صفحة 13 من 19 الأولىالأولى ... 31112131415 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 49 إلى 52 من 73

الموضوع: تاريخ الرسل والملوك(الجزء السادس)


  1. #49
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    فألقاه في النهر حي فغرق، فقال طرخون: أبوهما قتلهما وغدره. فقال يزيد بن هزيل: لأقتلن يا بني كل خزاعي بالمدينة، فقال له عبد الله بن بديل بن عبد الله بن بديل بن ورقاء - وكان ممن أتى موسى من فل ابن الأشعث: لو رمت ذاك من خزاعة لا تصعب عليك. وعاش ثابت سبعة أيام ثم مات. وكان يزيد بن هزيل سخيًا شجاعًا شاعرًا، ولى أيام ابن زياد جزيرة ابن كاوان، فقال:
    قد كنت أدعو الله في السر مخلصًا ** ليمكنني من جزية ورجال
    فاترك فيها ذكرطلحة خاملًا ** ويحمد فيها نائلي وفعالي
    قال: فقام بأمر العجل بعد موت ثابت طرخون، وقام ظهير بأمر أصحاب ثابت، فقاما قيامًا ضعيفًا، وانتشر أمرهم، فأجمع موسى على بياتهم، فجاء رجل فأخبر طرخون، فضحك وقال: موسى يعجز أن يدخل متوضأه، فكيف يبيتنا! لقد طار قلبك، لا يحرسن الليلة أحد العسكر.
    فلما ذهب من الليل ثلثه خرج موسى في ثمانمائة قد عباهم من النهار، وصيرهم أرباعًا. قال: فصير على ربع رقبة بن الحرب وعلى ربع أخاه نوح بن عبد الله بن خازم، وعلى ربع يزيد بن هزيل، وصار هو في ربع، وقال لهم: إذا دخلتم عسكرهم فتفرقوا، ولا يمرن أحد منكم بشيء إلا ضربه، فدخلوا عسكره من أربع نواح لا يمرون بدابة ولا رجل ولا خباء ولا جوالق إلا ضربوه وسمع الوجبة نيزك فلبس سلاحه، ووقف في ليلة مظلمة، وقال لعلي بن المهاجر الخزاعي: انطلق إلى طرخون فأعلمه موقفي، وقال له: ما ترى أعمل به، فأتى طرخون، فإذا هو في فازة قاعد على كرسيه وشاكريته قد أوقدوا النيران بين يديه، فأبلغه رسالة نيزك، فقال: اجلس، وهو طامح ببصره نحو العسكر والصوت. إذا أقبل محمية السلمى وهو يقول: " حم لا ينصرون "، فتفرق في الشاكرية، ودخل محمية الفازة. وقام إليه طرخون فبدره فضربه، فلم يغني شيئًا، قال: وطعنه طرخون بذباب السيف في صدره وصرعه، ورجع إلى الكرسي فجلس عليه، وخرج محمية يعدو. قال: ورجعت الشاكرية، فقال لهم طرخون: فررتم من رجل! أرأيتم لو كان نارًا هل كانت تحرق منكم أكثر من واحد! فما فرغ من كلامه حتى دخل جواريه الفازة، وخرج الشاكرية هرابًا، فقال للجواري: اجلسن، وقال لعلي بن المهاجر: قم، قال: فخرجا فإذا نوح بن عبد الله ابن خازم في السرادق، فتجاولا ساعة، واختلفا ضربتين، فلم يصنعا شيئًا، وولى نوح وأتباعه طرخون، فطعن فرس نوح في خاصرته فشب فسقط نوح والفرس في نهر الصغانيان ورجع طرخون وسيفه يقطر دمًا، حتى دخل السرادق وعلي بن المهاجر معه، ثم دخلا الفازة. وقال طرخون للجواري: ارجعن، فرجعن إلى السرادق؛ وأرسل طرخون إلى موسى: كف أصحابك؟ فإذا نرتحل إذا أصبحنا، فرجع موسى إلى عسكره، فلما أصبحوا ارتحل طرخون والعجم جميعًا، فأتى كل قوم بلادهم، قال: وكان أهل خراسان يقولون: ما رأينا مثل موسى ابن عبد الله بن خازم، ولا سمعنا به، قاتل مع أبيه سنتين، ثم خرج يسير في بلاد خراسان حتى أتى ملكًا فغلبه على مدينته وأخرجه منها، ثم سارت إليه الجنود من العرب والترك فكان يقاتل العرب أول النهار والعجم آخر النهار، وأقام في حصنه خمس عشرة سنة، وصار ما وراء النهر لموسى، لا يعازه فيه أحد قال: وكان بقومس رجل يقال له عبد الله، يجتمع إليه فتيان يتنادمون عنده في مؤونته ونفقته، فلزمه دين، فأتى موسى بن عبد الله، فأعطاه أربعة آلاف، فأتى بها أصحابه، فقال الشاعر يعاتب رجلا يقال له موسى:
    فما أنت موسى إذ يناجى إلهه ** ولا واهب القينات موسى بن خازم
    قال: فلما عزل يزيد وولى المفضل خراسان أراد أن يحظى عند الحجاج بقتال موسى بن عبد الله، فأخرج عثمان بن مسعود - وكان يزيد حبسه - فقال: إني أريد أن أوجهك إلى موسى بن عبد الله، فقال: والله لقد وترني، وإني لثائر بابن عمتي ثابت وبالخزاعي، وما يد أبيك وأخيك عندي وعند أهل بيتي بالحسنة، لقد حبستموني وشردتم بني عمتي، واصطفيتم أموالهم، فقال له المفضل: دع هذا عنك، وسر فأدرك بثأرك فوجهه في ثلاثة آلاف، وقال له: مر مناديًا فليناد: من لحق بنا فله ديوان، فنادى بذلك في السوق، فسارع إليه الناس، وكتب المفضل إلى مدرك وهو ببلخ أن يسير معه، فخرج، فلما كان ببلخ خرج ليلة يطوف في العسكر، فسمع رجلا يقول: قتلته والله، فرجع إلى أصحابه، فقال: قتلت موسى ورب الكعبة! قال: فأصبح فسار من بلخ وخرج مدرك معه متثاقلًا، فقطع النهر فنزل جزيرة بالترمذ يقال لها اليوم جزيرة عثمان - لنزول عثمان بها في خمسة عشر ألفًا - وكتب إلى السبل وإلى طرخون فقدموا عليه، فحصروا موسى، فضيقوا عليه وعلى أصحابه، فخرج موسى ليلًا فأتى كفتان، فامتار منها، ثم رجع فمكث شهرين في ضيق، وقد خندق عثمان وحذر البيات، فلم يقدر موسى منه على غرة، فقال لأصحابه: حتى متى! اخرجوا بنا فاجعلوا يومكم؛ إما ظفرتم وإما قتلتم. وقال لهم: اقصدوا للصغد والترك، فخرج وخلف النضر بن سليمان بن عبد الله بن خازم في المدينة، وقال له: إن قتلت فلا تدفعن المدينة إلى عثمان، وادفعها إلى مدرك بن المهلب وخرج فصير ثلث أصحابه بإزاء عثمان وقال: لا تهايجوه إلا أن يقاتلكم، وقصد لطرخون وأصحابه، فصدقوهم، فانهزم طرخون والترك، وأخذوا عسكرهم فجعلوا ينقلونه، ونظر معاوية بن خالد بن أبي برزة إلى عثمان وهو على برذون لخالد بن أبي برزة الأسلمي، فقال: انزل أيها الأمير، فقال خالد: لا تنزل فإن معاوية مشئوم. وكرت الصغد والترك راجعة، فحالوا بين موسى وبين الحصن، فقاتلهم، فعقر به فسقط، فقال لمولى له: احملني، فقال: الموت كريه، ولكن ارتدف، فإن نجونا نجونا جميعًا، وإن هلكنا هلكنا جميعًا. قال: فارتدف، فنظر إليه عثمان حين وثب فقال: وثبة موسى ورب الكعبة! وعليه مغفر له موشى بخز أحمر في أعلاه ياقوتة اسما نجونية، فخرج من الخندق فكشفوا أصحاب موسى فقصد لموسى، وعثرت دابة موسى فسقط هو ومولاه، فابتدروه فانطووا عليه فقتلوه، ونادى منادي عثمان: لا تقتلوا أحدًا، من لقيتموه فخذوه أسيرًا. قال: فتفرق أصحاب موسى، وأسر منهم قوم، فعرضوا على عثمان، فكان إذا أتى بأسير من العرب قال: دماؤنا لكم حلال، ودماؤكم علينا حرام! يأمر بقتله، وإذا أتى بأسير من الموالي شتمه، وقال: هذه العرب تقاتلني، فهلا غضبت لي! فيأمر به فيشدخ، وكان فظًا غليظًا، فلم يسلم عليه يومئذ أسير إلا عبد الله بن بديل بن عبد الله بن بديل بن ورقاء؛ فإنه كان مولاه، فلما نظر إليه أعرض عنه وأشار بيده أن خلوا عنه، ورقبة بن الحر لما أتى به نظر إليه وقال: ما كان من هذا إلينا كبير ذنب وكان صديقًا لثابت، وكان مع قوم فرفى لهم، والعجب كيف أسرتموه! قالوا: طعن فرسه فسقط عنه في وهدة فأسر؛ فأطلقه وحمله، وقال لخالد بن أبي برزة: ليكن عندك. قال: وكان الذي أجهز على موسى ابن عبد الله واصل بن قيصلة العنبري.
    ونظر يومئذ عثمان إلى زرعة بن علقمة السلمة والحجاج بن مروان وسنان الأعرابي ناحية فقال: لكم الأمان، فظن الناس أنه لم يؤمنهم حتى كاتبوه. قال: وبقيت المدينة في يدي النضر بن سليمان بن عبد الله بن خازم، فقال: لا أدفعها إلى عثمان، ولكني أدفعها إلى مدرك، فدفعها إليه وآمنه، فدفعها مدرك إلى عثمان. وكتب المفضل بالفتح إلى الحجاج، فقال الحجاج: العجب من ابن بهلة! أمره بقتل ابن سمرة فيكتب إلي أنه لمأبه ويكتب إلي إنه قتل موسى بن عبد الله بن خازم؛ قال: وقتل موسى سنة خمس وثمانين، فذكر البحتري أن مغراء بن المغيرة بن أبي صفرة قتل موسى فقال:
    وقد عركت بالترمذ الخيل خازمًا ** ونوحًا وموسى عركةً بالكلاكل
    قال: فضرب رجل من الجند ساق موسى، فلما ولى قتيبة أخبر عنه فقال: ما دعاك إلى ماصنعت بفتى العرب بعد موته! قال: كان قتل أخي، فأمر به قتيبة فقتل بين يديه.
    عزم عبد الملك بن مروان على خلع أخيه عبد العزيز

    وفي هذه السنة أراد عبد الملك بن مروان خلع أخيه عبد العزيز بن مروان.
    ذكر الخبر عن ذلك وما كان من أمرهما فيه
    ذكر الواقدي أن عبد الملك هم بذلك، فنهاه عنه قبيصة بن ذؤيب، وقال: لا تفعل هذا، فإنك باعث على نفسك صوت نعار، ولعل الموت يأتيه فتستريح منه! فكف عبد الملك عن ذلك ونفسه تنازعه إلى أن يخلعه. ودخل عليه روح بن زنباع الجذامي - وكان أجل الناس عند عبد الملك - فقال: يا أمير المؤمنين لو خلعته ما انتطح فيه عنزان، فقال: ترى ذلك يا أبا زرعة؟ قال: أي والله، وأنا من أول من يجيبك إلى ذلك؛ فقال: نصيح إن شاء الله. قال: فبينى هو على ذلك وقد نام عبد الملك وروح ابن زنباع إذ دخل عليهما قبيصة بن ذؤيب طروقًا، وكان عبد الملك قد تقدم إلى حجابة فقال: لا يحجب عني قبيصة أي ساعة جاء من ليل أو نهار، إذا كنت خاليًا أو عندي رجل واحد، وإن كنت عندي النساء أدخل المجلس وأعلمت بمكانه فدخل، وكان الخاتم إليه، وكان السكة إليه، تأتيه الأخبار قبل عبد الملك، ويقرأ الكتب قبله، ويأتي بالكتاب إلى عبد الملك منشورًا فيقرؤه، إعظامًا لقبيصة - فدخل عليه فسلم عليه وقال: أجرك الله يا أمير المؤمنين في أخيك عبد العزيز! قال: وهل توفي؟ قال: نعم، فاسترجع عبد الملك، ثم أقبل على روح فقال: كفانا الله أبازرعة ما كنا نريد وما أجمعنا عليه وكان ذلك مخالفًا لك يا أبا إسحاق، فقال: قبيصة: ماهو؟ فأخبره بما كان؛ فقال قبيصة: يا أمير المؤمنين، إن الرأي كله في الأناة والعجلة فيها ما فيها، فقال عبد الملك: ربما كان في العجلة خير كثير، رأيت أمر عمر بن سعيد، ألم تكن العجلة فيه خيرًا من التأني!
    خبر موت عبد العزيز بن مروان

    وفي هذه السنة توفي عبد العزيز بن مروان بمصر في جمادى الأولى، فضم عبد الملك عمله إلى ابنه عبد الله بن عبد الملك، وولاه مصر. وأما المدائني فإنه قال في ذلك ما حدثنا به أبو زيد عنه، أن الحجاج كتب إلى عبد الملك يزين له بيعة الوليد، وأفد وفدًا في ذلك عليهم عمران ابن عصام العنزي، فقام عمران خطيبًا، فتكلم وتكلم الوفد وحثوا عبد الملك وسألوه ذلك فقال عمران بن عصام:
    أمير المؤمنين إليك نهدي ** على نأي التحية والسلاما
    أجبني في بنيك يكن جوابي ** لهم عادية ولنا قواما
    فلو أن الوليد أطاع فيه ** جعلت له الخلافة والذماما
    شبيهك حول قبته قريش ** به يستمطر الناس الغماما
    ومثلك في التقى لم يصب يومًا ** لدن خلع القلائد والتماما
    فإن تأثر أخاك بها فإن ** وجدك لا نطيق لها إتهاما
    ولكنا نحاذر من بنيه ** بني العلات مأثرة سماما
    ونخشى إن جعلت الملك فيهم ** سحابًا أن تعود لهم جهاما
    فلا يك ما حلبت غدًا لقوم ** وبعد غد بنوك هم العياما
    فأقسم لو تخطاني عصام ** بذلك ما عذرت به عصاما
    ولو أني حبوت أخًا بفضل ** أريد به المقالة والمقاما
    لعقب في بني على بنيه ** كذلك أو لرمت مراما
    فمن يك في أقاربه صدوع ** فصدع الملك أبطؤه التئاما
    فقال عبد الملك: يا عمران، إنه عبد العزيز، قال: احتل له يا أمير المؤمنين. قال علي: أراد عبد الملك بيعة الوليد قبل أمر الأشعث، لأن الحجاج بعث في ذلك عمران بن عصام، فلما أبى عبد العزيز أعرض عبد الملك عما أراد حتى مات عبد العزيز، ولما أراد أن يخلع أخاه عبد العزيز ويبايع لابنه الوليد كتب إلى أخيه: إن رأيت أن تصير هذا الأمر لابن أخيك! فأبى، فكتب إليه: فاجعلها له من بعدك، فإنه أعز الخلق على أمير المؤمنين. فكتب إليه عبد العزيز: إني أرى في أبي بكر بن عبد العزيز ما ترى في الوليد، فقال عبد الملك: اللهم إن عبد العزيز قطعني فاقطعه. فكتب إليه عبد الملك: احمل خراج مصر. فكتب إليه عبد العزيز: يا أمير المؤمنين، إني وإياك قد بلغنا سنًا لم يبلغها أحد من أهل بيتك إلا كان بقاؤه قليلًا، وإني لا أدري ولا تدري أينا يأتيه الموت أولًا! فإن رأيت ألا تفنث على بقية عمري فافعل. فرق له عبد الملك وقال: لعمري لا أغثث عليه بقية عمره، وقال لابنيه: إن يرد الله أن يعطيكموها لا يقدر أحد من العباد على رد ذلك. وقال لابنيه: الوليد وسليمان: هل قارفتما حرامًا قط؟ قالا: لا والله قال: الله أكبر، نلتماها ورب الكعبة! قال: فلما أبى عبد العزيز أن يجيب عبد الملك إلى ما أراد، قال عبد الملك: اللهم قد قطعني فاقطعه، فلما مات عبد العزيز قال أهل الشام: رد على أمير المؤمنين أمره، فدعا عليه، فاستجيب له. قال: وكتب الحجاج إلى عبد الملك يشير عليه أن يستكتب محمد بن يزيد الأنصاري، وكتب إليه: إن أردت رجلًا مأمونًا فاضلًا عاقلًا وديعًا مسلمًا كتومًا تتخذه لنفسك، وتضع عنده سرك، وما لا تحب أن يظهر، فاتخذ محمد بن يزيد. فكتب إليه عبد الملك: احمله إلي. فحمله، فاتخذه عبد الملك كاتبًا. قال محمد: فلم يكن يأتيه كتاب إلا دفعه إلي، ولا يستر شيئًا إلا أخبرني به وكتمه الناس، ولا يكتب إلى عامل من عماله إلا أعلمنيه، فإني لجالس يومًا نصف النهار إذا ببرد قد قدم من مصر، فقال: الأذن على أمير المؤمنين. قلت: ليست هذه ساعة إذن، فأعلمني ما قد قدمت له، قال: لا. قلت: فإن كان معك كتاب فادفعه إلي. قال: لا، قال: فأبلغ بعض من حضرني أمير المؤمنين، فخرج فقال: ما هذا؟ قلت: رسول قدم من مصر، قال: فخذ الكتاب، قلت: زعم أنه ليس معه كتاب، قال: فسله عما قدم له، قلت: قد سألته فلم يخبرني، قال أدخله، فأدخلته، فقال: آجرك الله يا أمير المؤمنين في عبد العزيز! فاسترجع وبكى ووجم ساعة ثم قال: يرحم الله عبد العزيز! مضى والله عبد العزيز لشأنه، وتركنا وما نحن فيه، ثم بكى النساء وأهل الدار، ثم دعاني من غد، فقال: إن عبد العزيز رحمه الله قد مضى لسبيله، ولا بد للناس من علم وقائم يقوم بالأمر من بعدي، فمن ترى؟ قلت: يا أمير المؤمنين، سيد الناس وأرضاهم وأفضلهم الوليد بن عبد الملك، قال: صدقت وفقك الله! فمن ترى أن يكون بعده؟ قلت: يا أمير المؤمنين، أين تعدلها عن سليمان فتى العرب! قال: وفقت، أما إنا لو تركنا الوليد وإياها لجعلها لبنيه، اكتب عهدًا للوليد وسليمان من بعده، فكتب بيعة الوليد ثم سليمان من بعده. فغضب علي الوليد فلم يولني شيئًا حين أشرت بسليمان من بعده. قال علي، عن أبي جعدية: كتب عبد الملك إلى هشام بن إسماعيل المخزومي أن يدعو الناس لبيعة الوليد وسليمان، فبايعوا غير سعيد بن المسيب، فإنه أبى، وقال: لا أبايع وعبد الملك حي؛ فضربه هشام ضربًا مبرحًا وألبسه المسوح، وسرحه إلى ذباب - ثنية بالمدينة كانوا يقتلون عندها ويصلبون فظن أنهم يريدون قتله، فلما انتهوا به إلى ذلك الموضع ردوه، فقال: لو ظننت أنهم لا يصلبوني ما لبست سراويل مسوح، ولكن قلت: يصلبوني فيسترني، وبلغ عبد الملك الخبر، فقال: قبح الله هشامًا! إنما كان ينبغي أن يدعوه إلى البيعة، فإن أبى يضرب عنقه، أو يكف عنه.
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #50
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    بيعة عبد الملك لابنيه الوليد وسليمان

    وفي هذه السنة بايع عبد الملك لابنيه: الوليد، ثم من بعده سليمان، وجعلهما وليي عهد المسلمين، وكتب بيعته لهما البلدان، فبايع الناس، وامتنع من ذلك سعيد بن المسيب، فضربه هشام بن إسماعيل - وهو عامل عبد الملك على المدينة - وطاف به وحبسه، فكتب عبد الملك إلى هشام يلومه على ما فعل من ذلك، وكان ضربه ستين سوطًا، وطاف به فيد تبان سعر حتى بلغ به رأس الثنية.
    وأما الحارث فقد قال: حدثني ابن سعيد، عن محمد بن عمر الواقدي، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر وغيره من أصحابنا قالوا: استعمل عبد الله ابن الزبير جابر بن الأسود بن عوف الزهري على المدينة، فدعا الناس إلى البيعة لابن الزبير، فقال سعيد بن المسيب: لا، حتى يجتمع الناس؛ فضربه ستين سوطًا، فبلغ ذلك ابن الزبير، فكتب إلى جابر يلومه، وقال: مالنا ولسعيد، دعه! وحدثني الحارث، عن ابن سعد، أن محمد بن عمر أخبره قال: حدثنا عبد الله بن جعفر وغيره من أصحابنا أن عبد العزيز بن مروان توفي بمصر في جمادى سنة أربع وثمانين، فعقد عبد الماك لابنيه الوليد وسليمان العهد، وكتب بالبيعة لهما إلى البلدان، وعامله يومئذ هشام بن إسماعيل المخزومي، فدعا الناس إلى البيعة، فبايع الناس، ودعا سعيد بن المسيب أب يبايع لهما، فأبى وقال: لا حتى أنظر، فضربه هشام بن إسماعيل ستين سوطًا وطاف به في تبان شعر حتى بلغ به رأس الثنية، فلما كروا به قال: أين تكرون بي؟ قالوا: إلى السجن؛ قال: والله لولا أني، ظننت أنه الصلب لما لبست هذا التبان أبدًا. فرده إلى السجن، وحبسه وكتب إلى عبد الملك يخبره بخلافه، وما كان من أمره، فكتب إليه عبد الملك يلومه فيما صنع ويقول: سعيد والله كان أحوج أن تصل رحمه من أن تضربه، وإنا لنعلم ما عنده من شقاق وخلاف. وحج بالناس في هذه السنة هشام بن إسماعيل المخزومي، كذلك حدثنا أحمد بن ثابت عمن ذكره، عن إسحاق بن عيسى، عن أبي معشر. وكذلك قال الواقدي.
    وكان العامل على المشرق في هذه السنة كم العراق الحجاج بن يوسف.
    ثم دخلت سنة ست وثمانين

    ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث
    خبر وفاة عبد الملك بن مروان

    فمما كان فيها من ذلك هلاك عبد الملك بن مروان، وكان مهلكه في النصف من شوال منها. حدثني أحمد بن ثابت عمن ذكره، عن إسحاق بن عيسى، عن أبي معشر، قال: توفي عبد الملك بن مروان يوم الخميس للنصف من شوال سنة ست وثمانين، فكانت خلافته ثلاث عشرة سنة وخمسة أشهر. وأما الحارث فإنه حدثني عن أبي سعد، عن محمد بن عمر، قال: حدثني شرحبيل بن أبي عون، عن أبيه، قال: أجمع الناس على عبد الملك بن مروان سنة ثلاث وسبعين. قال ابن عمر: وحدثني أبو معشر نجيح، قال: مات عبد الملك بن مروان بدمشق يوم الخميس اانصف من شوال سنة ست وثمانين، فكانت ولايته منذ يوم بويع إلى يوم توفي إحدى وعشرين سنة وشهرًا ونصفًا، كان تسع سنين منها يقاتل عبد الله بن الزبير، ويسلم عليه بالخلافة بالشام، ثم بالعراق بعد مقتل مصعب، وبقي بعد مقتل عبد الله بن الزبير واجتماع الناس عليه ثلاث عشر سنة وأربعة أشهر إلا سبع ليال. وأما علي بن محمد المدائني، فإنه - فيما حدثنا أبو زيد عنه - قال: مات عبد الملك سنة ست وثمانين بدمشق، وكانت ولايته ثلاث عشرة سنة وثلاثة أشهر وخمسة عشر يومًا.
    ذكر الخبر عن مبلغ سنه يوم توفي

    اختلف أهل السير في ذلك، فقال أبو معشر فيه - ما حدثني الحارث عن أبي سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني أبو معشر نجيح، قال: مات عبد الملك بن مروان وله ستون سنة.
    قال الواقدي: وقد روى لنا أنه مات وهو ابن ثمان وخمسين سنة. قال: والأول أثبت. وهو على مولده، قال: وولد سنة ست وعشرين في خلافة عثمان ابن عفان رضي الله عنه، وشهد يوم الدار مع أبيه وهو ابن عشر سنين. وقال المدائني علي بن محمد - فيما ذكر، أبو زيد عنه: مات عبد الملك وهو ابن ثلاث وستين سنة.
    ذكر نسبه وكنيته

    أما نسبه، فإنه عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية ابن عبد شمس بن عبد مناف. وأما كنيته فأبو الوليد. وأمه عائشة بنت معاوية بنت المغيرة بن أبي العاص بن أمية، وله يقول ابن قيس الرقيات:
    أنت ابن عائشة التي ** فضلت أروم نسائها
    لم تلتفت للداتها ** ومضت على غلوائها
    ذكر أولاده وأزواجه

    منهم الوليد، وسليمان، ومروان الأكبر - درج - وعائشة؛ أمهم ولادة بنت العباس بن جزء بن الحارث بن زهير بن جذيمة بن رواحة بن ربيعة بن مازن بن الحارث بن قطيعة بن عبس بن بغيض. ويزيد، ومروان، ومعاوية - درج - وأم كلثوم، وأمهم عاتكة بنت يزيد بن معاوية بن أبي سفيان. وهشام، وأمه أم هشام بنت هشام إسماعيل بن هشامبن الوليد بن المغيرة المخزومي. وقال المدائني: اسمها عائشة بنت هشام. وأبو بكر، واسمه بكار، أمه عائشة بنت موسى بن طلحة بن عبيد الله، والحكم - درج - أمه أم أيوب بنت عمرو بن عثمان بن عفان. وفاطمة بنت عبد الملك، أمها أم المغيرة بنت المغير بن خالد بن العاص ابن هشام بم المغيرة. وعبد الله ومسلمة والمنذر وعنبسة ومحمد وسعيد الخير والحجاج؛ لأمهات أولاد. قال المدائني: وكان له من النساء - سوى من ذكرنا - شقراء بنت سلمة ابن حلبس الطائي، وابنة لعلي بن أبي طالب عليه السلام، وأم أبيها بنت عبد الله بن جعفر.
    وذكر المدائني، عن عوانة وغيره أن أم سلمة بن يزيد بن وهب بن نباتة الفهمي دخل على عبد الملك فقال له: أي الزمان أدركت أفضل؟ وأي الملوك أكمل؟ قال: أما الملوك فلم أر إلا ذامًا وحامدًا؛ وأما الزمان فيرفع أقوامًا ويضع أقوامًا، وكلهم يذم زمانه لأنه يبلي جديدهم، ويهرم صغيرهم، وكل ما فيه منقطع غير الأمل؛ قال: فأخبرني عن فهم، قال: هم كما قال من قال:
    درج الليل والنهار على فه ** م بن عمرو فأصبحوا كالرميم
    وخلت دارهم فأضحت يبابًا ** بعد عز وثروة ونعيم
    كذاك الزمان يذهب بالنا ** س وتبقى ديارهم كالرسوم
    قال: فمن يقول منكم:
    رأيت الناس مذ خلقوا وكانوا ** يحبون الغنى من الرجال
    وإن كان الغنى قليل خير ** بخيلًا بالقليل من النوال
    فما أدرى علام وفيم هذا ** وماذا يرتجون من البخال
    أللدينا؟ فبيس هناك دنيا ** ولا يرجى لحادثة الليالي
    قال: أنا. قال علي: قال أبو قطيفة عمرو بن الوليد بن عقبة بن أبي معبط لعبد الملك بن مروان:
    نبئت أن ابن القلمس عابني ** ومن ذا من الناس الصحيح المسلم!
    فأبصر سبل الرشد سيد قومه ** وقد يبصر الرشد الرئيس المعمم
    فمن أنتم؟ ها خبرونا من أنتم ** وقد جعلت أشياء تبدو وتكتم
    فقال عبد الملك: ما كنت أرى أن مثلنا يقال له: من أنتم! أما والله لولا ما تعلم لقلت قولًا ألحقكم بأصلكم الخبيث حتى تموت. وقال عبد الله بن الحجاج الثعلبي لعبد الملك:
    يا بن العاص ويا خير فتى ** أنت سداد الدين إن دين وهى
    أنت الذي لا يجعل الأمر سدى ** جيبت قريش عنكم جوب الرحى
    إن أبا العاصي وفي ذاك اعتصى ** أوصى بنيه فوعوا منه الوصى
    إن يسعروا الحرب ويأبوا ما أبى ** الطاعنين في النحور والكلى
    شزرًا ووصلًا للسيوف بالخطا ** إلى القتال فحووا ما قد حوى
    وقال أعشى بن شيبان:
    عرفت قريش كلها ** لبني أبي العاص الإمارة
    لأبرها وأحقها ** عند المشورة بالإشارة
    المانعين لما ولوا ** والنافعين ذوي الضرارة
    وهم أحقهم بها ** عند الحلاوة والمرارة
    وقال عبد الملك: ما أعلم مكان أحد أقوى على هذا الأمر مني. وإن ابن الزبير لطويل الصلاة، كثير الصيام، ولكن لبخله لا يصلح أن يكون سائسًا.
    خلافة الوليد بن عبد الملك

    وفي هذه السنة بويع للوليد بن عبد الملك بالخلافة، فذكر أنه لما دفن أباه وانصرف عن قبره. دخل المسجد فصعد المنبر، واجتمع إليه الناس، فخطب فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون! والله المستعان بمصيبتا بوت أمير المؤمنين، والحمد لله على ما أنعم به علينا من الخلافة، قوموا فبايعوا. فكان أول من قام لبيعته عبد الله بن هشام السولي، فإنه قام وهو يقول:
    الله أعطاك التي لا فوقها ** وقد أراد الملحدون عوقها
    عنك ويأبى الله إلا سوقها ** إليك حتى قلدوك طوقها
    فبايعه، ثم تتابع الناس على البيعة. وأما الواقدي فإنه ذكر أن الوليد لما رجع من دفن أبيه، ودفن خارج باب الجابية، لم يدخل منزله حتى صعد على منبر دمشق، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أيها الناس، إنه لا مقدم لما أخر الله، ولا مؤخر لما قدم الله، وقد كان من قضاء الله وسابق علمه وما كتب على أنبيائه وحملة عرشه الموت. وقد صار إلى منازل الأبرار ولي هذه الأمة الذي يحق عليه لله من الشدة على المريب، واللين لأهل الحق والفضل، وإقامة ما أقام الله من منار الإسلام وأعلامه؛ من حج هذا البيت، وغزو هذه الثغور، وشن هذه الغارة على أعداء الله، فلم يكن عاجزًا ولم يكن مفرطًا. أيها الناس، عليكم بالطاعة، ولزوم الجماعة، فإن الشيطان مع الفرد. أيها الناس، من أبدى لنا ذات نفسه ضربنا الذي فيه عيناه، ومن سكت مات بدائه. ثم نزل، فنظر إلى ما كان من دواب الخلافة فحازه، وكان جبارًا عنيدًا.
    ولاية قتيبة بن مسلم على خراسان من قبل الحجاج

    وفي هذه السنة قدم قتيبة بن مسلم خراسان واليًا عليها من قبل الحجاج، فذكر علي بن محمد أن كليب بن خلف، أخبره عن طفيل ابن مرداس العمي والحسن بن رشيد، عن سليمان بن كثير العمي، قال: أخبرني عمي قال: رأيت قتيبة بن مسلم حين قدم خراسان في سنة ست وثمانين، فقدم والمفضل يعرض الجند، وهو يريد أن يغزو أخرون وشومان، فخطب الناس قتيبة، وحثهم على الجهاد، وقال: إن الله أحلكم هذا المحل ليعز دينه، ويذب بكم عن الحرمات، ويزيد بكم المال استفاضة، والعدو وقمًا، ووعد نبيه النصر بحديث صادق، وكتاب ناطق، فقال: " هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ". ووعد المجاهدين في سبيله أحسن الثواب، وأعظم الذخر عنده فقال: " ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله "، إلى قوله " أحسن ما كانوا يعملون ". ثم أخبر عمن قتل في سبيله أنه حي مرزوق، فقال " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون ". فتنجزوا موعود ربكم ووطنوا أنفسكم على أقصى أثر وأمضى ألم، وإياي والهوينى.


  • #51
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    ذكر ما كان من أمر قتيبة بخراسان في هذه السنة

    ثم عرض قتيبة الجند في السلاح والكراع، وسار واستخلف بمرو على حربها إياس بن عبد الله بن عمرو، وعلى الخراج عثمان بن السعدي، فلما كان بالطالقان تلقاه دهاقين بلخ وبعض عظمائهم فساروا معه، فلما قطع النهر تلقاه تيش الأعور ملك الطغانيان بهدايا ومفتاح من ذهب، فدعاه إلى بلاده، فأتاه وأتى ملك كفتان بهدايا وأموال، ودعا إلى بلاده، فمضى مع بيش إلى الصغانيان، فسلم إليه بلاده، وكان ملك آخرون وشومان قد أساء جوار تيش وغزاه وضيق عليه، فسار قتيبة إلى أخرون وشومان - وهما من طخارستان، فجاءه غشتاسبان فصالحه على فدية أداها إليه، فقبلها قتيبة ورضي، انصرف إلى مرو، واستخلف على الجند أخاه صالح بن مسلم، وتقدم جنده فسبقهم إلى مرو، وفتح صالح بعد رجوع قتيبة باسارا، وكان معه نصر بن سيار فأبلى يومئذ؛ فوهب له قرية تدعى تنجانة، ثم قدم صالح على قتيبة فاستعمله على الترمذ. قال: واما الباهليون فيقولون: قدم قتيبة خراسان سنة خمس وثمانين فعرض الجند، فكان جميع ما أحصوا من الدروع في جند خراسان ثلثمائة وخمسين درعًا، فغزا أخرون وشومان، ثم قفل فركب السفن فانحدر إلى آمل، وخلف الجند، فأخذوا طرق بلخ إلى مرو، وبلغ الحجاج، فكتب إليه يلومه ويعجز رأيه في تخليفه الجند، وكتب إليه: إذا غزوت فكن في مقدم الناس، وإذا قفلت فكن في أخرياتهم وساقتهم. وقد قيل: إن قتيبة أقام قبل أن يقطع النهر في هذه السنة على بلخ، لأن بعضها كان منتقدًا عليه، وقد ناصب المسلمين، فحارب أهلها، فكان ممن سبى امرأة برمك، أبا خالد بن برمك - وكان برمك على النوبهار - فسارت لعبد الله بن مسلم الذي يقال له الفقير، أخى قتيبة بن مسلم، فوقع عليها، وكان به شيء من الجذام. ثم إن أهل بلخ صالحوا من غد اليوم الذي حاربهم قتيبة، فأمر قتيبة برد السبى، فقالت امرأة برمك لعبد الله بن مسلم: يا تازي، إني قد علقت منك. وحضرت عبد الله بن مسلم الوفاة، فأوصى أن يلحق به ما في بطنها، وردت إلى برمك، فذكر أن ولد عبد الله بن مسلم جاؤوا أيام المهدي حين قدم الري إلى خالد، فادعوه، فقال لهم مسلم بن قتيبة: إنه لا بد لكم إن استلحقتموه ففعل من أن تزوجوه، فتركوه وأعرضوا عن دعواهم. وكان برمك طبيبًا، فداوى بعد ذلك مسلمة من علة كانت به.
    وفي هذه السنة غزا مسلمة بن عبد الملك أرض الروم. وفيها حبس الحجاج بن يوسف يزيد بن المهلب، وعزل حبيب بن المهلب عن كرمان، وعبد الملك بن المهلب عن شرطته. وحج بالناس في هذه السنة هشام بن إسماعيل المخزومي، كذلك حدثني أحمد بن ثابت، عمن ذكره، عن إسحاق بن عيسى، عن أبي معشر. وكذلك قال الواقدي. وكان الأمير على العراق كله والمشرق كله الحجاج بن يوسف وعلى الصلة بالكوفة المغيرة بن عبد الله بن أبي عقيل. وعلى الحرب بها من قبل الحجاج زياد بن جرير بن عبد الله. وعلى البصرة أيوب بن الحكم. وعلى خراسان قتيبة بن مسلم.
    ثم دخلت سنة سبع وثمانين

    ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث
    في هذه السنة عزل الوليد بن عبد الملك هشام بن إسماعيل عن المدينة، وورد عزله عنها - فيما ذكر - ليلة الأحد لسبع ليال خلون من شهر ربيع الأول سنة سبع وثمانين. وكانت إمرته عليها أربع سنين غير شهر أو نحوه.
    خبر إمارة عمر بن عبد العزيز على المدينة

    وفي هذه السنة ولي الوليد عمر بن عبد العزيز المدينة. قال الواقدي: قدمها واليًا في شهر ربيع الأول؛ وهو ابن خمس وعشرين سنة، وولد سنة اثنتين وستين. قال: وقدم على ثلاثين بعيرًا، فنزل دار مروان. قال: فحدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، قال: لما قدم عمر بن عبد العزيز المدينة ونزل دار مروان دخل عليه الناس فسلموا، فلما صلى الظهر دعا عشرة م فقهاء المدينة: عروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وأبا بكر بن عبد الرحمن وأبا بكر بن سليمان بن أبي حثمة، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عبد الله ابن عمرو، وعبد الله بن عامر بن ربيعة، وخارجة بن زيد؛ فدخلوا عليه فجلسوا، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: إني إنما دعوتكم لأمر تؤجرون عليه، وتكونون فيه أعوانًا على الحق، ما أريد أن أقطع أمرًا إلا برأيكم أو برأي من حضر منكم، فإن رأيتم أحدًا يتعدى، أو بلغكم عن عامل لي ظلامة، فأحرج الله على من بلغه ذلك إلا بلغني. فخرجوا يجزونه خيرًا، وافترقوا.
    قال: وكتب الوليد إلى عمر يأمره أن يقف هشام بن إسماعيل للناس، وكان فيه سيء الرأي.
    قال الواقدي: فحدثني داود بن جبير، قال: أخبرتني أمولد سعيد بن المسيب أن سعيدًا دعا أبنه ومواليه فقال: إن هذا الرجل يوقف للناس أوقد وقف - فلا يتعرض له أحد ولا يؤذه بكلمة، فإنا سنترك ذلك لله وللرحيم، فإن كان ما علمت لسيء النظر لنفسه، فأما كلامه فلا أكلمه أبدًا.
    قال: وحدثني محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر، عن أبيه، قال: كان هشام بن إسماعيل يسيء جوارنا ويؤذينا، ولقى منه علي بن الحسين أذى شديدًا، فلما عزل أمر به الوليد أن يوقف للناس، فقال ما أخاف إلا من علي بن الحسين. فمر به علي وقد وقف عند دار مروان، وكان علي قد تقدم إلى خاصته ألا يعرض له أحد منهم بكلمة؛ فلما مر ناداه هشام بن إسماعيل: الله أعلم حيث يجعل رسالاته.
    خبر صلح قتيبة ونيزك

    وفي هذه السنة قدم نيزك على قتيبة، وصالح قتيبة أهل باذغيس على ألا يدخلها قتيبة.
    ذكر الخبر عن ذلك
    ذكر علي بن محمد أن أبا الحسن الجشمي أخبره عن أشياخ من أهل خراسان، وجبلة بن فروخ عن محمد بن المثنى، أن نيزك طرخان كان في يديه أسراء من المسلمين، وكتب إليه قتيبة حين صالح ملك شومان فيمن في يديه من أسرى المسلمين أن يطلقهم، ويهدده في كتابه، فخافه نيزك، فأطلق الأسرى، وبعث بهم إلى قتيبة، فوجه إليه قتيبة سليًا الناصح مولى عبيد الله بن أبي بكرة يدعوه إلى الصلح وإلى أن يؤمنه، وكتب إليه كتابًا يحلف فيه بالله: لئن لم يقدم عليه ليغزونه، ثم ليطلبنه حيث كان، لا يقلع منه حتى يظفر به أو يموت قبل ذلك. فقدم سليم على نيزك بكتاب قتيبة - وكان يستنصحه - فقال له: يا سليم، ما أظن عند صاحبك خيرًا، كتب إلي كتابًا لايكتب إلى مثلي! قال له سليم: يا أبا الهياج، إن هذا رجل شديد في سلطانه، سهل إذا سوهل، صعب إذا عوسر، فلا يمنعك منه غلظة كتابه إليك، فما أحسن حلك عنده وعند جميع مضر! فقدم نيزك مع سليم على قتيبة، فصالحه أهل باذغيس في سنة سبع وثمانين على ألا يدخل باذغيس.
    خبر غزو مسلمة بن عبد الملك أرض الروم

    وفي هذه السنة غزا مسلمة بن عبد الملك أرض الروم، ومعه يزيد بن جبير، فلقى الروم في عدد كثير بسوسنة من ناحية المصيصة. قال الواقدي: فيها لاقى مسلم ميمونًا الجرماني ومع مسلمة نحو من ألف مقاتل من أهل انطاكية عند طوانة، فقتل منهم بشرًا كثيرًا، وفتح الله على يديه حصونًا. وقيل: إن الذي غزا الروم في هذه السنة هشام بن عبد الملك، ففتح الله على يديه حصن بولق وحصن الأخرم وحصن بولس وقمقم، وقتل ممن المستعربة نحوًا من ألف مقاتل، وسبى ذراريهم ونسائهم.
    خبر غزو قتيبة بيكند

    وفي هذه السنة غزا قتيبة بيكند.
    ذكر الخبر عن غزوته هده
    ذكر علي بن محمد أن أبا الذيال أخبره عن المهلب بن إياس. عن أبيه، عن حسين بن مجاهد الرازي وهارون بن عيسى، عن يونس ابن أبي إسحاق وغيرهم، أن قتيبة لما صالح نيزك أقام إلى وقت الغزو، ثم غزا في تلك السنة - سنة سبع وثمانين - بيكند، فسار من مرو وأتى مرو الروذ، ثم أتى آمل! ثم مضى إلى زم فقطع النهر، وسار إلى بيكند - وهي أدنى مدائن بخاري إلى النهر، يقال لها مدينة التجار على رأس المفازة من بخاري - فلما نزل بعقوتهم استنصروا الصغد، واستمدوا من حولهم، فآتوهم في جمع كثير، وأخذوا بالطريق فلم ينفذ لقتيبة رسول، ولم يصل إليه رسول، ولم يجر له خبر شهرين، وأبطأ خبره على الحجاج، فأشفق الحجاج على الجند، فأمر الناس بالدعاء لهم في المساجد، وكتب بذلك إلى الأمصار وهم يقتتلون في كل يوم. قال: وكان لقتيبة عين يقال له تنذر من العجم، فأعطاه أهل بخاري الأعلى مالًا على أن يفشأ عنهم قتيبة؛ فآتاه، فقال: أخلني، فنهض الناس واحتبس قتيبة ضرار بن حصين الضبي، فقال تنذر: هذا عامل يقدم عليك، وقد عزل الحجاج، فلو انصرفت بالناس إلى مرو! فدعا قتيبة سياه مولاه، فقال: اضرب عنق تنذر، فقتله، ثم قال لضرار: لم يبق أحد يعلم هذا الخبر غيري وغيرك، وإني أعطي الله عهدًا إن ظهر هذا الحديث من أحد حتى تنقضي حربنا هذه لألحقنك به؛ فاملك لسانك، فإن انتشار هذا الحديث يفت في أعضاد الناس. ثم أذن للناس. قال: فدخلوا، فراعهم قتل تنذر، فوجموا وأطرقوا، فقال قتيبة: ما يروعكم من قتل عبد أحانه الله! قالوا: إنا كنا نظنه ناصحًا للمسلمين، قال: بل كان غاشًا فأحانه الله بذنبه، فقد مضى لسبيله، فاغدوا على قتال عدوكم، والقوهم بغير ما كنتم تلقونهم به. فغدا الناس متأهبين، وأخذوا مصافهم، ومشى قتيبة قحض أهل الريات، فكانت بين الناس مشاولة، ثم تزاحفوا والتقوا، وأخذت السيوف مأخذها، وأنزل الله على المسلمين الصبر، فقاتلوهم حتى زالت الشمس، ثم منح الله المسلمين أكتافهم، فانهزموا يريدون المدينة، واتبعهم المسلمون فشغلوهم عن الدخول فتفرقوا، وركبهم المسلمون قتلا وأسرًا كيف شاءوا، واعتصم من دخل المدينة بالمدينة، وهم قيل، فوضع قتيبة الفعلة في أصلها ليهدمها، فسألوه الصلح فصالحهم، واستعمل عليهم رجلا من بني قتيبة. وارتحل عنهم يريد الرجوع، فلما سار مرحلة أو ثنتين، وكان منهم عل خمسة فراسخ نقضوا وكفروا، فقتلوا العامل وأصحابه، وجدعوا آنفهم وآذانهم، وبلغ قتيبة فرجع إليهم، وقد تحصنوا، فقاتلهم شهرًا، ثم وضع الفعلة في أصل المدينة فعلقوها بالخشب، وهو يريد إذا فرغ من تعليقها أن يحرق الخشب فتنهدم، فسقط الحائط وهم يعلقونه، فقتل أربعين من الفعلة، فطلبوا الصلح، فأبى وقاتلهم، فظفر بهم عنوة، فقتل من كان فيها من المقاتلة، وكان فيمن أخذوا في المدينة رجل أعور كان هو الذي استجاش الترك على المسلمين، فقال لقتيبة: أنا افدي نفسي، فقال له سليم الناصح: ما تبذل؟ قال: خمسة آلاف حريرة صينية قيمتها ألف ألف، فقال قتيبة: ما ترون؟ قالوا: نرى أن فداءه زيادة في غنائم المسلمين، وما عسى أن يبلغ من كيد هذا! قال: لا والله لا تروع بك مسلمة أبدًا، وأمر به فقتل قال علي: قال أبو الذيال، عن المهلب بن إياس، عن أبيه والحسن ابن رشيد، عن طفيل بن مرداس، أن قتيبة لما فتح بيكند أصابوا فيها من آنية الذهب والفضة ما لا يحصى، فولى الغنائم والقسم عبد الله بن وألان العدوي أحد بني ملكان - وكان قتيبة يسميه الأمين ابن الأمين - وإياس بن بيهس الباهلي، فأذابا الآنية والأصنام فرفعاه إلى قتيبة، ورفعا إليه خبث ما أذابا، فوهبه لهما، فأعطيا به أربعين ألفًا، فأعلماه فرجع فيه وأمرهما أن يذيباه فأذاباه، فخرج منه خمسون ومائة ألف مثقال - أو خمسون ألف مثقال - وأصابوا في بيكند شيئًا كثيرًا، وصار في أيدي المسلمين من بيكند شيء لم يصيبوا مثله بخراسان، ورجع قتيبة إلى مرو وقوى المسلمون، فاشتروا السلاح والخيل، وجلبت إليهم الدواب. وتنافسوا في حسن الهيئة والعدة، وغالوا بالسلاح حتى بلغ الرمح سبعين؛ وقال الكميت:
    ويوم بيكند لا تحصى عجائبه ** وما بخاراء مما أخطأ العدد
    وكان في الخزائن سلاح وآلة من آلة الحرب كثير، فكتب قتيبة إلى الحجاج يستأذنه في دفع ذلك السلاح إلى الجند، فأذن له، فأخرجوا ما كان في الخزائن من عدة الحرب وآلة السفر، فقسمه في الناس فاستعدوا، فلما كان الربيع ندب الناس وقال: إني أغزيكم قبل أن تحتاجوا إلى حمل الزاد، وأنتقلكم قبل أن تحتاجوا إلى الإدفاء؛ فسار في عدة حسنة من الدواب والسلاح، فأتى آمل؛ ثم عبر من زم إلى بخارى، فأتى نومشكث - وهي من بخارى - فصالحوه.
    قال علي: حدثنا أبو الذيال، عن أشياخ من بني عدي، أن مسلمًا الباهلي قال لو ألان: إن عندي مالًا أحب أن أستودعكه، قال: أتريد أن يكون مكتومًا أو لا تكره أن يعلمه الناس؟ قال: أحب أن تكتمه؛ قال: ابعث به مع رجل تثق به إلى موضع كذا وكذا ومره إذا رأى رجلا في ذلك الموضع أن يضع ما معه وينصرف؛ قال: نعم، فجعل مسلم المال في خرج، ثم حمله على بغل وقال لمولى له: انطلق بهذا البغل إلى موضع كذا وكذا، فإذا رأيت رجلًا جالسًا فخل عن البغل وانصرف. فانطلق الرجل بالبغل، وقد كان وألان أتى الموضع لميعاده. فأبطأ عليه رسول مسلم، ومضى الوقت الذي وعده، فظن أنه قد بدا له، فانصرف وجاء رجل من بني تغلب فجلس في ذلك الموضع، وجاء مول مسلم فرأى الرجل جالسًا، فخلى عن البغل ورجع، فقام التغلبي إلى البغل، فلما رأى المال ولم ير مع البغل أحدًا قاد البغل إلى منزله، فأخذ البغل وأخذ المال، فظن مسلم أن المال قد صار إلى وألان، فلم يسأل عنه حتى احتاج إليه، فلقيه فقال: مالي! فقال: ماقبضت شيئًا، ولا لك عندي مال. قال: فكان مسلم يشكوه ويتنقصه. قال: فأتى يومًا مجلس بني ضبيعة فشكاه والتغلبي جالس، فقام إليه فخلا به وسأله عن المال، فأخبره فانطلق به إلى منزله، وأخرج الخرج فقال: أتعرفه؟ قال: نعم، قال: والخاتم؟ قال: نعم؛ قال: اقبض مالك، وأخبره الخبر، فكان مسلم يأتي الناس والقبائل التي كان يشكو إليهم وألان فيعذره ويخبرهم الخبر، وفي وألان يقول الشاعر:
    ولست كو ألان الذي ساد بالتقى ** ولست كعمران ولا كالمهلب
    وعمران: ابن الفصيل البرجمي. وحج بالناس في هذه السنة - فيما حدثني أحمد بن ثابت، عمن ذكره، عن إسحاق بن عيسى، عن أبي معشر - عمر بن عبد العزيز، وهو أمير على المدينة.
    وكان على قضاء المدينة في هذه السنة أبو بكر بن عمرو بن حزم من قبل عمر بن عبد العزيز. وكان على العراق والمشرق كله الحجاج بن يوسف، وخليفته على البصرة في هذه السنة - فيما قيل - الجراح بن عبد الله الحكمي، وعلى قضائها عبد الله ابن أذينة، وعامله على الحرب بالكوفة زياد بن جرير بن عبد الله، وعلى قضائها أبو بكر بن أبي موسى الأشعري، وعلى خراسان قتيبة بن مسلم.
    ثم دخلت سنة ثمان ثمانين

    ذكر ما كان فيها من الأحداث



  • #52
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    خبر فتح حصن طوانة من بلاد الروم

    فمن ذلك ما كان من فتح الله على المسلمين حصنًا من حصون الروم يدعى طوانة في جمادى الآخرة وشتوا بها، وكان على الجيش مسلمة بن عبد الملك، والعباس بن الوليد بن عبد الملك.
    فذكر محمد بن عمر الواقدي أن ثور بن يزيد حدثه عن أصحابه قال: كان فتح طوانة على يدي مسلمة بن عبد الملك والعباس بن الوليد، وهزم المسلمون العدو يومئذ هزيمة صاروا إلى كنيستهم، ثم رجعوا فانهزم الناس حتى ظنوا ألا يجتبروها أبدًا، وبقي العباس معه نفير؛ منهم ابن محيريز الجمحي، فقال العباس لابن محيريز: أين أهل القرآن الذين يريدون الجنة؟ فقال ابن محيريز: نادهم يأتوك؛ فنادى العباس: يا أهل القرآن! فأقبلوا جميعًا، فهزم الله العدو حتى دخلوا طوانة. وكان الوليد بن عبد الملك ضرب البعث على أهل المدينة في هذه السنة. فذكر محمد بن عمر، عن أبيه، أن مخرمة بن سليم الوالبي قال: ضرب عليهم بعث ألفين. وأنهم تجاعلوا فخرج ألف وخمسمائة، وتخلف خمسمائة، فغزوا الصائفة مع مسلمة والعباس، وهما على الجيش. وإنهم شتوا بطوانة وافتتحوها. وفيها ولد الوليد بن يزيد بن عبد الملك.
    ذكر عمارة مسجد النبي

    وفيها أمر الوليد بن عبد الملك بهدم مسجد رسول الله وهدم بيوت أزواج رسول الله وإدخالها في المسجد، فذكر محمد بن عمر، أن محمد بن جعفر بن وردان البناء قال: رأيت الرسول الذي بعثه الوليد بن عبد الملك قدم في شهر ربيع الأول سنة ثمان وثمانين، قدم معتجرًا، فقال الناس: ما قدم به الرسول! فدخل على عمر بن عبد العزيز بكتاب الوليد يأمره بإدخال حجر أزواج رسول الله في مسجد رسول الله، وأن يشتري ما في مؤخره ونواحيه حتى يكون مائتي ذراع في مائتي ذراع ويقول له: قدم القبلة إن قدرت، وأنت تقدر لمكان أخوالك، فإنهم لا يخالفونك، فمن أبى منهم فمر أهل المصر فليقوموا له قيمة عدل، ثم اهدم عليهم وادفع إليهم الأثمان، فإن لك في ذلك سلف صدق؛ عمر وعثمان فأقرأهم كتاب الوليد وهم عنده، فأجاب القوم إلى الثمن، فأعطاهم إياه، وأخذ في هدم بيوت أزواج النبي وبناء المسجد، فلم يمكث إلا يسيرًا حتى قدم الفعلة، بعث بهم الوليد. قال محمد بن عمر: وحدثني موسى بن يعقوب، عن عمه، قال: رأيت عمر بن عبد العزيز يهدم المسجد ومعه وجوه الناس: القاسم، وسالم، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وخارجة بن زيد، وعبد الله بن عبد الله بن عمر، يرونه أعلامًا في المسجد ويقرونه، فأسسوا أساسه. قال محمد بن عمر: وحدثني يحيى ين النعمان الغفاري، عن صالح بن كيسان، قال: لما جاء كتاب الوليد من دمشق وسار خمس عشرة بهدم المسجد، تجرد عمر بن عبد العزيز، قال صالح: فاستعملني على هدمه وبنائه، فهدمناه بعمال المدينة، فبدأنا بهدم بيوت أزواج النبي حتى قدم علينا الفعلة الذين بعث بهم الوليد.
    قال محمد: وحدثني موسى بن أبي بكر، عن صالح بن كيسان، قال: ابتدأنا بهدم مسجد رسول الله في صفر من سنة ثمان وثمانين، وبعث الوليد إلى صاحب الروم يعلمه أنه أمر بهدم مسجد رسول الله ، وأن يعينه فيه، فبعث إليه بمائة ألف مثقال ذهب، وبعث إليه بمائة عالم، وبعث من الفسيفساء بأربعين حملا، وأمر أن يتتبع الفسيفساء في المدائن التي خربت، فبعث بها إلى الوليد فبعث بذلك الوليد إلى عمر بن عبد العزيز، وفي هذه السنة ابتدأ عمر بن عبد العزيز في بناء المسجد. وفيها غزا أيضًا مسلمة الروم، ففتح على يديه حصون ثلاثة: حصن قسطنطينة، وغزالة، وحصن الأخرم، وقتل من المستعربة نحو من ألف مع سبي الذرية وأخذ الأموال.
    ذكر غزو قتيبة نومشكث وراميثنه

    وفي هذه السنة غزا قتيبة نومشكث وراميثنه.
    ذكر الخبر عما كان من خبر غزوته هذه
    ذكر علي بن محمد، أن المفضل بن محمد أخبره عن أبيه ومصعب بن حيان، عن مولى لهم أدرك ذلك، أن غزا نومشكث في سنة ثمان وثمانين، واستخلف على مرو بشار بن مسلم، فتلقاه أهلها، فصالحهم، ثم صار إلى راميثنه فصالحه أهلها، فانصرف عنهم وزحف إليه الترك، معهم السغد وأهل فرغانة، فاعترضوا المسلمين في طريقهم، فلحقوا عبد الرحمن ابن مسلم الباهلي وهو على الساقة، بينه وبين قتيبة وأوائل العسكر ميل، فلما قربوا منه أرسل رسولًا إلى قتيبة بخبره، وغشيه الترك فقاتلوه، وأتى الرسول قتيبة فرجع بالناس، فانتهى إلى عبد الرحمن وهو يقاتلهم، وقد كاد الترك يستعملونهم، فلما رأى الناس قتيبة طابت أنفسهم فصبروا، وقاتلوهم إلى الظهر، وأبلى يومئذ نيزك وهو مع قتيبة، فهزم الله الترك، وفض جمعهم، ورجع قتيبة يريد مرو، وقطع النهر من الترمذ يريد بلخ، ثم أتى مرو. وقال الباهليون: لفي الترك المسلمين عليهم كور مغانون التركي ابن أخت ملك الصين في مائتي ألف، فأظهر الله المسلمين عليهم،
    ذكر ما عمل الوليد من المعروف

    وفي هذه السنة كتب الوليد بن عبد الملك إلى عمر بن عبد العزيز في تسهيل الثنايا وحفر الآبار في البلدان.
    قال محمد بن عمر: حدثني ابن أبي سبرة، قال: حدثني صالح بن كيسان، قال: كتب الوليد إلى عمر في تسهيل الثنايا وحفر الآبار بالمدينة، وخرجت كتبه إلى البلدان بذلك، وكتب الوليد إلى خالد بن عبد الله بذلك، قال: وحبس المجذمين عن أن يخرجوا على الناس، وأجرى عليهم أرزاقًا، وكانت تجري عليهم. وقال. ابن أبي سبرة، عن صالح بن كيسان؛ قال: كتب الوليد إلى عمر ابن عبد العزيز أن يعمل الفوارة التي عند دار يزيد بن عبد الملك اليوم، فعملها عمر وأجرى ماءها فلما حج الوليد وقف عليها، فنظر إلى بيت الماء والفوارة، فأعجبته، وأمر لها بقوام يقومون عليها، وأن سقى أهل المسجد منها، ففعل ذلك وحج بالناس في هذه السنة عمر بن عبد العزيز في رواية محمد بن عمر ذكر أن محمد بن عبد الله بن جبير - مولى لبني العباس - حدثهعن صالح بن كيسان، قال: خرج عمر بن عبد العزيز تلك السنة - يعني سنة ثمان وثمانين - بعدة من قريش، أرسل إليهم بصلات وظهر للحمولة، وأحرموا معه من ذي الحليفة، وساق معه بدنا، فلما كان بالتنعيم لقيهم نفر من قريش، منهم ابن أبي مليكة وغيره. فأخبروه أن مكة قليلة الماء، وأنهم يخافون على الحاج العطش. وذلك أن المطر قل، فقال عمر: فالمطلب هاهنا بين، تعالوا ندع الله. قال: فرأيتهم دعوا ودعا معهم، فألحوا في الدعاء. قال صالح: فلا والله إن وصلنا إلى البيت ذلك اليوم إلا مع المطر حتى كان مع الليل، وسكبت السماء، وجاء سيل الوادي، فجاء أمر خافه أهل مكة، ومطرت عرفه ومنى وجمع؛ فما كانت إلا عبرًا، قال: ونبتت مكة تلك السنة للخصب.
    وأما أبو معشر فإنه قال: حج بالناس سنة ثمان وثمانين عمر بن الوليد ابن عبد الملك، حدثني بذلك أحمد بن ثابت عمن ذكره، عن إسحاق ابن عيسى عنه. وكانت العمال على الأمصار في هذه السنة العمال الذين ذكرنا أنهم كانوا عمالها في سنة سبع ثمانين.
    ثم دخلت سنة تسع وثمانين

    ذكر الخبر عن الأحداث التي كانت فيها

    خبر غزو مسلمة أرض الروم

    فمن ذلك افتتاح المسلمين في هذه السنة حصن سورية، وعلى الجيش مسلمة بن عبد الملك، زعم الواقدي أن مسلمة غزا في هذه السنة أرض الروم، ومعه العباس بن الوليد ودخلاها جميعًا ثم تفرقا، فافتتح مسلمة حصن سورية، وافتتح العباس أذرولية، ووافق من الروم جميعًا فهزمهم. وأما غير الواقدي فإنه قال: قصد مسلمة عمورية فوافق بها للروم جمعًا كثيرًا، فهزمهم الله، وافتتح هرقلة وقمودية. وغزا العباس الصائفة من ناحية البُدَنْدُون.
    خبر غزو قتيبة بخارى

    وفي هذه السنة غزا قتيبة بخارى، ففتح راميثنه. ذكر علي بن محمد عن الباهليين أنهم قالوا ذلك، وأن قتيبة رجع بعد ما فتحها في طريق بلخ، فلما كان بالفارياب أتاه كتاب الحجاج: أن رد وردان خذاه. فرجع قتيبة سنة تسع وثمانين، فأتى زم، فقطع النهر، فلقيه السغد وأهل كس ونسف في طريق المفازة، فقاتلوه، فظفر بهم ومضى إلى بخارى، فنزل خرقانة السفلي عن يمين وردان، فلقوه بجمع كثير، ففاتلهم يومين وليلتين، ثم أعطاه الله الظفر عليهم؛ فقال نهار بن توسعة:
    وباتت لهم منا بخرقان ليلة ** وليلتنا كانت بخرقان أطولا
    قال علي: أخبرنا أبو الذيال عن المهلب بن إياس، وأبو العلاء عن إدريس بن حنظلة، أن قتيبة غزا وردان خذاه ملك بخارى سنة تسع وثمانين فلم يطقه، ولم يظفر من البلد بشيء، فرجع إلى مرو، وكتب إلى الحجاج بذلك، فكتب إليه الحجاج: أن صورها لي، فبعث إليه بصورتها، فكتب إليه الحجاج: أن ارجع إلى مراغتك فتب إلى الله مما كان منك، وأتها من مكان كذا وكذا
    وقيل: كتب إليه الحجاج أن كس بكس وانسف نسف ورد وردان، وإياك والتحويط، ودعني من بنيات الطريق.
    خبر ولاية خالد القسري على مكة

    وفي هذه السنة ولى خالد بن عبد الله القسري مكة فيما زعم الواقدي، وذكر أن عمر بن صالح حدثه عن نافع مولى بني مخزوم، قال: سمعت خالد بن عبد الله يقول على منبر مكة وهو يخطب: أيها الناس، أيهما أعظم؟ أخليفة الرجل على أهله، أم رسوله إليهم؟ والله لو لم تعلموا فضل الخليفة، إلا أن إبراهيم خليل الرحمن استسقى فسقاه ملحًا أجاجًا، واستسقاه الخليفة فسقاه عذبًا فراتًا، بئرًا حفرها الوليد بن عبد الملك بالثنيتين - ثنية طوى وثنية الحجون - فكان ينقل ماؤها فيوضع في حوض من أدم إلى جنب زمزم ليعرف فضله على زمزم. قال: ثم غارت البئر فذهبت فلا يدري أين هي اليوم. وفيها غزا مسلمة بن عبد الملك الترك حتى بلغ الباب من ناحية أذربيجان، ففتح حصونًا ومدائن هنالك وحج بالناس في هذه السنة عمر بن عبد العزيز، حدثني بذلك أحمد ابن ثابت، عمن ذكره، عن إسحاق بن عيسى، عن أبي معشر. وكان العمال في هذه السنة على الأمصار العمال في السنة التي قبلها وقد ذكرناهم قبل.
    ثم دخلت سنة تسعين

    ذكر الخبر عن الأحداث التي كانت فيها

    ففي هذه السنة غزا مسلمة أرض الروم - فيما ذكر محمد بن عمر - من ناحية سورية، ففتح الحصون الخمسة التي بسورية، وغزا فيها العباس بن الوليد؛ قال بعضهم: حتى بلغ الأرزن؛ وقال بعضهم: حتى بلغ سورية. وقال محمد بن عمر: قول من قال: حتى بلغ سورية أصح.
    وفيها قتل محمد بن القاسم الثقفي داهر بن صصة ملك السند، وهو على جيش من قبل الحجاج بن يوسف. وفيها استعمل الوليد قرة بن شريك على مصر موضع عبد الله بن عبد الملك.
    وفيها أسرت الروم خالد بن كيسان صاحب البحر، فذهبوا به إلى ملكهم، فأهداه ملك الروم إلى الوليد بن عبد الملك.
    خبر فتح بخارى

    وفيها فتح قتيبة بخارى، وهزم جموع العدو بها.
    ذكر الخبر عن ذلك
    ذكر علي بن محمد أن أبا الذيال أخبره عن المهلب بن إياس؛ وأبا العلاء عن إدريس بن حنظلة؛ أن كتاب الحجاج لما ورد على قتيبة يأمره بالتوبة مما كان، من انصرافه عن وردان خذاه ملك بخارى قبل الظفر به والمصير إليه، ويعرفه الموضع الذي ينبغي له أن يأتي بلده منه، خرج قتيبة إلى بخارى في سنة تسعين غازيًا، فأرسل وردان خذاه إلى السغد والترك ومن حولهم يستنصرونهم، فأتوهم وقد سبق إليها قتيبة فحصرهم، فلما جاءتهم أمدادهم خرجوا إليهم ليقاتلوهم، فقالت الأزد: اجعلونا على حدة وخلوا بيننا وبين قتالهم. فقال قتيبة: تقدموا؛ فتقدموا يقاتلونهم وقتيبة جالس، عليه رداء أصفر فوق سلاحه، فصبروا جميعًا مليًا، ثم جال المسلمون، وركبهم المشركون فحطموهم حتى دخلوا في عسكر قتيبة وجازوه حتى ضرب النساء وجوه الخيل وبكين، فكروا راجعين، وانطوت مجنبتًا المسلمين على الترك، فقاتلوهم حتى ردوهم إلى مواقفهم، فوقف الترك على نشز، فقال قتيبة: من يزيلهم لنا عن هذا الموضع؟ فلم يقدم عليهم أحد، والأحياء كلها وقوف. فمشى قتيبة إلى بني تميم، فقال: يا بني تميم، إنكم أنتم بمنزلة الحطمية، فيوم كأيامكم، أبى لكم الفداء! قال: فأخذ وكيع اللواء بيده، وقال: يا بني تميم، أتسلمونني اليوم؟ قالوا: لا يا أبا مطرف - وهريم بن أبي طلحة المجاشعي على خيل بني تميم ووكيع رأسهم، والناس وقوف - فأحجموا جميعًا، فقال وكيع: يا هريم، قدم، ودفع إليه الراية، وقال: قدم خيلك فتقدم هريم، ودب وكيع في الرجال، فانتهى هريم إلى نهر بينه وبين العدو فوقف، فقال له وكيع: اقحم يا هريم؛ قال: فنظر هريم إلى وكيع نظر الجمل الصئول وقال: أنا أقحم خيلي هذا النهر، فإن انكشفت كان هلاكها! والله إنك لأحمق؛ قال: يا بن اللخناء، ألا أراك ترد أمري! وحذفه بعمود كان معه، فضرب هريم فرسه فأقحمه، وقال: ما بعد هذا أشد من هذا، وعبر هريم في الخيل، وانتهى وكيع إلى النهر، فدعا بخشب؛ فقنطر النهر وقال لأصحابه: من وطن منكم نفسه على الموت فليعبر، ومن لا فليثبت مكانه؛ فما عبر معه إلا ثمانمائة راجل، فدب فيهم حتى إذا أعيوا أقعدهم فأراحوا حتى دنا من العدو، فجعل الخيل مجنبتين، وقال لهريم: إني مطاعن القوم، فاشغلهم عنا بالخيل، وقال للناس: شدوا، فحملوا فما انثنوا حتى خالطوهم، وحمل هريم خيله عليهم فطاعنوهم بالرماح، فما كفوا عنهم حتى حدروهم عن موقفهم، ونادى قتيبة: أما ترون العدو منهزمين! فما عبر أحد ذلك النهر حتى ولى العدو منهزمين، فأتبعهم الناس، ونادى قتيبتة: من جاء برأس فله مائة. قال: فزعم موسى بن المتوكل القريعي، قال: جاء يومئذ أحد عشر رجلا من بني قريع، كل رجل يجيء برأس، فيقال له: من أنت؟ فيقول: قريعي. قال: فجاء رجل من الأزد برأس فألقاه، فقالوا له: من أنت؟ قال: قريعي؛ قال: وجههم بن زحر قاعد، فقال: كذب والله أصلحك الله! إنه لابن عمي؛ فقال له قتيبة: ويحك! ما دعاك إلى هذا؟ قال: رأيت كل من جاء قريعي: فظننت أنه ينبغي لكل من جاء برأس أن يقول: قريعي. قال: فضحك قتيبة. قال: وجرح يومئذ خاقان وابنه، ورجع قتيبة إلى مرو، وكتب إلى الحجاج: إني بعثت عبد الرحمن بن مسلم، ففتح الله على يديه. قال: وقد كان شهد الفتح مولى للحجاج، فقدم فأخبره الخبر، فغضب الحجاج على قتيبة، فاغتم لذلك، فقال له الناس. ابعث وفدًا من بني تميم وأعطهم وأرضهم يخبروا الأمير أن الأمر على ما كتبت، فبعث رجالًا فيهم عرام بن شتير الضبي، فلما قدموا على الحجاج صاح بهم وعاتبهم ودعا بالحجام بيده مقراض فقال: لأقطعن ألسنتكم أو لتصدقني، قالوا: الأمير قتيبة، وبعث عليهم عبد الرحمن، فالفتح للأمير والرأس الذي يكون على الناس، وكلمه بهذا عرام بن شتير، فسكن الحجاج.

  • صفحة 13 من 19 الأولىالأولى ... 31112131415 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الخامس)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 107
      آخر مشاركة: 08-05-2010, 09:12 PM
    2. تاريخ الرسل والملوك(تكملة الجزء الرابع)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 50
      آخر مشاركة: 08-05-2010, 06:18 PM
    3. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الرابع)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 49
      آخر مشاركة: 08-05-2010, 05:26 PM
    4. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثالث)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 124
      آخر مشاركة: 07-26-2010, 01:16 AM
    5. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثاني)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 130
      آخر مشاركة: 07-25-2010, 03:00 AM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1