









المثال السابع والثلاثون: إذا نكح أمة حيث يجوز له نكاح الإماء وخاف أن يسترق سيدها ولده
فالحيلة في ذلك: أن يسأل سيد الأمة أن يقول: كل ولد تلده منك فهو حر فإذا قال هذا فما ولدته منه فهم أحرار
المثال الثامن والثلاثون: إذا قال لامرأته: إن سألتيني الخلع فأنت طالق ثلاثا إن لم أخلعك وقالت المرأة: كل مملوك لها حر إن لم أسألك الخلع اليوم
فسئل أبو حنيفة عنها فقال للمرأة: سليه الخلع فقالت: أسألك أن تخلعني فقال للزوج: قل خلعتك على ألف درهم فقال ذلك فقال أبو حنيفة للمرأة قولي: لا أقبل فقالت: لا أقبل فقال أبو حنيفة: قومي مع زوجك فقد بر كل منكما في يمينه
المثال التاسع والثلاثون: سئل أبو حنيفة عن أخوين تزوجا أختين فزفت امرأة كل واحد منهما إلى الآخر فوطئها ولم يعلموا بذلك حتى أصبحوا فقيل له: ما الحيلة في ذلك فقال: أكل منهما راض بالتي دخل بها قالوا: نعم فقال: ليطلق كل واحد منهما امرأته طلقة ففعلا فقال: ليتزوج كل منهما المرأة التي وطئها فطابت أنفسهما
المثال الأربعون: إذا كان لرجل على رجل مال وللذي عليه المال عقار فأراد أن يحعل عقاره في يد غريمه يستغله ويقبض غلته من دينه جاز ذلك لأنه توكيل له فيه فإن خاف الغريم أن يعزله صاحب العقار عن الوكالة
فالحيلة: أن يسترهنه منه ويستديم قبضه ثم يأذن له في قبض أجرته من دينه ولو لم يأذن له فله أن يقبضها قصاصا
وله حيلة أخرى: أن يستأجره منه بمقدار دينه فما وجب له عليه من الأجرة سقط من دينه بقدره قصاصا
المثال الحادي والأربعون: إذا كان له جارية فأراد وطأها وخاف أن تحبل منه فتصير أم ولد لا يمكنه بيعها
فالحيلة: أن يبيعها لأبيه أو أخيه أو أخته فإذا ملكها سأله أن يزوجه إياها فيطأها بالنكاح ويكون ولده منها أحرارا يعتقون على البائع بالرحم وهذا إذا كان ممن يجوز له نكاح الإماء بأن لا يكون تحته حرة عند أبي حنيفة أو يكون خائفا للعنت عادما لطول حرة عند الجمهور
المثال الثاني والأربعون: إذا بانت منه إمرأته بينونة صغرى وأراد أن يجدد نكاحها فخاف إن أعلمها لم تتزوج به فله في ذلك حيل: إحداها: أن يقول: قد حلفت بيمين ثم استفتيت فقيل لي: جدد نكاحك فإن كانت قد بانت منك عاد النكاح وإلا لم يضرك فإن كان لها ولي جدد نكاحها وإلا فالحاكم أو نائبه
ومنها: أن يظهر أنه يريد سفرا وأنه يريد أن يجعل لها شيئا من ماله وأن الاحتياط أن يجعله صداقا بعقد يظهره
ومنها: أن يظهر مرضا وأنه يريد أن يقر لها بمال أو يوصي لها به وأن ذلك لا يتم والأحوط أن أظهر عقد نكاح وأجعل ذلك صداقا فيه فإن قيل: إذا بانت منه ملكت نفسها ولم يصح نكاحها إلا برضاها ولعلها لو علمت الحال لم ترض بالنكاح الثاني
قيل: رضاها بتجديد العقد للغرض الذي يريده يتضمن رضاها بالنكاح وهي لو هزلت بالإذن صح إذنها وصح النكاح مع أنها لم تقصده كما لو هزل الزوج بالقبول صح نكاحه وههنا قد قصدت بقاء النكاح ورضيت به فهو أولى بالصحة
فإن قيل: فالرجل قاصد إلى النكاح والمرأة غير قاصدة له
قيل: بل قصدت إلى تجديد نكاح يتم به غرضها فلم تخرج بذلك عن القصد والرضا
ولو قال رجل لرجل هزلا ومزاحا: زوجني ابنتك على مائة درهم أو قال: زوجني موليتك وهي تسمع فقال له مزاحا وهزلا: قد زوجتكها انعقد النكاح وحل له وطؤها لحديث أبي هريرة الذي رواه أهل السنن عن النبيثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة
المثال الثالث والأربعون: إذا كان الرجل حسن التصرف في ماله غير مبذر له
فرفع إلى الحاكم وشهد عليه أنه مبذر فخاف أن يحجر عليه فقال: إن حجرت علي فعبيدي أحرار ومالى صدقة على المساكين لم يملك القاضي أن يحجر عليه بعد ذلك لأنه إنما يحجر عليه صيانة لماله وفي الحجر عليه إتلاف ماله فهو يعود على مقصود الحجر بالإبطال
المثال الرابع والأربعون: يصح الصلح عندنا وعند أبي حنيفة ومالك على الإنكار فإذا ادعى عليه شيئا فأنكره ثم صالحه على بعضه جاز والشافعي لا يصحح هذا الصلح لأنه لم يثبت عنده شيء فبأي طريق يأخذ ما صالحه عليه بخلاف الصلح على الإقرار فإنه إذا أقر له بالدين والعين فصالحه على بعضه كان قد وهبه أو أبرأه من البعض الآخر
والجمهور يقولون: قد دل الكتاب والسنة والقياس على صحة هذا الصلح فإن الله سبحانه تعالى ندب إلى الإصلاح بين الناس وأخبر أن الصلح خير وقال: إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم وقال النبيالصلح بين المسلمين جائز إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا
وأما القياس: فإن المدعى عليه يفتدي مطالبته باليمين وإقامةالبينة وتوابع ذلك: بشيء من ماله يبذله ليتخلص من الدعوى ولوازمها وذلك غرض صحيح مقصود عند العقلاء وغاية ما يقدر أن يكون المدعي كاذبا فهو يتخلص من تحليفه له وتعريضه للنكول فيقضي عليه به أو ترد اليمين بل عند الخرقي: لا يصح الصلح إلا على الإنكار ولا يصح مع الإقرار قال: لأنه يكون هضما للحق
فإذا صالحه مع الإنكار فخاف أن يرفعه إلى حاكم يبطل الصلح فالحيلة في تخلصه من ذلك: أن يصالح أجنبي عن المنكر على مال ويقر الأجنبي لهذا المدعي بما ادعاه على غريمه ثم يصالحه من دعواه على مال ولا يفتقر إلى إذن المدعى عليه ولا وكالته إن كان المدعى دينا لأنه يقول: إن كان كاذبا فقد استنقذته من هذه الدعوى وذلك بمنزلة فكاك الأسير وإن كان صادقا فقد قضيت عنه بعض دينه وأبرأه المدعي من باقيه وذلك لا يفتقر إلى إذنه وإن كان المدعي عينا لم يصح حتى يقول: قد وكلني المنكر لأنه يقول: قد اشتريت له هذه العين المدعاة بالمال الذي أصالحك عليه فإن لم يعترف أنه وكله وإلا لم يصح
فإن لم يعترف بوكالته فطريق الصحة: أن يصالح الأجنبي لنفسه فيكون بمنزلة شراء العين المغصوبة فإن اعترف بها المدعي باطنا صار هو الخصم فيها وإن لم يعترف بها له لم يسعه أن يخاصم فيها المدعي عليه ويكون اعترافه له بها ظاهرا حيلة على تصحيح الصلح
وعلى هذا فإذا كان المدعي دارا خلفها الميت لابنه وامرأته فادعاها رجل فصالحاه من دعواه على مال فإن كان صلحا على الإنكار فالدار بينهما على ثمانية أسهم على المرأة الثمن وعلى الابن سبعة أثمان وإن كان على الإقرار فالمال بينها نصفان والدار لهما نصفان فإذا أراد لزوم الصلح على الإنكار صالح عنهما أجنبي على الإقرار فلزوم الصلح وكان المال بينهما على سبعة أثمان وكذلك الدار فإنهما لم يقرا له بالدار وإقرار الأجنبي لا يلزمهما حكمه المثال الخامس والأربعون: إذا ادعى عليه أرضا في يده أو دارا أو بستانا فصالحه على عشرة أذرع أو أقل أو أكثر جاز وكذلك لو صالحه على عشرة أذرع من أرض أو دار أخرى جاز لأنه يقول: قد أخذت بعض حقي وأسقطت البعض فإن خاف أن يرفعه إلى حاكم حنفي لا يرى جواز ذلك بناء على أنه لا يجوز بيع ذراع ولا عشرة من أرض أو دار فطريق الجواز: أن يذرع الدار التي صالحه على هذا القدر منها ثم ينسبه إلى المجموع فما أخرجته النسبة أوقع عقد الصلح عليه ويصح ذلك ويلزم
المثال السادس والأربعون: إذا أوصى لرجل بخدمة عبده مدة معينة أو ما عاش جاز ذلك فإذا أراد الوارث أن يشتري من الموصى له خدمة العبد لم يصح لأن الحق الموصى له به إنما هو في المنافع وبيع المنافع لا يجوز
والحيلة في الجواز: أن يصالحه الوارث من وصيته على مال معين فيجوز ذلك
وكذلك لو أوصى له بحمل شاته أو أمته أو بما يحمل شجره عاما فإذا أراد الوارث شراءه منه لم يصح وله أن يصالحه عليه فإن الصلح وإن كان فيه شائبة من البيع فهو أوسع منه
المثال السابع والأربعون: لو شجه رجل فعفا المشجوج عن الشجة وما يحدث منها ثم مات منها لم يلزم الشاج شيئا ولو قال: عفوت عن هذه الجراحة أو الشجة ولم يقل: وما يحدث منها فكذلك في إحدى الروايتين وفي الأخرى: تضمن بقسطها من الدية
ولو قال: عفوت عن هذه الجناية فلا شيء له في السراية رواية واحدة
وعند أبي حنيفة له المطالبة بالدية في ذلك كله إلا إذا قال: عفوت عنها وعما يحدث منها
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)