لمبادرتها. سائلا ان كانت هي التيرأيتها مرة في حفل زفاف, مرتدية ثوبا طويلا من الموسلين الأسود.
ارتبكت. أظنهاكانت ستقول"لا" ولكنها قالت "ربما" .
أحرجها أن تقول " نعم ".
في الواقع, لمنكن التقينا بعد. لكنني كنت أحب أن أختلق, مع امرأة , ذكريات ماض لم يكن. أحب كلذاكرة لا منطق لها.
بدأنا منذ تلك اللحظة نفصل قصة على قياس ثوب لم يوجد يوما فيخزانتها.
عندما استوقفني ذلك الفستان قبل شهرين في واجهة محل, شعرت أنني أعرفه. أحببت انسيابه العاطفي. لكأنه كان يطالب بجسدها أن يرتديه, أو كأنه حدث لها أنارتدته في سهرة ما , ثم علقته على " الجسد المشجب" لامرأة أخرى , ريثماتعود.
عندما دخلت المحل , كنت مرتبكا كرجل ضائع بين ملابس النساء. فأجبت بأجوبةغبية عن الأسئلة البديهية لتلك البائعة المفرطة في الأناقة قدر فرطها في التشككبنيتي.


?

كيف لي أن أعرف قياس امرأة ما سبرت جسدها يوما الا بشفاهاللهفة؟ امرأة أقيس اهتزازاتها بمعيار ريختر الشبقي. أعرف الطبقات السفلية لشهوتها. أعرف في أي عصر تراكمت حفريات رغباتها, وفي أي زمن جيولوجي استدار حزام زلازلها, وعلى أي عمق تكمن مياه أنوثتها الجوفية. أعرف كل هذا... ولم أعد , منذ سنتين ,أعرفقياس ثوبها!

لم تفاجأ البائعة كثيرا بأميتي, أو ألا يكون ثمن ذلك الثوب فيحوزتي. فلم يكن في هيئتي ما يوحي بمعرفتي بشؤون النساء, ولا بقدرتي على دفع ذلكالمبلغ.
غير أنها فوجئت بثقافتي عندما تعمدت أن أقول لها بأنني غير معني باسممصمم هذا الفستان, بقدر ما يعنيني تواضعه أمام اللون الأسود, حتى لكأنه ترك لهذااللون أن يوقع الثوب نيابة عنه, في مكمن الضوء, وأنني أشتري ضوء ظهر عار بثمنفستان!
قالت كمن يستدرك:
-
أنت رجل ذواقة.
ولأنني لك أصدق مديحها, لاقتناعي أن الذوق لمثلها يرقى وينحط بفراغ وامتلاء محفظة نقود, قلت:
-
هي ليستقضية ذوق, بل قضية ضوء. المهم ليس الشيء بل إسقاطات الضوء عليه. سالفادور دالي أحب Gala وقرر خطفها من زوجها الشاعر بول ايلوار لحظة رؤيته ظهرها العاري في البحر صيف 1949.

سألتني مندهشة لحديث لم يعودها عليه زبائن , شراء مثل هذا الثوب ليسحدثا في ميزانيتهم.
-
هل أنت رسام؟
كدت أجيب " بل أنا عاشق" . لكننيقلت:
-
لا ... أنا مصور.
وكان يمكن أن أضيف أنني مصور " كبير" , مادمت موجودافي باريس لحصولي على جائزة أحسن صورة صحافية عامئذ. فلم يكن في تلك الصورة التينلتها مناصفة مع الموت, ما يغري فضول امرأة مثلها. ولذا هي لن تفهم أن يكون هذاالثوب الأسود هو أحد الاستثمارات العاطفية التي أحببت أن أنفق عليها ما حصلت عليهمن تلك المكافأة.
من قال إن الأقدار ستأتي بها حتى باريس, وإنني سأراهيرتديها؟

هاهي ترتديه . تتفتح داخله كوردة نارية. هي أشهى هكذا, وهي تراقصفي حضوري رجلا غيري, هو الحاضر بيننا بكل تفاصيل الغياب.
لو رأى بورخيس تلكالمرأة ترقص لنا معا, أنا وهو, لوجد " للزاندالي" قرابة بالرقص الأرجنتيني, كماالتانغو, انه " فكر حزين يرقص" على إيقاع الغيرة لفض خلافات العشاق.
في لحظة ما , لم تعد امرأة . كانت الهة إغريقية ترقص حافية لحظة انخطاف.
بعد ذلك سأكتشفأنها كانت الهة تحب رائحة الشواء البشري, ترقص حول محرقة عشاق تعاف قرابينهم ولاتشتهي غيرهم قربانا.
لكأنها كانت قسنطينة, كلما تحرك شيء فيها , حدث اضطرابجيولوجي واهتزت الجسور من حولها, ولا يمكنها أن ترقص إلا على جثث رجالها.
هذهالفكرة لم تفارقني عندما حاولت فيما بعد فهم نزعاتها المجوسية.
ماالذي صنع منتلك المرأة روائية تواصل , في كتاب, مراقصة قتلاها؟ أتلك النار التي خسارة بعدأخرى, أشعلت قلمها بحرائق جسد عصي على الاطفاء؟
أم هي رغبتها في تحريض الريح, باضرام النار في مستودعات التاريخ التي سطا عليها رجال العصابات؟
في الواقع كنتأحب شجاعتها, عندما تنازل الطغاة وقطاع طرق التاريخ, ومجازفتها بتهريب ذلك الكم منالبارود في كتاب. ولا أفهم جبنها في الحياة, عندما يتعلق الأمر بمواجهةزوج.
تماما, كما لا أجد تفسيرا لذكائها في رواية, وغبائها خارج الأدب, الى حدعدم قدرتها, وهي