صفحة 8 من 33 الأولىالأولى ... 67891018 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 29 إلى 32 من 132

الموضوع: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان


  1. #29
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    فصل

    ومن ذلك: أن الناس في عصر الصحابة والتابعين ومن بعدهم كانوا يأتون المساجد حفاة في الطين وغيره
    قال يحيى بن وثاب: قلت لابن عباس: الرجل يتوضأ يخرج إلى المسجد حافيا قال: لا بأس به
    وقال كميل بن زياد: رأيت عليا رضي الله عنه يخوض طين المطر ثم دخل السمجد فصلى ولم يغسل رجليه
    وقال إبراهيم النخعي: كانوا يخوضون الماء والطين إلى المسجد فيصلون
    وقال يحيى بن وثاب: كانوا يمشون في ماء المطر وينتضح عليهم
    رواها سعيد بن منصور في سننه
    وقال ابن المنذر: وطىء ابن عمر بمنى وهو حاف في ماء وطين ثم صلى ولم يتوضأ قال: وممن رأى ذلك علقمة والأسود وعبد الله بن مغفل وسعيد بن المسيب والشعبي والإمام أحمد وأبو حنيفة ومالك وأحد الوجهين للشافعية قال: وهو قول عامة أهل العلم ولأن تنجيسها فيه مشقة عظيمة منتفية بالشرع كما في أطعمة الكفار وثيابهم وثياب الفساق شربة المسكر وغيرهم
    قال أبو البركات ابن تيمية: وهذا كله يقوي طهارة الأرض بالجفاف لأن الإنسان في العادة لا يزال يشاهد النجاسات في بقعة بقعة من طرقاته التي يكثر فيها تردده إلى سوقه ومسجده وغيرهما فلو لم تطهر إذا أذهب الجفاف أثرها للزمه تجنب ما يشاهده من بقاع النجاسة بعد ذهاب أثرها ولما جاز له التحفي بعد ذلك وقد علم أن السلف الصالح لم يحترزوا من ذلك ويعضده أمره بمسح النعلين بالأرض لمن أتى المسجد ورأى فيهما خبثا ولو تنجست الأرض بذلك نجاسة لا تطهر بالجفاف لأمر بصيانة طريق المسجد عن ذلك لأنه يسلكه الحافي وغيره
    قلت: وهذا اختيار شيخنا رحمه الله
    وقال أبو قلابة: جفاف الأرض طهورها
    فصل

    ومن ذلك: أن النبي سئل عن المذي فأمر بالوضوء منه فقال: كيف ترى بما أصاب ثوبي منه قال: تأخذ كفا من ماء فتنضح به حيث ترى أنه أصابه رواه أحمد والترمذي والنسائي
    فجوز نضح ما أصابه المذي كما أمر بنضح بول الغلام
    قال شيخنا: وهذا هو الصواب لأن هذه نجاسة يشق الاحتزاز منها لكثرة ما يصيب ثياب الشاب العزب فهي أولى بالتخفيف من بول الغلام ومن أسفل الخف والحذاء
    فصل

    ومن ذلك: إجماع المسلمين على ما سنه لهم النبي ص من جواز الاستجمار بالأحجار في زمن الشتاء والصيف مع أن المحل يعرق فينضح على الثوب ولم يأمر بغسله
    ومن ذلك: أنه يعفي عن يسير أرواث البغال والحمير والسباع في إحدى الروايتين عن أحمد اختارها شيخنا لمشقة الاحتراز
    قال الوليد بن مسلم: قلت للأوزاعي: فأبوال الدواب مما لا يؤكل لحمه كالبغل والحمار والفرس فقال: قد كانوا يبتلون بذلك في مغازيهم فلا يغسلونه من جسد ولا ثوب
    ومن ذلك: نص أحمد على أن الودي يعفى عن يسيره كالمذي وكذلك يعفى عن يسير القىء نص عليه أحمد
    وقال شيخنا: لا يجب غسل الثوب ولا الجسد من المدة والقيح والصديد قال: ولم يقم دليل على نجاسته
    وذهب بعض أهل العلم إلى أنه طاهر حكاه أبو البركات وكان ابن عمر رضي الله عنهما لا ينصرف منه من الصلاة وينصرف من الدم وعن الحسن نحوه
    وسئل أبو مجلز عن القيح يصيب البدن والثوب فقال: ليس بشيء إنما ذكر الله الدم ولم يذكر القيح
    وقال إسحاق بن راهويه: كل ما كان سوى الدم فهو عندي مثل العرق المنتن وشبهه ولا يوجب وضوءا
    وسئل أحمد رحمه الله: الدم والقيح عندك سواء فقال: لا الدم لم يختلف الناس فيه والقيح قد اختلف الناس فيه وقال مرة: القيح والصديد والمدة عندي أسهل من الدم
    ومن ذلك: ما قاله أبو حنيفة: أنه لو وقع بعر الفأر في حنطة فطحنت أو في دهن مائع جاز أكله ما لم يتغير لأنه لا يمكن صونه عنه قال: فلو وقع في الماء نجسه
    وذهب بعض أصحاب الشافعي إلى جواز أكل الحنطة التي أصابها بول الحمير عند الدياس من غير غسل قال: لأن السلف لم يحترزوا من ذلك
    وقالت عائشة رضي الله عنهما: كنا نأكل اللحم والدم خطوط على القدر
    وقد أباح الله تعالى صيد الكلب وأطلق ولم يأمر بغسل موضع فمه من الصيد ومعضه ولا تقويره ولا أمر به رسوله ولا أفتى به أحد من الصحابة
    ومن ذلك: ما أفتى به عبد الله بن عمر وعطاء بن أبي رباح وسعيد بن المسيب وطاوس وسالم ومجاهد والشعبي وابراهيم النخعي والزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري والحكم والأوزاعي ومالك واسحق بن راهويه وأبو ثور والإمام أحمد في أصح الروايتين وغيرهم أن الرجل إذا رأى على بدنه أو ثوبه نجاسة بعد الصلاة لم يكن عالما بها أو كان يعلمها لكنه نسيها أو لم ينسها لكنه عجز عن إزالتها: أن صلاته صحيحة ولا إعادة عليه
    فصل

    ومن ذلك: أن النبي: ص كان يصلي وهو حامل أمامة بنت ابنته زينب فإذا ركع وضعها وإذا قام حملها متفق عليه
    ولأبي داود: أن ذلك كان في إحدى صلاتي العشي
    وهو دليل على جواز الصلاة في ثياب المربية والمرضع والحائض والصبي ما لم يتحقق نجاستها
    وقال أبو هريرة: كنا مع النبي ص في صلاة العشاء فلما سجد وثب الحسن والحسين على ظهره فلما رفع رأسه أخذهما بيديه من خلفه أخذا رفيقا ووضعهما على الأرض فإذا عاد عادا حتى قضى صلاته رواه الامام أحمد
    وقال شداد بن الهاد: عن أبيه خرج علينا رسول الله ص وهو حامل الحسن أو الحسين فوضعه ثم كبر للصلاة فصلى فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها فلما قضى الصلاة قال: إن ابني ارتحلني فكرهت أن اعجله ورواه أحمد والنسائي
    وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله ص يصلي بالليل وأنا إلى جنبه وأنا حائض وعلي مرط وعليه بعضه رواه أبو داود
    وقالت: كنت أنا ورسول الله ص نبيت في الشعار الواحد وأنا طامث حائض فإن أصابه منى شىء غسل مكانه ولم يعده وصلى فيه رواه أبو داود
    فصل

    ومن ذلك: أن النبي كان يلبس الثياب التي نسجها المشركون ويصلي فيها
    وتقدم قول عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وهمه أن ينهى عن ثياب بلغه أنها تصبغ بالبول وقال أبي له: مالك أن تنهى عنها فإن رسول الله لبسها ولبست في زمانه ولو علم الله أنها حرام لبينه لرسوله قال: صدقت
    قلت: وعلى قياس ذلك: الجوخ بل أولى بعدم النجاسة من هذه الثياب فتجنبه من باب الوسواس ولما قدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه الجابية استعار ثوبا من نصراني فلبسه حتى خاطوا له قميصه وغسلوه وتوضأ من جرة نصرانية
    وصلى سلمان وأبو الدرداء رضي الله عنهما في بيت نصرانية فقال لها أبو الدرداء: هل في بيتك مكان طاهر فنصلي فيه فقالت: طهرا قلوبكما ثم صليا أين أحببتما فقال له سلمان: خذها من غير فقيه
    فصل

    ومن ذلك: أن الصحابة والتابعين كانوا يتوضئون من الحياض والأواني المكشوفة ولا يسألون: هل أصابتها نجاسة أو وردها كلب أو سبع ففي الموطأ عن يحيى بن سعيد: أن عمر رضي الله عنه خرج في ركب فيهم عمرو بن العاص حتى وردوا حوضا فقال عمرو: يا صاحب الحوض هل ترد حوضك السباع فقال عمر رضي الله عنه: لا تخبرنا فإنا نرد على السباع وترد علينا
    وفي سنن ابن ماجه أن رسول الله سئل: أنتوضأ بما أفضلت الحمر قال: نعم وبما أفضلت السباع
    ومن ذلك: أنه لو سقط عليه شىء من ميزاب لا يدري هل هو ماء أو بول لم يجب عليه أن يسأل عنه فلو سأل لم يجب على المسئول أن يجيبه ولم علم أنه نجس ولا يجب عليه غسل ذلك
    ومر عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوما فسقط عليه شىء من ميزاب ومعه صاحب له فقال: يا صاحب الميزاب ماؤك طاهر أو نجس فقال عمر رضي الله عنه: يا صاحب الميزاب لا تخبرنا ومضى ذكره أحمد
    قال شيخنا: وكذلك إذا أصاب رجله أو ذيله بالليل شىء رطب ولا يعلم ما هو لم يجب عليه أن يشمه ويتعرف ما هو واحتج بقصة عمر رضي الله عنه في الميزاب وهذا هو الفقه فإن الأحكام إنما تترتب على المكلف بعد علمه بأسبابها وقبل ذلك هي على العفو فما عفا الله عنه فلا ينبغي البحث عنه
    فصل

    ومن ذلك: الصلاة مع يسير الدم ولا يعيد قال البخاري: قال الحسن رحمه الله: ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم
    قال: وعصر ابن عمر رضي الله عنه بثرة فخرج منها دم فلم يتوضأ وبصق ابن أبي أوفى دما ومضى في صلاته وصلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجرحه يثعب دما
    ومن ذلك أن المراضع ما زلن من عهد رسول الله ص وإلى الآن يصلين في ثيابهن والرضعاء يتقيئون ويسيل لعابهم على ثياب المرضعة وبدنها فلا يغسلن شيئا من ذلك ولأن ريق الرضيع مطهر لفمه لأجل الحاجة كما أن ريق الهرة مطهر لفمها
    وقد قال رسول الله ص إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات وكان يصغي لها الإناء حتى تشرب وكذلك فعل أبو قتادة مع العلم اليقيني أنها تأكل الفأر والحشرات والعلم القطعي أنه لم يكن بالمدينة حياض فوق القلتين تردها السنانير وكلاهما معلوم قطعا
    ومن ذلك: أن الصحابة ومن بعدهم كانوا يصلون وهم حاملو سيوفهم وقد أصابها الدم وكانوا يمسحونها ويجتزئون بذلك
    وعلى قياس هذا مسح المرآة الصقيلة إذا أصابتها النجاسة فإنه يطهرها
    وقد نص أحمد على طهارة سكين الجزار بمسحها
    ومن ذلك: أنه نص على حبل الغسال أنه ينشر عليه الثوب النجس ثم تجففه الشمس فينشر عليه الثوب الطاهر فقال: لا بأس به وهذا كقول أبي حنيفة: إن الأرض النجسة يطهرها الريح والشمس وهو وجه لأصحاب أحمد حتى إنه يجوز التيمم بها وحديث ابن عمر رضي الله عنهما كالنص في ذلك وهو قوله كانت الكلاب تقبل وتدبر وتبول في المسجد ولم يكونوا يرشون شيئا من ذلك
    وهذا لا يتوجه إلا على القول بطهارة الأرض بالريح والشمس
    ومن ذلك: أن الذي دلت عليه سنة رسول الله ص وآثار أصحابه: أن الماء لا ينجس إلا بالتغير وإن كان يسيرا
    وهذا قول أهل المدينة وجمهور السلف وأكثر أهل الحديث وبه أفتى عطاء بن أبي رباح وسعيد بن المسيب وجابر بن زيد والأوزاعي وسفيان الثوري ومالك بن أنس وعبد الرحمن بن مهدي واختاره ابن المنذر وبه قال أهل الظاهر ونص عليه أحمد في إحدى روايتيه واختاره جماعة من أصحابنا منهم ابن عقيل في مفرداته وشيخنا أبو العباس وشيخه ابن أبي عمر
    وقال ابن عباس رضي الله عنهما: قال رسول الله ص الماء لا ينجسه شىء رواه الإمام أحمد وفي المسند والسنن عن أبي سعيد قال: قيل: يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن فقال: الماء طهور لا ينجسه شىء قال الترمذي: هذا حديث حسن وقال الإمام أحمد: حديث بئر بضاعة صحيح
    وفي لفظ للإمام أحمد: إنه يستقى لك من بئر بضاعة وهي بئر يطرح فيها محايض النساء ولحم الكلاب وعذر الناس فقال رسول الله ص إن الماء طهور لا ينجسه شىء


  • #30
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    وفي سنن ابن ماجه من حديث أبي أمامه مرفوعا الماء لا ينجسه شىء إلا ما غلب على ريحه أو طعمه أو لونه
    وفيها من حديث أبي سعيد: أن رسول الله ص سئل عن لحياض التي بين مكة والمدينة تردها السباع والكلاب والحمر وعن الطهارة بها فقال: لها ما حملت في بطونها ولنا ما غبر طهور
    وإن كان في إسناد هذين الحديثين مقال: فانا ذكرناهما للاستشهاد لا للاعتماد
    وقال البخاري: قال الزهري: لا بأس بالماء ما لم يتغير منه طعم أو ريح او لون
    وقال الزهري أيضا: إذا ولغ الكلب في الإناء ليس له وضوء غيره يتوضأ به ثم يتيمم
    قال سفيان: هذا الفقه بعينه يقول الله تعالى: فلم تجدوا ماء فتيمموا [ المائده: 6 ] وهذا ماء وفي النفس منه شىء يتوضأ به ثم يتيمم ونص أحمد رحمه الله: في حب زيت ولغ فيه كلب فقال: يؤكل
    فصل

    ومن ذلك: أن النبي ص كان يجيب من دعاه فيأكل من طعامه وأضافه يهودي بخبز شعير وإهالة سنخة وكان المسلمون يأكلون من أطعمة أهل الكتاب
    وشرط عمر رضي الله تعالى عنه عليهم ضيافة من يمر بهم من المسلمين وقال: أطعموهم مما تأكلون وقد أحل الله تعالى ذلك في كتابه ولما قدم عمر رضي الله عنه الشام صنع له أهل الكتاب طعاما فدعوه فقال: اين هو قالوا: في الكنيسة فكره دخولها وقال لعلي رضي الله عنه: اذهب بالناس فذهب علي بالمسلمين فدخلوا وأكلوا وجعل علي رضي الله عنه: ينظر إلى الصور وقال: ما على أمير المؤمنين لو دخل فأكل
    وكان النبي عليه السلام يقبل ابني ابنته في أفواههما ويشرب من موضع فم عائشة وضي الله عنها ويتعرق العرق فيضع فاه على موضع فيها وهي حائض
    وحمل أبو بكر رضي الله عنه الحسن على عاتقه ولعابه يسيل عليه
    وأتى رسول الله عليه السلام بصبي فوضعه في حجره فبال عليه فدعا بماء فنضحه ولم يغسله
    وكان يؤتي بالصبيان فيضعهم في حجره يبرك عليهم ويدعو لهم
    وهذا الذي ذكرناه قليل من كثير من السنة ومن له اطلاع على ما كان عليه رسول الله ص وأصحابه لا يخفى عليه حقيقة الحال
    وقد روى الإمام أحمد في مسنده عنه ص بعثت بالحنيفية السمحة فجمع بين كونها حنيفية وكونها سمحة فهي حنيفية في التوحيد سمحة في العمل وضد الأمرين: الشرك وتحريم الحلال وهما اللذان ذكرهما النبي ص فيما يروى عن ربه تبارك وتعالى أنه قال: إني خلقت عبادي حنفاء وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا
    فالشرك وتحريم الحلال قرينان وهما اللذان عابهما الله تعالى في كتابه على المشركين في سورة الأنعام والأعراف
    وقد ذم النبي ص المتنطعين في الدين وأخبر بهلكتهم حيث يقول ألا هلك المتنطعون ألا هلك المتنطعون ألا هلك المتنطعون
    وقال ابن أبي شيبة: حدثنا أبو أسامه عن مسعر قال: أخرج إلي معن بن عبد الرحمن كتابا وحلف بالله أنه خط أبيه فإذا فيه: قال عبد الله: والله الذي لا إله غيره ما رأيت أحدا كان أشد على المتنطعين من رسول الله ص ولا رأيت أحدا أشد خوفا عليهم من أبي بكر وإني لأظن عمر رضي الله عنه كان أشد أهل الأرض خوفا عليهم وكان ص يبغض المتعمقين حتى إنه لما واصل بهم ورأى الهلال قال: لو تأخر الهلال لواصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم كالمنكل بهم
    وكان الصحابة أقل الأمة تكلفا اقتداء بنبيهم ص قال الله تعالى قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين.
    وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة أولئك أصحاب محمد كانوا أفضل هذه الأمة: أبرها قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه ولإقامة دينه فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم على أثرهم وسيرتهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم
    وقال أنس رضي الله عنه: كنا عند عمر رضي الله عنه فسمعته يقول نهينا عن التكلف
    وقال مالك قال عمر بن عبد العزيز: سن رسول الله وولاة الأمور بعده سننا الأخذ بها تصديق لكتاب الله واستكمال لطاعة الله وقوة على دين الله ليس لأحد تبديلها ولا تغييرها ولا النظر فيما خالفها من اقتدى بها فهو مهتد ومن استنصر بها فهو منصور ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيرا
    وقال مالك: بلغني أن عمر بن الخطاب كان يقول: سنت لكم السنن وفرضت لكم الفرائض وتركتم على الواضحة إلا أن تميلوا بالناس يمينا وشمالا وقال يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين
    فأخبر أن الغالين يحرفون ما جاء به والمبطلون ينتحلون بباطلهم غير ما كان عليه والجاهلون يتأولونه على غير تأويله وفساد الإسلام من هؤلاء الطوائف الثلاثة فلولا أن الله تعالى يقيم لدينه من ينفى عنه ذلك لجرى عليه ما جرى على أديان الأنبياء قبله من هؤلاء
    فصل

    ومن ذلك الوسوسة في مخارج الحروف والتنطع فيها ونحن نذكر ما ذكره العلماء بألفاظهم: قال أبو الفرج بن الجوزي: قد لبس إبليس على بعض المصلين في مخارج الحروف فتراه يقول: الحمد الحمد فيخرج بإعادة الكلمة عن قانون أدب الصلاة وتارة يلبس عليه في تحقيق التشديد في إخراج ضاد المغضوب قال: ولقد رأيت من يخرج بصاقه مع إخراج الضاد لقوة تشديده والمراد تحقيق الحرف حسب وإبليس يخرج هؤلاء بالزيادة عن حد التحقيق ويشغلهم بالمبالغة في الحروف عن فهم التلاوة وكل هذه الوساوس من إبليس


  • #31
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    وقال محمد بن قتيبة في مشكل القرآن: وقد كان الناس يقرؤن القرآن بلغاتهم ثم خلف من بعدهم قوم من أهل الأمصار وأبناء العجم ليس لهم طبع اللغة ولا علم التكلف فهفوا في كثير من الحروف وذلوا فأخلوا ومنهم رجل ستر الله عليه عند العوام بالصلاح وقربه من القلوب بالدين فلم أر فيمن تتبعت في وجوه قراءته أكثر تخليطا ولا أشد اضطرابا منه لأنه يستعمل في الحرف ما يدعه في نظيره ثم يؤصل أصلا ويخالف إلى غيره بغير علة ويختار في كثير من الحروف ما لا مخرج له إلا على طلب الحيلة الضعيفة هذا إلى نبذه في قراءته مذاهب العرب وأهل الحجاز بإفراطه في المد والهمز والإشباع وإفحاشه في الإضجاع والإدغام وحمله المتعلمين على المذهب الصعب وتعسيره على الأمة ما يسره الله تعالى وتضييقه ما فسحه ومن العجب أنه يقرىء الناس بهذه المذاهب ويكره الصلاة بها ففي أي موضع يستعمل هذه القراءة إن كانت الصلاة لا تجوز بها وكان ابن عيينة يرى لمن قرأ في صلاته بحرفه أو ائتم بإمام يقرأ بقراءته أن يعيد ووافقه على ذلك كثير من خيار المسلمين منهم بشر بن الحارث والإمام أحمد بن حنبل وقد شغف بقراءته عوام الناس وسوقتهم وليس ذلك إلا لما يرونه من مشقتها وصعوبتها وطول اختلاف المتعلم إلى المقرىء فيها فإذا رأوه قد اختلف في أم الكتاب عشرا وفي مائة آية شهرا وفي السبع الطوال حولا ورأوه عند قراءته مائل الشدقين دار الوريدين راشح الجبين توهموا أن ذلك لفضله في القراءة وحذقه بها وليس هكذا كانت قراءة رسول الله ولا خيار السلف ولا التابعين ولا القراء العالمين بل كانت سهلة رسلة
    وقال الخلال في الجامع: عن أبي عبد الله إنه قال: لا أحب قراءة فلان يعني هذا الذي أشار إليه ابن قتيبة وكرهها كراهية شديدة وجعل يعجب من قراءته وقال: لا يعجبني فإن كان رجل يقبل منك فانهه
    وحكى عن ابن المبارك عن الربيع بن أنس: أنه نهاه عنها
    وقال الفضل بن زياد: إن رجلا قال لأبي عبد الله: فما أترك من قراءته قال: الإدغام والكسر ليس يعرف في لغة من لغات العرب
    وسأله عبد الله ابنه عنها فقال: أكره الكسر الشديد والإضجاع
    وقال في موضع آخر: إن لم يدغم ولم يضجع ذلك الإضجاع فلا بأس به
    وسأله الحسن بن محمد بن الحارث: أتكره أن يتعلم الرجل تلك القراءة قال أكرهه أشد كراهة إنما هي قراءة محدثة وكرهها شديدا حتى غضب
    وروى عنه ابن سنيد أنه سئل عنها فقال: أكرهها أشد الكراهة قيل له: ما تكره منها قال: هي قراءة محدثة ما قرأ بها أحد
    وروى جعفر بن محمد عنه أنه سئل عنها فكرهها وقال: كرهها ابن إدريس وأراه قال: وعبد الرحمن بن مهدي وقال: ما أدري إيش هذه القراءة ثم قال: وقراءتهم ليست تشبه كلام العرب
    وقال عبد الرحمن بن مهدي: لو صليت خلف من يقرأ بها لأعدت الصلاة
    ونص أحمد رحمه الله على أنه يعيد وعنه رواية أخرى: أنه لا يعيد
    والمقصود: أن الأئمة كرهوا التنطع والغلو في النطق بالحرف
    ومن تأمل هدي رسول الله وإقراراه أهل كل لسان على قراءتهم تبين له أن التنطع والتشدق والوسوسة في إخراج الحروف ليس من سنته
    فصل في الجواب عما احتج به أهل الوسواس

    أما قولهم: إن ما نفعله احتياط لا وسواس
    قلنا: سموه ما شئتم فنحن نسألكم: هل هو موافق لفعل رسول الله وأمره وما كان عليه أصحابه أو مخالف
    فإن زعمتم أنه موافق فبهت وكذب صريح فإذن لابد من الإقرار بعدم موافقته وأنه مخالف له فلا ينفعكم تسمية ذلك احتياطا وهذا نظير من ارتكب محظورا وسماه بغير اسمه كما يسمي الخمر بغير اسمها والربا معاملةوالتحليل الذي لعن رسول الله فاعله: نكاحا ونقر الصلاة الذي أخبر رسول الله أن فاعله لم يصل وأنه لا تجزيه صلاته ولا يقبلها الله تعالى منه: تخفيفا فهكذا تسمية الغلو في الدين والتنطع احتياطا.
    وينبغي أن يعلم أن الاحتياط الذي ينفع صاحبه ويثيبه الله عليه: الاحتياط في موافقة السنة وترك مخالفتها فالاحتياط كل الاحتياط في ذلك وإلا فما احتاط لنفسه من خرج عن السنة بل ترك حقيقة الاحتياط في ذلك
    وكذلك المتسرعون إلى وقوع الطلاق في موارد النزاع الذي اختلف فيه الأئمة كطلاق المكره وطلاق السكران والبتة وجمع الثلاث والطلاق بمجرد النية والطلاق المؤجل المعلوم مجيء أجله واليمين بالطلاق وغير ذلك مما تنازع فيه العلماء إذا أوقعه المفتي تقليدا بغير برهان وقال: ذلك احتياط للفروج فقد ترك معنى الاحتياط فإنه يحرم الفرج على هذا ويبيحه لغيره فأين الاحتياط ههنا بل لو أبقاه على حاله حتى تجمع الأمة على تحريمه وإخراجه عمن هو حلال له أو يأتي برهان من الله ورسوله على ذلك لكان قد عمل بالاحتياط ونص على مثل ذلك الإمام أحمد في طلاق السكران
    فقال في رواية أبي طالب: والذي لا يأمر بالطلاق فإنما أتى خصلة واحدة والذي يأمر بالطلاق فقد أتى خصلتين: حرمها عليه وأحلها لغيره فهذا خير من هذا فلا يمكن الاحتياط في وقوع الطلاق إلا حيث أجمعت الأمة أو كان هناك نص عن الله ورسوله يجب المصير إليه
    قال شيخنا: والاحتياط حسن ما لم يفض بصاحبه إلى مخالفة فإذا أفضى إلى ذلك فالاحتياط ترك هذا الاحتياط
    وبهذا خرج الجواب عن احتجاجهم بقوله من ترك الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه وقوله: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك وقوله الإثم ما حاك في الصدر فهذا كله من أقوى الحجج على بطلان الوسواس فإن الشبهات ما يشتبه فيه الحق بالباطل والحلال بالحرام على وجه لا يكون فيه دليل على أحد الجانبين أو تتعارض الأمارتان عنده فلا تترجح في ظنه إحداهما فيشتبه عليه هذا بهذا فأرشده النبي إلى ترك المشتبه والعدول إلى الواضح الجلي
    ومعلوم أن غاية الوسواس أن يشتبه على صاحبه: هل هو طاعة وقربة أم معصية وبدعة هذا أحسن أحواله والواضح الجلي هو اتباع طريق رسول الله وما سنه للأمة قولا وعملا فمن أراد ترك الشبهات عدل عن ذلك المشتبه إلى هذا الواضح فكيف ولا شبهة بحمد الله هناك إذ قد ثبت بالسنة أنه تنطع وغلو فالمصير إليه ترك للسنة وأخذ بالبدعة وترك لما يحبه الله تعالى ويرضاه وأخذ بما يكرهه ويبغضه ولا يتقرب به إليه ألبتة فإنه لا يتقرب إليه إلا بما شرع لا بما يهواه العبد ويفعله من تلقاء نفسه فهذا هو الذي يحيك في الصدر ويتردد في القلب وهو حواز القلوب
    وأما التمرة التي ترك رسول الله أكلها وقال: أخشى أن تكون من الصدقة فذلك من باب اتقاء الشبهات وترك ما اشتبه فيه الحلال بالحرام فإن التمرة كانت قد وجدها في بيته وكان يؤتى بتمر الصدقة يقسمه على من تحل له الصدقة ويدخل بيته تمر يقتات منه أهله فكان في بيته النوعان فلما وجد تلك التمرة لم يدر من أي النوعين هي فأمسك عن أكلها فهذا الحديث أصل في الورع واتقاء الشبهات فما لأهل الوسواس وماله
    وأما قولكم: إن مالكا أفتى فيمن طلق ولم يدر: أواحدة طلق أم ثلاثا: إنها ثلاث احتياطا فنعم هذا قول مالك فكان ماذا أفحجة هو على الشافعي وأبي حنيفة وأحمد وعلى كل من خالفه في هذه المسألة حتى يجب عليهم أن يتركوا قولهم لقوله وهذا القول مما يحتج له لا مما يحتج به على أن هذا ليس من باب الوسواس في شيء وإنما حجة هذا القول: أن الطلاق يوجب تحريم الزوجة والرجعة ترفع ذلك التحريم فهو يقول: قد تيقن سبب التحريم وهو الطلاق وشك في رفعه بالرجعة فإنه يحتمل أن يكون رجعيا فترفعه الرجعة ويحتمل أن يكون ثلاثا فلا ترفعه الرجعة فقد تيقن سبب التحريم وشك فيما يرفعه
    والجمهور يقولون: النكاح متيقن والقاطع له المزيل لحل الفرج مشكوك فيه فإنه يحتمل أن يكون المأتي به رجعيا فلا ييزل النكاح ويحتمل أن يكون بائنا فيزيله فقد تيقنا يقين النكاح وشككنا فيما يزيله فالأصل بقاء النكاح حتى يتيقن بما يرفعه
    فإن قلتم: فقد تيقن التحريم وشك في التحليل قلنا: الرجعية ليست بحرام عندكم ولهذا تجوزون وطأها ويكون رجعة إذا نوى به الرجعة
    فإن قلتم: بل هي حرام والرجعة حصلت بالنية حال الوطء قلنا: لا ينفعكم ذلك أيضا
    فإنه إنما تيقن تحريما يزول بالرجعة ولم يتيقن تحريما لا تؤثر فيه الرجعة
    وليس المقصود تقرير هذه المسئلة والمقصود أنه لا راحة في ذلك لأهل الوسواس


  • #32
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    فصل

    وأما من حلف بالطلاق: أن في هذه اللوزة حبتين ونحو ذلك مما لا يتيقنه الحالف فبان كما حلف عليه، فهذا لا يحنث عند الأكثرين وكذلك لو لم يتبين الحال واستمر مجهولا فإن النكاح ثابت بيقين فلا يزيله بالشك
    ولمالك أصل نازعه فيه غيره وهو إيقاع الطلاق بالشك في الحنث وإيقاعه بالشك في عدده كما تقدم وإيقاعه بالشك في المطلقة كما لو طلق واحدة من نسائه ثم أنسيها ووقف الحال مدة الإيلاء ولم يتبين طلق عليه الجميع
    وكما لو حلف أن هذا فلان أو حيوان وهو غير متيقن له بل هو شاك حال الحلف فتبين أن الأمر كما حلف عليه فإنه يحنث عنده وتطلق امرأته فمن حلف على رجل أنه زيد فتبين أنه غيره أو لم يتبين: أهو المحلوف عليه أم لا حنث عنده وإن تبين أنه المحلوف عليه وكان حال اليمين لا يعلم حقيقته ولا يغلب على ظنه ولا طريق له إلى العلم به في العادة فإنه يحنث عنده لشكه حال الحلف فالحالف يحنث بالمخالفة لما حلف عليه أما في الطلب فبأن يفعل ما حلف على تركه وأما في الخبر فبأن يتبين كذبه وعند مالك يحنث بأمر آخر وهو الشك حال اليمين سواء تبين صدقه أم لا
    وأبلغ من هذا: أنه يحنث من حلف بالطلاق على إنسان إلى جانبه إنسان أو حجر: أنه حجر ونحو ذلك مما لا شك فيه
    وعمدته في الموضعين: أن الحالف هازل فإن من قال: أنت طالق إذ لم تكوني امرأة أو إن لم أكن رجلا لا معنى لكلامه إلا الهزل فإن هذا مما لا غرض للعقلاء فيه قالوا إن لم يكن هذا هزلا فإن الهزل لا حقيقة له
    وربما عللوا الحنث بأنه أراد أن يجزم الطلاق ثم ندم فوصله بما لا يفيد ليرفعه
    وأما في القسم الأول: فأصله فيه: تغليب الحنث بالشك كمن حلف ثم شك: هل حنث أم لا فإنهم يأمرونه بفراق زوجته وهل هو للوجوب أم للاستحباب على قولين الأول: لابن القاسم والثاني: لمالك
    فمالك يراعي بقاء النكاح وقد شككنا في زواله والأصل البقاء وابن القاسم يقول:
    قد صار حل الوطء مشكوكا فيه فيجب عليه مفارقتها والأكثرون يقولون: لا يجب عليه مفارقتها ولا يستحب له فإن قاعدة الشريعة: أن الشك لا يقوى على إزالة الأصل المعلوم ولا يزول اليقين إلا بيقين أقوى منه أو مساو له
    فصل

    وأما من طلق واحدة من نسائه ثم أنسيها أو طلق واحدة مبهمة ولم يعينها فقد اختلف الفقهاء في حكم هذه المسألة على أقوال: فقال أبو حنيفة والشافعي والثوري وحماد: يختار أيتهن شاء فيوقع عليها الطلاق في المبهمة وأما في المنسية فيمسك عنهن وينفق عليهن حتى ينكشف الأمر فإن مات الزوج قبل أن يقرع فقال أبو حنيفة: يقسم بينهن كلهن ميراث امرأة
    وقال الشافعي: يوقف ميراث امرأة حتى يصطلحن
    وقالت المالكية: إذا طلق واحدة منهن غير معلومة عنده بأن قال: أنت طالق ولا يدري من هي طلق الجميع وإن طلق واحدة معلومة ثم أنسيها وقف عنهن حتى يتذكر فإن طال ذلك ضرب له مدة المولى فإن تذكر فيها وإلا طلق عليه الجميع ولو قال: إحداكن طالق ولم يعينها بالنية طلق الجميع
    وقال أحمد: يقرع بينهن في الصورتين نص على ذلك في رواية جماعة من أصحابه وحكاه عن علي وابن عباس
    وظاهر المذهب الذي عليه جل الأصحاب أنه لا فرق بين المبهمة والمنسية
    وقال صاحب المغني: يخرج المبهمة بالقرعة وأما المنسية فإنه يحرم عليه الجميع حتى تتبين المطلقة ويؤخذ بنفقة الجميع فإن مات أقرع بينهن للميراث قال: وقد روى إسماعيل ابن سعيد عن أحمد ما يدل على أن القرعة لا تستعمل في المنسية لمعرفة الحل وإنما تستعمل لمعرفة الميراث فإنه قال: سألت أحمد عن الرجل يطلق امرأة من نسائه ولا يعلم أيتهن طلق قال: أكره أن أقول في الطلاق بالقرعة قلت: أفرأيت إن مات هذا قال: أقول بالقرعة وذلك لأنه تصير القرعة على المال قال: وجماعة من روى عنه القرعة في المطلقة المنسية إنما هو في التوريث وأما في الحل فلا ينبغي أن تثبت القرعة قال: وهذا قول أكثر أهل العلم واحتج الشيخ لصحة قوله: بأنه اشتبهت عليه زوجته بأجنبية فلم تحل له إحداهما بالقرعة كما لو اشتبهت عليه بأجنبية لم يكن له عليها عقد ولأن القرعة لا تزيل التحريم من المطلقة فلا ترفع الطلاق عمن وقع عليها ولاحتمال كون المطلقة غير من خرجت عليها القرعة ولهذا لو ذكر أن المطلقة غيرها حرمت عليه ولو ارتفع التحريم أو زال بالطلاق لما عاد بالذكر فيجب بقاء التحريم بعد القرعة كما كان قبلها قال: وقد قال الخرقي فيمن طلق امرأته فلم يدر أواحدة طلق أم ثلاثا ومن حلف بالطلاق لا يأكل تمرة فوقعت في تمر فأكل منه واحدة: لا تحل له امرأته حتى يعلم أنها ليست التي وقعت اليمين عليها فحرمها مع أن الأصل بقاء النكاح ولم يعارضه يقين التحريم فههنا أولى قال: وهكذا الحكم في كل موضع أوقع الطلاق على امرأة بعينها ثم اشتبهت بغيرها مثل أن يرى امرأة في روزنة أو مولية فيقول: أنت طالق ولا يعلم ولا يعلم عينها من نسائه وكذلك إذا أوقع الطلاق على واحدة من نسائه في مسألة الطائر وشبهها فإنه يحرم عليه جميع نسائه حتى تتبين المطلقة ويؤخذ بنفقة الجميع لأنهن محبوسات عليه وإن أقرع بينهن لم تفد القرعة شيئا ولا يحل لمن وقعت عليها القرعة التزويج لأنها يجوز أن تكون غير المطلقة ولا يحل للزوج غيرها لاحتمال أن تكون المطلقة
    وقال أصحابنا: إذا أقرع بينهن فخرجت القرعة على إحداهن ثبت حكم الطلاق فيها، فحل لها النكاح بعد انقضاء عدتها وحل للزوج من سواها كما لو كان الطلاق في واحدة غير معينة
    وقال شيخنا: الصحيح استعمال القرعة في الصورتين
    قلت: وهو منصوص أحمد في رواية الجماعة وأما رواية الشالنجي فإنه توقف وكره أن يقول في الطلاق بالقرعة ولم يعين المنسية ولا المبهمة وأكثر نصوصه على القرعة في الصورتين
    قال في رواية الميموني فيمن له أربع نسوة طلق واحدة منهن ولم يدر: يقرع بينهن وكذلك في الأعبد فإن أقرع بينهن فوقعت القرعة على واحدة ثم ذكر التي طلق رجعت هذه التي وقعت عليها القرعة ويقع الطلاق على التي ذكر فإن تزوجت فذاك شيء قد مر
    وكذلك نقل أبو الحرث عنه في رجل له أربع نسوة طلق إحداهن ولم يكن له نية في واحدة بعينها يقرع بينهن فأيتهن أصابتها القرعة فهي المطلقة وكذلك إن قصد إلى واحدة بعينها ونسيها
    فنص على القرعة في الصورتين مسويا بينهما
    والذي أفتى به علي رضى الله عنه هو في المنسية وبه احتج أحمد رحمه الله
    قال وكيع: سمعت عبد الله قال: سألت أبا جعفر عن رجل كان له أربع نسوة وطلق إحداهن لا يدري أيتهن طلق فقال قال على رضي الله عنه: يقرع بينهن
    والأدلة الدالة على القرعة تتناول الصورتين والمنسية قد صارت كالمجهولة شرعا فلا فرق بينها وبين المبهمة المجهولة ولأن في الايقاف والإمساك حتى يتذكر وتحريم الجميع عليه وإيجاب النفقة على الجميع عدة مفاسد له وللزوجات مندفعة شرعا ولأن القرعة أقرب إلى مقاصد الشرع ومصلحة الزوج والزوجات من تركهن معلقات لا ذوات زوج ولا أيامى وتركه هو معلقا لاذا زوج ولا عزبا وليس في الشريعة نظير ذلك بل ليس فيها وقف الأحكام بل الفصل وقطع الخصومات بأقرب الطرق فإذا ضاقت الطرق ولم يبق إلا القرعة تعينت طريقا كما عينها الشارع في عدة قضايا حيث لم يكن هناك غيرها ولم يوقف الأمر إلى وقت الانكشاف فإنه إذا علم أنه لا سبيل له إلىانكشاف الحال كان إيقاف الأمر إلى آخر العمر من أعظم المفاسد التي لا تأتي بها الشريعة وغاية ما يقدر أن القرعة تصيب التي لم يقع عليها الطلاق وتخطىء المطلقة وهذا لا يضرها ههنا فإنها لما جهل كونها هي التي وقع عليها الطلاق صار المجهول كالمعدوم وكل ما يقدر من المفسدة في ذلك فمثلها في العتق سواء وقد دلت سنة رسول الله الصحيحة الصريحة على إخراج المعتق من غيره بالقرعة وقد نص أحمد على حلع البضع بالقرعة
    فقال في رواية ابن منصور وحنبل: إذا زوجها الوليان من رجلين ولم يعلم السابق منهما أقرع بينهما فمن خرجت له القرعة حكم أنه الأول
    فإذا قويت القرعة على تعيين الزوج في حل البضع له فلأن تقوى على تعيين المطلقة في تحريم بضعها عنه أولى فإن الطلاق مبنى على التغليب والسراية وهو أسرع نفوذا وثبوتا من النكاح من وجوه كثيرة
    وقول الشيخ أبي محمد قدس الله تعالى روحه: إنه اشتبهت عليه زوجته بأجنبية فلم تحل له إحداهما بالقرعة كما لو اشتبهت بأجنبية لم يكن عليها عقد
    جوابه: بالفرق بين حالتي الدوام والابتداء فإنه هناك شك في هذه الأجنبية هل حصل عقد أم لا والأصل فيها التحريم فإذا اشتبهت بها الزوجة لم يقدم على واحدة منهما وههنا ثبت الحل والنكاح وحصل الشك بعده هل يزول في هذه أو في هذه فإما أن يحرما جميعا أو يحلا جميعا أو يقال له: اختر من ينزل عليه التحريم أو يوقف الأمر أبدا أو يستعمل القرعة والأقسام الأربعة الأول باطلة لا أصل لها في السنة ولم يعتبرها الشارع بخلاف القرعة وبالجملة فلا يصح إلحاق إحدى الصورتين بالأخرى إذ هناك تحريم متيقن ونحن نشك في حله وهنا حل متيقن نشك في تحريمه بالنستة إلى كل واحدة
    قوله: ولأن القرعة لا تزيل التحريم من المطلقة ولا ترفع الطلاق على من وقع عليه
    فيقال: إذا جهلت المطلقة ولم يكن له سبيل إلى تعيينها قامت القرعة مقام الشاهد والمخبر بأنها المطلقة للضرورة حيث تعينت طريقا فالمطلقة المجهولة قد صار طلاقها بعينها كالمعدوم ولو كانت مطلقة في نفس الأمر فإن الشارع لم يكلفنا بما في نفس الأمر بل بما ظهر وبدا ولهذا لو نسي الطلاق بالكلية وأقام على وطئها حتى توفي كانت أحكامه أحكام الزوج والنسب لاحق به والميراث ثابت وهي مطلقة في نفس الأمر ولكن ليست مطلقة في حكم الله كما لو طلع الهلال في نفس الأمر ولم يره أحد من الناس أو كان الهلال تحت الغيم فإنه لا يترتب عليه حكم الشهر ولا يكون طالعا في حكم الله تعالى وإن كان طالعا في نفس الأمر ونظائر هذا كثيرة جدا
    فغاية الأمر: أن هذه مطلقة في نفس الأمر ولا علم له بطلاقها فلا تكون مطلقة في الحكم كما لو نسي طلاقها
    قوله: ولهذا لو ذكر أن المطلقة غيرها حرمت عليه ولو ارتفع التحريم أو زال الطلاق لما عاد بالذكر
    جوابه: أن القرعة إنما عملت مع استمرار النسيان فإذا زال النسيان بطل عمل القرعة كما أن المتيمم إذا قدر على استعمال الماء بطل حكم تيممه فإن التراب إنما يعمل عند العجز عن الماء فإذا قدر عليه بطل حكمه ونظائر ذلك كثيرة
    منها: أن الاجتهاد إنما يعمل به عند عدم النص فإذا تبين النص فلا اجتهاد إلا في إبطال ما خالفه
    قوله: وقد قال الخرقي فيمن طلق امرأته ولم يدر أواحدة طلق أم ثلاثا يلزمه الثلاث ومن حلف بالطلاق أن لا يأكل تمرة فوقعت في تمر فأكل منه واحدة لا تحل له امرأته حتى يعلم أنها ليست التي وقعت اليمين عليها فحرمها مع أن الأصل بقاء النكاح ولم يعارضه يقين التحريم فههنا أولى
    فيقال: الخرقي نص على المسئلتين مفرقا بينهما في مختصره فقال: وإذا طلق واحدة من نسائه وأنسيها أخرجت بالقرعة وقال: ما حكاه الشيخ عنه في الموضعين فأما من شك: هل طلق واحدة أم ثلاثا فأكثر النصوص أنه إنما يلزمه واحدة وهو ظاهر المذهب والخرقي اختار الرواية الأخرى وهي مذهب مالك وقد تقدم مأخذ القولين وبيان الراجح منهما
    وعلى القول بلزوم الثلاث فالفرق بين ذلك وبين إخراج المنسية بالقرعة: أن المجهول في الشرع كالمعدوم فقد جهلنا وقوع الطلاق بأي الزوجتين فلم يتحقق تحريم إحداهما ولم يكن لنا سبيل إلى تحريمهما ولا إباحتهما والوقف مفسدة ظاهرة فتعينت القرعة بخلاف من أوقع على زوجته طلاقا وشك في عدده فإنه قد شك: هل يرتفع ذلك الطلاق بالرجعة أولا يرتفع بها فألزمه بالثلاث فظهر الفرق بينهما على هذا القول وأما على المشهور من المذهب فلا إشكال
    وأما من حلف بالطلاق لا يأكل تمرة فوقعت في تمر فأكل منه واحدة فقد قال الخرقي: إنه يمنع من وطء زوجته حتى يتيقن وهذا يحتمل الكراهة والتحريم ومذهب الشافعي وأبي حنيفة: أنه لا يحنث ولا يحرم عليه وطء زوجته هو اختيار أبي الخطاب وهو الصحيح وإن أراد به التحريم فهو يشبه ما قاله هو ومالك فيمن طلق وشك هل طلق واحدة أم ثلاثا
    فصل


  • صفحة 8 من 33 الأولىالأولى ... 67891018 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 8 (0 من الأعضاء و 8 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. حوار مع الشيطان
      بواسطة king-of-nothing في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 08-03-2010, 11:35 PM
    2. الشيطان
      بواسطة SHARIEF FATTOUH في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 7
      آخر مشاركة: 07-19-2010, 06:06 PM
    3. كن مثل الشيطان
      بواسطة nano في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 1
      آخر مشاركة: 07-11-2010, 10:47 PM
    4. الكبرياء خلة الشيطان
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 07-06-2010, 02:25 AM
    5. الشيطان المثقف !!!
      بواسطة سوسن في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 7
      آخر مشاركة: 05-01-2010, 11:30 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1