟ ألا تراني أمامك؟؟ خطيبتك هي تلك و ليست هذه "
قلت مزمجرا :
" قبل أن تكون خطيبتك هي ابنة عمّي ، و إن كنت نسيت فأذكرك بأنها ستنفصل عنك، و لتعلم إن كنت جاهلا بأن أمورها كلها تهمني و أنا مسؤول عنها كليا ، مثل والدي تماما "
و هممت بمد يدي لطرق الباب و من ثم فتحه ، إلا أن سامر ثار... و أمسك بيدي و أبعدها بقوة..
تحررت من مسكته و هممت بفتح الباب ألا أنه صرخ :
" ابتعد "
و قرن الصرخة بانقضاض على ذراعي، و سحب لي بقوة...
دفعت به بعيدا عني فارتطم بالجدار، ثم ارتد إلي و لكمني بقبضته في بطني لكمة عنيفة...
اشتعلت المعركة فيما بيننا و دخلنا في دوامة جنونية من الضرب و الركل و اللطم و الرفس.. أتت في غير أوانها !
أروى واقفة تنظر إلينا بذهول.. و باب غرفة رغد انفتح .. و ظهرت منه رغد مفزوعة تنظر إلينا باستنكار و توتّر
" سامر... وليد... يكفي ... "
إلا أن أحدنا لم يتوقّف...
في العراك السابق كان سامر يستسلم لضرباتي .. أما الآن ، فأجده شانا الهجوم علي و يضربني بغيظ و بغض.. كأن بداخله ثأرا يود اقتصاصه مني...
بعد لحظات من العراك، و يد الغلبة لي، و أنا ممسك بذراع أخي ألويها للوراء و أؤلمه ، جاءت رغد تركض نحوي صارخة :
" أترك خطيبي أيها المتوحّش "
و رأيت يديها تمتدان إلي ، تحاولان تخليص سامر من بين يدي...
أمسكت بذراعي و شدّتني بقوة، فحررت أخي من قبضتي و استدرت لأواجهها...
صرخت بوجهي :
" وحش.. مجرم.. قاتل.. أكرهك.. أكرهك.. أكرهك "
و بقبضتيها كلتيهما راحت تضربني على صدري بانفعال ضربة بعد ضربة بعد ضربة... و أنا واقف كالجبل بلا حراك.. أشاهد.. و اسمع.. و أحس.. و أتألم..
و أحترق... و أتزلزل ... و أموت..
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 9 (0 من الأعضاء و 9 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)