









والله لو كنت إلها لم تكن... أنت وكلب وسط بئر في قرن
أف لملقاك إلها مستدن... الآن فتشناك عن سوء الغبن
الحمد لله العلي ذي المنن... الواهب الرزاق ديان الدين
هو الذي أنقذني من قبل أن... أكون في ظلمة قبر مرتهن
قال ابن إسحق: واتخذ أهل كل دار في دارهم صنما يعبدونه فإذا أراد رجل منهم سفرا تمسح به وإذا قدم من سفر تسمح به فيكون آخر عهده به وأول عهده به فلما بعث الله محمدابالتوحيد قالت قريش: أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب
وكانت العرب قد اتخذت مع الكعبة طواغيت وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة لها سدنة وحجاب وتهدى لها كما تهدى للكعبة وتطوف بها كما تطوف بالكعبة وتنحر عندها كما تنحر عند الكعبة
وكان الرجل إذا سافر فنزل منزلا أخذ أربعة أحجار فنظر إلى أحسنها فاتخذه ربا وجعل الثلاثة أثا في لقدره فإذا ارتحل تركه فإذا نزل منزلا آخر فعل مثل ذلك
قال حنبل: حدثنا حسن بن الربيع قال: حدثنا مهدي بن ميمون قال: سمعت أبا رجاء العطاردي يقول: لما بعث النبيفسمعنا به لحقنا بمسيلمة الكذاب فلحقنا بالنار قال: وكنا نعبد الحجر في الجاهلية فإذا وجدنا حجرا هو أحسن منه نلقي ذلك ونأخذه فإذا لم نجد حجرا جمعنا حثية من تراب ثم جئنا بغنم فحلبناها عليه ثم طفنا به وقال أبو رجاء: كنا نعمد إلى الرمل فنجمعه ونحلب عليه فنعبده وكنا نعمد إلى الحجر الأبيض فنعبده زمانا ثم نلقيه وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا الحجاج بن أبي زينب قال: سمعت أبا عثمان النهدي يقول: كنا في الجاهلية نعبد حجرا فسمعنا مناديا ينادي: يا أهل الرحال إن ربكم قد هلك فالتمسوا ربا قال: فخرجنا على كل صعب وذلول فبينا نحن كذلك نطلبه إذا نحن بمناد ينادي: إنا قد وجدنا ربكم أو شبهه فإذا حجر فنحرنا عليه الجزر
وقال محمد بن سعد: أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني الحجاج بن صفوان عن ابن أبي حسين عن شهر بن حوشب عن عمرو بن عبسة قال: كنت امرأ ممن يعبد الحجارة فينزل الحى ليس معهم إلكه فيخرج الرجل منهم فيأتي بأربعة أحجار فينصب ثلاثة لقدره ويجعل أحسنها إلكها يعبده ثم لعله يجد ما هو أحسن منه قبل أن يرتحل فيتركه ويأخذ غيره
ولما فتح رسول اللهمكه وجد حول البيت ثلاثمائة وستين صنما فجعل يطعن بسية قوسه في وجوهها وعيونها ويقول: جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا وهي تتساقط على رؤوسها ثم أمر بها فأخرجت من المسجد وحرقت
فصل
وتلاعب الشيطان بالمشركين في عبادة الأصنام له أسباب عديدة، تلاعب بكل قوم على قدر عقولهم
فطائفة دعاهم إلى عبادتها من جهة تعظيم الموتى الذين صوروا تلك الأصنام على صورهم كما تقدم عن قوم نوح عليه السلام ولهذا لعن النبيالمتخذين على القبور المساجد والسرج ونهى عن الصلاة إلى القبور وسأل ربه سبحانه أن لا يجعل قبره وثنا يعبد ونهى أمته أن يتخذوا قبره عيدا وقال: اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وأمر بتسوية القبور وطمس التماثيل
فأبى المشركون إلا خلافه في ذلك كله إما جهلا وإما عنادا لأهل التوحيد ولم يضرهم ذلك شيئا وهذا السبب هو الغالب على عوام المشركين
وأما خواصهم فإنهم اتخذوها بزعمهم على صور الكواكب المؤثرة في العالم عندهم وجعلوا لها بيوتا وسدنة وحجابا وحجا وقربانا ولم يزل هذا في الدنيا قديما وحديثا
فمنها: بيت على رأس جبل بإصبهان كان به أصنام أخرجها بعض ملوك المجوس وجعله بيت نار
ومنها بيت ثان وثالث ورابع بصنعاء بناه بعض المشركين على اسم الزهرة فخر به عثمان ابن عفان رضي الله تعالى عنه
ومنها بيت بناه قابوس الملك على اسم الشمس بمدينة فرغانة فخر به المعتصم
وأشد الأمم في هذا النوع من الشرك: الهند
قال يحيى بن بشر: إن شريعة الهند وضعها لهم رجل يقال له برهمن ووضع لهم أصناما وجعل أعظم بيوتها بيتا بمدينة من مدائن السند وجعل فيه صنمهم الأعظم وزعم أنه بصورة الهيولى الأكبر وفتحت هذه المدينة في أيام الحجاج واسمها الملتان فأراد المسلمون قلع الصنم فقيل: إن تركتموه ولم تقلعوه جعلنا لكم ثلث ما يجتمع له من المال فأمر عبد الملك بن مروان بتركه فالهند تحج إليه من نحو ألفي فرسخ ولا بد لمن يحجه أن يحمل معه من النقد ما يمكنه من مائة إلى عشرة آلاف لا يكون أقل من هذا ولا أكثر فيلقيه في صندوق هناك عظيم ويطوف بالصنم فإذا ذهبوا ورجعوا إلى بلادهم قسم ذلك المال فثلثه للمسلمين وثلثه لعمارة المدينة وحصونها وثلثه لسدنة الصنم ومصالحه
وأصل هذا المذهب من مشركي الصابئة وهم قوم إبراهيم عليه السلام الذين ناظرهم في بطلان الشرك وكسر حجتهم بعلمه وآلهتهم بيده فطلبوا تحريقه
وهو مذهب قديم في العالم وأهله طوائف شتى فمنهم عباد الشمس زعموا أنها ملك من الملائكة لها نفس وعقل وهي أصل نور القمر والكواكب وتكون الموجودات السفلية كلها عندهم منها وهي عندهم ملك الفلك فيستحق التعظيم والسجود والدعاء ومن شريعتهم في عبادتها: أنهم اتخذوا لها صنما بيده جوهرة على لون النار وله بيت خاص قد بنوه باسمه وجعلوا له الوقوف الكثيرة من القرى والضياع وله سدنة وقوام وحجبة يأتون البيت ويصلون فيه لها ثلاث كرات في اليوم ويأتيه أصحاب العاهات فيصومون لذلك الصنم ويصلون ويدعون ويستسقون به وهم إذا طلعت الشمس سجدوا كلهم لها وإذا غربت وإذا توسطت الفلك ولهذا يقارنها الشيطان في هذه الأوقات الثلاثة لتقع عبادتهم وسجودهم له ولهذا نهى النبيعن تحري الصلاة في هذه الأوقات قطعا لمشابهة الكفار ظاهرا وسدا لذريعة الشرك وعبادة الأصنام
فصل
وطائفة أخرى اتخذت للقمر صنما وزعموا أنه يستحق التعظيم
والعبادة وإليه تدبير هذا العالم السفلي
ومن شريعة عباده: أنهم اتخذوا له صنما على شكل عجل يجره اربعة وبيد الصنم جوهرة ويعبدونه ويسجدون له ويصومون له أياما معلومة من كل شهر ثم يأتون إليه بالطعام والشراب والفرح والسرور فإذا فرغوا من الأكل أخذوا في الرقص والغناء وأصوات المعازف بين يديه
ومنهم من يعبد أصناما اتخذوها على صورة الكواكب وروحانيتها بزعمهم وبنوا لها هياكل ومتعبدات لكل كوكب منها هيكل يخصه وصنم يخصه وعبادة تخصه
ومتى أردت الوقوف على هذا فانظر في كتاب السر المكتوم في مخاطبة النجوم المنسوب إلى ابن الخطيب الري تعرف سر عبادة الأصنام وكيفية تلك العبادة وشرائطها
وكل هؤلاء مرجعهم إلى عبادة الأصنام فإنهم لا تستمر لهم طريقة إلا بشخص خاص على شكل خاص ينظرون إليه ويعكفون عليه
ومن ههنا اتخذ اصحاب الروحانيات والكواكب أصناما زعموا أنها على صورتها
فوضع الصنم إنما كان في الأصل على شكل معبود غائب فجعلوا الصنم على شكله وهيأته وصورته ليكون نائبا منابه وقائما مقامه وإلا فمن المعلوم أن عاقلا لا ينحت خشبة أو حجرا بيده ثم يعتقد أنه إلهه ومعبوده ومن أسباب عبادتها أيضا: أن الشياطين تدخل فيها وتخاطبهم منها وتخبرهم ببعض المغيبات وتدلهم على بعض ما يخفى عليهم وهم لا يشاهدون الشياطين فجهلتهم وسقطهم يظنون أن الصنم نفسه هو المتكلم المخاطب وعقلاؤهم يقولون: إن تلك روحانيات الأصنام وبعضهم يقول: إنها ملائكة وبعضهم يقول: إنها العقول المجردة وبعضهم يقول: هي روحانيات الأجرام العلوية وكثير منهم لا يسأل عما عهد بل إذا سمع الخطاب من الصنم اتخذه إلكها ولا يسأل عما وراء ذلك
وبالجملة فأكثر أهل الأرض مفتونون بعبادة الأصنام والأوثان ولم يتخلص منها إلا الحنفاء أتباع ملة إبراهيم عليه السلام وعبادتها في الأرض من قبل نوح عليه السلام كما تقدم وهيا كلها ووقوفها وسدنتها وحجابها والكتب المصنفة في شرائع عبادتها طبق ذلك كله الأرض قال إمام الحنفاء واجنبني وبني أن نعبد الأصنام رب إنهن أضللن كثيرا من الناس والأمم التي أهلكها الله بأنواع الهلاك كلهم وكانوا يعبدون الأصنام كما قص الله تعالى ذلك عنهم في القرآن وأنجى الرسل وأتباعهم من الموحدين ويكفي في معرفة كثرتهم وأنهم أكثر أهل الأرض: ما صح عن النبيأن بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون وقد قال تعالى: فأبى أكثر الناس إلا كفورا وقال: وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله وقال: وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين وقال 7: 101 وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين
ولو لم تكن الفتنة بعبادة الأصنام عظيمة لما أقدم عبادها على بذل نفوسهم وأموالهم وأبنائهم دونها فهم يشاهدون مصارع إخوانهم وما حل بهم ولا يزيدهم ذلك إلا حبا لها وتعظيما ويوصي بعضهم بعضا بالصبر عليها وتحمل أنواع المكاره في نصرتها وعبادتها وهم يسمعون أخبار الأمم التي فتنت بعبادتها وما حل بهم من عاجل العقوبات ولا يثنيهم ذلك عن عبادتها
ففتنة عبادة الأصنام أشد من فتنة عشق الصور وفتنة الفجور بها والعاشق لا يثنيه
عن مراده خشية عقوبة في الدنيا ولا في الآخرة وهو يشاهد ما يحل بأصحاب ذلك من الآلام والعقوبات والضرب والحبس والنكال والفقر غير ما أعد الله له في الآخرة وفي البرزخ ولا يزيده ذلك إلا إقداما وحرصا على الوصول والظفر بحاجته
فهكذا الفتنة بعبادة الأصنام وأشد فإن تأله القلوب لها أعظم من تألهها للصور التي يريد منها الفاحشة بكثير
والقرآن بل وسائر الكتب الإلهية من أولها إلى آخرها مصرحة ببطلان هذا الدين وكفر أهله وأنهم أعداء الله ورسله وأنهم أولياء الشيطان وعباده وأنهم هم أهل النار الذين لا يخرجون منها وهم الذين حلت بهم المثلات ونزلت بهم العقوبات وأن الله سبحانه بريء منهم هو وجميع رسله وملائكته وأنه سبحانه لا يغفر لهم ولا يقبل لهم عملا
وهذا معلوم بالضرورة من الدين الحنيف
وقد أباح الله تعالى لرسوله وأتباعه من الحنفاء دماء هؤلاء وأموالهم ونساءهم وأبناءهم وأمرهم بتطهير الأرض منهم حيث وجدوا وذمهم بسائر أنواع الذم وتوعدهم بأعظم أنواع العقوبة فهؤلاء في شق ورسل الله تعالى كلهم في شق
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)