فعلى الرغم من أن "السائقين يقومون بدفع المال لوزارة النقل كضريبة على قيادتهم السيارات في سورية" إلا أن وزارة النقل لم " تراعِ ولا حتى1% من راحت المواطن أثناء قيامه بترسيم سيارته" بحسب ما استطلعت سيريانيوز لآراء مراجعي مديرية نقل دمشق.
هذه الصورة تابعتها سيريانيوز في مديرية نقل دمشق بمنطقة الزبلطاني أثناء زيارتها لها، فأعداد المراجعين بالمئات ما جعل المكان أشبه بالسوق، الأصوات مرتفعة والشتائم تتطاير من كل الجهات، عدا عن وجود بعض المشاهد الغريبة كقفز المراجعين فوق بعضهم البعض للوصل إلى الموظفين نتيجة الازدحام الشديد في صالة واحدة لا تتجاوز مساحتها الـ100متر مربع، عدا عن معقبي المعاملات المنتشرين بكثرة في كل مكان.
يصفون المديرية بالغابة
وسط الحشود صاح أحدهم (صحافة صحافة) فاجتمع عدة رجال حول-مراسل سيريانيوز- و بدأوا بالشكوى، من بينهم كان سائق السيارة العمومي شعبان العسلي الذي قال إنه " منذ حوالي الثلاث ساعات وأنا أقف في هذا المكان دون جدوى فهناك مئات المراجعين وأنا واحد من عدة مئات، ولو فرضنا وجود 900 مراجع على نوافذ الدفع التي تحوي 3 موظفين فقط هذا يعني أنني أحتاج إلى 25 ساعة للوصول إلى دوري هذا إن التزم المراجعون طبعاً وإن أنجز الموظفون المعاملات خلال 5 دقائق فقط دون اللجوء للوساطة أو المعقبين".
تابع " أخذ مني احد معقبي المعاملات 4 آلاف ليرة سورية على أمل أن يسير معاملتي خلال مدة أقصاها ساعة إلا أنه منذ 3 ساعات وحتى الآن لم أر وجهه، لقد اختفى في عملية نصب واضحة وبقيت وحيداً هنا عاجز عن أي شيء وسط هذه الحشود".
معقبو المعاملات
من جهته قال سائق العمومي مهند سعيد عبد الله إن " مظهر المراجعين في الصالة غير حضاري فعند ترسيمي لسيارتي أشعر وأنني ذاهب إلى الغابة، فالشجارات في كل مكان والضجيج والحرارة المرتفعة تكاد تقتل المواطنين في ظل غياب أدنى الخدمات لمصلحة المواطن فلا تنظيم ولا معاملة جيدة من الموظفين التي أعمت عيونهم الرشاوي ولا حتى مروحة واحدة في السقف".
وأضاف عبد الله إن" الروتين والأوراق الكثيرة المطلوبة خلال عملية الترسيم ترهق المواطنين فبعض الأحيان يحتاج المراجع إلى ترك إحدى النوافذ لأخذ توقيع من نافذة أخرى ثم يعود مرة أخرى للنافذة الأولى ويضطر للوقوف على الدور مرة ثانية ما يؤدي إلى شجارات ومشاحنات بين المراجعين على الالتزام بالدور".
خمس مراحل..مثل المكوك
أحد المراجعين من مالكي السيارات الخصوصي (أحمد الصياد) شرح لنا مراحل الترسيم في مديرية نقل دمشق بعد أن أكد على المعاناة التي وصفها مهند وشعبان، وقال لسيريانيوز "بدايةً ومنذ دخولك حارة المديرية يستقبلك عشرات معقبي المعاملات حول سيارتك لإقناعك بتكليفهم بمهمة ترسيم سيارتك بأرخص سعر وأنت مرتاح، وإن رفضت فعليك تسيير المعاملة بنفسك وهنا تحتاج لنفس مطاطة وصبر لاحدود له".
وعن المراحل أضاف الصياد إن "المرحلة الأولى هي الدخول من بوابة صغيرة الحجم لا يمكن إلا لشخص واحد الدخول منها ومن ثم تتجه نحو المكان المخصص لتسيير معاملة إرسالية دفع رسوم ترسيم السيارة تحت سقف التوتياء والحرارة الشديدة، أما المرحلة الثانية فهي الحصول على براءة ذمة المرور للتأكد من عدم وجود أية مخالفات وذلك في مبنى إدارة المرور، في حين تكون المرحلة الثالثة مرحلة التأمين وبعدها تسليم الأوراق كاملة كمرحلة رابعة ومن ثم الذهاب لدفع الرسوم كمرحلة خامسة ، فالمراحل خمسة إن لم أنسى إحداها فأنا لست متأكداً منها لكثرة الذهاب والإياب".
أجور تعقيب ورشوة
إن أراد المراجع أن يرتاح فعليه تسليم أوراقه لأحد معقبي المعاملات الذي يطلب مبلغاً معينناً لقاء خدمته، ولمعرفة طريقة تسيير المعاملات بطريقته الخاصة أسرع من المراجعين أنفسهم، التقت سيريانيوز أحدهم وهو شاب في العشرينات من عمره، طالب في كلية الحقوق سنة ثانية يدعى احمد، وقال لسيريانيوز إن "المعقب يطلب مبلغ 500 ليرة سورية لقاء الخدمة فقط عدا عن الرشاوي التي تدفع للموظفين مقابل تسيير المعاملة بعيداً عن طوابير الدور حتى تصل كلفة المعاملة الواحدة إلى 1500 ليرة إن لم تكن هناك مخالفات وحذف نقاط للسائق فهذا يحتاج إلى أكثر من ذلك".
وتابع أحمد" لا نعرف الموظفين بالداخل فطريقة تسيير المعاملة بسرعة هي تمرير مبلغ 100 ليرة على اقل تقدير بين الأوراق وإن طلب الموظف أكثر نعطيه ما يرد، ومنهم من يرفض ذلك ما يضطرنا للوقوف على الدور كغيرنا، إلا أننا نستطيع دائماً تسيير معاملة الترسيم من دون صاحب العلاقة مع انه شرط أساسي في المعاملة".
اربع ألاف معاملة يومياً
حملت سيريانيوز هذه الشكاوي إلى مدير نقل دمشق عبد الغني عثمان الذي لم يكن مكتبه خالياً منها، ففي أثناء تواجد سيريانيوز داخل مكتبه شهدت إحدى المشادات بين مواطنة وموظفة حول عدم وجود تعامل لبق معها من قبل الموظفة واتهامها بشتمها بالفاظ نابية إضافةً إلى عدم تسيير معاملتها.
بعد ان حل الشجار عثمان قال لسيريانيوز إننا " على علم بكل المشاكل التي يعانيها المواطنون أثناء الترسيم وعلى هذا فنحن نتطلع إلى حل الأمور في القريب العاجل ومنها إعلان مناقصة لإكساء البناء الجديد لمديرية النقل الذي يتسع للكثير من المراجعين وبعد 15 يوماً ستقدم العروض للمناقصة، وهذا الحل خطوة أولى وحتى يتم ذلك سنسعى لزيادة عدد الموظفين لدينا الذي يبلغ عددهم حالياً180 موظف يقومون بتسيير معاملات حوالي 4000 مراجع يومياً في جميع أقسام المديرية( ترسيم ورهن وبيع وشراء وغيرها)" مشيراً إلى أن "باب الإدارة مفتوح لجميع شكاوي المراجعين".
كاميرات المراقبة
كاميرات مراقبة ونقل المقصرين
وعن شكاوي المواطنين قال عثمان" في حال وجود أي مشكلة أو شكوى حول أي موظف في الدائرة نقوم فوراً بتغيير الموظف ونقله إلى مكان آخر قبل التأكد من صحة الشكوى وذلك لصالح المواطنين ومنعاً من الاحتكاك مرة أخرى لأننا نعلم بمعاناة المراجعين" مضيفاً أنه " هناك كميرات تراقب حسن سير العمل ومعاملة المواطنين موصولة على جهاز الكمبيوتر الموجود في مكتبي".
وأما عن معقبي المعاملات، قال عثمان إن "معقبي المعاملات كانوا ممنوعين من الدخول إلى الدائرة إلا أنهم حصلوا على حكم قضائي يجيز لهم التعقيب، وما زاد الطين بلة هو إزالة سوق الأغنام في المنطقة الذي أدى إلى نزوح معقبي المعاملات الذين كانوا يعملون فيه إلى دائرتنا ومنهم معقبين غير مرخصين لذلك نقوم بالاستعانة بقسم جوبر يومياً لتنظيم الدور وضبط الإجراءات الأمنية ".
اجتماعات وافكار لحل للأزمة
وفيما يخص الحلول الأخرى المطروحة لتوفير راحة المواطنين، قال عثمان" هناك عدة اجتماعات تعقد حالياً مع محافظة دمشق بخصوص تبسيط الإجراءات المطلوبة من المواطن لترسيم سيارته" مشيراً إلى أن " النافذة الواحدة مطبقة فعلياً في المديرية إلا أن زيادة عدد المراجعين يومياً يؤدي إلى الضغط الكبير".
وأضاف عثمان " نطمح إلى استخدام الحاسوب في كل شيء داخل الدائرة فالحاسب مستخدم فقط بأمور الترسيم في حين تكون أمور الفراغ والبيع والشراء بواسطة الأضابير التقليدية" مشيراً إلى أنه "هناك فكرة مطروحة كحل ضمن الحلول المطروحة بالاجتماعات مع محافظة دمشق ينص على تخصيص نوافذ معينة في البلديات تذهب إليها سيارات المنطقة الداخلة ضمن نطاق البلدية للترسيم فيها ما يخفف العبء عن المديرية والمواطن".
الموظف يترك المراجعين ويفتح الباب الخلفي لأحد المعقبين
ومن الحلول الواجب اتخاذها بسرعة حسب عثمان هي " زيادة عدد الموظفين بشكل يتناسب مع الزيادة في إعداد السيارات المسجلة في دمشق التي بلغ عددها 10 آلاف سيارة مسجلة في مديرية نقل دمشق خلال شهرين ما يزيد من عدد عمليات الترسيم سنوياً ويزيد من الإجراءات كافة الخاصة بهذه السيارات".
وأردف عثمان إن " الخطة الجديدة لوزارة النقل والتي تنص على زيادة سعر البانزين بدلاً من الترسيم السنوي للسيارات يحل الأزمة في المديرية والمحصورة بقسم الترسيم فقط الذي يشهد حوالي 1800 مراجع بشكل يومي".
المعاملة ستسير وحدها
وللوقوف على مضمون الاجتماعات بين مديرية نقل دمشق ومحافظة دمشق، التقت سيريانيوز عضو المكتب التنفيذي للمواصلات والنقل في محافظة دمشق هيثم ميداني، وقال إنه " بتوجيهات من السيد الرئيس وإشراف السيد محافظ دمشق تعقد حالياً عدة اجتماعات لتسهيل إجراءات المراجعين في مديرية نقل دمشق مع دائرة المعلومات في محافظة دمشق بالإضافة إلى بعض الأشخاص المختصين لوضع الخطة التي تحتاج لفترة لا بأس بها من أجل تجهيز المستلزمات والعناصر والمكان اللازم لتطبيقها".
وتابع ميداني إن "نظام تبسيط الإجراءات المطلوبة من المواطن في مديرية النقل بدمشق تتضمن توفير عناء متابعة المواطن لمعاملته بنفسه وذلك من خلال إيداعها في النافذة الواحدة ليعود بعد فترة ويحصل عليها من ذات المكان دون أن يتكلف عناء الازدحام وغيرها من الأمور، بحيث تقوم المعاملة بالتنقل اوتوماتيكياً بين الجهات المسؤولة في المديرية دون تدخل المواطن" مشيراً إلى أن " تبسيط الإجراءات يتضمن أيضاً تقليل عدد التواقيع والأوراق المطلوبة من المواطن خلال تسييره لمعاملته في المديرية".
تسهيل الإجراءات في فرع المرور أيضاً
وأضاف ميداني" ستطبق هذه الأمور في مبنى مديرية النقل" مضيفاً إلى أن " خطة تسهيل الإجراءات ليست محصورة في مديرية نقل دمشق بل سيقوم فرع مرور دمشق بتطبيقها وذلك في الحصول على براءة الذمة وشهادة السوق وغيرها من الأمور" منوهاً إلى أن " تطبيق ذلك سيكون خلال العام الحالي".
وعن اقتراح تزويد البلديات بنوافذ خاصة ترجع إليها سيارات المنطقة للترسيم، قال الميداني إنه" طرحت فكرة تزويد البلديات بنوافذ خاصة ترجع إليها سيارت المنطقة للترسيم خلال الاجتماعات المشتركة بين المحافظة ومديرية نقل دمشق ما يخفف الضغط على المديرية، إلا أن الموضوع يحتاج إلى جهد ووقت كبيرين لتفريغ أضابير المشتركين جميعها في حواسب البلديات وربط هذه الحواسب مع بعضها بشبكة خاصة، ما يحتاج لكوادر مختصة وموظفين كفؤ".
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)