فتركته يتحدث.. ويعري أمامي هذا الوطن الذي كنت كسوته حنيناًوعشقاً وجنوناً.
أكان يخاف عليّ من خيبتي،ويخشى أن يفقد فرحة عودتي إليه وإلىهذا الوطن مرة أخرى، عندما كان يتوقف أحياناً عن الحديث لينتقل بي إلى موضوع آخر؟كأن يستدرجني مثلاً بطريقة غير مباشرة إلى الدين وإلى التقوى والإيمان. ويغرينيبالتوبة، وكأن وجودي في فرنسا بحد ذاته قد أصبح ذنبا وكفراً.
أهذا هوحسان؟.
لم أمنع نفسي ساعتها من الابتسام وأنا أتذكر أنني أحضرت له معيزجاجتيْ ويسكي كالعادة..
تساءلت ليلتها وأنا في فراشي عن ذنوبي. حاولت أنألخصها، أن أحصرها.. فلم أجدها أكبر من ذنوب غيري، بل وربما وجدتها أقلبدرجات..
لم أكن مجرماً.. ولا مقامراً.. ولا كافرا.. ولا كاذباً.. ولاسكّيراً.. ولا خائناً..
لم تكن لي زوجة ولا سرير شرعي استبدلت بهآخر.
خمسون سنة من الوحدة. نصفها تماماً ما يمكن أن أسمّيه "السنواتالمعطوبة" تلك التي قضيتها بذراعٍ واحدة، مشوّه الجسد والأحلام.
كم أحببت منالنساء؟. لم أعد أذكر. منذ حبّي الأول لتلك الجارة اليهودية التي أغريتها. إلى تلكالممرضة التونسية التي أغرتني. إلى نساء أخريات.. لم أعد أذكر أسماءهن ولا ملامحهن،تناوبن على سريري لأسباب جسدية محض، وذهبن محملات بي لأبقى فارغاًًمنهن..
وجئتِ أنتِ..
أكبر ذنوبي على الإطلاق كنت أنتِ. المرأةالوحيدة التي لم أمتلكها، والذنب الوحيد الذي لم أقترفه حقاً.
لقد كانت ذنوبيمعك، هي ما يمكن أن أسميه "ذنوب اليد اليمنى".. اليد الوحيدة التي رسمتك بها.. واستحضرتك بها.. واغتصبتك بها.. وهما!
فهل سيعاقبني الله على ذنوب يدٍ لميترك لي سواها!؟
لا أذكر من قال: "ليس الفضيلة تجنّب الرذيلة، الفضيلة في ألاتشتهيها!
وأعتقد أنني بهذا المفهوم فقط.. لم أكن رجلاً فاضلاً.
فقد كانلا بد ألا أشتهيك أنتِ.. وألا أبدأ رذيلتي معك. كان لحبك طعم المحرمات والمقدساتالتي يجب تجنّبها، والتي كنت أنزلق نحوها دون تفكير.
لقد كان الأمر المدهشحقاً في قصتي معك، أن تكون المبررات التي جعلتني أحبك، هي التي كان يجب أن تجعلنيأعدل عن حبك. ولهذا ربما كنت أحبك وأعدل عن حبك.. أكثر من مرة في اليوم. وبالتطرفنفسه كل مرة.
وأنا لا أفعل شيئاً في النهاية هنا، سوى البحث عن حدٍ لهذاالمدّ والجزر العاطفي الذي أعيشه معك كل لحظة.
كنت أدري أن العاشق مثل المدمن،لا يمكن أن يقرر بمفرده الشفاء من دائه، وأنه مثله يشعر أنه ينزل تدريجياً كل يومأكثر نحو الهاوية. ولكنه لا يمكن أن يقف على رجليه ويهرب، مادام لم يصل إلى أبعدنقطة في الجحيم، ويلامس بنفسه قعر الخيبة والمرارة القصوى.
وكنت سعيداً فيتلك الليلة..
تلك السعادة الغامضة المرة، لأنني كنت أدري أن كل شي سوف يحسم فياليومين القادمين، وأنني بطريقة أو بأخرى سأنتهي منك.
كانت زوجة حسان في تلكالسهرة منهمكة في إعداد نفسها للحدث الهام، ولمرافقة الموكب النسائي في الغد إلىالحمام، ثم إلى ليلة الحنة.
وكانت كثيرة الحركة ومشغولة عنا وعن أولادهابهمومها النسائية، وبما ستأخذه في حقيبتها من ثياب للحمام، حيث ستستعرض النساء مثلالعادة كل شيء حتى ثيابهن الداخلية.. ليتظاهرن بغناهنّ الكاذب في معظم الأحيان.. أوليقنعن أنفسهن فقط، أنهن مازلن برغم كل شيء قادرات على إغراء رجل، تماماً مثل تلكالعروس التي يرافقنها.. والتي يتأمّلنها بحسد سريّ.
فليكن.. غداً تبدأ طقوسأفراحك.. وينتهي ذلك الزمن الذي سرقناه من الزمن.
أجمل الأحلام إذن سيدتي فيانتظار غدك.
ولتصبح على خير.. أيها الحزن!
***
يوقظني الحب المضاد في هذا الصباح الصيفي.. ويرمي بي في الشوارع.
قررت حال استيقاظي أن أهرب من البيت، ومن حديث عتيقة الذي لا ينقطع عن مراسيم الحفل، وعن أسماء الشخصيات والعائلات الكبيرة التي جاءت خصيصاً لتحضر ذلك الحدث الذي لم تشهد قسنطينة مثله منذ سنوات.
ولكنها لحقت بي حتى الباب لتواصل حديثها:
- على بالك.. يقال إنهم حضروا كل شيء من فرنسا.. منذ شهر والطائرة تنقل لوازم العرس.. لو رأيت جهاز العروس وما لبسته البارحة.. يا حسرة.. قال لك "واحد عايش في الدنيا.. وواحد يوانس فيه..!"
أجبتها وأنا أغلق خلفي الباب، وكأنني أغلق بعنف أبواب قلبي:
- ما عليهش.. البلد لهم والطائرات أيضاً. ويمكنهم أن يجلبوا إليه كما أخذوا منه ما شاؤوا!
أين أهرب؟
ها أنا أوصدت الباب خلفي، وإذا لا شي أمامي.. سواي.
رميت بخطاي دون تفكير وسط أفواج المارة الذين يجوبون الشوارع هكذا كل يوم دون جهة محددة.
هنا.. أنت تملك الخيار بين أن تمشي، أو تتكئ على جدار، أو تجلس في مقهى لتتأمل الذين يمشون أو يتكئون أمامك.. على حائط الرصيف المقابل..
رحت أمشي..
شعرت في لحظة ما، أننا نطوف جميعاً حول هذه المدينة الصخرة، دون أن ندري تماماً.. ماذا يجب أن نفعل بغضبنا، ماذا يجب أن نفعل ببؤسنا.. وعلى من نرمي هذا الحصى الذي امتلأت به جيوبنا الفارغة.
من الأوْلى بالرّجم في هذا الوطن؟ من؟ ذلك الجالس فوق الجميع.. أم أولئك الجالسون فوقنا؟
حضرني لحظتها عنوان رواية لمالك حداد.. "الأصفار تدور حول نفسها".
تمنيت لو أنني قرأتها، عساني أجد تفسيراً لكل هذه الدوائر التي تحولنا إليها.
ثم قادتني أفكاري إلى مشهد شاهدته يوماً في تونس لجمل مغمض العينين، يدور دون توقف في ساحة (سيدي بوسعيد)، ليستخرج الماء من بئر أمام متعة السواح ودهشتهم.
استوقفني يومها عيناه اللتان وضعوا عليهما غمامة ليتوهم أنه يمشي إلى الأمام دائماً، ويموت دون أن يكتشف أنه كان يدور في حلقة مفرغة.. وأنه قضى عمره دائراً حول نفسه!
ترانا أصبحنا ذلك الجمل الذي لا يكاد ينتهي من دورة حتى يبدأ أخرى تدور به بطريقة أو بأخرى حول همومه الصغيرة اليومية؟
تُرى هذه الجرائد التي تحمل لنا أكياساً من الوعود بغدٍ أفضل، ليست سوى رباط عينين، يخفي عنا صدمة الواقع وفجيعة الفقر والبؤس الحتمي الذي أصبح لأول مرة يتربص بنصف هذا الشعب؟
وأنا.. تراني لم أعد أعرف المشي إلى الأمام في خط مستقيم لا يعود بي تلقائياً إلى الوراء.. إلى هذا الوطن الذاكرة؟
وهذا الوطن.. من أين له هذه القدرة الخارقة على لَيّ المستقيمات، وتحويلها إلى دائرة.. وأصفار!
ها هي الذاكرة سياج دائري يحيط بي من كل جانب.
تطوّقني أول ما أضع قدمي خارج البيت. وفي كل اتجاه أسلكه تمشي إلى جواري الذكريات البعيدة..
فأمشي نحو الماضي مغمض العينين.. أبحث عن المقاهي القديمة تلك التي كان لكل عالم أو وجيه مجلسه الخاص فيها، حيث كانت تعد القهوة على الوجاق الحجري وتقدم بالجزوة.. ويخجل نادل أن يلاحقك بطلباته. كان يكفيه شرف وجودك عنده.
في ذلك الزمن كان لابن باديس المقهى الذي كان يتوقف عنده، وهو في طريقه إلى المدرسة. كان اسمه (مقهى بن بامينة).
وكان هنالك (مقهى بو عرعور) حيث كان مجلس بلعطّار وباشتارزي وحيث كنت ألمح أبي أحياناً وأنا أمر بهذا
█║S│█│Y║▌║R│║█
الطريق.
أين ذلك المقهى لأحتسي فيه هذا الصباح فنجان قهوة نخب ذكراه؟
كيف أعثر على مقهى لم يكن كبيراً سوى بأسماء رواده؟ كيف أجده.. في هذا الزمن الذي كبرت فيه المقاهي وكثرت، لتسع بؤس المدينة. وإذا بها متشابهة وحزينة كوجوه الناس؟
لم يعد يميزها شيء. حتى تلك الهيبة التي كانت سمة أهل قسنطينة، وذلك الشاش والبرنس المتألق بياضاً، أصبح نادراًً وباهتاً اليوم.
ربما كان أول ما لفت نظري ذلك الصباح، ذلك الزيّ الموحّد لتلك المدينة التي تستيقظ كما تنام بحزن غامض. ذلك اللون القاتم المتدرج والمشترك بين الجنسين.
النساء ملفوفات بملاءاتهن السوداء التي لا يبدو منها شيء سوى عيونهن.
والرجال في بدلاتهم الرمادية أو البنية التي لا تختلف عن لون بشرتهم.. ولا لون شعرهم. والتي يبدون وكأنهم اشتروها جميعاً عند خياط واحد.
وقلما كان يبدو من بين الحشود نقطة ضوء، أو لون زاهٍ لفستانٍ أو لبدلةٍ صيفية.
تراني كنت أنظر ذلك الصباح إلى تلك المدينة، بعيون رسام لا تلفت نظره سوى الألوان، ويكاد لا يرى سواها في كل شيء. أم تراني كنت أراها فقط بعيون الماضي وخيبة الحاضر؟
رميت بنفسي وسط أمواج الرجال الضائعين مثلي في تلك المدينة. شعرت لأول مرة أنني بدأت أشبههم.
مثلهم أملك وقتاً ورجولة لا أدري ماذا أفعل بها. فلا أملك إلا أن أمشي ساعات في الشوارع كما يمشون.. محملاً ببؤسي الحضاري.. وبؤسي الجنسي الآخر.
ها نحن نتشابه فجأة في كل شيء. في لون شعرنا ولون بدلتنا وجرّ أحذيتنا وخطانا الضائعة على الأرصفة.
نتشابه في كل شيء، وأنفرد وحدي بك. ولكن هل يغير ذلك شيئاً؟
حبك الذي استدرجني حتى هذه المدينة، أعادني إلى تخلّفي دون علمي. رمى بي وسط هذه الجموع الرجالية، التي تسير ببطء تحت الشمس الصيفية، دون وجهة محددة، ودون أن تدري ماذا تفعل بتلك الأشعة التي تختزنها الأجساد المحمومة في النهار، وتنفقها الأيدي البائسة سرّاً في الليل.. في الملذات الفردية.
تتوقف فجأة خطواتي أمام جدران بيت لا يشبه بيوتاً أخرى.
هنا كانت أكبر "دار مغلقة" يرتادها الرجال. وكان لها ثلاثة أبواب تؤدي إلى شوارع وأسواق مختلفة.
لقد كانت في الواقع داراً مغلقة مشرعة، مدروسة ليتسلل إليها الرجال من أية جهة، ويخرجوا منها من أية جهة أخرى.
كان الرجال يؤمونها من كل صوب، هرباً من المدن والقرى المجاورة، التي لا ملّذات فيها ولا نساء.
وكانت النساء الجميلات والبائسات، يأتين أيضاً من كل المدن المجاورة ليختفين خلف هذه الجدران المصفرة، التي لا يخرجن منها إلا عجائز لينفقن ثروتهن في الصدقات والحسنات، وتطهير الأيتام في موسم توبتهن الأخيرة.
هنا أنفق أبي ثروته ورجولته..!
أحاول ألا أتوقف عند ذلك البيت الاستثنائي، الذي كان لعدة سنوات سبب حزن أمي السري، وربما موتها قهراً.
وكان لعدة سنوات أيضاً سرّ نشوتي السرية، وأحلامي المكبوتة أيام صباي، يوم كنت أحلم به ولا أجرؤ على دخوله، ربما خوفاً من أن ألتقي بأبي هناك، وربما أيضاً لأنني كنت مكتفياً بمغامراتي العابرة المسروقة فوق السطح تارة، أو في غرف المؤونة التي قلما يفتحها أحد..
اليوم لم يعد أبي هناك ليمنعني احتمال وجوده في هذا "البيت" من الدخول.
لقد رحل بعدما ترك تاريخه بامتياز خلف هذه الجدران، تماماً كما يفعل أيّ فلسطيني ثري ومحترم على أيامه.
ألم تكن جدتي تقول وقتها لتعلم أمي الصبر، وتعودها على تقبّل تلك الخيانة بفخر: "إن ما يفعله الرجال.. طرّز على أكتافهم!".
وكان أبي يطرّز مغامراته جرحاً ووشماً على جسد (أمّا) دون أن يدري.
ماذا أصبح هذا "البيت" لست أدري..
يُقال إنهم أغلقوه وربما ظل له باب واحد فقط.. بعدما أغلقت أبوابه الأخرى، في إطار سياسة تقليص الملذات في هذه المدينة، أو احتراماً لعشرات المساجد التي نبتت على صدر هذه الصخرة، والتي يرتفع صوتها مجتمعة مرات في اليوم، ليذكّر الناس بمزايا الإيمان والتوبة..
وكنت في تلك اللحظة، كمعظم رجال هذه المدينة، أقف في الحد الفاصل بين شهوة الجسد وعفة الروح. يتجاذبني إلى أسفل النداء السري لتلك الغرف المظلمة الشبقية.. حيث تحلو الخطايا.. ويسمو بي إلى أعلى ذلك النداء الآخر، لتلك المآذن التي افتقدت طويلاً تكبيرها، ورهبة آذانها الذي كان يدعو إلى الصلاة، فيخترق بقوته دهاليز نفسي، ويهزني لأول مرة منذ سنوات.
لقد أصبحت في بضعة أيام رجلاً مزدوجاً كهذه المدينة، وبدأت أعي أن ليس في هذا العالم المسكون بالأضداد من مدن بريئة. ومدن فاجرة.
هنالك مدن منافقة.. وأخرى أقل نفاقاً فقط..
وليس هناك من مدن بوجه واحد.. وحرفة واحدة. وقسنطينة أكثر المدن وجوهاً.. وتناقضاً.
ها هي مدينة تستدرجك إلى الخطيئة. ثم تردعك بالقوة نفسها التي تستدرجك بها.
كل شيء هنا دعوة مكشوفة للجنس.. شيء ما في هذه المدينة يغري بالحب المسروق: قيلولاتها التي لا تنتهي.. صباحاتها الدافئة الكسلى.. وليليها الموحش المفاجئ. طرقاتها المعلّقة بين الصخور.. أنفاقها السرية الموبوءة الرطوبة.. منظر جبل الوحش وما حوله من ممرات متشعّبة.. غابات الغار والبلّوط.. وكل تلك المغارات والأنفاق المختبئة.
ولكن.. عليك أن تكتفي بالتفرج على عادات النفاق المتوارثة هنا من أجيال، وتتحاشى النظر إلى هذه المدينة في عينيها حتى لا تربكها.. وترتبك!
فالجميع هنا يعرفون أن خلف شوارعها الواسعة تختبئ الأزقّة الضيقة الملتوية، وقصص الحب غير الشرعية، واللذة التي تسرق على عجل خلف باب.. وتحت ملاءتها السوداء الوقور، تنام الرغبة المكبوتة من قرون. الرغبة التي تعطي نساءها تلك المشية القسنطينية المنفردة، وتمنح عيونهن تحت (العجار)، ذلك البريق النادر.
تعوّدت النساء هنا منذ قرون، على حمل رغبتهنّ كقنبلة موقوتة، مدفونة في اللاوعي. لا تنطلق من كبتها إلا في الأعراس، عندما تستسلم النساء لوقع البندير، فيبدأن الرقص وكأنهن يستسلمن للحب، بخجل ودلال في البداية. يحركن المحارم يمنة ويسرة على وقع "الزندالي".. فتستيقظ أنوثتهن المخنوقة تحت ثقل ثيابهن وصيغتهن.
يصبحن أجمل في إغرائهن المتوارث.
تهتز الصدور وتتمايل الأرداف، ويدفأ فجأة الجسد الفارغ من الحب.
تشبّ فيه فجأة الحمى التي لم يطفئها رجل. ويتواطأ البندير الذي تسخنه النساء مسبقاً مع الجسد المحموم، فتزيد الضربات فجأة قوة وسرعة. وتنفك ضفائر النساء، وتتطاير خصلات شعرهن، وينطلقن في حلبات الرقص كمخلوقات بدائية تتلوى وجعاً ولذة في حفلة جذب وتهويل، يفقدن خلالها كل علاقة بما حولهن، وكأنهن خرجن فجأة من أجسادهن، من ذاكرتهن وأعمارهن، ولم يعد يمكن أحدا أن يعيدهن إلى هدوئهن السابق.
وكما في طقوس اللذة.. وطقوس العذاب، يدري الجميع أنه لا يجب وقف ضربات البندير، ولا قطع وقعها المتزايد، قبل أن تصل النساء إلى ذروة لا شعورهن ولذتهن، ويقعن على الأرض مغمى عليهن، تمسكهن نساء من خصورهن، وترشهن أخريات بالريحة والعطر الجاهز لهذه المناسبات.. حتى يعدن تدريجياً إلى وعيهن.
هكذا تمارس النساء الحب.. وَهْماً في قسنطينة!
قسنطينة التي أغرتني.. بليلة حب وهمية، وقبلت صفقتها السرية، مقابل شيء من النسيان.
فأين النسيان قسنطينة.. وفي كل منعطف يتربص بي جرح؟
هل الحنين وعكة صحية؟
مريض أنا بك قسنطينة.
كان موعدنا وصفة جرّبتها للشفاء، فقتلتني الوصفة.
تراني تجاوزت معك جرعة الشوق المسموح بها في هذه الحالات؟
لم أشتركِ في صيدلية جاهزة في طريق، لأرفع دعوى على بائع الأقدار الذي وضعك في طريقي.
لقد صنعتك أنا بنفسي، وقست كل تفاصيلك على
█║S│█│Y║▌║R│║█
مقاييسي..
أنت مزيج من تناقضي، من اتّزاني وجنوني، من عبادتي وكفري..
أنتطهارتي وخطيئتي. وكل عقد عمري.
الفرق بينك وبين مدينة أخرى.. لا شيء.
لعلككنت فقط المدينة التي قتلتني أكثر من مرة لسبب مناقض للأول.. كل مرة.
فأين الحدالفاصل بين جرعة الشفاء وجرعة الموت هذه المرة؟ وفي مواسم الخيبة، تصبح الذاكرةمشروباً مراً يُبتلع دفعة واحدة، بعدما كان حلماً مشتركاً يُحتسى علىمهل؟
هنا تبدأ الذاكرة المشتركة، وشوارع يسكنها التاريخ وينفردبها.
بعضها مشيتها مع سي الطاهر وأخرى مع آخرين.
هنا شارع يحمل اسمه.. وشوارعتذكر عبوره. وها أنذا أتوحد بخطاه وأواصل طريقاً لم نكمله معاً.
تمشيالعروبة معي من حيّ إلى آخر. ويملؤني فجأة شعور غامض بالغرور.
لا يمكن أنتنتمي لهذه المدينة، دون أن تحمل عروبتها.
العروبة هنا.. زهو ووجاهة وقرونمن التحدّي والعنفوان.
مازالت لحية (ابن باديس) وكلمته تحكم هذه المدينة حتى بعدموته.
مازال يتأملنا في صورته الشهيرة تلك. ملتحياً وقاره، متّكئاً على يده،يفكر في ما أُلنا إليه بعده.
ومازالت صرخته التاريخية تلك بعد نصف قرن. النشيد غير الرسمي الوحيد.. الذي نحفظه جميعاً.
شعب الجزائر مسلم *** وإلىالعروبة ينتسبْ
من قال حاد عن أصله *** أو قال مات فقد كذبْ
أو رام إدماجاًله *** رام المحال من الطلبْ
صدقت نبوءتك لنا يا ابن باديس.. لمنمت.
فقط ماتت شهيّتنا للحياة. فماذا نفعل أيها العالم الفاضل؟
لاأحد توقّع لنا الموت يأساً. كيف يموت شعب يتضاعف كل عام؟
يا نشء أنت رجاؤنا *** وبك الصباح قد اقتربْ
ذلك النشء الذي تغنيت به.. لم يعد يترقب الصباح،مذ حجز الجالسون فوقنا.. الشمس أيضاً. إنه يترقب البواخر والطائرات.. ولا يفكر سوىبالهرب.
أمام كل القنصليات الأجنبية تقف طوابير موتانا، تطالب بتأشيرة حياة خارجالوطن.
دار التاريخ وانقلبت الأدوار. أصبحت فرنسا هي التي ترفضنا، وأصبح الحصولعلى "فيزا" إليها ولو لأيام.. هو "المحال من الطلب"!
لم نمت ظلماً.. متناقهراً. فوحدها الإهانات تقتل الشعوب.
في زمن ما كنا نردد هذا النشيد في سجنقسنطينة. كان يكفي أن ينطلق من زنزانة واحدة، لتردده زنزانات أخرى، لم يكن مساجينهاسياسيين.
كان لكلماته قدرة خارقة على توحيدنا. اكتشفنا مصادفة هناك صوتناالواحد.
كنا شعباً واحداً ترتعد الجدران لصوته. قبل أن ترتعد أجسادنا تحتالتعذيب.
هل بحّ صوتنا اليوم.. أم أصبح هناك صوت يعلو على الجميع. مذ أصبحهذا الوطن لبعضنا فقط؟
***
ولدت كل هذه الأفكار في ذهني وأنا أعبر ذلك الشارع، وألتقي بعد 37 سنة مع جدران سجن كنت يوماً أراها من الداخل.
ولكن هل يصبح السجن شيئاً آخر لمجرد أننا ننظر إليه من الخارج، وهل يمكن للعين أن تلغي الذاكرة اليوم، وهل يمكن لذاكرة أن تلغي أخرى؟
كان سجن "الكديا" جزءاً من ذاكرتي الأولى التي لن تمحوها الأيام.
وها هي الذاكرة تتوقف أمامه وترغم قدميّ على الوقوف، فأدخله من جديد كما دخلته ذات يوم من سنة 1945 مع خمسين ألف سجين ألقيّ عليهم القبض بعد مظاهرات 8 ماي الحزينة الذكر.
وكنت أكثر حظاً، قياساً إلى الذين لم يدخلوه يومها.
خمسة وأربعون ألف شهيد سقطوا في مظاهرة هزّت الشرق الجزائري كله بين قسنطينة وسطيف وقالمة وخرّاطة.
وكانوا أول دفعة رسمية لشهداء الجزائر. جاء استشهادهم سابقاً لحرب التحرير بسنوات.
هل أنساهم؟
أأنسى أولئك الذين دخلوه ولم يخرجوا منه، وظلّت جثثهم في غرف التعذيب؟ وأولئك الذين ماتوا بأكثر من طريقة للموت، رفاقنا الذين اختاروا موتهم وحدهم؟
هنالك إسماعيل شعلال. كان مجرد عامل في البناء. وكانت له مهمة حفظ وثائق "حزب الشعب" وأرشيفه السري. وكان أول من تلقّى زيارة الاستخبارات العامة الذين دقّوا باب غرفته الصغيرة الشاهقة صارخين "البوليس..افتح".
وبدل أن يفتح إسماعيل شعلال الباب.. فتح نافذته الوحيدة. ورمى بنفسه على وادي الرمال، ليموت هو وسرّه في وديان قسنطينة العميقة.
أيمكن اليوم، وحتى بعد نصف قرن، أن أذكر إسماعيل دون دموع، هو الذي مات حتى لا يبوح بأسمائنا تحت التعذيب؟
وهنالك صوت (عبد الكريم بن وطاف) الذي كانت صرخات تعذيبه تصل حتى زنزانتنا، خنجراً يخترق جسدنا أيضاً ويبعث فيه الشحنات الكهربائية نفسها. وصوته يشتم بالفرنسية معذّبيه ويصفهم بالكلاب والنازيّيين والقتلة.. فيأتي متقطّعاً بين صرخة وأخرى.
"criminels.. assassins.. salauds.. nazis"
فيرد عليه صوتنا بالأناشيد الحماسية والهتاف.
ويصمت صوت بن وطاف.
وهنالك (بلال حسين) أقرب صديق إلى سي الطاهر، أحد رجال التاريخ المجهولين، وأحد ضحاياه.
كان بلال نجّاراً. لم يكن رجل علم ولكن على يده تعلّم جيل بأكمل الوطنية. فقد كان محلّه القائم تحت جسر (سيجي راشد) مقرّ الاجتماعات السرية.
أذكر أنه كان يستوقفني وأنا أمرّ بمحلّه متجهاً إلى ثانوية قسنطينة، فيعرض عليّ قراءة جريدة "الأمة" أو منشوراً سرياً.
وكان خلال سنتين يهيؤني سياسياً للانخراط في "حزب الشعب". ويضعني أمام أكثر من امتحان ميداني، كان لا بد لكل عضو أن يمر به قبل أن يؤدي قسم الانخراط في الحزب. ويبدأ نشاطه في إحدى الخلايا التي كان يحددها بلال.
في ذلك المحل الذي لا أثر له اليوم، كان يلتقي القادة السياسيون. ويعطي (مصالح الحاج) تعليماته الأخيرة. وفيه نوقشت الشعارات التي رفعها المتظاهرون، وكُتبت ليلاً على اللافتات لتكون مفاجأة فرنسا.
وعندما انطلقت تلك المظاهرة من فوق جسر (سيدي راشد) كما خطط لها بلال لأسباب تكتيكية، يسهل معها تجمع المتظاهرين ثم تبعثرهم من كل الطرقات المؤدية للجسر. أدهشت القوات الفرنسية بدقتها ونظامها غير المتوقع. وكان بلال أول من أُلقي القبض عليه يومها.. ومن عذّب للعبرة.
ولم يمت بلال حسين كغيره. قضى سنتين في السجن والتعذيب. ترك فيهما جلده على آلات التعذيب.
أذكر أنه ظلّ لعدة أيام عاري الصدر، عاجزاً حتى أن يضع قميصاً على جلده، حتى لا يلتصق بجراحه المفتوحة، بعدما رفض طبيب المستشفى تحمل مسؤولية علاجه.
ثم خرج محكوماً عليه بالنفي والرقابة المشددة. وعاش بلال حسين مناضلاً في المعارك المجهولة، ملاحقاً مطارداً حتى الاستقلال. ولم يمت إلا مؤخراً في عامه الواحد والثمانين في 27 ماي 1988، في الشهر نفسه الذي مات فيه لأول مرة.
مات بائساً، وأعمى، ومحروماً من المال والبنين.
اعترف قبل موته ببضعة أشهر لصديقه الوحيد، أنهم عندما عذّبوه تعمدوا تشويه رجولته، وقضوا عليها إلى الأبد.
وأنه في الواقع مات منذ أربعين سنة..
يوم وفاته، جاء حفنة من أنصاف المسؤولين لمرافقته إلى
█║S│█│Y║▌║R│║█
مثواه الأخير. أولئك الذين لم يسألوه يوماً بماذا كانيعيش، ولا لماذا لا أهل له.
مشوا خلفه خطوات.. ثم عادوا إلى سياراتهمالرسمية، دون أدنى شعور بالذنب.
لم يكن أحد يعرف سره الذي احتفظ به أربعينسنة كاملة، بحياء رجل من جيله ومن طينته.
فهل كان يستحق ذلك السر، كل ذلكالكتمان؟
كان بلال حسين آخر الرجال في زمن الخصيان..
وكان المبصر فيزمن عميت فيه البصائر..
فهل أنسى بلال حسين؟
***
ها هوذا سجن (الكديا)..
أتأمله كما نتأمل جدران سجن أول، دخلناه كما ندخل حلماً مزعجاً لم نكن مهيأين له.
مرت سنوات كثيرة، قبل أن أدخل سجناًً آخر، كان جلادوه هذه المرة جزائريين لا غير. ولم يكن له من عنوان معروف، ليعرف طيف (أمّا) طريقه إليّ فيأتيني كما كانت تأتي لزيارتي هنا في الماضي، باكية متضرّعة لكل حارس..
ها هوذا سجن (الكديا).. كم من قصص مؤلمة، وأخرى مدهشة عرفها هذا السجن، الذي تناوب عليه أكثر من ثائر، لأكثر من ثورة.
سنة 1955.. أي عشر سنوات بالضبط بعد أحداث 8 ماي 1945. عاد هذا السجن للصدارة، بدفعة جديدة لسجناء استثنائيين كانت فرنسا تعدّ لهم عقاباً استثنائياً.
في الزنزانة رقم 8.. المعدة لانتظار الموت. كان ثلاثون من قادة الثورة ورجالها الأوائل، ينتظرون موثقين، تنفيذ الحكم بالإعدام عليهم، بينهم مصطفى بن بولعيد والطاهر الزبيري ومحمد ****ا وإبراهيم الطيب رفيق ديدوش مراد وباجي مختار وآخرون.
كان كل شيء معداً للموت يومها، حتى أن حلاق مساجين الحق العام، أخبر الشهيد القائد مصطفى بولعيد في الصباح، أنهم غسلوا المقصلة بالأمس، وأنه حلم أنهم "نفذوا".
وكانت هذه الكلمة تحمل معنييْن بالنسبة لمصطفى بن بولعيد، الذي كان يعدّ منذ أيام خطة للهرب من (الكديا).. وكان شرع مع رفاقه منذ عدة أيام، في حفر ممر سري تحت الأرض، أوصلهم في المرة الأولى إلى ساحة مغلقة داخل السجن. فأعادوا الحفر من جديد، ليصلوا بعد ذلك إلى خارج السجن.
يوم 10 نوفمبر 1955، بعد صلاة المغرب، وبين الساعة السابعة والثامنة مساءً بالتحديد، كان نصطفى بولعيد ومعه عشرة آخرون من رفاقه، قد هربوا من (الكديا)، وقاموا بأغرب عملية هروب من زنزانة لم يغادرها أحد ذلك اليوم.. سوى إلى المقصلة.
بعد ذلك سقط القائد مصطفى بولعيد وبعض من فرّوا معه، شهداء في معارك أخرى لا تقل شجاعة عن عملية فرارهم، فتصدّروا برحيلهم كتب التاريخ الجزائري، وأهم الشوارع والمنشآت الجزائرية.
بينما نُفِّذ حكم الإعدام، في من ظلّوا بالزنزانة، دون أن يتمكنوا من الهروب.
ولم يبق اليوم من السجناء الأحد عشر الذين هربوا من الكديا، سوى اثنين على قيد الحياة. ومات الرجال الثمانية والعشرون الذين جمعتهم الزنزانة رقم ثمانية يوماً، لقدرٍ كان مقرراً أن يكون.. واحداً.
كلما وقفت أمام الجدران العالية لهذا السجن تبعثرت ذاكرتي، وذهبت لأكثر من وجه، لأكثر من اسم، ولأكثر من جلاد. وشعرت برغبة في فتح أبواب سجون أخرى مازالت مغلقة على أسرارها، دون أن تجد كاتباً واحداً يردّ دين من مرّوا بها.
وقتها كنت أحسد ذلك الرفيق الذي جمعتني به زنزانة هنا لبضعة أسابيع.
كنا آنذاك.. أنا وهو، أصغر معتقلينْ سياسيينْ. وربما كان ياسين يصغرني ببضعة أشهر.
كان عمره ستة عشر عاماً فقط.
ورغم أنهم أطلقوا سراحي لصغر سنّي، فقد رفضوا أن يطلقوا سراح ياسين. وبقي في سجن (الكديا) أربعة عشر شهراً. يحلم بالحرية.. وبامرأة تكبره بعشر سنوات، كانت في السادسة والعشرين من عمرها.. وكان اسمها "نجمة"!
وبينما عدت أنا بعد ستة أشهر من السجن إلى الدراسة، راح ياسين يكتب بعد عدة سنوات رائعته "نجمة".
تلك الرواية الفجيعة، التي ولدت فكرتها الأولى هنا. في ذلك الليل الطويل، وفي مخاض المرارة والخيبة والأحلام الوطنية الكبرى.
أذكر أن ياسين كان مدهشاً دائماً. كان مسكوناً بالرفض وبرغبة في التحريض والمواجهة.
ولذا كان ينقل عدواه من سجين إلى آخر. وكنا نستمع إليه، ونجهل وقتها أننا أمام (لوركا) الجزائر، وأننا نشهد ميلاد شاعر سيكون يوماً، اكبر ما أنجب هذا الوطن من مواهب.
مرت عدة سنوات، قبل أن ألتقي بكاتب ياسين في منفاي الإجباري الآخر بتونس.
اكتشفت بفرح لا يخلو من الدهشة أنه لم يتغير.
مازال يتحدث بذلك الحماس نفسه، وبلغته الهجومية نفسها، معلناً الحرب على كل من يشتمّ فيهم رائحة الخضوع لفرنسا أو لغيرها.
لقد كانت له حساسية ضد الإهانات المهذبة، وضد قابلية البعض للانحناء.. الفطري!
كان يومها يلقي محاضرة في قاعة كبرى بتونس، عندما راح فجأة يهاجم السياسيين العرب، والسلطات التونسية بالتحديد.
ولم يستطع أحد يومها إسكات ياسين.
فقد ظل يخطب ويشتم حتى بعدما قطعوا عليه صوت الميكروفون، وأطفأوا الأضواء ليرغموا الناس على مغادرة القاعة.
يومها دفعت في جلسة تحقيق مع البوليس ثمن حضوري في الصف الأمامي وهتافي على ياسين "تعيش.. آ ياسين..".
لم ينتبه أحد وقتها إلى وجوه من صفّقوا. ولكن بعض من كان يعنيهم الأمر انتبهوا إلى يدي الوحيدة المرفوعة تأييداً.. وإعجاباً.
يومها اكتشفت البعد الآخر لليد الواحدة. فقدر صاحبها أن يكون معارضاً ورافضاً، لأنه في جميع الحالات.. عاجز عن التصفيق!
احتضنته بعدها وقلت: "ياسين.. لو رزقت ولداً سأسميه ياسين.."
وشعرت بشيء من العنفوان والمتعة، كأنني أقول له أجمل ما يمكن أن نقوله لصديق أو لكاتب.
فضحك ياسين وهو يربت على كتفي بيدٍ عصبية كعادته عندما يربكه اعتراف ما.
وقال بالفرنسية: "أنت أيضاً لم تتغير.. مازلت مجنوناً!"
وضحكنا لنفترق لعدة سنوات أخرى.
تراني كنت أريد أن أكون وفيّاً لذاكرتنا المشتركة، أم فقط، كنت أريد أن أعوّض بذلك عن عقدتي تجاه "نجمة"، الرواية التي لن أكتبها، والتي كنت أشعر أنها بطريقة أو بأخرى، كانت قصّتي أيضاً. بأحلامي وخيباتي، بملامح (أمّا) الواقفة على حافة اليأس والجنون، الراكضة بين السجن والأولياء الصالحين، تقدّم الذبائح لسيدي محمد الغراب، والعمولات لحارس السجن اليهودي، الذي كان جارنا.. حتى يأتيني بين الحين والآخر بقفّة الأكل الذي تعدّه لي. (أمّا) التي كدت لا أعرفها عندما غادرت السجن بعد ستة أشهر، والتي أمام انشغال أبي عني وعنها، بتجارته وعشيقاته، أصبحت لا تطلب من الله إلا عودتي لها. وكأنني الشيء الوحيد الذي يمكن أن يبرر وجودها، والشاهد الوحيد على أمومتها وأنوثتها المسلوبة.
نعم كنا في النهاية جيلاً بقصة واحدة، بجنون الأمهات المتطرفات في الحب، بخيانة الآباء المتطرفين في القسوة، وبقصص حب وهمية، وخيبات عاطفية، يصنع منها البعض روائع عالمية في الأدب، ويتحول آخرون على يدها إلى مرضى نفسانيين.
تراني لا أفعل شيئاً بكتابة هذا الكتاب، سوى محاولة الهروب من صنف المرضى إلى صنف المبدعين؟
آه ياسين.. كم تغير العالم منذ ذلك اللقاء.. منذ ذلك الوداع..
أنت الذي أنهيت روايتك قائلاً على لسان ذلك البطل:
"وداعاً أيها الرفاق.. أيّ شباب عجيب ذاك الذي عشناه!."
█║S│█│Y║▌║R│║█
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 4 (0 من الأعضاء و 4 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)