ذكر الخبر عن وفاة المغيرة بن المهلب

وفي هذه السنة توفي المغيرة بن المهلب بخراسان.
ذكر علي بن محمد، عن المفضل بن محمد، قال: كان المغيرة بن المهلب خليفة أبيه بمرو على عمله كله، فمات فر رجب سنة اثنتين وثمانين، فأتى الخبر يزيد، وعلمه أهل العسكر فلم يخبروا المهلب، وأحب يزيد أن يبلغه، فأمر النساء فصرخن، فقال المهلب: ماهذا؟ فقيل: مات المغيرة، فاسترجع، وجزع حتى ظهر جزعه عليه، فلامه بعض خاصته، فدعى يزيد فوجهه إلى مرو، فجعل يوصيه بما يعمل ودموعه تنحدر على لحيته. وكتب الحجاج إلى المهلب يعزيه عن المغيرة، وكان سيدًا، وكان المهلب يوم مات المغيرة مقيمًا بكس وراء النهر لحرب أهلها.
قال: فسار يزيد في ستين فارسًا - ويقال: سبعين - فيهم مجاعة بن عبد الرحمن العتكي وعبد الله بن معمر بن سمير اليشكري، ودينار السجستاني، والهيثم بن منخل الجرموزي، وغزوان الإسكاف صاحب زم - وكان أسلم على يد المهلب - وأبو محمد الزمى، وعطية - مولى العتيك - فلقيهم خمسمائة من الترك في مفازة نسف، فقالوا: ما أنتم؟ قالوا: تجار؛ قالوا: فأين الأثقال؟ قالوا: قدمناها؛ قالوا: فأعطونا شيئًا، فأبى يزيد، فأعطاهم مجاعة ثوبًا وكرابيس وقوسًا، فانصرفوا ثم غدروا وعادوا إليهم، فقال يزيد: أنا كنت أعلم بهم فقاتلوهم، فاشتد القتال بينهم، ويزيد على فرس قريب من الأرض، ومعه رجل من الخوارج كان يزيد أخذه، فقال: استبصقني! فمن عليه، فقال له: ما عندك؟ فحمل عليهم حتى خالطهم وصار من وراءهم وقد قتل رجلًا، ثم كر فخالطهم حتى تقدمه وقتل رجلًا ثم رجع إلى يزيد. وقتل يزيد عظيمًا من عظمائهم. ورمى يزيد في ساقه، واشتدت شوكتهم، وهرب أبو محمد الزمى، وصبر لهم يزيد حتى حاجزوهم، وقالوا: قد غدرنا، ولكن لا ننصرف حتى نموت جميعًا أو تموتوا أو تعطونا شيئًا، فحلف يزيد لا يعطيهم شيئًا، فقال مجاعة: أذكرك الله، قد هلك المغيرة، وقد رأيت ما دخل على المهلب من مصابه، فأنشدك الله أن تصاب اليوم! قال: إن المغيرة لم يعد أجله، ولست أعدوا أجلي. فرمى إليهم مجاعة بعمامة صفراء فأخذوها وانصرفوا، وجاء أبو محمد الزمى بفوارس وطعام، فقال له يزيد: أسلمتنا يا أبا محمد؛ فقال: إنما ذهبت لأجيئكم بمدد وطعام، فقال الراجز:
يزيد يا سيف أبا سعيد ** قد علم الأقوام والجنود
والجمع يوم المجمع المشهود ** أنك يوم الترك صلب العود
وقال الأشقري:
والترك تعلم إذ لاقى جموعهم ** أن قد لقوه شهابًا يفرج الظلمى
بفتية كأسود الغاب لم يجدوا ** غير التأسى وغير الصبر معتصما
نرى شرائج تغشى القوم من علق ** وما أرى نبوة منهم ولا كزمى
وتحتهم قرح يركبن ماركبوا ** من الكريهة حتى ينتلعن دما
في حازة الموت حتى جن ليلهم ** كلا الفريقين ما ولى ولا انهزما
وفي هذه السنة صالح المهلب أهل كس على فدية، ورحل عنها يريد مرو.
ذكر الخبر عن سبب إنصراف المهلب عن كس

ذكر علي بن محمد، عن المفضل بن محمد، أن المهلب اتهم قومًا من مضر فحبسهم وقفل من كِسّ وخلفهم، وخلف حريث بن قطبة مولى خزاعة، وقال: إذا استوفيت الفدية فرد عليهم الرهن. وقطع النهر فلما صار ببلخ أقام بها وكتب إلى حريث: إني لست آمن إن رددت عليهم الرهن أن يغيروا عليك، فإذا قبضت الفدية فلا تخلى الرهن حتى تقدم أرض بلخ. فقال حريث لملك كس: إن المهلب كتب إلي أن أحبس الرهن حتى أقدم أرض بلخ، فإن عجلت لي ما عليك سلمت إليك رهائنك، وسرت فعجل لهم صلحهم، ورد عليهم من كان في أيديهم منهم. وأقبل فعرض لهم الترك، فقالوا: افد نفسك ومن معك، فقد لقينا يزيد بن المهلب ففدى نفسه. فقال حريث: ولدتني إذًا أم يزيد! وقاتلهم فقتلهم، وأسر منهم أسرى ففدوهم، فمن عليهم وخلاهم، ورد عليهم الفداء. وبلغ المهلب قوله: ولدتني أم يزيد إذًا، فقال: يا أنف العبد أن تلده رحمه! وغضب. فلما قدم عليه بلخ قال له: أين الرهن؟ قال: قبضت ماعليهم وخليتهم، قال: ألم أكتب إليك ألا تخليهم! قال: أتاني كتابك وقد خليتهم، وقد كفيت ما خفت؛ قال: كذبت، ولكنك تقربت إليهم وإلى ملكهم فأطلعته على كتابي إليك. وأمر بتجريده، فجزع من التجريد حتى ظن المهلب أن به برصا، فجرده وضربه ثلاثين صوتًا. فقال حريث: وددت أنه ضربني ثلثمائة صوت ولم يجردني، أنفًا واستحياء من التجريد، وحلف ليقتلن المهلب فركب المهلب يومًا وركب حريث، فأمر غلامين له وهو يسير خلف المهلب أن يضرباه، فأبى أحدهما وتركه وانصرف، ولم يجترئ الآخر لما صار وحده أن يقدم عليه، فلما رجع قال لغلامه: ما منعك منه؟ قال: الإشفاق والله عليك، ووالله ما جزعت على نفسي، وعلمت أنا إن قتلناه أنك ستقتل ونقتل، ولكن كان نظري لك، ولو كنت أعلم أنك تسلم من القتل لقتلته. قال: فترك حريث إتيان المهلب وأظهر أنه وجع، وبلغ المهلب، أنه تمارض وأنه يريد الفتك به، فقال المهلب لثابت بن قطبة: جئني بأخيك، فإنما هو كبعض ولدي عندي، وما كان ما كان من إليه إلا نظرًا له وأدبًا، ولربما ضربت بعض ولدي أؤدبه. فأتى ثابت أخاه فناشده، وسأله أن يركب. إلى المهلب، فأبى وخافه وقال: والله لا أجيئه بعد ما صنع بي ما صنع، ولا آمنه ولا يأمنني فلما رأى ذلك أخوه ثابت قال له: أما إن كان هذا رأيك فاخرج بنا إلى موسى بن عبد الله بن خازم، وخاف ثابت أن يفتك حريث بالمهلب فيقتلون جميعًا؛ فخرجا في ثلثمائة من شاكريتهما والمنقطعين إليها من العرب.
خبر وفاة المهلب بن أبي صفرة

قال أبو جعفر: وفي هذه السنة توفي المهلب بن أبي صفرة.
ذكر الخبر عن سبب موته ومكان وفاته
قال علي بن محمد: حدثني المفضل، قال: مضى المهلب منصرفه من كس يريد مرو، فلما كان بزاغول من مرو الروذ أصابته الشوصة - وقوم يقولون: الشوكة - فدعا حبيبًا ومن حضره من ولده، ودعا بسهام فحزمت، وقال: أترونكم كاسريها مجتمعة؟ قالوا: لا، قال: أفتروكم كاسريها متفرقة؟ قالوا: نعم؛ قال: فهكذا الجماعة، فأوصيكم بتقوى الله وصلة الرحم، فإن صلة الرحم تنسئ في الأجل، وتشري المال، وتكثر العدد؛ وأنهاكم عن القطيعة فإن القطيعة تعقب النار، وتورث الذلة والقلة، فتحابوا وتواصلوا، وأجمعوا أمركم ولا تختلفوا، وتباروا تجتمع أموركم؛ إن بني الأم يختلفون، فكيف ببني العلات! وعليكم بالطاعة والجماعة، وليكن فعالكم أفضل من قولكم، فإن أحب للرجل أن يكون لعمله فضل على لسانه، واتقوا الجواب وزلة اللسان، فإن الرجل تزل قدمه فينتعش من زلته، ويزل لسانه فيهلك. إعرفوا لمن يغشاكم حقه، فكفى بغدو الرجل ورواحه إليكم تذكرة له، وآثروا الجود على البخل، وأحبوا العرب واصطنعوا العرف، فإن الرجل من العرب تعده العدة فيموت دونك، فكيف الصنيعة عنده! عليكم في الحرب بالأناة والمكيدة، فإنها أنفع في الحرب من الشجاعة، وإن كان اللقاء نزل القضاء، فإن أخذ رجل بالحزم فظهر على عدوه قيل: أتى الأمر من وجهه، ثم ظفر فحمد، وإن لم يظفر بعد الأناة قيل: ما فرط ولا ضيع، ولكن القضاء غالب. وعليكم بقراءة القرآن، وتعليم السنن، وأدب الصالحين، وإياكم والخفة وكثرة الكلام في مجالسكم، وقد استخلفت عليكم يزيد، وجعلت حبيبًا على الجند حتى يقدم بهم على يزيد، فلا تخالفوا يزيد، فقال له المفضل: لو لم تقدمه لقدمناه. ومات المهلب وأوصى إلى حبيب، فصلى عليه حبيب، ثم سار إلى مرو.
وكتب يزيد إلى عبد الملك بوفاة المهلب واستخلافه إياه، فأقره الحجاج ويقال: إنه قال عند موته ووصيته: لو كان الأمر إلي لوليت سيد ولدي حبيبًا. قال: وتوفي في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين، فقال نهار بن توسعة التميمي:
ألا ذهب الغزو المقرب للغنى ** ومات الندى والجود بعد المهلب
أقام بمرو الروذ رهني ضريحه ** وقد غيبا عن كل شرق ومغرب
إذا قيل أي الناس أولى بنعمة ** على الناس؟ قلناه ولم نتهيب
أبح لنا سهل البلاد وحزنها ** بخيل كأرسال القطا المتسرب
يعرضها للطعن حتى كأنما ** يجللها بالأرجوان المخضب
تطيف به قحطان قد عصبت به ** وأحلافها من حي بكر وتغلب
وحيا معد عوذ بلوائه ** يفدونه بالنفس والأم والأب
وفي هذه السنة ولى الحجاج بن يوسف يزيد بن المهلب خراسان بعد موت المهلب. وفيها عزل عبد الملك أبان بن عثمان عن المدينة؛ قال الواقدي: عزله عنها لثلاث عشرة ليلة خلت من جمادى الآخر. قال: وفيها ولى عبد الملك هشام بن إسماعيل المخزومي المدينة. وعزل هشام بن إسماعيل عن قضاء المدينة لما وليها نوفل بن مساحق العامري، وكان يحيى بن الحكم هو الذي استقضاه على المدينة، فلما عزل يحيى ووليها أبان ابن عثمان أقره على قضائها؛ وكانت ولاية أبان المدينة سبع سنين وثلاثة أشهر وثلاث عشرة ليلة، فلما عزل هشام بن إسماعيل نوفل بن مساحق عن القضاء ولى مكانه عمرو بن خالد الزرقي. وحج بالناس في هذه السنة أبان بن عثمان، كذلك حدثني أحمد بن ثابت عمن ذكره، عم إسحاق بن عيسى، عن أبي معشر.
وكان على الكوفة والبصرة والمشرق الحجاج، وعلى خراسان يزيد ابن المهلب من قبل الحجاج.
ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين

ذكر الأحداث التي كانت فيها

خبر هزيمة ابن الأشعث بدير الجماجم

فمما كان فيها من ذلك هزيمة عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بدير الجماجم.
ذكر الخبر عن سبب انهزامه
ذكر هشام بن محمد، عن أبي مخنف، قال: حدثني أبو الزبير الهمداني، قال: كنت في خيل جبلة بن زحل، فلما حمل عليه أهل الشام مرة بعد مرة، نادانا عبد الرحمن بن أبي ليلى الفقيه فقال: يا معشر القراء، إن الفرار ليس بأحد من الناس بأقبح منه بكم؛ إني سمعت عليًا - رفع الله درجته في الصالحين، وأثابه أحسن ثواب الشهداء والصديقين - يقول يوم لقينا أهل الشام: أيها المؤمنون، إنه من رأى عدوانًا يعمل به، ومنكرًا يدعى إليه، فأنكره بقلبه فقد سلم وبرئ، ومن أنكر بلسانه فقد أجر، وهو أفضل من صاحبه، ومن أنكره بالسيف لتكون كلمة الله العليا وكلمة الظالمين السفلى، فذلك الذي أصاب سبيل الهدى، ونور في قلبه اليقين فقاتلوا هؤلاء المحلين المحدثين المبتدعين الذين قد جهلوا الحق فلا يعرفونه، وعملوا بالعدوان فليس ينكرونه، وقال أبو البختري: أيها الناس، قاتلوهم على دينكم ودنياكم، فوالله لئن ظهروا عليكم ليفسدن عليكم دينكم، وليغلبن على دنياكم. وقال الشعبي: يا أهل الإسلام، قاتلوهم ولا يأخذكم حرج من قتالهم، فوالله ما أعلم قومًا على بسيط الأرض أعمل بظلم، ولا أجور منهم في الحكم، فليكن بهم البدار. وقال سعيد بن جبير: قاتلوهم ولا تأثموا من قتالهم بنية ويقين، وعلى آثامهم قاتلوهم على جورهم في الحكم، وتجبرهم في الدين، واستذلالهم الضعفاء، وإماتتهم الصلاة. قال أبو مخنف، قال أبو الزبير: فتهيأنا للحملة عليهم، فقال لنا جبلة: إذا حملتم عليهم فاحملوا حملة صادقة، ولا تردوا وجوهكم عنهم حتى تواقعوا صفهم. قال: فحملنا عليهم حملة بجد منا في قتالهم، وقوة منا عليهم، فضربنا الكتائب الثلاث حتى اشفترت، ثم مضينا حتى واقعنا صفهم فضربناهم حتى أزلناهم عنه، ثم انصرفنا فمررنا بجبلة صريعًا لا ندري كيف قتل. قال: فهدنا ذلك وجبنا فوقفنا موقفنا الذي كنا به، وإن قراءنا لمتوافرون، ونحن نتناعى جبلة بن زحر بيننا، كأنما فقد به كل واحد منا أباه أو أخاه، بل هو في ذلك الموطن كان أشد علينا فقدًا، فقال لنا أبو البختري الطائي: لا يستبينن فيكم قتل جبلة بن زحر، فإنما كان كرجل منكم أتته منيته ليومها، فلم يكن ليتقدم يومه ولا ليتأخر عنه، وكلكم ذائق ما ذاق، ومدعو فمجيب. قال: فنظرت إلى وجوه القراء فإذا الكآبة على وجوههم بينة، وإذا ألسنتهم منقطعة، وإذا الفشل فيهم قد ظهر، وإذا أهل الشام قد سروا وجذلوا، فنادوا: يا أعداء الله، قد هلكتم، وقد قتل الله طاغوتكم. قال أبو مخنف: فحدثني أبو يزيد السكسكي أن جبلة حين حمل هو وأصحابه علينا انكشفنا، وتبعونا، وافترقت منا فرقة فكانت ناحية، فنظرنا فإذا أصحابه يتبعون أصحابنا، وقد وقف لأصحابه ليرجعوا إليه على رأس رهوة، فقال بعضنا، هذا والله جبلة بن زجر، إحملوا عليه ما دام أصحابه مشاغيل بالقتال عنه لعلكم تصيبونه. قال: فحملنا عليه، فأشهد ما ولى، ولكن حنل علينا بالسيف. فلما هبط من الرهوة شجرناه بالرماح فأذريناه عن فرسه فوقع قتيلًا، ورجع أصحابه، قلما رأيناهم مقبلين تنحينا عنهم، فلما رأوه قتيلًا رأينا من استرجاعهم وجزعهم ما قرت به أعيننا؛ قال: فتبينا ذلك في قتالهم إيانا وخوجهم إلينا قال أبو مخنف: حدثني سهم بن عبد الرحمن الجهني، قال: لما أصيب جبلة هد الناس مقتله، حتى قدم علينا بسطام بن مصقلة بن هبيرة الشيباني، فشجع الناس مقدمه، وقالوا: هذا يقوم مقام جبلة، فسمع هذا القول من بعضهم أبو البختري، فقال: قبحتم! إن قتل منكم رجل واحد ظننتم أن قد أحيط بكم، فإن قتل الآن ابن مصقلة ألقيتم بأيديكم إلى التهلكة، وقلتم: لم يبق أحد يقاتل معه! ما أخلقكم أن يخلف رجاؤنا فيكم! وكان مقدم بسطام من الري، فالتقى هو وقتيبة في الطريق، فدعاه قتيبة إلى الحجاج وأهل الشام، ودعاه بسطام إلى عبد الرحمن وأهل العراق، فكلاهما أبى على صاحبه، وقال بسطام: لأن أموت مع أهل العراق أحد إلي من أن أعيش مع أهل الشام، وكان قد نزل ماسبذان؛ فلما قدم قال لابن محمد: أمرني على خيل ربيعة؛ ففعل، فقال لهم: يا معشر ربيعة، إن في شرسفة عند الحرب فاحتملوها لي - وكان شجاعًا - فخرج الناس ذات يوم ليقتتلوا، فحمل في خيل ربيعة حتى دخل عسكرهم، فأصابوا فيهم نحوًا من ثلاثين امرأة من بين أمة وسرية، فأقبل بهن حتى إذا دنا من عسكره ردهن، فجئن ودخلن عسكر الحجاج، فقال: أولى لهم! منع القوم نساءهم، أما لو لم يردوهن لسبيت نساؤهم غدًا إذا ظهرت. ثم اقتتلوا يومًا آخر بعد ذلك، فحمل عبد الله بن مليل الهمداني في خيل له حتى دخل عسكرهم فسبا ثماني عشر امرأة، وكان معه طارق بن عبد الله الأسدي - وكان راميًا - فخرج شيخ من أهل الشام من فسطاطة، فأخذ الأسدي يقول لبعض أصحابه: استر مني هذا الشيخ لعلني أرميه أو أحمل عليه فأطعنه، فإذا الشيخ يقول رافعًا صوته: اللهم لمنا وإياهم بعافية؛ فقال الأسدي: ما أحب أن أقتل مثل هذا، فتركه، وأقبل ابن مليل بالنساء غير بعيد؛ ثم خلى سبيلهن أيضًا، فقال الحجاج مثل مقالته الأولى. قال هشام: قال أبي: أقبل الوليد بن نحيت الكلبي من بني عامر في كتيبة إلى جبلة بن زحر، فانحط عليه الوليد بن رابية - وكان جسيمًا، وكان جبلة رجلا ربعة - فالتقيا، فضربه على رأسه فسقط، وانهزم أصحابه وجيء برأسه.