لماذا نسينا يومها أن نطلق على الحرية أيضا أكثر من اسم؟ وكيف اختصرنا منذ البدء حريتنا.... في مفهومها الأول ؟
كان الموت يومها يمشي إلى جوارنا, وينام ويأخذ كسرته معنا على عجل. تماما مثل الشوق والصبر والإيمان .. والسعادة المبهمة التي لا تفارقنا .
كان الموت يمشي ويتنفس معنا.. وكانت الأيام تعود قاسيه دائما, لا تختلف عما سبقتها سوى بعدد شهدائها, الذين لم يكن يتوقع احد موتهم على الغالب.. أو لم يكن يتصور لسبب أو لآخر, أن تكون نهايتهم, هم بالذات, قريبه إلى ذلك الحد .. ومفجعه إلى ذلك الحد. وكان ذلك منطق الموت الذي لم أكن قد أدركته بعد .
ما زلت اذكرهم أولئك الذين تعودنا بعد ذلك أن نتحدث عنهم بالجملة. وكأنَّ الجمع في هذه الحالة بالذات، ليس اختصارا للذاكرة , وإنما لحقهم علينا .
لم يكونوا شهداء.. كان كل واحد منهم شهيدا على حده. كان هناك من استشهد في أول معركة, وكأنه جاء خصيصا للشهادة .
وهناك من سقط قبل زيارته المسروقة إلى أهله بيوم واحد, بعدما قضى عدة أسابيع في دراسة تفاصيلها, والإعداد لها .
وهناك من تزوج وعاد .. ليموت متزوجا .
وهناك من كان يحلم أن يعود يوما لكي يتزوج ... ولم يعد.
في الحروب, ليس الذين يموتون هم التعساء دائما, إنّ الأتعس هم أولئك الذين يتركونهم خلفهم ثكالى, يتامى, ومعطوبي أحلام .
اكتشفت هذه الحقيقة باكراً، شهيداً بعد آخر، وقصة بعد أخرى..
واكتشفت في المناسبة نفسها، أنني ربما كنت الوحيد الذي لم يترك خلفه سوى قبر طريّ لأم ماتت مرضاً وقهراً، وأخٍ فريد يصغرني بسنوات، وأب مشغول بمطالب عروسه الصغيرة.
لقد كان ذلك المثل الشعبي على حقّ "إن الذي مات أبوه لم يتيتَّم.. وحده الذي ماتت أمه يتيم".
وكنت يتيماً، وكنت أعي ذلك بعمق في كل لحظة. فالجوع إلى الحنان، شعور مخيف وموجع، يظل ينخر فيك من الداخل ويلازمك حتى يأتي عليك بطريقة وبطريقة أو بأخرى.
أكان التحاقي بالجبهة آنذاك محاولة غير معلنة للبحث عن موت أجمل خارج تلك الأحاسيس المرضية التي كانت تملأني تدريجياً حقداً على كل شيء؟
كانت الثورة تدخل عامها الثاني، ويتمي يدخل شهره الثالث، ولم أعد أذكر الآن بالتحديد، في أية لحظة بالذات أخذ الوطن ملامح الأمومة، وأعطاني ما لم أتوقّعه من الحنان الغامض، والانتماء المتطرِّف له.
وربما كان لاختفاء "سي الطاهر" من حينا بسيدي المبروك منذ بضعة أشهر، دور في حسم القضية، واستعجالي في أخذ ذلك القرار المفاجئ. فلم يكن يخفى على أحد أنه انتقل إلى مكان سري في الجبال المحيطة بقسنطينة ليؤسس من هناك مع آخرين إحدى الخلايا الأولى للكفاح المسلح.
من أين عاد اسم "سي طاهر" الليلة ليزيد من ارتباكي، ومن منكما استدرجني للآخر؟.
من أين عاد.. وهل غاب حقاً، وعلى بعد شارعين مني شارع مازال يحمل اسمه؟
هناك شيء اسمه "سلطة الاسم".
وهناك أسماء عندما تذكرها، تكاد تصلح من جلستك، وتطفئ سيجارتك. تكاد تتحدث عنها وكأنك تتحدث إليها بنفس تلك الهيبة وذلك الانبهار الأول.
ولذا .. ظلّ لاسم (سي طاهر) هيبته عندي. لم تقتله
█║S│█│Y║▌║R│║█
العادة ولا المعاشرة، ولم تحوله تجربة السجن المشترك، ولا سنوات النضال، إلى اسم عاديّ لصديق أو لجار. فالرموز تعرف دائماً كيف تحيط نفسها بذلك الحاجز اللامرئي، الذي يفصل بين العادي والاستثنائي، والممكن والمستحيل، في كل شيء.
ها أنذا أذكره في ليلة لم أحجزها له..
وبينما أسحب نفساً من سيجارة أخيرة، يرتفع صوت المآذن معلناً صلاة الفجر. ومن غرفة بعيدة يأتي بكاء طفل أيقظ صوته أنحاء كل البيت..
فأحسد المآذن، وأحسد الأطفال الرضّع، لأنهم يملكون وحدهم حق الصراخ والقدرة عليه، قبل أن تروض الحياة حبالهم الصوتية، وتعلِّمهم الصمت.
لا أذكر من قال "يقضي الإنسان سنواته الأولى في تعلم النطق، وتقضي الأنظمة العربية بقية عمره في تعليمه الصمت!".
وكان يمكن للصمت أن يصبح نعمة في هذه الليلة بالذات، تماماً كالنسيان. فالذاكرة في مناسبات كهذه لا تأتي بالتقسيط، وإنما تهجم عليك شلالاً يجرفك إلى حيث لا تدري من المنحدرات.
وكيف لك لحظتها أن توقفها دون أن تصطدم بالصخور، وتتحطم في زلّة ذكرى؟
وها أنت ذا، تلهث خلفها لتلحق بماضٍ لم تغادره في الواقع، وبذاكرة تسكنها لأنها جسدك.
جسدك المشوه لا غير.
وتدري أنّ هناك من يلهثون الآن من منبر إلى آخر، بحجة أو بأخرى، ليدينوا تاريخاً كانوا طرفاً فيه. عساهم يلحقون بالموجة الجديدة، قبل أن يجرفهم الطوفان. فلا تملك إلا أن تشفق عليهم.
ما أتعس أن يعيش الإنسان بثياب مبللة.. خارجاً لتوه من مستنقع.. وألا يصمت قليلاً في انتظار أن تجف!
صامتاً يأتي (سي طاهر) الليلة.
صامتاً كما يأتي الشهداء.
صامتاً.. كعادته.
وها أنت ذا مرتبك أمامه كعادتك.
لقد كانت دائماً الخمس عشرة سنة التي تفصلكما، أكبر من عمر السنوات. كانت عمراً بحد ذاتها، ورمزاً بحد ذاتها، لرجل كان يجمع إلى جانب الفصاحة التي كان يتميز بها كل من اختلط بجمعية العلماء، ودرس في قسنطينة، فصاحة أخرى.. هي فصاحة الحضور.
كان (سي طاهر) يعرف متى يبتسم، ومتى يغضب. ويعرف كيف يتكلم، ويعرف أيضاً كيف يصمت. وكانت الهيبة لا تفارق وجهه ولا تلك الابتسامة الغامضة التي كانت تعطي تفسيراً مختلفاً لملامحه كل مرة.
"إن الابتسامات فواصل ونقاط انقطاع.. وقليل من الناس أولئك الذين ما زالوا يتقنون وضع الفواصل والنقط في كلامهم".*
في سجن ( الكديا) كان موعدي النضالي الأول مع (سي طاهر). كان موعداً مشحوناً بالأحاسيس المتطرفة، وبدهشة الاعتقال الأول، بعنفوانه.. وبخوفه.
وكان (سي طاهر) الذي استدرجني إلى الثورة يوماً بعد آخر، يدري أنه مسؤول عن وجودي يومها هناك. وربما كان يشفق سراً على سنواتي الست عشرة، على طفولتي المبتورة، وعلى ( أمّا) التي كان يعرفها جيداً، ويعرف ما يمكن أن تفعله بها تجربة اعتقالي الأول.
ولكنه كان يخفي عنّي كل شفقته تلك، مردداً لمن يريد سماعه: "لقد خلقت السجون للرجال".
وكان سجن (الكديا) وقتها، ككل سجون الشرق الجزائري يعاني فجأة من فائض رجولة، إثر مظاهرات 8 ماي 1945 التي قدّمت فيها قسنطينة وسطيف وضواحيها أول عربون للثورة، متمثلاً في دفعة أولى من عدّة آلاف من
█║S│█│Y║▌║R│║█
الشهداء سقطوا في مظاهرة واحدة، وعشرات الآلاف من المساجين الذين ضاقت بهم الزنزانات، مما جعل الفرنسيين يرتكبون أكبر حماقاتهم، وهو يجمعون لعدة أشهر بين السجناء السياسيين، وسجناء الحق العام، في زنزانات يجاوز أحياناً عدد نزلائها العشرين معتقلاً.
وهكذا، جعلوا عدوى الثورة تنتقل إلى مساجين الحق العام الذين وجدوا فرصة للوعي السياسي، ولغسل شرفهم بالانضمام إلى الثورة التي استشهد بعد ذلك من أجلها الكثير منهم. ومازال بعضهم حتى الآن على قيد الحياة، يعيش بتكريم ووجاهة القادة التاريخيين لحرب التحرير، بعدما تكفّل التاريخ بإعادة سجلّ سوابقهم العدلية.. لعذريته الأولى. بينما وجد بعض السجناء السياسيين _ في تلك الحماقة الاستعمارية _ فرصة للتعرف على بعض، ووقتاً كافياً للتشاور والتفكير في أمور الوطن.. والتخطيط للمرحلة القادمة.
اليوم.. عندما أذكر تلك التجربة، تبدو لي لكثافتها ودهشتها، وكأنها أطول مما كانت. رغم أنها لم تدم بالنسبة لي سوى ستة أشهر فقط. قضيتها هناك قبل أن يطلق سراحي أنا واثنين آخرين لصغر سننا ولأنه كان هناك من يهمهم أمرهم، أكثر منَّا.
وهكذا عدت إلى ثانوية قسنطينة، بعدما أخلفت هاماً دراسياً، لأجد البرنامج نفسه وكتب الفلسفة نفسها والأدب الفرنسي في انتظاري..
وحدهم بعض رفاق الدارسة كانوا ما يزالون ضمن المتغيّبين، بين مساجين وشهداء.
أغلبهم طلبة في الصفوف العليا التي كان مقرراً أن تتخرج منها أول دفعة من المثقفين والموظفين الجزائريين المفرنسين.
وكان ذلك شرفهم، أولئك الذين راهن البعض على خيانتهم، فقط لأنهم اختاروا الثانويات والثقافة الفرنسية، في مدينة لا يمكن لأحد فيها أن يتجاهل سلطة اللغة العربية، وهيبتها في القلوب والذاكرة.
فهل عجب أن يكون من بين الذين سجنوا وعذّبوا بعد تلك المظاهرات، الكثير منهم، هم الذين كانوا بحكم ثقافتهم الغربية يتمتعون بوعي سياسي مبكر، وبفائض وطنية.. وفائض أحلام.
والذين أدركوا، والحرب العالمية تنتهي لصالح فرنسا والحلفاء، أنّ فرنسا استعملت الجزائريين، ليخوضوا حرباً لم تكن حربهم، وأنهم دفعوا آلاف الموتى في معارك لا تعنيهم، ليعودوا بعد ذلك إلى عبوديتهم.
كان في مصادفة وجودي مع (سي الطاهر) في الزنزانة نفسها شيء أسطوري بحد ذاته، وتجربة نضالية ظلَت تلاحقني لسنوات بكل تفاصيلها، وربما كان لها بعد لك أثر في تغيّر قدري. فهناك رجال عندما تلتقي بهم تكون قد التقيت بقدرك.
كان (سي الطاهر) استثنائياً في كلِّ شيء، وكأنه كان يعد نفسه منذ البدء، ليكون أكثر من رجل.
لقد خلق ليكون قائداً. كان فيه شيء من سلالة طارق بن زياد، والأمير عبد الطارق، وأولئك الذين يمكنهم أن يغيروا التاريخ بخطبة واحدة.
وكان الفرنسيون الذين عذّبوه وسجنوه لمدة ثلاث سنوات يعرفون ذلك جيداً. ولكنهم كانوا يجهلون أنّ (سي الطاهر) سيأخذ بثأره منهم بعد ذلك بسنوات، ويصبح الرأس المطلوب بعد كل عملية يقوم بها المجاهدون في الشرق الجزائري.
أيّ صدفة.. أن يعود القدر بعد عشر سنوات تماماً، ليضعني مع (سي طاهر) في تجربة كفاحية مسلحة هذه المرّة!
سنة 1955.. وفي شهر أيلول بالذات، التحقت بالجبهة.
كان رفاقي يبدأون سنة دراسية ستكون الحاسمة، وكنت
█║S│█│Y║▌║R│║█
في عامي الخامس والعشرين أبدأ حياتي الأخرى.
أذكر أنَّ استقبال (سي طاهر) لي فاجأني وقتها. لم يسألني عن أيّة تفاصيل خاصة عن حياتي أو دراستي. لم يسألني حتى كيف أخذت قرار التحاقي بالجبهة، ولا أيّ طريق سلكت لأصل إليه. ظلَّ يتأملني قبل أ، يحتضنني بشوق وكأنَّه كان ينتظرني هناك منذ سنة.
ثم قال:
- جئت..!
وأجبته بفرح وبحزن غامض معاً:
- جئت!
كان ( سي الطاهر) هكذا أحياناً، يكون موجزاً حتَّى في فرحته؛ فكنت موجزاً معه في حزني أيضاً.
سألني بعدها عن أخبار الأهل، وأخبار ( أمّا) بالتحديد، فأجبته أنها توفيت منذ ثلاثة أشهر. وأعتقد أنه فهم كلّ شيء، فقد قال وهو يربت على كتفي، وشيء شبيه بالدمع يلمع في عينيه:
- رحمها الله، لقد تعذبت كثيراً.
ثم ذهب في تفكيره بعيداً إلى حيث لا أدري..
بعدها حسدت تلك الدمعة المفاجئة في عينيه، والتي رفع بها أمي إلى مرتبة الشهداء. فلم يحدث لي أن رأيت (سي الطاهر) يبكي سوى الشهداء من رجاله. وتمنيت طويلاً بعد ذلك أن أمدد جثماناً بين يديه، لأتمتع ولو بعد موتي بدمعة مكابرة في عينيه.
ألكلّ هذا تقلصت عائلتي فجأة في شخصه، ورحت أتفانى في إثبات بطولتي له، وكأنني أريد أن أجعله شاهداً على رجولتي أ, على موتي؛ شاهداً على أنني لم أعد أنتسب إلى أحد غير هذا الوطن، وأنني لم أترك خلفي سوى قبر لامرأة كانت أمي، وأخٍ يصغرني اختار له أبي مسبقاً امرأة ستصبح أمه.
كنت ألقي بنفسي على الموت في كل مرّة، وكأنني أتحداه أو كأنني أريد بذلك أن يأخذني بدل رفاقي الذين تركوا خلفهم أولادهم وأهلهم ينتظرون عودتهم.
وكنت كل مرة أعود أنا ويسقط آخرون، وكأن الموت قرر أن يرفضني..
وكان (سي طاهر) بعد أكثر من معركة ناجحة اشتركت فيها، قد بدأ تدريجياً يعتمد عليَّ في المهمات الصعبة، ويكلفني بالمهمات الأكثر خطورة، تلك التي تتطلب مواجهة مباشرة مع العدو. ورفعني بعد سنتين إلى رتبة ملازم لأتمكن من إدارة بعض المعارك وحدي، وأخذ القرارات العسكرية التي يقتضيها كل ظرف.
بدأت وقتها فقط أتحول على يد الثورة إلى رجل، وكأن الرتبة التي كنت أحملها قد منحتني شهادة بالشفاء من ذاكرتي.. وطفولتي.
وكنت آنذاك سعيداً وقد بلغت أخيراً تلك الطمأنينة النفسية التي لا تمنحنا إياها سوى راحة الضمير.
لم أكن أعي أنّ طموحاتي لا علاقة لها بالمكتوب وأنّ القدر كان يتربص بي في ذلك الوقت الذي كنت أعتقد فيه أن لا شيء بعد اليوم يمكن أن يعيدني إلى حزني السابق.
وجاءت تلك المعركة الضارية التي دارت على مشارف "باتنة" لتقلب يوماً كل شيء..
فقد فقدنا فيها ستة مجاهدين، وكنت فيها أنا من عداد الجرحى بعدما اخترقت ذراعي اليسرى رصاصتان، وإذا بمجرى حياتي يتغير فجأة، وأنا أجد نفسي من ضمن الجرحى الذين يجب أن ينقلوا على وجه السرعة إلى الحدود التونسية للعلاج. ولم يكن العلاج بالنسبة لي.. سوى بتر ذراعي اليسرى، لاستحالة استئصال الرصاصتين. ولم يكن هناك من مجال للنقاش أو التردد. كان النقاش فقط، حول الطرق الآمنة التي يمكن أن نسلكها حتى تونس، حيث كانت القواعد الخلفية للمجاهدين.
وها أنذا أمام واقع آخر..
ها هو ذا القدر يطردني من ملجأي الوحيد، من الحياة والمعارك الليلية، ويخرجني من السرية إلى الضوء، ليضعني أمام ساحة أخرى، ليست للموت وليست للحياة. ساحة للألم فقط.. وشرفة أتفرج منها على ما يحدث في ساحة القتال. فلقد بدا واضحاً من كلام (سي طاهر) يومها، أنني قد لا أعود إلى الجبهة مرّة ثانية.
في ذلك اليوم الأخير، حاول (سي طاهر) أن يحافظ على نبرته الطبيعية، وراح كما كان يودعني كل مرة قبل معركة جديدة. ولكن هذه المرة كان يدري أنه يعدّني لتحمل معركتي مع القدر.
غير أنه كان موجزاً على غير عادته، ربما.. لأنه ليس هناك من تعليمات خاصة تعطى في هذه الحالات.. وربما لأنه كان يتكبد يومها أكبر خسارة بشرية ويفقد في معركة واحدة عشرة من خيرة رجاله بين جرحى وقتلي. وكان يدري، والثورة مطوقة من كل جانب، قيمة كلّ مجاهد وحاجة الثورة إلى كل رجل على حدة.
ولم أقل له شيئاً ذلك اليوم..
كنت أشعر، لسبب غامض، أنني أصبحت يتيماً مرة أخرى.
كانت دمعتان قد تجمدتا في عينيّ. كنت أنزف، وكان ألم ذراعي ينتقل تدريجياً إلى جسدي كله، ويستقر في حلقي غصة. غصّة الخيبة والألم.. والخوف من المجهول.
كانت الأحداث تجري مسرعة أمامي، وقدري يأخذ منحىً جديداً بين ساعة وأخرى، ووحده صوت (سي طاهر) وهو يعطي تعليماته الأخيرة، كان يصل إليَّ حيث كان، ليصبح صلتي الوحيدة مع العالم.
وبرغم ذلك، مازلت أذكر تماماً حضوره الأخير، عندما جاء يتفقدني قبل سفري بساعة، ووضع ورقة صغيرة في جيبي وبعض الأوراق النقدية، وقال وهو ينحني عليّ وكأنه يودعني سراً:
"لقد قُدّر لك أن تصل إلى هناك.. أتمنى أن تذهب لزيارتهم حين تشفى وتسلّم هذا المبلغ إلى (أمّا) لتشتري به هدية للصغيرة، وأود أيضاً أن تقوم بتسجيلها في دار
█║S│█│Y║▌║R│║█
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)