









ويصير المعنى كأنهم قالوا ما كان ينبغي لنا أن نأمر غيرنا باتخاذنا أولياء وأن نتخذ من دونك وليا يعبدنا وهذا بسط لقول ابن عباس في هذه الآية
قال يقولون ما توليناهم ولا أحببنا عبادتهم قال ويحتمل أن يكون قولهم ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء أن يريدوا معشر العبيد لا أنفسهم أي نحن وهم عبيدك ولا ينبغي لعبيدك أن يتخذوا من دونك أولياء ولكنهم أضافوا ذلك إلى أنفسهم تواضعا منهم كما يقول الرجل لمن أتى منكرا ما كان ينبغي لي أن أفعل مثل هذا أي أنت مثلي عبد محاسب فإذا لم يحسن من مثلي أن يفعل هذا لم يحسن منك أيضا
قال ولهذا الإشكال قرأ من قرأ نتخذ بضم النون وهذه القراءة أقرب في التأويل
لكن قال الزجاج هذه القراءة خطأ لأنك تقول ما اتخذت من أحد وليا ولا يجوز ما اتخذت أحدا من ولي لأن من إنما دخلت لأنها تنفي واحدا من معنى جميع تقول ما من أحد قائما وما من رجل محبا لما يضره ولا يجوز ما رجل من محب لما يضره
قال ولا وجه عندنا لهذا ألبتة ولو جاز هذا لجاز في 69: 47 فما منكم من أحد عنه حاجزين ما أحد عنه من حاجزين فلو لم تدخل من لصحت هذه القراءة
قال صاحب النظم العلة في سقوط هذه القراءة أن من لا تدخل إلا على مفعول لا مفعول دونه فإذا كان قبل المفعول مفعول سواه لم يحسن دخول من كقوله: ما كان لله أن يتخذ من ولد. فقوله من ولد لا مفعول دونه سواه ولو قال ما كان لله أن يتخذ أحدا من ولد لم يحسن فيه دخول من لأن فعل الإتخاذ مشغول بأحد
وصحح آخرون هذه القراءة لفظا ومعنى وأجروها على قواعد العربية
قالوا وقد قرأ بها من لا يرتاب في فصاحته فقرأ بها زيد بن ثابت وأبو الدرداء وأبو جعفر ومجاهد ونصر بن علقمة ومكحول وزيد بن علي وأبو رجاء والحسن وحفص بن حميد ومحمد بن علي على خلاف عن بعض هؤلاء ذكر ذلك أبو الفتح بن جني ثم وجهها بأن يكون من أولياء في موضع الحال أي ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك أولياء ودخلت من زائدة لمكان النفي كقولك اتخذت زيدا وكيلا فإذا نفيت قلت ما اتخذت زيدا من وكيل وكذلك أعطيته درهما وما أعطيته من درهم وهذا في المفعول فيه
قلت يعني أن زيادتها مع الحال كزيادتها مع المفعول
ونظير ذلك أن تقول ما ينبغي لي أن أخدمك متثاقلا فإذا أكدت قلت من متثاقل
فإن قيل فقد صحت القراءتان لفظا ومعنى فأيهما أحسن
قلت قراءة الجمهور أحسن وأبلغ في المعنى المقصود والبراءة مما لا يليق بهم فإنهم على قراءة الضم يكونون قد نفوا حسن اتخاذ المشركين لهم أولياء وعلى قراءة الجمهور يكونون قد أخبروا أنهم لا يليق بهم ولا يحسن منهم أن يتخذوا وليا من دونه بل أنت وحدك ولينا ومعبودنا فإذا لم يحسن بنا أن نشرك بك شيئا فكيف يليق بنا أن ندعو عبادك إلى أن يعبدونا من دونك وهذا المعنى أجل من الأول وأكبر فتأمله
والمقصود أنه على القراءتين فهذا الجواب من الملائكة ومن عبد من دون الله من أوليائه وأما كونه من الأصنام فليس بظاهر
وقد يقال إن الله سبحانه أنطقها بذلك تكذيبا لهم وردا عليهم وبراءة منهم كقوله 2: 166 إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا وفي الآية الأخرى 28: 63 تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون
ثم ذكر المعبودون سبب ترك العابدين الإيمان بالله تعالى بقولهم ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا قال ابن عباس أطلت لهم العمر وأفضلت عليهم ووسعت لهم في الرزق
وقال الفراء ولكنك متعتهم بالأموال والأولاد حتى نسوا ذكرك وكانوا قوما بورا أي هلكى فاسدين قد غلب عليهم الشقاء والخذلان والبوار الهلاك والفساد يقال بارت السلعة وبارت المرأة إذا كسدت ولم يحصل لها من يتزوجها
قال قتادة والله ما نسي قوم ذكر الله تعالى إلا باروا وفسدوا
والمعنى ما أضللناهم ولكنهم ضلوا
قال الله تعالى فقد كذبوكم بما تقولون أي كذبكم المعبودون بقولكم فيهم إنهم آلهة وإنهم شركاء أو بما تقولون إنهم أمروكم بعبادتهم ودعوكم إليها
وقيل الخطاب للمؤمنين في الدنيا أي فقد كذبكم أيها المؤمنون هؤلاء المشركون بما تقولونه مما جاء به محمدعن الله من التوحيد والإيمان
والأول أظهر وعليه يدل السياق
ومن قرأها بالياء آخر الحروف فالمعنى فقد كذبوكم بقولهم ثم قال فما تستطيعون صرفا ولا نصرا إخبارا عن حالهم يومئذ وأنهم لا يستطيعون صرف العذاب عن أنفسهم ولا نصرها من الله
قال ابن زيد ينادي مناد يوم القيامة حتى يجتمع الخلائق 37: 25 ما لكم لا تناصرون يقول من عبد من دون الله لا ينصر اليوم من عبده والعابد لا ينصر إلهه 26 بل هم اليوم مستسلمون فهذا حال عباد الشيطان يوم لقاء الرحمن فواسوء حالهم حين امتيازهم عن المؤمنين إذا سمعوا النداء 36: 59 وامتازوا اليوم أيها المجرمون ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)